الفصل الخامس
استيقظت حياة فى الصباح بقلب مثقل ، فكرت بيأس انه لا فرار من تلك المواجهه ، فقلبها يحدثها بأن والدتها على علم بكل ما حدث معها بالامس ، فمنذ المساء ووالدتها تحاول الوصول إليها هاتفياً وبمجرد دخولها للمنزل اقتحمت غرفه حياة على الفور ولكن الاخيره تظاهرت بالنوم فور سماعها اقدام والدتها خارج غرفتها ، تحركت حياة على مضض ، اتجهت إلى الحمام مباشرة فلم تصادف احد فى طريقها وذلك لحسن حظها ثم عادت مره اخرى لغرفتها تستعد لارتداء ملابسها والخروج ، بعد قليل كانت قد انتهت من ارتداء جميع ملابسها وتمشيط شعرها ، نظرت إلى المرآه بحزن ، ففى ظروف اخرى كانت لتبدو سعيده بأن كل مجهودتاتها فى الثلاث سنين الاخيره توجت اخيراً بالنجاح ، ولكن الان كل ما تشعر به هو الحزن مع الكثير والكثير من تأنيب الضمير بسبب ما حدث مع محمود البارحه ، وكل ذلك بسبب ذلك المدعو فريد وهوسه فى التملك ، إعادتها والدتها من افكارها باقتحامها غرفتها بحده ، تنهدت حياة بأحباط ، اذا فكل شكوكها صحيحه فملامح والدتها تبوح بكل ما يعتمر داخل راسها دون حديث ، لوت حياة فمها بأحباط قبل ان تأخذ مبادره الحديث:
-واضح انك عرفتى باللى حصل امبارح ..
اجابتها والدتها بجديه :
-مقالش تفاصيل ..
تنهدت حياة بحزن قبل ان تقص عليها كل ما حدث معها البارحه وما فعله فريد بمحمود وحالته الصحيه وايضاً تركها له ، شهقت والدتها برعب من بطشه فلم يكفيه ما فعله ولكن أيضاً قام بتهديدها ، كانت تريد لوم ابنتها على طيشها وعنادها الغير مبرر معه ولكنها تراجعت فور رؤيتها الدموع المتكونه داخل عيون ابنتها بوضوح، تحركت حياة للخارج وتبعتها والدتها بصمت ، صادفت اخيها يستعد للخروج هو الاخر ، ابتسم لها بعذوبه وهو يلقى عليها تحيه الصباح ، قبل ان يسألها بأهتمام :
-مالك ؟!.. فى حد قالك حاجه زعلتك ؟!..
ثم أشار برأسه حيث غرفه والدهم ، هزت حياة رأسها بالنفى قبل ان تقول :
-انا عطيت محمود المحبس بتاعه ..
عبس اخيها قبل ان يسألها مستنكراً :
-انتى لحقتى !!! ده مكملتيش يومين !! ايه السبب ؟!..
حاولت حياة تغير مجرى الجرى فأجابته بنفاذ صبر :
-هحكيلك بعدين بس يلا عشان منتأخرش ..
اخيها :
-طب يلا انا كمان نازل معاكى تعالى اوصلك ..
ثم تحركا معاً للخارج ، وفى الطريق سألته حياة بأهتمام :
-عامل ايه فى الشغل وبعدين انتى نازل بدرى ليه مش ميعادك يعنى ؟!..
أجابها اخيها بتذمر :
-حياة انا خلاص قرفت .. ضغط شغل مش بيخلص والراجل المدير ده مش بيرحم كأنه اشترانى .. حتى النهارده طلب منى اروح بدرى عشان اخد فلوس واوديهاله البنك مع ان ده مش من مهامى واول مره يعملها ..
عبست حياة قبل ان تفتح فمها لمواساته:
-معلش يا محمد اصبر عليا شويه كمان ان شاء الله هلاقى فرصه للسفر وهاخدك معايا انا مش ساكته ويمكن ربنا يكرم فى اقرب فرصه ..
هز لها اخيها رأسه مطيعاً قبل ان يضيف :
-طب انا هسيبك هنا عشان متأخرش على الراجل ده والحق ميعاد البنك وانتى خلى بالك ولو احتجتى اى حاجه قوليلى..
ابتسمت له حياة بحنان قبل ان تلوح له مودعه وتستمر فى طريقها .
كان محمد هو اخيها الأصغر وبالرغم من ذلك كان يتعامل معها على انه يكبرها بسنوات ، كان حنون معها بطريقته الخاصه ، كان دائما ما يأخذ صفها عند نوبات غضب والدها وفى المساء اثناء عودته يجلب لها نوع الشيكولا المفضل لديها ويحاول دائما اخراجها من حزنها ، بالطبع لم يكن السند الذى تستطيع اخباره بمشاكلها وما يفعله معها فريد ولكنه كان يحاول حبها بكل ما يملك ..
*************
وصلت حياة إلى مكتبها قبل ميعادها الرسمى بعشر دقائق تقريباً فبدئت فى تحضير ملف الاجتماع على الفور ، بعد حوالى ساعه تفاجئت برب عملها يدلف إلى غرفه مكتبها بعبوس ، حييته بأحترام قبل ان تسأله بأرتياب وهى ترى ملامح وجهه المتجهمة امامها :
-فى حاجه اقدر اساعد حضرتك فيها يا مستر رؤوف ؟؟!..
بدء الارتباك يظهر جلياً على ملامح وجهه ، فتح فمه للتحدث ولكنه اغلقه مره اخرى ، ظلت حياة تنظر له وقد اتنقل إليها توتره ألياً فملامح وجهه لا تُبشر بخير ، تنحنح اخيراً لتنقيه حلقه قبل ان يتحدث إليها :
-حياة .. انتى عارفه انك من احسن الموظفين اللى عندى .. وانا فعلا بعزك وبحترمك وبتمنى كل الموظفين يكونوا فى نشاطك وذكائك وخوفك على الشغل .. بس انا اسف ومضطر اقولك اننا استغنينا عن خدماتك .. وكتعويض ليكى هنصرفلك ٣ شهور مكافأه ..
نظرت له حياة بصدمه تحاول استيعاب ما تفوه به للتو ، هل هذه مزحه سخيفه ؟!، لا فملامح وجهه وارتباكه لا يدل إطلاقاً على انه مزاح ، كما انها ليست كدبه ابريل فنحن على اعتاب الشتاء !، صمتت قليلاً واخفضت راسها محاوله السيطره على الدموع التى تجمعت داخل مقلتيها ثم بعد قليل رفعت رأسها وهى تبتسم له وتقول :
-تمام .. قدر الله وماشاء الله فعل ، مفيش اى مشكله وانا اكيد سعيده انى اتعرفت على حضرتك واكيد اتعلمت من حضرتك حاجات هتنفعى فى سيرتى الذاتيه .. اسمحلى بس الم حاجتى وأتحرك ..
ارتبك وهو واقف امامها ولم يدرك ما يجيبها به فقد اعُجب بقوتها ورد فعلها الثابت ، فكر متعجباً لماذا يفعل ذلك الملعون فريد كل ذلك معها ، على كل حال هذا ليس من شأنه يكفيه ما تحصل عليه منه منذ ان قام بتعيينها حتى الان وذلك هو المهم ، خرج من غرفتها بعد ان وضع مغلف امامها وانصرف دون وداع ، انتظرت حياة خروجه بفارغ الصبر حتى تستطيع الارتماء فوق المقعد والتفكير بتلك المفاجئه التى قلبت موازين يومها ففى اثناء استعدادها لتشغل منصب جديد وجدت نفسها خارج المؤسسه باكملها ،على كلاً حاولت تشجيع نفسها ففى الاخير كل ذلك رزق من الله وهى لديها من الخبره والمؤهلات ما يؤهلها للتعيين فى اى شركه اخرى بسهوله ، بالطبع كانت تلك من افضل شركات الملاحه فى الاسكندريه ولكنها لن تجزع ، ستجد فرصه افضل ان شاء الله ، اخذت حاجياتها وهمت بالانصراف عندما اوقفها رنين هاتفها ، نظرت به وإذا بوالدتها هى الطرف الاخر ، تجاهلت اتصالها فى المره الاولى ولكن والدتها كانت تعاود المحاوله دون انقطاع ، التقطت هاتفها وأجابت بحزن فجائها صوت والدتها باكياً :
-حياة .. الحقى محمد اخوكى ..
كانت تشعر بالأرض تدور بها من شده الفزع ، خرج صوتها هامساً تستفسر :
-ماما !!!! حصله ايه !!! محمد حصله حاجه !!! ماما !!! ..
إجابتها والدتها وهى لازالت على بكائها :
-هو كويس بس تعالى على شغله دلوقتى حالاً .. حالاً يا حياة .. اخوكى فى مصيبه ..