منذ العصور القديمة، كان للكلاب السوداء حضور غامض في الموروث الشعبي، حيث ارتبطت بالأساطير والخرافات وحتى المعتقدات الدينية. ولعل أكثر القصص رعبًا تلك التي تتحدث عن "الكلب الأسود الشيطاني"، ذلك الكيان الذي يطارد المسافرين ليلاً ويثير الرعب في قلوبهم. فهل هذه الظاهرة مجرد خرافة؟ أم أن لها جذورًا في الواقع؟
عندما كتب الشاعر الإنجليزي كوليريدج روايته "صقيع بحار قديم"، ربما استلهم جزءًا من الرعب الذي ساد في بريطانيا لعدة قرون حول الكلب الأسود الشبح. في الأساطير البريطانية، يُقال إن هذا الكلب الضخم ذو الفراء الكثيف والعيون المتقدة بالنار يظهر في الأزقة المعزولة أثناء الليل، متتبعًا المسافرين الذين يسيرون بمفردهم. ولا يجرؤ من يراه على الالتفات إلى الخلف، إذ يُزعم أن من يراه قد يلاقي حتفه قريبًا.
وقد حملت هذه الكلاب السوداء الغامضة أسماء مختلفة في مناطق بريطانيا، حيث تُعرف باسم "شريكر" و**"تراش"** في الشمال الغربي، و**"بادفوت"** في يوركشاير، بينما تُدعى "بلاك شك" (كلب الغسق) في مقاطعة ويلز. ويعتقد البعض أن هذه الكائنات ليست مجرد أشباح لكلاب كانت موجودة من قبل، بل كيانات شيطانية من عالم آخر.
رغم مرور قرون على هذه الأسطورة، لا يزال منشؤها غامضًا. وهناك عدة نظريات حولها:
ومن المثير للانتباه أن العديد من الحانات التي تقع عند نهايات الأزقة كانت تُسمى "الكلب الأسود"، ربما بسبب كثرة مشاهدته في تلك المناطق.
في المعتقدات الإسلامية، يُقال إن الجن السفلي أو بعض الشياطين يمكن أن تتخذ صورة كلب أسود أو تتلبس به. وقد ورد في بعض الأحاديث أن "الكلب الأسود شيطان"، مما عزز الاعتقاد الشعبي بأن هذه الكلاب قد تكون كائنات خارقة للطبيعة.
ويحكي البعض أن هذه الكلاب تظهر للأشخاص في الأحلام أو في العزلة، لكن لا يوجد دليل ديني قاطع على أن كل كلب أسود يحمل روحًا شريرة. ورغم ذلك، لا يزال بعض الناس يشعرون بالخوف لمجرد رؤية كلب أو قطة سوداء، خوفًا من أن تكون تجسيدًا لروح شريرة أو جن متخفي.
قد يكون الخوف من الكلاب السوداء مرتبطًا بعوامل نفسية واجتماعية أكثر من كونه ظاهرة خارقة للطبيعة. فمن الناحية العلمية، يميل العقل البشري إلى إضفاء الطابع الخارق على المجهول، خاصة في الظلام حيث يكون الإدراك البصري محدودًا. وربما كانت قصص الكلب الأسود مجرد طريقة استخدمها القدماء لتفسير مخاوفهم من المجهول أو الحيوانات المفترسة.
سواء كنت تؤمن بوجود الكلاب السوداء الشيطانية أم تعتبرها مجرد خرافة، فإن هذه الأسطورة لا تزال قائمة حتى يومنا هذا، محفوفة بالغموض والرعب. فهل سبق لك أن رأيت كلبًا أسود في مكان معزول ليلاً؟ وما كان شعورك حينها؟ 🤔