الجزء 26
اشرقت شمس يوم جديد
فتح الشيطان عينيه بإنزعاج عندما شعر بأنامل خفيفة تسير على وجنته ، إتسعت مقلتيه في ذهول عندما رأها مستلقيه بجانبه تنظر له و هي تبتسم و تقول بنعومة
- صباح الخير
- ريحانة!
همس بها بذهول و من ثم مسح عينيه بكفيه بقوة ، فإبتسمت بعذوبة و قالت
- لا مش بتحلم ، انا هنا
ابعد كفيه من على عينيه و نظر لها لبرهه قبل ان يعتدل لوضع الجلوس و يقول بخفوت
- بتعملي اية هنا؟
- شايف اية؟
قالتها و هي تعتدل لوضع الجلوس مثله ، فنظر امامه و هو يدرك الأمر ، فقال بجمود
- مروحتيش لجلال لية؟
- مزاجي
قالتها و هي تحرك كتفيها بلامبالاة ، فنظر لها بطرف عينيه و من ثم نهض و قال
- لا.. مش بمزاجك تخرجي و ترجعي لقصري
رفعت نظراتها له باستنكار و من ثم نهضت و التفت حول السرير لتقف امامه و تقترب منه لتهمس بشراسة بجانب اذنه و هي تتخطاه
- لا بمزاجي
انهت جملتها و دخلت للحمام و هي تبتسم بخبث ، بينما ظل الشيطان واقفا في مكانه و هو يشعر بالإنزعاج .. منها خاصا بعد ان لمح إبتسامتها تلك التي جعلته يشعر بأن هناك شيء غريب .
..........................................................
دخلت ريحانة غرفة الطعام و هي تهتف بضيق مصتنع
- مش المفروض تستناني!
قالتها للشيطان الذي تجاهلها تماما و هذا ضايقها ، تقدمت و جلست في مقعدها فأقتربت الخادمة و قدمت الطعام لريحانة التي بدأت في تناول طعامها في صمت ، فقد كانت مشغولة في تنظيم افكارها و ما ستفعله .. الآن . رفعت نظراتها له و هي تلمع بخبث ، قربت يدها بخفة من كوب الشاي الخاص به و دفعته ليسقط على الأرض فنهضت بسرعة و هي تتأسف و تقول بأسف مزيف
- مش عارفة ايدي ازاي خبطته ، انا اسفة بجد
نظر لها بطرف عينيه بضيق ، فأردفت
- هصبلك غيره
انهت جملتها و امسكت بكوب اخر و وضعته امامه و من ثم التقطت الأبريق و سكبت له الشاي في الكوب و بعد ان انهت ذلك إبتسمت و قالت بصوت ناعم
- اتفضل
رمقها بتهكم و هو يقول
- هشربه بدون سكر مثلا!
- صحيح ، هحطلك دلوقتي
التقطت السكرية و سألته
- كام معلقة؟
- اربعة
- اربعة!
هتفت بها بذهول ، فرمقها بنفاذ صبر فأومأت برأسها و وضعت له الكمية الذي طلبها و من ثم قالت
- اهو ، اتفضل
نهض و قال ببرود و هو ينظر لها
- اشربيه انتي بقى
انهى جملته و التفت و هو يرسم على شفتيه إبتسامة جانبية ساخرة ، في حين ضغطت ريحانة على قبضتها بغضب و هي تنظر له بغيظ .
..........................................................
في قصر جلال
دخل جلال لغرفة مكتبه بهدوء و جلس على كرسي مكتبه و وضع قدم على آخرى قبل ان يمسك بأحدى الملفات الموضوعة على مكتبه و يفتحها ليبدأ في نقل نظراته على الأوراق التي بداخلها بهدوء ، بعد دقائق.. مد يدة للهاتف و التقطه و اتصل بأحدهم و قال عندما سمع اجابة الطرف الآخر
- عايز اقترحات غير دي
- ماشي ، هبعتلك
- عايزها بعيدة عن القرية
- معنديش
قالها الطرف الآخر بهدوء ، فأمره جلال ب
- دورلي
- صعب
- هستناك تجبلي اللي طلبته .. بليل او بكرة بالكتير
قالها جلال بجمود و من ثم اغلق الخط دون ان ينتظر رد الآخر ، و من ثم عاد بظهره للخلف و هو يرسم على شفتيه إبتسامة عريضة قبل ان يطبق جفونه للحظات ليرسم صورتها في مخيلته و يقول بثبات ممزوج بالاصرار
- يومين و هرجعك ، يومين بظبط و هتبقي معايا ... هتبقي معايا في يوم عيدميلادك يا ريحانتي
..........................................................
في مكتب الشيطان
- جايلك النهاردة عشان اعاتبك على اللي عملته معايا ، مكنتش متوقع انك تقل مني قدام جلال او غيره ..مكنتش متوقع دة منك
قالها عز الدين بحزن ممزوج بالعتاب ، فنظر له الشيطان و قال بهدوء فيه نبرة اسف
- اسف .. مكنتش اقصد ، انفعلت شوية
- مش مبرر
قالها عز الدين و هو ينقل نظراته امامه بضيق ، و من ثم صمت لبرهه ليكمل بهدوء
- مش عايز تقول حاجة؟
- عايزني اقول اية ؟
- تقولي عن جلال
- بلاش نتكلم عنه
قالها الشيطان بهدوء و هو يمد يده و يمسك بأوراقه و ينظر فيها ، فرفع عز الدين نظراته للشيطان و قال
- طب و ريحانة..؟
- مالها؟
- مش هتفهمني موضوعها !
صمت الشيطان و لم يرفع نظراته من على الأوراق ، فأكمل عز الدين
- قولي.... ازاي وقعت ورقة جواز جلال و ريحانة العرفي تحت ايديك و كمان... ازاي ريحانة وافقت على جوازها منك ؟
ظل الشيطان صامتا ، فقال عز الدين بضيق
- مش هتجاوب؟
رفع الشيطان نظراته لعز الدين و قال بهدوء
- اجرت خدامه من الخدامين اللي بيشتغلوا عند جلال في القصر ، خليتها تجبهالي
- ازاي عرفت تجبهالك؟
إبتسم الشيطان إبتسامة جانبية ساخرة و هو يقول
- الفلوس بتخلي الواحد يعمل المستحيل بذات لو محتاج ، وانا اخترت واحدة محتاجة ، شربأتها بالفلوس و جابتلي الورق خلال يومين بطريقتها
هز عز الدين رأسه و سأل
- و انت عملت كدة لية؟
اعاد الشيطان نظراته للأوراق و هو يقول بلامبالاة
- عادي
- عادي !
قالها عز الدين بأستنكار و اكمل و هو يضيق عينيه
- مستحيل تعمل حاجة زي دي يا شيطان بدون سبب او هدف
نظر له الشيطان بطرف عينيه لوهله و من ثم اعاد نظراته للأوراق في حين هتف عز الدين بتفكير
- لتكون حبيتها؟!
تجمدت حدقتي الشيطان لبرهه قبل ان يرفع رأسه و نظراته لعز الدين و يرسم إبتسامة جانبية شرسة ساخرة ، فأكمل عز الدين و هو يكمل تفكيره
- او اعجبت بيها! ، انا بفكر بصوت عالي بس
قال الأخيرة بمزاح عندما لمح ضيق الشيطان من كلماته ، و من ثم ساد الصمت لدقائق ليقول الشيطان بثبات
- عايز تعرف عملت كدة لية؟ ... عملت كدة عشان اقهر جلال و.....
قاطعه دخول ريحانة المفاجئ عن اكمال جملته ، و كانت تهتف بإنفعال
- انت ازاي تع.....
توقفت عن اكمال جملتها و اتسعت مقلتيها بصدمة و ذهول عندما ادركت ان الشيطان ليس بمفرده ، فتوردت وجنتيها بخجل و أخفضت رأسها بإحراج و هي تتمتم بتلعثم ممزوج بالإحراج
- انت معاك حد! ، مكنتش اعرف .. اسفة
ضحك عز الدين و قال و هو يشير لها بالإقتراب
- تعالي تعالي
رفعت نظراته لعز الدين و من ثم نقلتها للشيطان الذي كان يرسم على شفتيه إبتسامة جانبية شامتة ، اقتربت و هي تعيد نظراتها لعز الدين و تدقق في النظر اليه ، تشعر بأنها تعرفه .. هل قابلته من قبل؟ ، نهض عز الدين في حين توقفت امامه ، فقال
- فكراني؟
هزت رأسها بلا و سألته
- اتقابلنا قبل كدة؟
- اتقابلنا في...
قاطعته عندما تذكرت
- في الحفلة صح؟
اومأ برأسه و هو يبتسم و يقول
- بظبط
إبتسمت ، فأكمل
- بس في وقتها معرفتكيش بنفسي كويس بسبب واحد
قال الأخيرة بمزاح و هو ينظر بطرف عينيه للشيطان و اكمل
- انا خاله ... عز الدين
هزت رأسها و قالت
- إتشرفت بمعرفتك
- انا اكتر يا عرو...
- مش هتمشي بقى
قاطعه الشيطان بها بسرعة لكي لا يكشف عز الدين الأمر ، فنظر له الأخير فبادله الشيطان بنظرات تحذيرية ، ففهم الآخر ان ريحانة لا تعلم بالأمر فأومأ برأسه و قال بهدوء
- انا همشي بقى عشان ورايا مشوار مهم
رمقت ريحانة الشيطان بضيق ، فكيف يعامله هكذا؟ ، فقابل الشيطان نظراتها بنظراته الباردة قبل ان ينقل نظراته لعز الدين الذي إتجة للباب بخطوات هادئة حتى وصل إلى الأخير و غادر ، فهتفت ريحانة بغيظ
- انت ازاي تعامله كدة و تطردة؟ ، مش عيب! ، مش اكبرمنك
لم يهتم بكلماتها و بدأ في قراءة بقية اوراقه ، بينما جلست هي على الكرسي المقابل لمكتبه و اكملت بإنفعال
- انا لو مكانه كنت ربيتك ، كنت علمتك الأدب ، كنت ....
توقفت عن إكمال جملتها لبرهه فقال بطريقة مستفزة
- خلصتي!
رمقته بطرف عينيها و اتت ان تكمل قولها و لكنه قاطعها بجمود
- جيالي لية؟
- صح
هتفت بها قبل ان تعتدل في جلستها لتصبح مقابلة له تماما ، تنهدت بعمق قبل ان تقول بهدوء
- عايزه اطلب منك طلب
- خير
- عايزة الف في القرية
رفع نظراته لها ، فأكملت
- نفسي اشوف قريتك ، مشفتهاش خالص من لما جيتها
وضع الاوراق على المكتب و عاد بظهره للخلف مرة الآخرى و ظل صامتا ، فصمتت هي الآخرى لثواني قبل ان تسأله
- موافق؟ ، هتاخدني؟
- لا
- لية؟
قالتها بحزن و ضيق ، فأجابها ببرود
- مش فاضيلك
- مليش دعوة ، هتفضالي
قالتها بحدة ، فرمقها بإستخفاف ، فقالت
- لو مخدنيش هروح لوحدي
- ماشي ، روحي لوحدك
قالها و هو ينهض ، فنهضت هي الآخرى بحدة و قالت بغيظ
- يعني كدة!
تجاهلها حيث تخطاها و إتجة للباب و غادر ، فضربت الأرض بأحدى قدميها بضيق و غيظ و هي تسبه و تلعنه بداخلها .
خرجت ريحانة من القصر و هي تشتعل غيظا ، سارت بخطوات غاضبة لخارج بوابة القصر لتوقف احدى عربات الكارو .
- لفين ؟
قالها الرجل الذي يجلس في المقدمة و هو يمسك باللجام ، فأجابت
- عايزاك تلففني في القرية
التفت برأسه لها و قال
- معاكي فلوس؟
- فلوسك عند الشيطان
قضب جبينه بعدم فهم فقالت
- يعني لففني في القرية و الفلوس اللي عايزها هيدهالك الشيطان بنفسه
- و هو انتي تقربيله؟
اومأت برأسها و من ثم نظرت امامها ، بينما التفت الرجل و نظر للطريق و قد لمعت عينيه بالطمع .
..........................................................
دخلت زهرة للمطبخ و هي تتأسف من رئيسة الخدم عن تأخرها على موعد العمل بسبب محادثتها مع والدتها ، فوبختها رئيسة الخدم قبل ان تقول لها بحدة
- مواعيد الشغل لازم تلتزمي بيها ، و مش اي وقت تكلمي اهلك ... في مواعيد للحاجات دي
صمتت لبرهه ، فقالت زهرة بإحراج
- اسفة
فأكملت الآخرى
- شكلي اتساهلت معاكي فأنتي بدأتي تهملي شغلك ، و لو فضلتي على الحال دة هضرك يا زهرة
اومأت زهرة برأسها ، فأكملت الآخرى بنبرة آمرة و هي تأخذ الصينية التي بها كوب القهوة من احدى الخادمات و تعطيها لزهرة
- خدي دة و وديه لسيدنا الشيطان في مكتبه و ارجعي بسرعة عشان وراكي تنضيف المطبخ كله
اومأت زهرة برأسها و هي تأخذ الصينية من رئيسة الخدم لتلتفت و تغادر المطبخ لتتجة لمكتب الشيطان .
طرقت زهرة على باب غرفة مكتب الشيطان و دخلت بعد انتظار دام لدقائق و لكنها لم تجده ، فغادرت و سارت في الممر و هي تنظر امامها فلمحت ريحانة التي كانت تخرج من القصر ، فأسرعت بخطواتها لتلحقها ولكنها لم تنجح ، فتوقفت و هي تفكر .. إلى اين سوف تذهب ريحانة؟ ، هل ستترك القصر؟ ، حكت رأسها و هي تشعر بالحيرة الممزوجة بالقلق ، التفتت و عادت للمطبخ لتقوم بإنجاز عملها بعقل شارد .
..........................................................
- وقف هنا
قالتها ريحانة للرجل الذي نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و قال
- في اية؟
- هي اية التجهيزات دي كلها ؟ ، هو في مناسبة او حاجة !
قالتها و هي تنقل نظراتها للمكان الذي حولها فقد كان هناك مجموعة من الناس تقوم بتزيين هذا المكان ، فرد الرجل
- لا مفيش مناسبة ، بس احنا الناس عملنا لنفسنا يوم نحتفل فيه و نهيص فيه شوية عشان نخرج نفسنا من جو الشغل
اومأت برأسها بفهم و قالت و هي تبتسم
- طب ينفع احضر معاكم الحفلة اللي عملينها ؟
اومأ برأسه و قال
- اكيد
إتسعت إبتسامتها و قالت
- طب هي بتبدأ امتى ؟
- بليل
- حلو ..طيب قولي انتم بتعملوا فيها اية بقى؟
بدأ الرجل يقص لها كل ما يفعلوه في مثل هذا اليوم و هو يكمل تجوله بها في القرية .
..........................................................
دخل الشيطان لغرفة مكتبه و خلفه حارسه ، جلس الشيطان على كرسي مكتبه بينما توقف الآخر امامه و هو يقول
- لحقناها و هي بأمان
- خلوكم وراها ، مش عايزها تغيب عن عنيكم ، و لو اي حاجة حصلت قولولي
اومأ الحارس برأسه و قال
- حاضر يا سيدنا ، حاجة تانية ؟
- لا
- عن اذنك
و من ثم التفت و غادر ، فأمسك الشيطان هاتفه و اتصل ب
- ايمن ، في مهمة جديدة عايزك فيها
- مهمة اية؟
..........................................................
مساءا
نزلت ريحانة من عربة الكارو و هي تنظر للمكان الذي زين بطريقة اعجبتها ، تقدمت و هي تنظر حولها بإعجاب و سعادة ، نقلت نظراتها للناس الذين بدأوا في الغناء و الرقص ، فأرتسمت على وجهها إبتسامة سعيدة لرؤيتها لذلك ، فهي منذ زمن لم ترى اشياء كهذه ، بدأت في التصفيق لهذا الفتى الصغير الذي بدأ في الرقص.. كان يرقص بطريقة اذهلتها و بعد ان انتهى اشارت له بالمجيء فأتى ، فأنخفضت لتصبح على مستواه و قالت بصوت عذب
- اسمك اية؟
- يحيى
- تعرف ان رقصك حلو
- شكرا
قالها بخجل ، فضحكت على خجله و قالت
- انت قمور اوي يا يحيى و انت مكسوف
- و انتي كمان
قالها بخفوت ، و من ثم قال بحماس بعد سماعه لغناء الجميع بأغنية اخرى
- تعالي ارقصي معانا
و من ثم امسك بيدها فنهضت و سارت خلفه لتصبح بين الناس ، و بدء الفتى بالرقص و هو يحرك يديها معه ، فأندمجت بالأجواء و بدأت في الرقص مع الجميع و هي تشعر بالسعادة و الاستمتاع .
فجأة شعرت بيد تطبق على رسغها ليجذبها و يخرجها من بين ذلك التجمع ، حاولت التخلص من قبضة ذلك الشخص الذي لا ترى وجهه و لكنها لم تستطع ، اصبحت بعيده عن ذلك التجمع بأمتار ، فنظرت للشخص الذي اخرجها بحدة و قالت
- انت مين؟ ، ازاي تخرجني كدة؟
التفت الآخر و امسك بطرف قبعته و ابعدها قليلا من على وجهه لتراه ... فرأته ، فهمست
- بيجاد!
أعاد قبعته كما كانت و قال
- بتعملي اية هنا ؟
- مش المفروض انا اللي اسألك السؤال دة !
قالتها بتهكم ، و من ثم ساد الصمت لدقائق ، فقاطعته هي بقولها الساخر
- هو انت جيت هنا عشان تسألني السؤال دة بس!
- لا
تجاهلت قوله و التفتت و قالت
- عموما انا راجعة ، عايزة اتبسط شوية
اوقفها عندما امسكها من رسغها و جذبها له و قال بحدة
- تتبسطي بالرقص قدام كل دول!
حاولت التخلص من قبضته و هي تقول
- ملكش دعوة ، سيب ايدي
قبض على رسغها اكثر و هو يقول بهدوء
- تعرفي هيسموكي اية ؟
- ملكش دعوة
- يبقى عارفة
- مش لوحدي برقص ، مش شايف دي و دي و دي
قالتها و هي تشير للنساء الذين يرقصون ، فقال بخفوت
- برضوا
جذبت يدها من قبضته بحدة و رمقته بضيق قبل ان تقول بنبرة متهكمة بعض الشيء
- مش وراك شغل ، روح شغلك و سبني اعمل اللي اعمله ، يلا
تنفس بنفاذ صبر عندما تركته و التفتت لتعود بين التجمع ، ولكن قبل ان تدخل اسرع و جذبها من يدها بغضب ، فتأوهت و التفتت و نظرت له بضيق و هتفت ب
- انت رخم لية ؟!
تجاهل قولها و تقدم منها و حملها بين ذراعيه ، فشهقت و قالت
- بتعمل اية؟
- ورايا شغل مخلصتوش ، فمش ناقص عنادك
التفت و سار بها لإتجاة سيارته ، بينما كانت تقول بضيق و نفاذ صبر
- نزلني ، هصوت .. نزلني بقى
بدأت تضرب الهواء بقدميها و هي تتمتم بنفس كلماتها ، فأنزلها و لكن عندما وصل امام سيارته ، فتح لها الباب ، فرمقته بضيق شديد قبل ان تصعدها ، فألتف حول السيارة ليصعدها .
..........................................................
أمسك جلال بهاتفه و اجاب على المتصل
- ها ؟
- جبتلك البيت ، هو في قرية بني سعيد
- بعيدة جدا
- ملقتش غيرها
- خلاص ماشي
- هي محتاجة تتظبط شوية
- يعني التظبيط دة هياخد قد اية ؟
- مش كتير ، يومين كدة
- حاضر
..........................................................
كانت ريحانة جالسة تنظر من خلف زجاج نافذة السيارة بحزن و ضيق ، فهي بعد ان وجدت شيء يسعدها انتزعه هو منها ، تنهدت بعمق قبل ان تعود برأسها للخلف و تشرد ، كان يتابعها من المرآة الامامية الداخلية للسيارة ، كان يشعر ببعض الغضب منها ، فهيكيف ترقص امام الجميع هكذا! ، نظر للطريق ، و بعد دقائق سمع صوتها الخافت
- تعرف .. اهل القرية كلهم شايفينك اية؟ ، شايفينك وحش و شيطان معندوش رحمة ، انت لية مخليهم يرسموا الصورة دي عنك؟ ، لية متحسنش من صورتك في عنيهم
نظر لصورتها المنعكسة في المرآة الأمامية و من ثم عاد و نظر للطريق ، فأكملت
- انت مش وحش للدرجة دي ، مش وحش للدرجة اللي هما شايفينك بيها ، اتفق معاهم انك قاسي شوية بس برضوا فيك حاجات حلوة كتير بس مش بتبينها
التفتت و نظرت له و اكملت
- حاول تحسن من صورتك في عنيهم ، اتعامل معاهم و انت بيجاد مش الشيطان ، و شيل القناع بقى
اوقف السيارة فجأة ، فأندفعت للأمام ، فنظرت له بحدة و هي تهتف
- اية دة؟
- انزلي
قالها بجمود و هو ينظر امامه ، فنظرت حولها فوجدت القصر ، فقالت
- و انت مش هتنزل
لم يجيبها و ترجل من السيارة ، فترجلت هي ايضا و سارت خلفه .
..........................................................
في جناح الشيطان
كان الشيطان مستلقي على السرير بجانبها ، ينظر امامة بشرود ، فهو يتذكر كلماتها التي قالتها له في العربة ، التفت برأسه و نظر لها و قال بصوت خافت
- القناع دة عاش معايا كتير ، صعب اشيله بعد الوقت دة كله
اعدل جسده ليصبح مقابلا لها ، مد كفه ليمسك بكفها بخفة و يكمل
- بس ممكن احاول اشيله... بس بعد ما انهي اللي بدأته
انهى جملته و طبق جفونه لينام هو الآخر .
..........................................................
اليوم التالي
فتح عينيه و نظر بجانبه و لكنه لم يجدها ، اعتدل و هو يمسح وجهه بكفيه ، نهض من على السرير و سار بخطوات هادئة إتجاة الحمام و لكنه توقف عندما وجدها تخرج من الأخير و حدق بها بذهول عندما رأها تضع منشفة كبيرة حول جسدها ، بينما هي كانت تجفف شعرها بمنشفى صغيرة و لم تنتبه له ، تقدمت و توقفت عندما لمحته ، فرفعت نظراتها وشهقت بفزع و هي تقول
- اية دة؟
و من ثم وضعت يدها حول جسدها بخجل و إحراج ، و هتفت به
- بتبص على اية! .. لف
تقدم منها و توقف امامها و قال بهدوء
- انتي خارجة كدة ازاي؟
- نسيت لبسي
قالتها بإحراج ، فصمت و هو ينقل نظراته لعنقها ليحدق بعظمة رقبتها البارزة ، شعر برغبة في ان يلمسها ، فمد يده ليلمس عظمة رقبتها بأبهامة و يمرره عليها ، فتوردت وجنتيها و تسارعت دقات قلبها و هي تقول
- بتعمل اية؟
رفع نظراته لها و اقترب منها فتراجعت للخلف ، فتوقف و إبتسم إبتسامة جانبية قبل ان يضع يده بجانبة و يتخطاها ليدخل الحمام ، فألتفتت و نظرت للباب المغلق و تنهدت بعمق .
بينما توقف هو امام المرآة و نظر لصورته المنعكسة و هو يحدث نفسة
- اية اللي انا عملته و اللي كنت هعمله دة ؟
فتح صنبور المياة و غسل وجهه بعنف .
..........................................................
دخل الحارس لغرفة مكتب الشيطان بعد ان سمع اذن الأخير ، تقدم الحارس و توقف امام مكتب سيده و قال
- السيد ايمن برة
- دخله
اومأ الحارس برأسه و من ثم التفت ليغادر و ليخبر ايمن بموافقة سيدة بالدخول له ، دخل ايمن و القى تحية و هو يجلس على الكرسي المقابل للشيطان .
- ها عملت اية؟
قالها الشيطان لأيمن الذي اجاب
- مفيش اي تحركات من جلال ابدا
- ابدا !
- ابدا
حك الشيطان جبينه و هو يقول بشك
- في حاجة غريبة ، اكيد
..........................................................
- إمبارح روحتي فين؟
قالتها زهرة لريحانة ، فأجابت ريحانة
- كنت بتفسح في القرية
- بجد!
اومأت ريحانة برأسها و هي تربط شعرها المجعد ، فقالت زهرة
- و لوحدك!
- ايوة
- ازاي؟
- عادي
- و الشيط...
قاطعتها ريحانة
- انا روحت طلبت منه انه يلففني في القرية عشان اشوفها بس هو موافقش و قالي اروح لوحدي فروحت
هزت زهرة رأسها بدهشة ، بينما مدت ريحانة يدها لتأخذ شطيرة من الجبن و تأكلها و هي تتجه للباب و خلفها زهرة .
..........................................................
بعد مرور بعض الوقت
خرج الشيطان من غرفة مكتبة و سار في الممر ليصل للسلم و يصعده ، وصل للطابق الثالث و إتجة لغرفة عبد الخالق و فتحها ببطئ و هو يتذكر لحظاته مع جدة ، تقدم للداخل بخطوات بطيئة و هو ينقل نظراته حوله و كأنه يبحث عن جده الذي افتقده .
- بتعملي اية هنا ؟
قالها لريحانة التي رأها تجلس على سرير عبد الخالق ، فرفعت الأخيرة نظراتها له و مسحت دموعها من على وجنتيها و قالت
- مبعملش ، بس جيت عشان جدو وحشني
ظل ينظر لها لبرهه قبل ان يتقدم و يجلس على الأريكة و هو يتنهد ، فنقلت نظراتها له و حدقت به لبرهه و من ثم سألته بخفوت
- وحشك ؟
اومأ برأسه دون ان يرفع نظراتها له ، فقالت بصوت متحشرج
- وانا كمان ، وحشني اوي
ساد الصمت لوهلة لتقطعة هي بشرود
- تعرف .. جدو كان عندو امنية
لم يرفع نظراته لها ، فأكملت
- امنيته كانت ا...
قاطعها بخفوت
- اني ارجع بيجاد ، اني ارجع زي الأول
نظرت له و ابتسمت و هي تومأ برأسها و تقول
- مش ناوي تحققله امنيته؟
صمت ، فنهضت و تقدمت منه و جثت على ركبتيها لتصبح قريبة منه و همست
- ها؟ ... مش ناوي؟
نظر لها و سند مرفقيه على فخذيه و هو يحدق في حدقتيها اكثر و يقول
- لا
- لية ؟
همست بها بحزن ، فصمت ، فقالت
- عشان ماضيك و لا عشان انتقامك؟
- مش هتفهمي
قالها بفتور و هو يعود بظهره للخلف ، فنهضت و جلست بجانبة على الأريكة و قالت
- لا هفهم ، جرب تقولي ... و هفهم صدقني ، جرب تفتحلي قلبك و لو لمرة
التفت برأسه و نظر لعينيها التي تلمع بالدموع ، فمدت هي كفها و احتضنت وجنته بحنان و نظرت له بالتشجيع ، فأغمض عينيه و هو يتذكر كلمات جميع من حوله في هذا الأمر ، فتنفس بخشونة .. جميعهم لا يفهمونه ، فتح عينيه و نهض بحدة و التفت و نظر لها و قال بإندفاع و كأنه يخرج ما خبئه بداخله لسنوات
- واحد معاشش طفولته ، ازاي بتطلبوا منه يرجع طبيعي؟ ، واحد شاف في صغرة كل انواع القسوة و الكرة .. مستنين منه اية؟ .. مستنين يبقى طيب مثلا ؟!
قال الأخيرة بخشونة ممزوجة بالسخرية
- بس انت فعلا طيب
قالتها بهدوء ، فتقدم منها بخطوات غاضبة و امسكها من ذراعيها بقسوة و هتف بها
- انا مش طيب .. انا شيطان و الشيطان عمرة ما يكون طيب ، فاهمة
- و مين قلك انك شيطان؟
قالتها بهدوء و اكملت
- انت اللي اديت لنفسك اللقب دة و الناس ، فمش عشان لقبك كدة يبقى...
قاطعها بحدة
- بس
و من ثم دفعها بعيدا عنه فتراجعت للخلف و كادت ان تسقط و لكنها تمالكت نفسها ، نظرت له بعتاب و حزن و قالت
- مش عارفة انت بتحاول تهرب من اية؟ ، انت عارف الحقيقة و عارف انت مين بس بتهرب و بتستخبى من نفسك ، و دة الضعف بذاته
قالت الأخيرة بشفقة مصتنعة و من ثم تقدمت و تخطته و غادرت ، فأمسك هو بمزهرية من الزجاج و القها على الأرض بقسوة ليخرج كل ما بدخله من غضب و عجز! .
..........................................................
بدأ الليل يسدل ستائره
في مكتب جلال
- ها جهزت البيت؟
قالها جلال عبر الهاتف للطرف الآخر الذي اجاب
- لسه
- طيب ناقصلكم كتير؟
- لا ، بس على الموعد اللي انت قلته هتلاقيها خلصت
- ماشي ، بقولك .. متنساش الورد الجوري الأحمر تحطه في البيت
- متقلقش ، فاكر
- ماشي ، هقفل انا و كمل شغلك
- سلام
انهى جلال المكالمة و من ثم القى بهاتفه على المكتب لينهض و يتجة للأريكة و يلقي بجسده عليها و يمد كفه ليلتقط احدى وردات الجوري الموضوعة بداخل المزهرية و يقربها من انفه و يشمها بهيام و هو يتمتم
- هانت يا ريحانتي هانت
..........................................................
في قصر الشيطان
كانت ريحانة جالسه على السرير تنظر امامها بشرود ، تتذكر كلماتها التي قالتها ، هل اخطأت؟ ، تنهدت بعمق و هي تستلقي على السرير و لكن ما لبث ان عادت و جلست عندما رأته يدخل للجناح و يتجة للخزانة فتابعته بنظراتها ، اخرج قميص من الخزانة و بدأ في خلع سترته ليرتديه ، فوضعت ريحانة كفيها على عينيها و هي تهتف بإستنكار
- انا هنا على فكرى
تجاهل قولها تماما و اكمل ارتداء قميصه و بعد ان انتهى تعالى صوت هاتفه ، فرد
- نعم
صمت ليسمع الطرف الآخر و من ثم قال
- ماشي ، انا جاي حالا
انهى المكالمة و إتجة للباب فأوقفته بقولها
- رايح فين؟
نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و يقول بجمود
- بتسألي اسأله مينفعش تسأليها
- لية؟
قالتها بتساؤل ، فنظر امامه و غادر ، فشعرت بالضيق .
..........................................................
أليوم التالي
فتحت ريحانة عينيها بإنزعاج بسبب طرقات الباب ، فهتفت بحدة
- مين؟
- انا زهرة يا مدام ريحانة
اعتدلت ريحانة و قالت
- ادخلي
دخلت زهرة و قالت
- صباح الخير
- صباح النور
- هتفطري هنا و لا تحت؟
- هو الشيطان رجع؟
- لا
- خلاص .. هفطر هنا
- حاضر
قالتها زهرة و من ثم التلفتت و إتجهت للباب و ما لبثت ان عادت و التفتت لتنظر لريحانة و تقول
- صحيح ، كل سنة و انتي طيبة يا مدلم ريحانة
قضبت ريحانة حواجبها بإستغراب و صمتت لبرهه قبل ان تقول
- هو النهاردة كام ؟
- عشرين مارس
- بجد!
هتفت بها ريحانة و اكملت بحماس
- دة النهاردة عيد ميلادي
إبتسمت زهرة و قالت
- ايوة، النهاردة عيدميلادك
نهضت ريحانة من على السرير و هي تقول
- وا نتي عرفتي ازاي ان اليوم عيدميلادي؟
- من بابا ، اصل هو اللي كان بيجيب حاجات عيدميلادك للسيد جلال
اومأت برأسها و قالت
- اهاا
- هنزل اعمل لحضرتك الفطار
قالتها زهرة ، فأومأت ريحانة برأسها و من ثم إتجهت للخزانة و اخذت ملابس لترتديها و من ثم إتجهت للحمام .
..........................................................
مع غروب الشمس عاد الشيطان للقصر
سار في الممر و امر احد الخدم ب
- حضرولي الأكل
- حاضر يا سيدنا
صعد السلالم حتى وصل للطابق الثاني و سار في الممر حتى انحرف يمينا ليقف امام باب جناحه ، وضع كفه على قبضة الباب و برمها و دخل ، وجد الأجواء هادئة و الظلام يعم المكان ، تقدم للداخل فلمحها تحت ضوء الشمس الذي يكتسي بحمرة الخجل و هي نائمة على السرير ، اكمل تقدمه و فتح الخزانة و اخرج ملابس ليرتديها و يتجة بها للحمام .
بعد ان دخل ابعدت الغطاء من على جسدها و نهضت سريعا من على السرير لتضيء الأنوار ، فظهرت تلك الشموع التي تملأ المكان و الزينة الراقية الهادئة ، اسرعت و اشعلت الشمع و بعد ان انتهت اسرعت لأمام المرآة لتتأكد من حسن مظهر فستانها الذي يتميز باللون السكري و الذي يظهر كامل ظهرها ، رتبت خصلات شعرها سريعا و من ثم إتجهت للفونوغراف -جهاز قديم استخدم لتشغيل الموسيقى- و شغلته على موسيقى هادئة و من ثم تقدمت بخطوات متوترة للحمام ، و طرقت على الأخير بعد تردد .
خلع الشيطان قميصه فأصبح عاري الصدر ، تقدم من حوض الأستحمام ليفتح صنبور المياة ، ففتحه و ما لبث ان اغلقه عندما سمع طرقات احدهم على الباب ، فتقدم و فتحه فوجدها تقف امامه ،قضب حاجبيه و هو ينظر لهيئتها ، بينما ظلت ريحانة واقفة و هي تشعر بالإرتباك ، و اخيرا استجمعت نفسها و مدت كفها و هي تبلع ريقها و تقول بشجاعة مصتنعة
- تسمحلي بالرقصة دي
- نعم!
هتف بها ببلاهه ، فأمسكت بيده و سارت به لخارج الحمام لتقف مقابلة له في منتصف الجناح ، اقتربت منه و وضعت ذراعيه حول خصرها و وضعت ذراعيها على كتفيه و بدأت في التمايل معه .
- مش عايز تسأل عاملة كل دة لية؟
كان ينظر لها كالمتغيب .. فهو لأول مرة يشعر بأنه عاجز امامها ، فهو الآن مسلوب العقل و الإرادة
- النهاردة عيدميلادي ، فحبيت اشارك عيدميلادي مع جوزي
قالتها و هي ترسم على شفتيها إبتسامة جذابة ، بينما تجمدت ملامح وجة الآخر .