الفصل التاسع

بعد انتهاء الفطور انسحب فريد مره اخرى إلى غرفه مكتبه وقررت حياة استئناف اكتشافها للمنزل ، فقبل مقابله عزه كانت تنتوى الدخول للمطبخ فهو من احدى هواياتها المفضله ، اما الان فهى تعلم جيداً ان وجودها بداخله شئ غير مرحب به ، اكملت جولتها بداخل المنزل ولم تملك الا الإعجاب به حقيقةً فكل ركن به مفروش بعنايه وذوق رفيع ، لم يتبق لها الا المطبخ لدخوله ، كان ينتابها الكثير من الفضول لرؤيته ورؤيه تأثيثه وتجهيزاته لذلك وقفت متردده تحاول الوصول لقرار ثم رفعت راسها بكبرياء وقررت زيارته فهو فى الاخير منزلها هى ، وما ان خطت بداخله حتى رأت ٦ أزواج من العيون تنظر لها ما بين مهتمم ومستنكر ، زوجان اصبحت تعرفهم جيداً اما الآخرين فغريبان كلياً
تنحنحت حياة بحرج وهى تقف فى مدخله وعلى الفور تقدمت نحوها سيده ممتلئه الجسد فى منتصف الخمسينات تقريباً قصيره القوام ذو ابتسامه دافئه احبتها حياة على الفور فبادلتها ابتسامتها بأشراق
تحدثت السيده بنبره اكثر دفئاً وهى تمد يدها فى اتجاه حياة لتحتضن كلتا يديها بحب متسائله :
-اكيد انتى بنت آمنه حياة .. قصدى حياة هانم ..
هزت حياة راسها لها بأيجاب ثم النفى وهى لازالت تحافظ على ابتسامتها الواسعه :
-لا طبعا انا اسمى حياة بس .. واه انا بنت امنه حضرتك تعرفيها ؟!..
مسحت المرأه على شعر حياة بحنان ونظرات الإعجاب تملؤها قائله :
-ماشاء الله .. آمنه عرفت تربى .. ليه حق فريد .. جميله خلقاً وُخلقاً ..
اخفضت حياة رأسها بخجل والاحمرار يغزو وجنتها فأضافت السيده متمتمه :
-صحيح نسيت اعرفك بنفسى .. انا عفاف المسئوله عن الطبخ والمطبخ هنا ..
ثم اشارت إلى رجل فى مقتبل الستينات من عمره كان يجلس على الطاوله بهدوء يتناول طعامه ولكنه نهض بمجرد دخول حياة ورؤيتها :
-وده بقى عمك رضا .. جوزى والجناينى بتاع الفيلا ..

اومأ براسه لحياة يحييها باحترام ووقار ولكنه تفاجئ من رد فعلها وهى تتقدم نحوه تمد يدها فى اتجاهه متمته:
-ازى حضرتك ياعم رضا ..
أجابها معجباً بسلوكها :
-بقيت احسن لما شفتك يابنتى .. ربنا يباركله فيكى ..

تمتمت حياة بخجل موجهه حديثها للسيده عفاف :
- لو حضرتك مش هتضايقى ممكن اقعد معاكم شويه ؟!..
اجابتها عفاف بترحاب لم تعهده حتى من والدتها :
-ياخبر ابيض !! انتى بتسأذنينى عشان تقعدى فى بيتك !! ده المطبخ كله ينور ..
ثم سحبتها بحنان لتجلس على احد المقاعد الموجودة به وللحق كان وثيراً وناعماً مثل مقاعد الاستقبال
لم تعلم كم شعرت حياة بالسعاده من ذلك الاستقبال الحميم فعلى الاقل شعرت انها فازت بصديق فى ذلك المنزل الكبير الجاف ، خرج عم رضا بعد قليل ولم يتبق سوى ثلاثتهم معاً ، كانت السيده عفاف تثرثر مع حياة دون توقف قبل ان تتوقف لتسألها بعبوس :
-شوفى انا اكلت دماغك ازاى ونسيت اسالك !! تحبى اعملك حاجه مخصوص للغدا النهارده ؟!! .. اكيد مش هتحبى تاكلى اكل فريد بيه من اول يوم كده ..
ضمت حياة حاجبيها معاً بتركيز مستفسره :
-ليه مش هحب اكله ؟!..
اجابتها عفاف مسترسله فى شرحها وهى تجعد انفها وتهمس كأنه سر حربى خطير :
-مانتى اكيد عارفه .. فريد بيه بيحافظ على صحته ازاى مش بياكل غير انواع اكل محدده كله خضار ومفيهوش ملح وحاجات غريبه كده وبعدها بيدخل الجيم ويقفل على نفسه مبيطلعش قبل ساعتين تقريباً كل يوم وممنوع حد يدخله .. تقريباً الجيم والمكتب محظورين اى حد يدخلهم وهو فيهم الا لو هو طلب ..
صمتت قليلاً لتزدرد ريقها وهى تتفحص حياة قبل ان تضيف بأبتسامه واسعه :
-طبعاً الكلام ده مش ليكى اكيد فريد بيه هيحب تكونى جنبه على طول ..

زمجرت مدبره المنزل القابعه بهدوء على احد المقاعد وتستمع لحديثهم دون المشاركه فيه :
-ست عفاف بيتهيألى كفايه كلام كده وتخلصى اللى وراكى ميعاد الغدا قرب ..

حدجتها عفاف بنظره حنق قبل ان تجيبها قائله :
-عزه .. انا بتكلم انا والهانم وانا بشتغل وهى مش معطلانى .. روحى بس انتى شوفى وراكى ايه بدل مانتى قاعدلنا كده ..

ضربت الاخيره الارض بقدمها غيظاً قبل ان تحدج حياة بنظره غل وتتجه نحو الخارج ، اعادت عفاف تركيزها نحو حياة متسائله :
-احنا وقفنا لحد فين ؟!.
-اه كنت بقولك ان فريد بيه محبش فى النيا دى حد قدك .. انا من ساعه ما جيت هنا وانا مش بسمع غير عن حبه ليكى ..

ارادت حياة فتح فمها للاعتراض وقول ملاحظه لاذعة ولكنها عدلت عن ذلك ففى النهايه لن تتحدث عنه امام موظفته .

************

فى تلك الأثناء كان فريد يجلس خلف مكتبه وعروق وجهه بارزه من شده الغضب وهو يتحدث فى الهاتف بعصبيه ، صاح بمساعده قائلاً :
-يعنى ايه يعلى علينا السعر هو لعب عياااااال ..
تعلثم المساعد فى نبرته قائلاً :
-ما .. ما يا فندم .....
قاطعه فريد بغلظه قائلاً :
-انت لسه هتمئمئلى اخلللللص ..
انهى فريد كلمته الاخيره بصراخ جعلت الرجل على الطرف الاخر ينتفض فزعاً ثم قال مسرعاً :
-يافريد بيه .. هو بيقول ان الشركه بره علت عليه وهو معندهوش استعداد يتحمل الخساره ..

جحظت عيونه للخارج بقسوه قبل ان يصمت قليلاً متفكراً قبل ان يقول يتوعد :
-الجنيدي ببلوى دراعى صح !!.. انا عارف كويس ان مفيش حاجه من دى حصلت .. هو فاكر كده بيضربنى يعنى !!!!هو كده جاب اخره معايا .. بس ورحممممه امممى ان ما كنت افلسه مبقاش فريد ..
حك ذقنه بيديه ثم تابع بصيغه الامر :
-اسمممع .. قدامك اسبوع وتكون ظبطلى مع الشركه الألمانية اللى عطياه التوكيل وتبلغنى ..
اجابه مساعده برعب :
-بس يا فريد بيه احنا كده بنعلن الحرب عليهم وعيله الجنيدي مش قليله فى السوق ..

صاح به فريد بغضب :
-نبيل !! اظبط معايا كده ولو بتخاف روح اقعد فى بيتك ..
سارع نبيل يجيبه مصححاً :
-يافندم انا خايف على ساعتك مش اكتر ..

اجابه فريد وهو يصر على اسنانه بشراسه :
-لسه متخلقش اللى يقف قدامى او يلوى دراعى ..
حرك كفه داخل فروه راسه مفكراً ثم تابع بنفس صيغه الامر :
- ظبطلى بس انت الشركه وانا هقولك بعدها هنعمل ايه ..

ثم اغلق الهاتف بنفاذ صبر وألقاه بقوه فوق سطح مكتبه وهو يتوعد لعائله الجنيدي ..


إعدادات القراءة


لون الخلفية