الجزء 16



نظر الشيطان لعايدة بطرف عينيه بجمود و من ثم نقل نظراته امامه فرأى صورة ريحانة المنعكسة على المرأة فشعر بالضيق لرؤيتها و لكنه لم يظهر شيء حيث اكمل طريقه لمكتبه و دخله ، بينما التفتت ريحانة و إتجهت إلى غرفة الطعام و دخلتها و جلست على احدى مقاعد السفرة في حين لم تفارق شفتيها تلك الإبتسامة الشامتة السعيدة لما حدث لعايدة ، سندت مرفقيها على الطاولة بعد ان تلاشت إبتسامتها و هي تفكر ، لماذا شعرت بالضيق و الغيرة عليه ! ، هي لا تكن اي مشاعر بداخلها له لكي تشعر بذلك الشعور . اغمضت عينيها و هي تكرر لحظة إقتراب عايدة منه ... فشعرت بالضيق لتذكرها للأمر ، ففتحت عينيها و هي تهز رأسها بعنف و تعود بظهرها للخلف و هي تقول لتبرر ضيقها
- انا مش مضايقه .. هضايق لية اصلا!؟ ، اصلا لو اي حد في مكاني و شاف حاجة زي دي مكنش هيعجبه حاجة زي دي تحصل قدامه ، يعني لو كانوا لوحدهم ماشي و...
توقفت عن إكمال جملتها في حين كانت تعيد جملتها الأخيرة بضيق
- لو كانوا لوحدهم ماشي! ، ولا حتى لوحدهم ... اية قله الأدب دي
بعد ان انهت جملتها نهضت بحدة و خرجت من غرفة الطعام فتوقفت عندما وجدت عايدة مازالت على حالتها ، فرمقتها بإستحقار قبل ان ترسم على شفتيها إبتسامة شامتة باردة و هي تتقدم من الأخيرة و تقف امامها ، فرفعت عايدة نظراتها لريحانة فرأت تلك النظرة الشامتة التي تتراقص في حدقتي الأخيرة و هذا اشعرها بالغضب ، فقالت ببرود مصتنع
- جاية لية!
- كنت معديه من هنا فلقيتك واقعه على الأرض ... قلت اساعدك
قالتها ريحانة بخبث و من ثم مالت قليلا و هي تمد يدها لعايدة ، فنظرت عايدة ليد ريحانة بغيظ و قالت
- مش محتاجة مساعدة واحدة لعوبة زيك
- انا !
قالتها ريحانة بذهول مصتنع ، فرمقتها عايدة ب كرة و هي تنهض بصعوبة بسبب الآم ظهرها ، وقفت على قدميها و هي تتألم و التفتت و إتجهت للسلم و لكن ريحانة اوقفتها بقولها
- على فكرة انا بشفق عليكي اوي
نظرت لها عايدة من فوق كتفها و هي تلويها ظهرها ، بينما اكملت ريحانة
- مش بيصعب عليكي نفسك لما تتذلي و تعرضي نفسك على واحد مش عايزك!
التفتت عايدة قليلا و نظرت لريحانة ببرود مصتنع و قالت
- حاجة متخصكيش
- لا ... دي حاجة تخصني
التفتت عايدة و اصبحت مقابلة لريحانة ، فحدقت بها لبرهه قبل ان تقول عايدة بتهكم
- هو الشيطان دلوقتي بقى يخصك !
صمتت ريحانة لبرهه قبل ان تقول بثبات
- ايوة ... مش انا عشيقته
إبتسمت عايدة بسخرية و قالت بإستخفاف
- و يعني اية عشيقته مثلا! .. محسساني انها علاقة مقدسة مثلا ، دة يومين .. اسبوعين .. شهر و هيرميكي
إبتسمت ريحانة بطريقة مستفزة و قالت بثقة اتقنتها
- اليومين والأسبوعين والشهر دة مع واحده تانية مش معايا ، انا هفضل معاه .. لا مش انا اللي هفضل هو اللي هيكون متمسك بيا
- و لية هيفضل معاكي مثلا! .. بيحبك؟
قالتها عايدة بإستخفاف قبل ان تقهقه و تكمل
- متخليش افكارك توديكي على ان الشيطان ممكن يحبك او يحب عامة ، هو مش عشان بيعاملك بلطف شوية يبقى خلاص بدأتي توقعيه ، لا دة انتي لازم تخافي منه .. دة الشيطان و مش سهل يا قطة
- و انا مش سهله برضه .. انتي متعرفنيش لسه ، لو عايزه اوقعه في حبي هوقعه
نظرت لها عايدة بطرف عينيها و هي تلتفت
- ثقتك في نفسك هتوقعك على الأرض و هتكسر رقبتك ، فحاسبي من كسر رقبتك و مني .. لأني مش هسمح للشيطان انه يكون لوحده غيري
- قصدك مش هتسمحي ان كل الثروة دي تروح لغيرك
قالتها ريحانة بإستحقار ، فقالت عايدة ببرود و هي تصعد السلم
- بظبط
اختفت عايدة من امام عيني ريحانة فألتفتت الأخيرة و هي تشعر بالضيق و الندم لما قالته ، لم يكن يجدر بها ان تقول ذلك الهراء لعايدة .. فبقولها اظهرت انها تهتم بالشيطان ، هزت رأسها بعنف و هي تضرب شفتيها بكفيها و تلعن نفسها مئة مرة .
..........................................................
في مكتب الشيطان
كان جالس على كرسي مكتبه و هو ينظر امامه بشرود فهو كان يتذكر سؤال عايدة " اللي في قلبك ريحانة؟ " ، هو يبحث عن إجابة لهذا السؤال الصعب .. نعم انه لسؤالا صعب عليه ، فهو شخص قاسي بنى حياته على اساس الكرة و القسوة و كرسها كلها لشيء واحد و هو الإنتقام فمن الصعب إستيعاب دخول الحب لبابه بعد ان قتل ذلك الجانب منذ زمن طويل ، اعاد رأسه للخلف و هو يغمض عينه ليسترخي و لكن صورة ريحانة قفزت في مخيلته فجأة و بدون سبب ، ففتح عينيه بضيق و نهض من على كرسي مكتبه و إتجه للحائط في الجانب الأيمن و وقف امامه و من ثم مد يده و ابعد السيتارة فظهر باب ، ففتحه و دخل .
..........................................................
زحف جلال على الأرض حتى وصل للحائط فسند جسده عليه و هو يخرج تأوهات تظهر مدى آلمه في حين كان وجهه ينزف و قميصه الأبيض تغير لونه للون الأحمر بسبب الدماء ، نظر جلال ل سالم بنظرات مشتته فقد كانت رؤيته مشوشة و متداخله .
- اية رأيك في الدرس دة ... عجبك!
قالها سالم بتهكم و هو ينظر لجلال ببرود و على وجهه إبتسامة جانبية ، فقال جلال بتوعد و حدة رغم صوته الضعيف الذي يمتلأ بالألم
- هتندم على اللي عملته يا سالم .. هندمك
قهقه سالم بسخرية و قال بإستخفاف
- و هو انا هخاف منك لما تقولي الكلمتين دول
بعد ان انهى جملته .. نهض و سار بخطوات هادئة لإتجاه جلال و وقف امامه و نزل لمستواه و قال
- انت ضعيف جدا يا جلال .. انت بدوني و بدون الناس اللي بيسندوك تبقي ولا حاجة ، فجاي دلوقتي و تقول انك هتندمني! "قهقه بخفة و اكمل" ها قولي هتندمني ازاي و انت لوحدك ضعيف
- انا مش لوحدي
- بجد! ، طب قول مين معاك ؟ ... ايمن اللي في السجن .. و لا فريد اللي فلس و لا عصام اللي اداك فكرة انك تزور الفلوس دي و تجبهالي
نظر جلال لسالم بدهشة و قال
- عرفت منين؟
نهض سالم و قال بهدوء
- مفيش حاجة بتتخبى عليا
التفت و لاواه ظهره و هو يسير بخطوات باردة و هو يقول
- اقولك حاجة ، انت وقعت في فخ الشيطان
- المليون و نص اللي طلبتهم منك معايا اضعافهم ، اكيد هتستغرب لما اقولك ان الشيطان عرض عليا اني اخونك مقابل الفلوس و انا وافقت ، و كذلك نفس الموضوع حصل مع عصام .
بدأ جلال يفقد الوعي ، فتوقف سالم و التفت و نظر له و قال قبل ان يفقد جلال الوعي كليا
- احسنلك انك تتراجع عن اللي كنت مخطته بخصوص الشيطان عشان اللعب مع الشيطان مش سهل ، نصيحه من واحد خانك ، خدوه .
قال الأخيرة لحراسه ، فتقدم حراس سالم و امسكوا بجلال من ذراعيه و جروه خلفهم .
..........................................................
وقفت ريحانة امام مكتب الشيطان و طرقت على الباب بتردد و انتظرت سماع الأذن منه ولكنها لم تسمع اي صوت من الداخل فطرقت مرة آخرى قبل ان تضع كفها على قبضة الباب و تبرمها ببطئ ، ففتح الباب و تقدمت للداخل بخطوات حذرة في حين كانت نظراتها تتجول في ارجاء المكتب حتى توقفت عند تلك اللوحة المعلقة بجانب الباب فاقتربت و هي تدقق النظر في حين كانت تحاول ان تتذكر اين رأت مثل هذة اللوحة في مكان آخر ... نعم لقد تذكرت فهي قد رأت مثل هذة اللوحة عند جلال ، إبتسمت لأنها تذكرت و من ثم التفتت و إتجهت لمكتب الشيطان و التفت من حوله حتى وقفت خلف كرسي مكتبه و هي تنظر للأشياء الموضوعة على مكتبه فلفتت إنتباهها تلك الساعة الذهبية .. فمدت يدها و امسكت بالساعة و هي تنظر لها بإنبهار فكل انش في هذة الساعة فيه ذهب ، حركت يدها الممسكه بالساعة لتنظر لكل جوانب الأخير فلاحظت ذلك الأسم المنقوش على باطن الساعة ، فقرأتها بتمعن .
- العاشقان ...فيروز و فخر الدين
و من ثم نظرت امامها و هي تردد الأسمين بتفكير ، من يكونوا اصحاب هذة الأسماء ؟ والديه ؟! ، قاطع تفكيرها صوت صرير باب خافت فرفعت نظراتها و مررتها حولها بإستغراب و من ثم اعادت نظراتها للساعة ولكنها سمعت الصوت مرة آخرى فبدأ الخوف بتملكها ، فوضعت الساعة على المكتب و من ثم التفت حول المكتب و هي تسير بخطوات حذرة في الإتجاة الأيمن بعد ان دققت في إتجاة مصدر الصوت ,‎ ‎‏توقفت امام الحائط و هي تنظر له بإستغراب و تقول لنفسها
- الصوت جي من هنا بس ازاي؟
مدت يدها للحائط فلامست اناملها الأخير في حين قضبت حاجبيها بحيرة ، هناك شيء غريب .. هذا ليس ملمس الحائط و صلابته ، ابعتدت يدها من على الحائط ببطئ و هي تشعر بالحيرة و عدم الإرتياح ، فألتفتت و هي تنوي المغاردة .. و قبل ان تخطوا خطوة واحدة شعرت بيد تمسكها من رسغها و تجذبها إلى غرفة مظلمة من خلف الجدار فصرخت بفزع ، نظرت للشخص الذي يقف امامها و هو ممسك بذراعها .. لم تستطيع رؤية ملامحة بسبب الظلام و لكن رائحته تعرفها جيدا ، فقالت بهمس مرتجف
- بيجاد!
كان صدرها يعلو و يهبط من سرعة تنفسها ويدها ترتجف قليلا من الخوف ، لم تسمع اي رد من الطرف الآخر في حين شعرت بيده تترك ذراعها ، فنظرت حولها بخوف و هي تسمع صوت تنفسه ، فقالت و هي تحاول ان تصتنع الثبات
- مين هنا؟ ... انت بيجاد! ، انا مش خايفه على ف...
شهقت بخوف وفزع عندما جذبها من خصرها بطريقة مفاجأة و سريعة في حين اشتعلت شمعة صغيرة من على الرف الموجود بجانب رأسها ، فنظرت للشمعة في حين مد يده و امسك بالشمعة و وضعها امام وجهها ، فنقلت نظراتها له فرأت وجهه .. و تبادله النظرات فسرحت بعينيه التي لاحظت ان لونهما هو البني القاتم فشبهتهما بالقهوة القاتمة التي برغم مرارتها و لونها القاتم تجبرك على عشقها .. نعم هي تعشق جمال عينيه برغم القسوة التي تكمن فيهما ، لا تعرف منذ متى بدأت في عشقهم .. و لكن ما تعرفه الآن ان جمال عينيه تفقدها عقلها .. فجأة! ، أخفضت رأسها و هي تشعر بدقات قلبها الذي ينبض كالمجنون عندما تكون بجانبه و وضعت يدها على يده الملتفة حول خصرها و حاولت إبعادها و لكنه لم يسمح بذلك حيث القى بالشمعة على الأرض فأنطفأت و من ثم امسك بيدها التي تضعها على يده و وضعها خلف ظهرها و الصقها به ، فرفعت نظراتها له بجزع و قالت بتلعثم
- في اية؟ .. ناوي على اية ها ، ابعد ...
كانت تحاول تخليص يدها من قبضته و هي تكمل
- انا عايزه اخرج من هنا
- لية؟ ... خايفة كالعادة !
قالها بطريقة مستفزة ، فقالت بإنفعال مفاجئ
- انت مش هتقدر تعملي حاجة
إبتسم إبتسامة ماكرة شيطانية اظهرت مخالبه و هو يقول بهمس
- هنشوف .. هقدر ولا لا زي ما بتقولي
بلعت ريقها بصعوبة و هي تقول بثبات فشلت في إتقانة
- مش هتقدر ، مش هسمحل...
لم يسمح لها بإكمال جملتها حيث طبق شفتيه على شفتيها بهدوء مما سبب لها الصدمة في البداية قبل ان تستجيب له و لقبلته الحانية ..الناعمة .. فبادلته القبلة ، فأدرك انها استجابت له فحرك ذراعها الذي كان يضعها خلف ظهرها و وضعها على كتفه و بدورها رفعت ذراعها الآخرى و طوقته من رقبته و هي ترفع جسدها قليلا ، لا تعلم ماذا حدث لها و لماذا استجابت له و لماذا تشعر بأنها ترغب به! .. هي تريد ان تبتعد و لكن رغبتها تمنعها ، تنهدت من بين قبلتهما و هي تغمض عينيها في حين شعرت ان مشاعرها إتجاهه بدأت توضح امامها ، و الآن ستعترف .. هي معجبه به و تنجذب له بطريقة خطيرة فهل هذا معناه انها احبته؟! ، لم تهتم كثيرا بالتفكير في هذا السؤال فهي تريد الإستمتاع بهذه اللحظة .. معه! .
سار بها للخلف حتى اصطدم ظهرها بالحائط فتأوهت بخفه في حين رفع كفيه و مررهم على رقبتها و من ثم احضتن وجهها بكفيه فابتعدت عنه قليلا لتلتقط انفاسها ، فأبتعد هو عنها اكثر حيث تركها و تراجع للخلف و هو يشعر بشعور يزعجه ، مسح وجهه بكفه و هو يخلص نفسه من ذلك الشعور ولكنه لم يستطع فرفع نظراته لها و من ثم سار لناحيتها وتخطاها و فتح الباب و نظر لها مرة آخرى و قال بهدوء اصطنعه امام نفسه ، رغم بعثرة مشاعره بداخله
- اخرجي
التفتت و نظرت له بدهشة من موقفه ، فنظر امامه بنفاذ صبر و تقدم منها و امسكها من ذراعها و اخرجها و قال قبل ان يغلق الباب
- مش عايز اشوفك في مكتبي .. اخرجي
و من ثم اغلق الباب بينما ظلت هي واقفة في مكانها تستوعب ما حدث .
..........................................................
- الحقي ابوكي يا زهرة .. الحقيه
قالتها والدة زهرة و هي تبكي عبرالهاتف ، فقالت زهرة بقلق
- بابا ماله ؟
- تعبان اوي .. تعالي البيت يا زهرة ، هو عايز يشوفك
- هستأذن و هاجي
- متتأخريش يا بنتي
انهت زهرة المكالمة و هي تشعر بالقلق و الخوف على والدها ، فنهضت سريعا و خرجت من غرفتها و في طريقها للمطبخ قابلت رئيسة الخدم فأوقفتها و قصت عليها ما حدث و استأذنتها بأن تغادر فوافقت الأخيرة
- شكرا جدا .. شكرا
قالتها زهرة بإمتنان قبل ان تغادر
..........................................................
في جناح عايدة
كانت عايدة مستلقية على الأريكة و على وجهها إبتسامة جانبية في حين كانت تنظر للهاوية بشرود ، كانت تتذكر اقوال ريحانة عن الشيطان و عن تحديها لها بأنه سيصبح لها ، قهقهت فجأة بإستخفاف و هي تحرك رأسها و تقول
- الغبية فاكره انها هتقدر تغير الشيطان و تخليه يحبها بعد السنين دي كلها ، هي عارفه انه شيطان ، بس اللي متعرفوش انها لازم تعمل معجزة عشان تغير الشيطان دة لإنسان يحب ... بس صعب .. صعب جدا تغيرة
اعتدلت عايدة إلى وضع الجلوس بصعوبة و هي تكمل ببرود في حين متجاهله ألمها
- بس يلا خليها تجرب و هتفشل و مع فشلها هتبقى نهايتها .. و نهايتها قربت
انهت جملتها و نهضت و سارت بخطوات بطيئة لإتجاة السرير و القت بجسدها عليه و اغمضت عينيها و هي تبتسم و تقول بلهجة حالمة
- امتى هيجي اليوم اللي هشوف فيه ريحانة و هي بتولع كدة على الخشبة قدام الناس
..........................................................
سارت ريحانة بخطوات بطيئة لإتجاة الباب و هي في حالة ذهول ، ماذا حدث له؟ ، وضعت يدها على مقبض الباب و برمته و خرجت و من ثم توقفت و التفتت و نظرت لباب مكتبه الذي اغلقته و بدأت تدرك الأمر ، لقد طردها بعد ما حدث ، فهذه إهانة لها .. صحيح؟! ، إتسعت مقلتيها بصدمة و تمتمت لنفسها
- دة اهاني !
و من ثم اخذت تضرب رأسها بضيق و هي تتمتم و تلعن نفسها
- انا غلطانه .. أنا غبيه ... أنا اية اللي خلناني استسلم ليه! ، حقيره يا ريحانة حقيره
اخذت تبعثر خصلات شعرها بغضب و ضيق من نفسها و من ثم هتفت بصوت مسموع غاضب و متوعد
- حقير .. هوريك
و من ثم التفتت و سارت في الممر و هي مازالت تلعن و تسب نفسها على إستسلامها له .. كيف استسلمت له؟ .. كيف ضعفت امامه؟ ، اين ذهب عقلها! ... هل سلبة منها بهذة السهولة ام هي التي اوقفت عمله!؟ .

،،،،،،،،،،،، في الناحية الآخرى

جلس على الكرسي و مال قليلا ليسند مرفقيه على فخذيه و فجأة اظلمت عينيه من بين ذلك الظلام الدامس الذي يعم حوله ، كان يحاول القضاء على شعوره الذي صنعته هي له ، فهو مؤخرا اصبح يشعر بان هناك مشاعر جديدة تكمن بداخله و خاصا لناحيتها ، هي المرأة الأولى الذي شعر بإتجاهه بالإنجذاب و الرغبة! .. فلكونة الشيطان هو لم يكن يشعر بأي من تلك المشاعر سابقا و لذلك تغيره هذا يضايقه و يغضبه ، نهض بضيق و ضرب الحائط بقبضته و من ثم قال من بين أنفاسه الغاضبة
- انا الشيطان .. عمر ما اي واحده هتغيرني او هترجعني لهيئة إنسان ليه قلب عشان يحس بيه ، انا معنديش قلب .. انا شيطان و بس
..........................................................
مر الوقت حتى حان موعد الغداء ،،

دخلت ريحانة لغرفة الطعام فرأته جالس في مقعده و قد بدأ في تناول الطعام ، فرمقته بضيق و هي تقترب و تجلس في مقعدها ، فتقدمت الخادمة بدورها و قدمت لها الطعام و من ثم عادت للخلف ، فأمسكت ريحانة بالملعقة بهدوء و وضعتها في طبق الحساء و هي تقول
- مش من الذوق انك تستناني
نظر لها بطرف عينيه ببرود بينما اكملت
- مدام انا عايشه هنا كفرد في القصر
- شكلك خدتي عليا اوي .. صح!
قالها بهدوء و هو ينظر لها بنظرات خالية من اي تعبير ، فإبتسمت إبتسامة جانبية ساخرة و قالت
- طبيعي اخد عليك لأني عايشه معاك
اعاد نظراته لطعامه بهدوء بينما ظلت هي تنظر له في حين كانت تفكر و تخطط ، تريد ان تنتقم منه لفعلته و لإهانته لها ، إرتسمت على شفتيها إبتسامة ماكرة بعد ان ادرك ما ستفله ، نظرت لطعامها و بدأت في الأكل و هي تحدث نفسها
- هنتقم منه بطريقتي ، الخطوة الأولى ... اضايقه
بلعت الطعام الموجود في فمها و من ثم رفعت نظراتها الماكرة لناحيته ببطئ فوجدته يمد يده ليأخذ رغيف من الخبز فمدت يدها سريعا و اخذت الرغيف الذي كان سيأخذه ، لم يهتم و هم ليأخذ رغيف آخر و لكنه وجدها تأخذها ، فرفع نظراته لها بجمود و هو يمسك برغيق آخر فوجدها تمسكها ، فنقل نظراته ليدها و من ثم لها ، فقالت بهدوء
- انا عايزه اكل الرغيف دة
تركه و امسك بآخر فوجدها امسكته ، فرمقها بحدة ، فقالت ببرائة خبيثة
- معلش سبهولي .. اصل عايزاه
- هتاكلي كل دة؟!
قالها بضيق ، فإبتسمت بطريقة مستفزة وهي تومأ برأسها ، فتركه و امسك بملعقته و اخذ يحتسي الحساء ، بينما كانت الإبتسامة الماكرة اللعوبة تتراقص على شفتيها و هي تحدث نفسها
- الخطوة التانيه ... اغيظه و اعصبه
- اقولك حاجة
قالتها بهدوء قبل ان تضع قطعة من الخبز في فمها ، بينما تجاهلها ، فرفعت نظراتها له و قالت بضيق
- مش بكلمك!
هز رأسه بلا ، فأغتاظت من رده و لكنها قالت بهدوء اصطنعته
- لا بكلمك على فكرة
تجاهلها مرة آخرى و هذا اغاظها اكثر و اغضبها ، فرمقته بغضب و قالت
- انت مش بترد لية ! .. أنا بكلمك .. على الأقل بصلي عشان اقول اللي عايزاه
تجاهلها ايضا ، فزفرت بضيق و هي تشيح بوجهها للناحية الآخرى و حدثت نفسها بضيق
- فشلت في الخطوة التانية ، اوووف ، اعمل اي....
لم تكمل حديثها لنفسها حيث ضاقت عينيها وهي تخطط لما تفعله الآن و قد قررت ، فإرتسمت على شفتيها إبتسامة شيطانية و هي تلتفت برأسها و تنظر له بنظرات حانية مزيفة ، فقالت بصوت ناعم
- اصبلك شاي؟
- مش عايز
لم تهتم لرده حيث امسكت بإبريق الشاي و ملأت الفنجان بالشاي و من ثم مدت ذراعها له و قالت
- إتفضل
نظر لها و قال
- قلت مش عايز
اعادت الفنجان امامها و قالت و هي تمسك بعبوة السكر
- عايز كام معلقة سكر؟
بلع الطعام الموجود في فمه و نظر لها بنفاذ صبر و قال
- عايزة اية يا ريحانة؟
نظرت له بعد ان وضعت معلقة واحدة من السكر في الفنجان و قالت بهدوء
- و انا هبقى عايزه منك اية!
انهت جملتها و حملت الفنجان و قدمته له فرمقها بنفاذ صبر و قال
- مش بتفهمي!
- ايوة مش بفهم
قالتها من بين اسنانها و هي تسكب الشاي عليه ، فنهض سريعا و تقدمت الخادمة بفزع و هي تقول
- سيدنا
نظر الشيطان لريحانة بغضب بينما كانت الأحيرة تضحك بإستمتاع و شماتة ، فمد ذراعه و امسك ريحانة من شعرها فحل محل ضحكاتها تأوهاتها من قبضته .
- اخرجي برة
قالها للخادمة بصوت مرتفع يمتلأ بالغضب ، فخافت الخادمة و غادرت سريعا فظلت ريحانة معه وحدة .
- حسابك تقل
قالها بهدوء مخيف مما جعلها تخاف و لكنها حاولت إخفاء ذلك بقولها الهادئ الذي اتقنته نسبيا
- كنت بهزر معاك ... بس
- شكلي اتساهلت معاكي زيادة عن اللزوم
- سيب شعري
قالتها و هي تضع يدها على قبضته الممسكه بشعرها ، فجذبها له بقسوة و قال
- شكلك مش خايفه
بلعت ريقها و قالت بثبات
- لا .. مش خايفه
- هعاقبك على اللي عملتيه
إبتسمت بلامبالاة و قالت ببرود و هي تبعد نظراتها عنه
- عارفه عقابك و مش خايفة منك ، عارف لية! ... لأنك هتسبني كالعادة
تعجبت ريحانة مما قالته .. من اين اتت بهذة الثقة و البرود المفاجئ ! ، اعادت نظراتها له فأرتجفت قليلا و هي ترى احمرار وجهه و قسوة نظراته المظلمة عليها ، فهمهمت بخفوت و قالت و هي تبتسم إبتسامة مضربة
- بتبصلي كدة لية؟ ... أنا مش هخا....
قاطعها بصفعته القوية التي اطاحت بها ارضا ، فوضعت يدها على وجهها بصدمة و من ثم رفعت نظراتها الدامعة له فوجدته يقترب منها حتى انقض عليها ضربا ، لا يعلم لما كان يضربها ، ولكن ما يعلمه انه غاضب منها جدا .. فتصرفاتها معه و تصرفاته معها في السابق جعلها تتوهم انه اصبح ضعيف! ، هذا اعتقاده ، ابتعد عنها بعد ان شعر بأنها تتراخى تحت يده و نهض و نظر لها من فوق و قال بتحذير من بين انفاسه الاهثة
- خافي مني يا ريحانة ... خافي
و من ثم التفت و غادر ، فظلت ريحانة ملقاة على الأرض و هي تبكي و تتألم ، مررت نظراتها حولها بعجز و من ثم أعتدلت بصعوبة إلى وضع الجلوس و لامست وجهها بأناملها و ابعدتهم لترى الدماء تملأهم فوضعت كفيها على وجهها و هي تبكي بصوت مرتفع ، فهي تتألم.
..........................................................
اخرج جلال تنهيدة تمتلأ بالألم بعد ان القى بجسده على السرير فهو قد تلقى اليوم الكثير من الضرب ، مرر انامله من بين خصلات شعره بضيق و هو يحدث نفسه بصوت مسموع
- كل خطتي بتفشل و كل اللي حوليا بيسوبوني و كل اللي عملته بينهار ... لية حظي كدة لية!
قال الأخيرة بغضب و من ثم اغمض عينيه و فتحها و امسك بهاتفه و ضغط على الزر الأوسط فأنارت شاشة الهاتف فدخل لخانة الصور و فتحها و بحث عن صورتها فوجدها و ضغط عليها فظهرت صورة ل ريحانة ، ظل ينظر لصورتها بصمت و من ثم حدث صورتها
- هرجعك لحياتي يا ريحانة و هنكمل حياتنا زي ما كانت ، انتي اللي فاضله ليا دلوقتي .. اصل الكل خاني و سابني و راحوا لصف الشيطان ، بس انتي مش هتسيبيني انا عارف و متأكد لأنك بتحبيني بطريقة عامية و دة احلى ما فيكي ، ياريت الكل كان زيك كان زمان حققت هدفي من زمان
وضع بالهاتف بجانبه و هو ينظر للهاوية بشرود فأثناء شروده تذكر شيء فأمسك بهاتفه و فتح "التقويم" و نظر للتواريخ و من ثم رفع رأسه و إبتسم و قال
- بكرة اليوم الموعود
..........................................................
بعد ان خرج من غرفة الطعام إتجه لحديقة القصر خاصا للإسطبل ، اخرج جواده الأسود و اعتلاه و من ثم خلع قميصه المتسخ و القاه على الأرض قبل ان يمسك باللجام ليضرب الجواد بخفة فيبدأ بالركض
..........................................................
- ها يا حكيم ... بابا كويس؟
قالتها زهرة بقلق ، فرد الحكيم
- متلقليش هو كويس بس لازم يرتاح و يبعد عن اي حاجة تعصبه او تتعبه
- ماشي يا حكيم ... شكرا ، تعبناك
- دة واجبي
نهضت زهرة و اوصلته للباب و من ثم عادت لوالدها و جلست بجانبه و امسكت بيده وقالت بعتاب
- ماشي يا بابا ماشي ... كدة تخوفنا عليك
نظر لها والدها بضيق فقالت
- بتبصلي كدة لية يا بابا؟
- كل حاجة بتحصلي و اللي هتحصلي بسببك يا بنتي
تنهدت و قالت
- لية بتقول كدة؟
نظر لها نظرة تعرفها جيدا ، فإبتسمت و قالت
- انت مش بتثق فيا و في قراراتي؟
- لا
ضحكت و قالت
- لا انت بتثق و انا عارفه
- قوليلي يا زهرة ... اية اللي مخبياه عني؟
تنهدت زهرة وقالت
- لو قلتلك مش عارفه هتبقى رده فعلك اية
- قولي يا زهرة ، عملتي اية من ورايا .. قولي يا جلابه المصايب
ضحكت على كلماته الأخيرة و قالت
- ماشي .. هقولك
تنهدت بعمق قبل ان تبدأ في قول ما فعلته بدون علم والدها
..........................................................
في الطابق الثالث .. تحديدا غرفة "عبد الخالق"

- مين اللي عمل فيكي كدة؟
قالها عبد الخالق بصدمة بعد ان تلفت ريحانة لغرفته و جلست على الكرسي المقابل لسريره ، فردت ريحانة بصوتها المتحشرج من البكاء
- الشيطان
نظر لها بشفقة و اسف و قال
- عملتي اية عشان يعمل فيكي كدة
صمتت ريحانة و ظلت تنظر للأرض و دموعها تسيل على وجنتيها ، فتنهد بآسى و ساد الصمت في الغرفة
- تقدر تحميني منه؟
قالتها ريحانة فجأة و بدون سبب بعد صمت طويل ، فنظر لها في حين نظرت له و اكملت
- تقدر تحميني منه لما يكتشف اني جاسوسة لجلال ؟
- .........



إعدادات القراءة


لون الخلفية