كانت ليان تقف في غرفتها وهي تحدق في الحديقة الخلفية التي تحولت إلى غابة سحرية بفعل المفكرة. لم تصدق أن كل شيء تحقق بهذه السرعة، لكنها كانت تشعر بإثارة ممزوجة بالحذر. ماذا يعني أن تتحقق أحلامها بهذه الطريقة؟ ماذا لو كانت العواقب أكبر مما توقعت؟
بخطوات مترددة، قررت ليان الخروج إلى الحديقة لاستكشاف الغابة التي أنشأتها بأمنيتها. عندما فتحت الباب الخلفي، كانت رائحة الزهور الغريبة تعبق في الهواء، والأشجار العملاقة تتمايل برفق فوقها. الأرض كانت مغطاة بأوراق غريبة لم ترَ مثلها من قبل، والهواء كان ممتلئًا بأصوات الطيور الغريبة والكائنات الصغيرة التي تتراقص في الأفق.
خطت ليان أولى خطواتها داخل الغابة، ونظرت حولها بحذر. كل شيء بدا جميلًا ومذهلاً، لكنها لم تستطع التخلص من شعور غريب كان يسيطر عليها.
قالت بصوت منخفض وهي تراقب الكائنات الصغيرة التي كانت تركض بين الأشجار: "هذا مثل أحد أحلامي، لكنه يبدو حقيقيًا جدًا."
بينما كانت تمشي ببطء، سمعت صوتًا رقيقًا يأتي من خلف شجرة ضخمة. تقدمت بحذر، وعندما اقتربت، رأت كائنًا صغيرًا يشبه الأرنب، لكن بفراء لامع وأجنحة صغيرة على ظهره. كان ينظر إليها بعيون كبيرة ويبدو خائفًا.
ابتسمت ليان وقالت برفق: "مرحبًا، لا تخف، لن أؤذيك."
لكن الأرنب الصغير لم يتحرك، بل ظل يحدق بها، ثم فجأة ركض بعيدًا بسرعة، واختفى بين الأشجار.
قالت ليان وهي تتبعه بنظرها: "ما الذي يجري هنا؟ يبدو أن الكائنات في هذه الغابة تشعر بالخوف."
واصلت ليان السير في الغابة، وكلما تقدمت، ازدادت الغرابة. الأشجار كانت تهمس وكأنها تتحدث بلغتها الخاصة، وأحيانًا كانت تسمع أصواتًا غريبة تأتي من بين الفروع، ولكنها لم تستطع تحديد مصدرها.
فجأة، توقفت عندما رأت بركة صغيرة من الماء المتلألئ في وسط الغابة. كانت البركة تبدو ساحرة للغاية، والماء فيها يعكس ضوء الشمس بشكل يجعلها تبدو وكأنها تتوهج. اقتربت ليان من البركة وجلست على حافتها، وهي تنظر إلى انعكاسها في الماء.
بينما كانت تنظر إلى الماء، شعرت بشيء غريب يحدث. انعكاس وجهها في البركة بدأ يتغير ببطء. لم يكن انعكاسًا طبيعيًا، بل أصبح مشوهًا قليلاً. العيون أصبحت أكبر، والوجه بدأ يتغير ليصبح غير مألوف.
شعرت ليان بالخوف وتراجعت بسرعة عن البركة. "ما الذي يحدث هنا؟" سألت نفسها وهي تحدق في الماء.
بينما كانت تستدير للعودة إلى المنزل، سمعت صوتًا عميقًا ومهيبًا خلفها: "لقد جئتِ إلى الغابة، ولكنكِ لم تفكري في العواقب."
التفتت ليان بسرعة، لترى شجرة ضخمة أمامها. لكنها لم تكن مجرد شجرة عادية. الجذع كان يحتوي على وجه منحوت بملامح قديمة وحكيمة، وكانت الفروع تتحرك ببطء كما لو كانت تتنفس.
تراجعت ليان بصدمة وقالت: "من أنت؟ وكيف تتحدث؟"
أجاب الكائن ببطء: "أنا روح هذه الغابة، الغابة التي خلقتها برغبتكِ. ولكن كل حلم يتحقق يأتي بثمن."
قالت ليان بحيرة: "ماذا تعني؟ أنا فقط كتبت أنني أريد غابة سحرية، ولم أكن أعلم أن هناك ثمنًا."
أجاب الكائن: "القوة التي تحملها تلك المفكرة ليست مجرد لعبة. كل ما تكتبينه يتحقق، ولكن التوازن يجب أن يُحافظ عليه. إن أردتِ غابة، فإن عالمكِ سيتغير، ولن يكون كما كان."
شعرت ليان بالخوف والندم يتسرب إلى قلبها. لم تكن تتوقع أن يتسبب حلمها البسيط في مثل هذا التغيير الكبير. قالت بصوت منخفض: "كيف يمكنني إصلاح هذا؟"
أجاب الكائن: "يجب أن تفهمي حدود القوة التي تحملها المفكرة. إن لم تتعلمي كيف تستخدميها بحكمة، فقد تفقدين السيطرة عليها."
في تلك اللحظة، شعرت ليان بثقل المسؤولية على كتفيها. لم تعد ترى المفكرة كأداة لتحقيق أحلامها فقط، بل كشيء يحمل قوة كبيرة تحتاج إلى احترامها.
قررت ليان العودة إلى المنزل بسرعة. ركضت عبر الغابة، وعندما وصلت إلى باب الحديقة، نظرت إلى الغابة للمرة الأخيرة قبل أن تدخل منزلها. كانت تعلم أن هذه الغابة، التي كانت مجرد حلم في البداية، أصبحت شيئًا حقيقيًا وخطيرًا.
عندما دخلت غرفتها، جلست على السرير وأمسكت بالمفكرة. قلبها ينبض بسرعة، وهي تتساءل عن الخطوة التالية. قالت لنفسها: "يجب أن أكون حذرة. لا يمكنني استخدام المفكرة دون تفكير."
أغلقت المفكرة ووضعتها جانبًا، وهي تعلم أن عليها أن تكتشف المزيد عن هذه القوة قبل أن تتخذ أي خطوة أخرى.