الفصل الثاني عشر

ارتبكت نظرتها قليلاً ولم تعقب ولكنها توعدت له داخلياً، فهى لن تكون جيهان السكرى ان لم تنهى ما بدئته منذ سنوات مضت .

تركها غريب منتفضاً من مقعده بغضب وأثناء استعداده للخروج من المنزل صادف فتاتان متقاربتين فى العمر احدهما تشبهه والدتها السيده جيهان بشعرها البنى وبياض بشرتها ونحاله خصرها والأخرى بشعر اشقر ووجهه رفيع ، ارتمت نرمين بداخل احضان والدها تقبله قبل ان تلقى عليه تحيه الصباح بدلال ، حياهم غريب على عجل ثم توجهه مباشرةً نحو الخارج ، بمجرد وصولهم إلى المدخل تحركت جيهان لاستقبالهم وهى تتمتم بحبور مرحبه بضيفه ابنتها :
-نجوى حبيبه قلبى .. ايه الجمال ده كله .. البيت نور طبعاً ..
ثم وجههت حديثها لابنتها :
-ها يا نيرو يا حبيبه مامى .. قوليلى اتبسطتوا فى النادى ولا ايه ..
اجابتها نيرمين بدلال مصطنع :
-ننبسط ازاى يا مامى ونجوى عامله مناحه من اول امبارح .. اوف بجد زهقتنى ..
تحدثت نجوى على الفور مدافعه عن نفسها :
-يعنى يرضيكى اللى حصل ده يا طنط .. خلاص كده فريد اتحوز وراح من ايدى ؟!..

ربتت جيهان على ذراعها بحنان وهى تحثها على الجلوس :
-تعالى بس نقعد هنا ونتكلم بالراحه ..
اجابتها نجوى بضيق قائله :
-اقعد ايه يا طنط انا بقولك فريد اتجوز وانتى تقوليلى اقعد !!
ابتسمت لها جيهان مشجعه وهى تقول بلؤم :
-تعالى بس واسمعى منى .. فريد مضاعش من ايديك ولا حاجه ..
التمعت عيون نجوى بأمل وهى تسالها مستفسره :
-قصدك ايه يا طنط ؟؟..
اجابتها جيهان بمكر :
-قصدى اننا احنا التلاته هنرتب سوا ازاى نطير بنت الخدامه دى من سكتنا .. انتى تتجوزى فريد حب حياتك واحنا نطلع باللى احنا عايزينه برضه ..
تدخلت ابنتها نيرمين قائله :
-والطالعه الاولى دى بقى سيبوها عليا ..
سألتها والدتها مستسفسره :
- هتعملى ايه يعنى يا نيرو ؟!..
اجابتها ابنتها بخبث وهى تغمز لهم بعيونها :
-هعمل زياره لست الحسن واعرف ميتها ايه بالظبط عشان نعرف احنا بنلعب مع مين ..

وافقت والدتها على الفور على اقتراحها وهزت نجوى راسها بحماس موافقه على حديثها وهى عاقده النيه بداخلها بمجرد الحصول على فريد ستقوم بألقائهم جميعاً بالخارج ..

**********

انتهزت حياة فرصه جلوسها بمفردها وقررت الحديث مع صديقتها مريم للاطمئنان عليها من جهه ومعرفه اخبار محمود الصحيه من جهه اخرى ، فهى لازالت تشعر بالذنب تجاهه بسبب ما حدث معه وتريد الاطمئنان على احواله فهذا اقل ما تستطيع فعله بعدما تركته دون حتى اعتذار ، أمسكت بهاتفها وتحدثت قليلاً مع صديقتها التى كانت تمازحها عن زواجها برجل اعمال وعن زفافها الفخم رغم بساطته ، مزحت حياة معها قليلاً قبل ان تسألها بقلق قائله :
-مريم .. متعرفيش محمود عامل ايه دلوقتى ؟!..
اجابتها مريم قائله بغيظ :
-ما تسيبك منه وتخليكى فى جوزك !! عايزه ايه من سى محمود ده ؟ وبعدين انا معرفش عنه حاجه من ساعه ما كنا سوا ..
عنفتها حياة قائله بحده :
-مريم انا مش بهزر !! ..
ثم لانت نبرتها وهى تترجاها قائله :
-مريم الله يخليكى حاولى تعرفى هو عامل ايه دلوقتى وتتطمنى عليه وترجعى تطمنينى ..
-حييااااااااة !!!
صدح صوت فريد خلفها بقوه جعلها ينتفض وسقط الهاتف من يدها تلقائياً ، ارادت الركض من امامه بكل ما تملك من قوه ولكن كان لقدميها رأى اخر مخالف كليا فقط تسمرت قدميها فوق الارضيه ولا تستطيع التحرك قيد أنمله ،التفت تنظر خلفها برعب فلا مفر من المواجهه فوجدته ينظر إليها بوجهه لا يمكن تفسيره ، حسناً ان كل تفكيرها الساذج على انها لا تخشاه اصبح الان هراء ، لقد كان وجهه يكسوه الاحمرار من شده الغضب وعيونه تنطق بالشرر وذلك العرق بجانب صدغه كان ينبض بقوه كأنه على وشك الانفجار ، سألها بصوت أشبهه بالفحيح وهو يقترب منها :
-مين ده بالظبط اللى عايزه تطمنى عليه !!!!..

ازدردت ريقها بصعوبه وهى تنظر إليه برعب ، لم يتلقى منها اجابه فأعاد سؤاله مره اخرى وهو يضغط على كل حرف يخرج منه :
-انا سألتك سؤال ومحتاج رد .. مين ده اللى عايزه تطمنى عليه يا حياة !! انطققققى ..

انهى كلمته الاخيره بصوت هادر جعلها تنتفض من مكانها ، وفى تلك اللحظه وهى تراه يتقدم منها بعيون جاحظه تدفق الأدرينالين داخل جسدها بقوه تراجعت خطوه للوراء فى محاوله للركض بعيدا عنه ولكنه فى اللحظه التاليه كان يقبض عليها بكل قوته ، ذراع واحده تحاوط خصرها وهى تضغط فوقه بقوه وأرجله حاوطت قدميها قبل ان تتشابك معاً لتكبيلها ، وضعت يدها فوق ذراعيه لفك حصارها وفى نفس الوقت حاولت دفع نفسها بعيداً عنه ولكنه كان يضغط بقوه على مؤخره ظهرها حتى شعرت انها ستتأذى اذا حاولت اكثر ،
حاولت عدم النظر فى وجهه حتى لا ترى نظراته المرعبه لها فاخفضت راسها بعيدا عنه وهى تتمتم اسمه بخفوت وتطلب منه ان يتركها ولكن دون جدوى فغضبه كان فى قمته ، صاح بها قائلاً :
-انتى عايزه تجننينى صح !! لا واقولك واتجنن ليه ؟!.. انا هريحك من حبيب القلب دلوقتى عشان متعرفيش توصليله او تطمنى عليه تانى ..

انهى جملته واخرج هاتفه بيده الفارغه وأخذ يعبث به ، شعرت حياة بضغط دمها ينخفض من شده الرعب احقاً سيقدم على قتله !! سُتزهق روح بريئه بسببها !! هتفت إليه متوسله وهى تحرك يدها لتمسك يده وتمنعه قائله بلهفه:
-فريد !! الله يخليك لا .. لا انت بتعمل ايه .. هتموت انسان بجد عشان بسال عليه !! .. انا غلطانه مش هسأل عليه تانى والله بس سيبه .. فريد ..
كان يشعر بكامل جسدها ينتفض تحت قبضته رغم محاولتها ان تبدو ثابته ، توقف عن العبث بهاتفه قبل ان يحدثها بصياح :
-عشان بتحبيه .. عرفتى ليه مش هخليه عايش .. عشان بتحبيه هو ..

لم تعرف ما الذى يجب عليها فعله فى تلك اللحظه فلو عاندته سيقتله وهى ابدا لن تترك شخص يلقى حتفه بسبب غضبها منه ، هزت راسها له نافيه وهى شبهه مغيبه ثم رفعت كلتا يديها المرتجفتبن لتحيط بوجهه وتجبره على النظر إليها وهى تمتم له بتوسل ورعب حقيقى :
-مش بحبه .. والله العظيم مش بحبه .. انا عمرى ما كدبت عليك ومش بكدب دلوقتى مش بحبه ومش هسأل عليه تانى ومش هعمل اى حاجه بس سيبه عشان خاطرى ..


إعدادات القراءة


لون الخلفية