مرت عدة أيام منذ أن قررت ليان الابتعاد عن المفكرة، لكن شعورها بالقلق والفضول لم يتبدد. كانت نور، صديقتها الجديدة، لا تزال تلتقي بها كل يوم في الحديقة، وكان يبدو أن كل شيء طبيعي من الخارج. لكن ليان لم تستطع التخلص من الشعور بأن هناك شيئًا غير طبيعي.
في إحدى الليالي، جلست ليان على سريرها وهي تفكر في كل ما حدث منذ أن وجدت المفكرة. لقد حصلت على أشياء رائعة، لكنها دفعت ثمنًا لم تفهمه بالكامل بعد. "كيف يمكنني معرفة المزيد عن هذه المفكرة؟" سألت نفسها.
بدأت تشعر بأن المفكرة ليست مجرد أداة لتحقيق الأحلام، بل قد تكون شيئًا أكثر تعقيدًا وغموضًا. ربما هناك تاريخ وراءها، ربما كانت تستخدم من قبل أشخاص آخرين من قبلها.
البحث عن الإجابات
في صباح اليوم التالي، قررت ليان أن تزور المكتبة القديمة التي وجدت فيها المفكرة. ربما تجد هناك إجابات عن هذه القوة الغامضة. ارتدت ملابسها بسرعة وتوجهت إلى المكتبة، كانت الشمس مشرقة في السماء، لكن ليان شعرت بظل ثقيل يحيط بها.
عندما وصلت إلى المكتبة، كان المكان هادئًا كما كان دائمًا. دخلت وتوجهت نحو الرفوف القديمة حيث وجدت المفكرة لأول مرة. بدأت تبحث بين الكتب المغبرة، تحاول العثور على أي كتاب أو مخطوطة قد تشرح عن السحر أو المفكرات القديمة.
بينما كانت تقلب الصفحات في كتاب قديم، سمعت صوتًا خلفها.
"أنتِ هنا من أجل المفكرة، أليس كذلك؟" جاء الصوت من امرأة عجوز كانت تقف خلفها.
التفتت ليان بسرعة، ورأت امرأة عجوز ترتدي ثيابًا قديمة، وعينيها تلمعان بلمعان غامض. قالت ليان بارتباك: "نعم، كيف تعرفين؟"
ابتسمت المرأة وقالت: "أنا أعلم الكثير عن المفكرات السحرية. المفكرة التي وجدتِها ليست مجرد دفتر عادي. إنها قديمة جدًا، ولديها تاريخ طويل مع الأشخاص الذين استخدموها من قبلك."
شعرت ليان برعشة تسري في جسدها. "ما الذي تقصدينه؟ هل هناك أشخاص آخرون استخدموا المفكرة من قبل؟"
أومأت المرأة برأسها وقالت: "نعم، كل من وجد المفكرة استخدمها لتحقيق أحلامه، ولكن في النهاية، كان عليهم مواجهة الحقيقة الصعبة: لا شيء يأتي بدون ثمن. المفكرة ليست مجرد أداة للسحر، إنها تربط من يستخدمها بعالم آخر."
جلست ليان وهي تشعر بالدهشة والخوف. "ماذا يعني هذا؟ ماذا يحدث عندما نستخدم المفكرة أكثر؟"
جلست المرأة بجانبها وقالت: "المفكرة تفتح بوابة بين عالمك وعالم آخر، وكلما كتبت فيها، كلما أصبحت هذه البوابة أقوى. الصديقة التي التقيتِ بها، نور، ليست شخصًا عاديًا. إنها نتاج للسحر الذي صنعته المفكرة. قد تبدو حقيقية، لكنها ليست كذلك."
شعرت ليان بالصدمة. "ماذا تقصدين؟ نور ليست حقيقية؟"
أجابت المرأة بنبرة هادئة: "نور هي انعكاس لرغباتك وأحلامك. إنها موجودة فقط لأنك كتبتِ عنها في المفكرة. لكن مع مرور الوقت، ستبدأ نور في الاندماج أكثر في حياتك، حتى تصبح جزءًا من واقعك. وفي النهاية، قد تفقدين السيطرة على الحدود بين الحلم والواقع."
شعرت ليان بالبرد يسري في عروقها. "ماذا يجب أن أفعل؟"
أجابتها المرأة بحكمة: "عليك أن تقرري. المفكرة يمكن أن تحقق أحلامك، لكنها تحمل مسؤولية كبيرة. إذا استمررت في استخدامها، ستجدين نفسكِ متورطة في عالم لا يمكنكِ الهروب منه. لكن إذا قررتِ التوقف الآن، يمكن أن تعودي إلى حياتك الطبيعية. لكن تذكري، كلما زاد استخدامك للمفكرة، كلما أصبح قرار التوقف أصعب."
المواجهة مع نور
بعد حديثها مع المرأة العجوز، عادت ليان إلى المنزل وهي تشعر بالثقل على قلبها. كل شيء أصبح أوضح الآن. نور لم تكن شخصًا عاديًا، وكانت المفكرة هي السبب في وجودها. لكنها لم تكن تعرف كيف تتعامل مع هذه الحقيقة. "هل أخبر نور بما يحدث؟ هل ستحاول إيقافي؟"
في اليوم التالي، ذهبت ليان إلى الحديقة كعادتها، وكانت نور تجلس في نفس المكان المعتاد. اقتربت ليان منها وجلست بجانبها، لكن هذه المرة كان الحديث بينهما مختلفًا. ليان كانت مترددة في البداية، لكنها قررت أن تواجه الحقيقة.
قالت ليان بهدوء: "نور، هناك شيء يجب أن تعرفيه."
نظرت نور إليها بابتسامة هادئة وقالت: "ماذا هناك؟"
تنهدت ليان وقالت: "أنتِ... لستِ حقيقية. أنتِ نتاج المفكرة السحرية التي وجدتها. كل شيء فيكِ جاء من رغبتي في أن أجد صديقًا جديدًا."
تجمدت ابتسامة نور للحظة، ثم نظرت إلى ليان بعينين غامضتين. "أعلم ذلك."
شعرت ليان بالدهشة والارتباك. "أنت تعلمين؟"
أجابت نور بنبرة هادئة لكنها مخيفة قليلاً: "أنا جزء من أحلامك، ليان. أنا هنا لأنكِ أردتِني. لكن الحقيقة هي أنني أصبحت جزءًا من حياتك الآن، سواء أعجبك ذلك أم لا. لا يمكنكِ التخلص مني بسهولة."
بدأت ليان تشعر بالخوف يتزايد داخلها. "لكن... إذا توقفت عن استخدام المفكرة، هل ستختفين؟"
ابتسمت نور وقالت: "ربما. لكن تذكري، ليان، نحن مرتبطتان الآن. كلما كتبتِ أكثر، كلما أصبحتِ جزءًا من هذا العالم."
شعرت ليان بأنها على حافة الانهيار. "هل يعني هذا أنني لا أستطيع الهروب؟"
أجابت نور بهدوء: "الأمر يعود إليك. أنت من تتحكم في المفكرة، لكن القرار النهائي سيكون لك. هل ستتوقفين؟ أم ستواصلين اللعب بهذه القوة؟"
القرار النهائي
بعد حديثها مع نور، عادت ليان إلى المنزل وهي تشعر بأنها في مفترق طرق. كان عليها أن تقرر: هل تتوقف عن استخدام المفكرة وتفقد ما أنجزته، أم تستمر في استخدامها وتخاطر بفقدان السيطرة على حياتها؟
جلست ليان على سريرها، وأمسكت بالمفكرة بين يديها. كانت تعلم أن القرار ليس سهلاً، لكنه كان ضروريًا. المفكرة كانت تمنحها كل ما تريده، لكنها كانت تعلم أن كل شيء يأتي بثمن. هل ستكون قادرة على مواجهة العواقب؟ أم أنها ستتخذ القرار الصائب؟
في تلك اللحظة، فتحت المفكرة للمرة الأخيرة وكتبت:
"أريد العودة إلى حياتي الطبيعية، وألا أرى نور مجددًا."
أغلقت المفكرة، وأغلقت عينيها. شعرت بأن قلبها ينبض بسرعة، وهي تنتظر ما سيحدث.