الفصل الأول: المفكرة القديمة

كانت ليان تجلس على السرير في غرفتها الصغيرة، تحمل في يدها كتابًا جديدًا حصلت عليه من مكتبة المدرسة. كانت تحب قراءة القصص الخيالية عن الممالك السحرية والأبطال الشجعان، لكن تلك الليلة شعرت برغبة غريبة في كتابة قصتها الخاصة. كانت لديها عادة الكتابة، ولكن ما كتبت لم يكن يتجاوز بضعة أحلام وأفكار خيالية تسجلها في دفتر صغير قديم.

قالت بصوت خافت وهي تنظر من النافذة: "أحب أن يكون لدي دفتر سحري يحقق كل أحلامي."

في اليوم التالي، قررت ليان زيارة مكتبة قديمة في الحي كانت مهجورة تقريبًا. والدتها كانت تأخذها إلى تلك المكتبة عندما كانت أصغر سنًا، ولكن مع مرور الوقت، قلَّت زياراتهم لها. المكان كان مليئًا بالغبار والكتب القديمة التي تبدو وكأنها لم تُمس منذ سنوات.

عندما دخلت المكتبة، كانت رائحة الكتب القديمة تملأ المكان. بينما كانت تتجول بين الأرفف، لفت انتباهها كتاب صغير مغبر ملقى على الطاولة في الزاوية. اقتربت ليان منه بحذر، وفتحت غلافه بعناية. كان الدفتر يبدو عاديًا للوهلة الأولى، ولكن الغلاف كان مميزًا؛ مصنوع من جلد قديم ومزخرف بنقوش ذهبية دقيقة. لم تكن هناك أي كتابات داخل الدفتر، كانت جميع الصفحات فارغة.

قالت ليان متفاجئة: "مفكرة فارغة؟ لماذا تُترك في مثل هذا المكان؟"

بدافع الفضول، أخذت ليان الدفتر معها إلى المنزل. في تلك الليلة، وهي تجلس في سريرها بجوار النافذة، قررت أن تبدأ الكتابة فيه. فتحت الصفحة الأولى وكتبت بحماس:

"أتمنى أن أتمكن من الطيران فوق المدينة، وأرى كل شيء من الأعلى كما أراه في أحلامي."

أغلقت المفكرة ووضعتها على الطاولة بجانب السرير. قبل أن تنام، شعرت بمزيج من الإثارة والسخرية من نفسها. "هل حقًا أظن أن هذا الدفتر سحري؟" قالت بابتسامة.

استيقظت ليان في صباح اليوم التالي، وشعرت بشيء غريب. كان هناك إحساس بالخفة يسري في جسدها. نهضت من السرير، وتوجهت إلى النافذة لتفتحها. وبينما كانت تنظر إلى الشارع من الأعلى، شعرت بنبضات قلبها تتسارع. فجأة، دون أن تفكر، قفزت من النافذة.

لكن بدلًا من السقوط نحو الأرض كما يحدث دائمًا، شعرت بأنها تطفو في الهواء. كانت تطير! نظرت حولها بدهشة، غير قادرة على تصديق ما يحدث. ارتفعت في الهواء ببطء، ثم بدأت تدور حول البيت، ترى الشوارع والسيارات من الأعلى.

قالت لنفسها وهي تطير في السماء الزرقاء: "هذا مستحيل! كيف يمكن أن يحدث هذا؟"

حلقت فوق الأشجار والمباني، شعرت بالحرية المطلقة. كانت تشاهد كل شيء من منظور جديد، مثلما حلمت دائمًا. استمتعت بالطيران لعدة دقائق، ولكن مع مرور الوقت، بدأت تشعر بشيء من القلق. كيف حدث هذا؟ كيف يمكن أن تتوقف عن الطيران؟

بعد قليل من المحاولات، استطاعت الهبوط ببطء على سطح منزلها. ركضت عائدة إلى غرفتها وهي لا تزال تشعر بالذهول. فتحت المفكرة ونظرت إلى الجملة التي كتبتها الليلة الماضية. كانت كما هي، لكن شيئًا بداخلها أخبرها أن هذه المفكرة ليست عادية.

قالت بصوت مرتجف: "هل يمكن أن يكون هذا الدفتر... سحريًا؟"


جلست ليان على السرير وهي تحدق في المفكرة. بدأت الأفكار تتدفق إلى ذهنها. ماذا لو كتبت شيئًا آخر؟ هل يمكن أن تتحقق أحلامها وأمنياتها بهذه السهولة؟ ولكن قبل أن تتمكن من الكتابة مرة أخرى، توقفت. شيء ما بداخلها حذرها: "احذري مما تتمنينه."

لكن الفضول كان أقوى من التحذير. قررت ليان أن تختبر المفكرة مرة أخرى. كتبت بسرعة:

"أتمنى أن تتحول حديقتنا الخلفية إلى غابة سحرية مليئة بالأشجار العملاقة والكائنات الخيالية."

أغلقت المفكرة، وجلست تنتظر. بعد بضع دقائق، سمعت صوتًا غريبًا يأتي من الخارج. هرعت إلى النافذة لتنظر، وكانت المفاجأة. الحديقة الخلفية، التي كانت في الأصل صغيرة وبسيطة، تحولت فجأة إلى غابة كثيفة بأشجار ضخمة تمتد نحو السماء. الطيور الغريبة تحلق بين الفروع، وكائنات صغيرة تجري بين الأعشاب.


ليان شهقت بصوت مرتفع: "هذا حقيقي... المفكرة سحرية!"

لكن قبل أن تغمرها الفرحة تمامًا، لاحظت شيئًا آخر. الغابة السحرية كانت جميلة، لكنها بدت وكأنها تخفي شيئًا غامضًا. الأشجار كانت تتحرك برفق وكأنها تهمس بينها، والكائنات الصغيرة نظرت إليها بحذر.

همست لنفسها: "يبدو أن كل أمنية تحققها المفكرة تحمل شيئًا غير متوقع."

بدأت ليان تشعر بالحيرة. هل يجب أن تستمر في استخدام المفكرة لتحقيق أحلامها؟ أم أن هناك جانبًا غامضًا لا تعرفه بعد؟



إعدادات القراءة


لون الخلفية