بعد عودتها من المغامرة الأخيرة في القلعة السحرية، كانت ليان تشعر بالتوتر والارتباك أكثر من أي وقت مضى. جلسَت في غرفتها تتأمل المفكرة التي كانت مستلقية بجوارها على السرير. "كيف أصبحت الأمور بهذا التعقيد؟" تساءلت ليان وهي تحدق في الغلاف المزخرف للمفكرة.
كانت تعلم أن المفكرة تحمل سحرًا غامضًا، لكن لم تتخيل يومًا أن استخدامها سيؤدي بها إلى مثل هذه المواقف. لقاؤها بالرجل الغامض في القلعة وتحذيره عن العواقب جعلها تدرك أن لكل شيء ثمنًا، حتى الأحلام.
الصراع الداخلي
في الأيام التالية، حاولت ليان الابتعاد عن المفكرة. خبأتها في خزانة ملابسها، وأغلقت الباب بإحكام، متجنبة النظر إليها. لكنها لم تستطع التخلص من الشعور بأنها تملك شيئًا نادرًا وقويًا. كان الفضول يتزايد داخلها. كل مرة كانت تفكر في احتمالات استخدام المفكرة، كانت تشعر بمزيج من الحماس والخوف.
أثناء جلوسها في المدرسة ذات يوم، كانت ليان تراقب زميلاتها يتحدثن عن حياتهن وأحلامهن الصغيرة. شعرت بأنها مختلفة الآن. كانت تعلم أن لديها القدرة على تغيير أي شيء تريده، لكن تلك القوة كانت مرعبة بقدر ما كانت مغرية.
في المساء، عندما عادت إلى غرفتها، شعرت بأن قرارها لم يعد واضحًا. "هل يجب أن أستخدم المفكرة مرة أخرى؟" فكرت ليان وهي تقف أمام خزانة ملابسها، تنظر إلى الباب المغلق.
أثناء تأملها، جاءتها فكرة. "ماذا لو استخدمت المفكرة في شيء بسيط، شيء صغير لا يسبب أي ضرر؟ ربما حلم صغير يمكن تحقيقه دون أي عواقب."
هذه الفكرة بدت مغرية. فتحت خزانة ملابسها ببطء، وأخرجت المفكرة السحرية. جلست على سريرها، وفتحت الصفحة الأولى. قلبت الصفحات حتى وصلت إلى الصفحة الفارغة التالية، وأمسكت بقلمها. كتبت:
"أتمنى أن أقابل صديقًا جديدًا في الحديقة المجاورة."
أغلقت المفكرة ببطء ووضعتها بجانبها. شعرت ببعض الراحة لأنها كتبت شيئًا صغيرًا وغير مؤذٍ. اعتقدت أن هذا لن يؤدي إلى أي مشكلة.
اللقاء في الحديقة
في اليوم التالي، قررت ليان الذهاب إلى الحديقة المجاورة لمنزلها. كانت الشمس مشرقة والهواء منعشًا. شعرت بشيء من الراحة وهي تمشي بين الأشجار والزهور، لكن في داخلها كانت تنتظر ما سيحدث. "هل سيتحقق ما كتبته؟"
بينما كانت تتجول، لاحظت فتاة تجلس على مقعد قريب، تقرأ كتابًا. الفتاة بدت في نفس عمر ليان تقريبًا، ولكنها لم ترها من قبل في الحي. اقتربت ليان بحذر وجلست بجانبها.
قالت ليان بابتسامة خفيفة: "مرحبًا، أنا ليان. لم أرك هنا من قبل، هل أنتِ جديدة في الحي؟"
ابتسمت الفتاة وقالت: "مرحبًا، أنا نور. نعم، انتقلت للتو إلى هذا الحي."
شعرت ليان بموجة من الارتياح. "لقد تحقق ما كتبت!" فكرت في نفسها، ولكنها حاولت أن تبقي مشاعرها متزنة.
بدأت الفتاتان في التحدث، وكان الحديث يتدفق بسهولة. اكتشفت ليان أن نور تحب القراءة والمغامرات مثلها، وكان لديها الكثير من القصص التي تحب مشاركتها. شعرت ليان بأنها أخيرًا قد وجدت شخصًا يستطيع فهمها ومشاركتها اهتماماتها.
بعد ساعات من الحديث، ودعت ليان نور وعادت إلى المنزل. شعرت بسعادة وراحة، وكأن المفكرة قد حققت لها حلمًا بسيطًا دون أي عواقب.
لكن في الأيام التالية، بدأت الأمور تأخذ منحى مختلفًا. عندما كانت ليان تلتقي بنور في الحديقة أو في المدرسة، كانت تشعر بشيء غريب. نور بدأت تتصرف بشكل مختلف. كانت تعرف أشياء عن ليان لم تخبرها بها من قبل، وكانت أحيانًا تكرر جملًا قالتها ليان في السابق. شعرت ليان بأن هناك شيئًا غير طبيعي في صداقتها مع نور.
في إحدى الليالي، أثناء تناول العشاء مع عائلتها، لاحظت ليان أن نور كانت في كل مكان. كلما تحدثت ليان مع والدتها عن شيء ما، كانت نور تظهر في الحديث بطريقة غريبة، وكأنها تعرف كل شيء عن حياتها. شعرت ليان بأن نور أصبحت جزءًا من حياتها بطريقة غير مريحة.
قررت ليان مواجهة نور في اليوم التالي. عندما ذهبت إلى الحديقة، كانت نور تجلس في مكانها المعتاد. اقتربت ليان وقالت: "نور، أشعر أن هناك شيئًا غريبًا يحدث. كيف تعرفين الكثير عني؟"
نظرت نور إليها بابتسامة غامضة وقالت: "ليان، نحن أصدقاء، أليس كذلك؟ لا يجب أن تكوني قلقة. كل شيء بخير."
لكن ليان لم تشعر بالراحة. "هل يمكن أن تكون نور جزءًا من المفكرة؟" سألت نفسها، وكانت تشعر بالخوف يتزايد في قلبها.
العودة إلى المفكرة
بعد عودتها إلى المنزل، جلست ليان في غرفتها وتناولت المفكرة. قلبت الصفحات حتى وصلت إلى الصفحة التي كتبت فيها عن أمنيتها لمقابلة صديق جديد. نظرت إلى الجملة وشعرت بشيء غريب. الجملة كانت تبدو أكبر وأغمق مما كتبته في البداية، وكأن المفكرة أخذت هذه الأمنية وجعلتها شيئًا أكبر مما توقعت.
قالت ليان لنفسها: "لابد أن المفكرة قد تجاوزت حدودها. نور ليست صديقة عادية، إنها جزء من السحر."
بدأت ليان تدرك أن المفكرة لا تعمل بالطريقة التي كانت تعتقدها. إنها لا تحقق الأحلام ببساطة، بل تأخذ شيئًا من الواقع وتغيره بطرق غير متوقعة.
شعرت ليان بالحيرة. "ماذا يجب أن أفعل الآن؟" سألت نفسها. كانت تعلم أن المفكرة تحمل قوة لا يمكن التحكم بها بسهولة، ولكنها لم تكن تعرف كيف تتخلص منها أو تتوقف عن استخدامها.
قررت ليان أن تأخذ استراحة من المفكرة وتبتعد عنها لبعض الوقت. لكنها كانت تعلم في قلبها أن المفكرة ليست شيئًا يمكن نسيانه بسهولة. القوة التي تحملها لا تزال تجذبها، والفضول لمعرفة المزيد لا يزال موجودًا.