الجزء 24



سالت دموعها على وجنتيها لأجله ، فهي لأول مرة تراه متألم لدرجة البكاء ، تتمنى لو تستطيع ان تنتزع حزنه و ألمه الذي يشعر به الآن ، تريد ان تراه كما كان ، فهذا بالنسبة لها افضل من ان تراه ضعيف هكذا . مسحت دموعها بكفها و قالت بصوت متحشرج حنون ، دافئ
- انا جمبك ، انا هفضل جمبك علطول و مش هسيبك ، وعد
سمعت صوته الباكي
- كنت هحققله اللي بيتمناه ، بس هو راح .. راح
- راح لمكان احسن .. صدقني
تنفست بعمق و هي تطبق جفونها و تفتحهم و تقول
- جدو كان طيب ، حقك تتعلق بيه زي ما انا اتعلقت بيه ، كنت بعتبره جدي
إبتسمت بحزن و قالت
- تعرف .. لو شافك دلوقتي و في حالتك دي كان هيفرح ، هيفرح مش شماته ، هيفرح عشان عرف انك بتحبه .. انك كنت بتعتبره حاجة كبيره في حياتك ، اكيد هو عارف انك بتحبه .. ما هو اللي رباك
ازداد في بكائه ، فمررت اناملها من بين خصلات شعره بحنان و هي تهمس له بصوت باكي
- كفاية ، متعيطش .. مش قادره اشوفك كدة ، بتوجع ، كفاية
توقف عن البكاء و رفع رأسه و نظر لها نظرة ممتلئه بالكثير من العواطف المتناقضة ، و من ثم همس لها بإحتياج
- ريحانة .. واسيني
مدت انامها و مسحت دموعه و من ثم إبتسمت بدفئ و فتحت ذراعيها له و قالت بهمس مماثل له
- تعالى
ضمها و نهض و انهضها معه و هما مازالا متعانقين ، و لفرق الطول اصبحت قدميها لا تلامس الأرض ، سار بها للسرير ، شعرت بأنفاسه الحارة على عنقها و من ثم شعرت بشفتيه التي تقبل عنقها ، فأنكمشت بين ذراعيه في حين وضعها على السرير و اصبح فوقها ، فهمست بجوار اذنه بجزع
- بيجاد
شعرت بيديه التي ترفع سترتها ، فهتفت بخوف
- لا .. بيجاد .. لا
ابعدت يده و من ثم حاولت ان تبعده عنها و لكنها فشلت ، رفع رأسه و نظر لها بطريقة اشعرتها بالقلق و الخوف من نواياه ، فهمست له برجاء
- بيجاد ، لوسمحت ابعد
بدى لها انه تحت تأثير الخمر الذي شربه عندما قال
- قلتلك واسيني ، وانتي وافقتي
- مينف...
قاطعها بقبلته التي لم تطل حيث ابتعد و قال امام شفتيها
- انتي عشيقتي ، لغاية دلوقتي مشتغلتيش شغلتك
لمعت عينيها بالدموع و هي تقول
- بيجاد .. فوو...
انقض على شفتيها يقبلهما بقسوة فلم تكمل قولها ، حاولت ابعاده بضربه بقبضتها على صدره فأمسك بذراعيها و احكم امساكهما فوق رأسها ، فسالت دموعها على وجنتيها فشعر بهما على وجنتيه ، ففتح عينيه و نظر لحدقتيها العسليتين الامعتين و من ثم اغلقهما مرة آخرى بينما أصبحت قبلته ناعمة .. رقيقة ، فأذابتها تدريجيا حتى استجابت معه كليا ، كان هناك صوت بداخلها يحاول ان يمنعها عن ارتكاب ما ستفعله ، ولكنها تجاهلت ذلك الصوت .. و استاجبت لشيطانها ، تعلم انها ستندم على ما تفعله و سوف تنعت نفسها بأنها "خائنه" و لكنها هي الآن ضعيفة .. لا تستطيع الإبتعاد او إبعاده ، فأغمضت عينيها بإستسلام تام ، بينما ترك ذراعيها لتذهب لمسارهما على كتفه ، مررت انامها بين خصلات شعره بطريقة اشعلته .
...........................................................
اليوم التالي
في مكتب الشيطان

جاب الشيطان الغرفة ذهابا و ايابا و هو لا يفهم.. كيف فعل ذلك ؟ ، كيف كان ضعيف لهذة الدرجة؟، كيف اظهر ضعفه لها؟ كيف بكى امامها؟ ، جلس على الأريكة بغضب و هو يتذكر ما حدث في اللية الماضية ، فأشتعل غضبا ، نعم هو غاضب من نفسه .. و منها ، لما لم تمنعه؟ ، لما لم تجعله يفيق ؟ ، كيف فعل ذلك؟ ، التقط كوب من الزجاج و القاه بغضب على الحائط ، فتحطم ، نهض و إتجة لمكتبه بخطوات سريعة و ازاح كل ما عليه بغضب في حين كان يهتف بغضب جامح
- ازاي وصلت للحقارة دي ! ، غبي
،،،،،،،،،،
بينما في الناحية الآخرى

كانت جالسه على السرير تضم قدميها لصدرها و يحيطها الغطاء ، كانت تنظر امامها بشرود و هي تتمتم لنفسها بأنها "خائنه" و انها اصبحت مثل والدتها ، هي لم ترتكب مثل خيانة والدتها لوالدها المتوفي .. هي ارتكبت الأقبح فقد خانت زوجها و هو على قيد الحياة بعكس والدتها ، نعم هو زوجها و إن حتى لم ترد ذلك .
تخيلت ملامح وجه والدها بجانب نظراته لها نظرة تمتزج بالحزن و العتاب و الغضب و الحسرة على ما فعلته ، فبكت.. وضعت كفيها على وجهها و هي تبكي بندم ، ازدادت شهقاتها و هي تتمتم ب
- اسفه يا بابا ، اسفه
..........................................................
خارج القرية .. في الفندق

- شكلك مستعجل على الشغل
قالها الطرف الآخر لجلال الذي اجاب ب
- مش مستعجل ، بس مدام انا فاضي احب استغل وقتي في حاجة مفيدة
إبتسم الطرف الآخر و هو يقول
- حاجة كويسه انك تستغل وقتك في حاجة مفيدة زي الشغل ، يلا نبدأ
اخرج جلال اوراقه من حقيبته و قدمها للآخر الذي التقطها و بدأ في تفحصها ، و قال بعد دقائق
- ثواني و هرجعلك
- في اية؟
نهض الآخر و اجاب ب
- هتعرف لما ارجع
و من ثم غادر و هو تارك جلال يشعر بالحيرة ، بعد مرور خمسة عشر دقيقة عاد الآخر ، فقال جلال
- ها... في اية ؟
وضع الآخر الأوراق على الطاولة امام جلال بضيق و من ثم جلس و هو يقول
- الورق دة .. مزور
حدق به جلال بذهول و صدمة و هو يهتف
- ازاي يعني مزورة؟
- يعني الختم مزور ، فمدام الختم مزور يبقى الورق غير صالح
التقط جلال الأوراق من على الطاولة بسرعة و اخذ يفحصها و هو يهتف ب
- مستحيل .. مستحيل تكون مزورة
و من ثم رفع جلال نظراته للآخر و قال بإستنكار
- اكيد في غلط
- لا مفيش غلط ، انا شكيت في الأول انها مزورة ، ف رحت لواحد خبرة في المواضيع دي و اكدلي انها مزورة
و من ثم اردف بشك
- هو انت متعرفش ان الورق مزور ؟!
- لا طبعا
قالها جلال و هو يعيد نظراته للأوراق ، فساد الصمت منه و احتدت ملامحه و هو يتمتم بغضب مكبوت
- الشيطان ، مفيش غيره
قضب الآخر جبينه و قال
- بتقول اية؟
نقل جلال نظراته للآخر و قال بغيظ
- شكلي اتخدعت ، ادوني ورق مزور بدل الأصل
غمغم الآخر و نهض وقال بآسف
- على كدة الصفقة للأسف .. مش هتم ، كان لازم يكون ورق الأصل معاك
نهض جلال بسرعة و قال
- لا استنى...
قاطعه الآخر
- مش هقدر استنى ، عشان ورايا موعد تاني كنت مأجله عشانك ، بس مدام صفقتنا اتلغت لازم اروح للموعد التاني ، عن اذنك
انهى جملته و غادر ، فألقى جلال بالأوراق على الطاولة بغضب و من ثم سار في إتجاة المصعد و هو يكور قبضته ، و قبل ان يصل للأخير توقف و التفت و غير وجهته للخارج ، صعد سيارته و قال للسائق
- إرجع للقرية
نظر له السائق من المرآة و قال بتساؤل
- قرية الشيطان؟
- ايوة، قرية الزفت
قالها بكره ، فأومأ السائق برأسه .
..........................................................
نهضت ريحانة من على السرير و هي تلف الغطاء حول جسدها ، سارت بضع خطوات و توقفت لتميل و تلتقط ملابسها و تتجة بها للحمام و دخلته و اوصدت الباب خلفها .
فتحت صنبور المياة ، فتدفقت المياة على جسدها لتمحي تلك الآثار ، سالت دموعها على وجنتيها مرة آخرى ، فمسحتها بكفيها و هي تتنفس بعمق ، لعلها ترتاح .
،،،،،،،،،،
خرج الشيطان من مكتبه و إتجة للسلم و صعده حتى وصل للطابق الثاني ، سار في ممره و توقف امام بابا جناحها و هو يشعر بالتردد ، وضع كفه على قبضه الباب و برمها ، تقدم للداخل بخطوات متردده ، مرر نظراته في الارجاء و لم يجدها و لكنه سمع صوت تدفق المياة فعلم انها بداخل الحمام ، فألتفت و اتى ان يغادر و لكنه توقف و هو ينظر للسرير في حين كان يتذكر ما حدث في الليلة الماضية ، فأغمض عينيه و هو يطبق جفونه و يكور قبضته بشدة ، تنفس بخشونة و هو يزيد من قوة قبضته ، فتح عينيه و التفت سريعا و سار للباب و قبل ان يصل للأخير توقف لسماع صوت سقوط شيء حاد بداخل الحمام .
..........................................................
- عامل اية يا بابا ، واحشني
قالتها زهرة لوالدها عبر الهاتف ، فأجاب الأخير
- ماشي الحال يا بنتي
- لسه زعلان عشان طردك السيد جلال؟!
- لا
- اكيد!
- زهرة
قالها والدها بضيق و نفاذ صبر ، فقالت
- ماشي ماشي ، المهم ماما عامله اية و اختي؟
- كويسين ، بيسلموا عليكي
- الله يسلمهم ، صحيح هي البت اختي هتقعد قد اية عندكم؟
- مش عارف ، بتسألي لية ؟
- عشان على اخر الأسبوع هاجيلكم فعايزه اعرف هتبقى موجودة و هشوفها ولا لا
- تعالي .. هتلاقيها موجودة
- ماشي ، جايه
قالت الأخيرة بصوت مرتفع لرئيسه الخدم التي نادتها ، و من ثم اردفت لوالدها
- هقفل دلوقتي يا بابا عشان بينادوني
- ماشي يا بنتي ، سلام
- سلام
..........................................................
اسرع الشيطان للحمام و هو يشعر بالخوف و القلق عليها ، وضع كفه على قبضة الباب و برمها و لكن الباب لم يفتح ، فحاول مرة آخرى وهو يهتف بأسمها بقلق
- ريحانة ، ريحانة
اصبح يطرق على الباب بقوة و هو يهتف
- افتحي يا ريحانة ، ا...
توقف عن اكمال جملته و عن الطرق على الباب عندما سمع صوتها
- عايز اية ؟
- انتي كويسة؟
نظرت للدماء التي تسيل من رسغها و من ثم قالت بصوت متألم
- امشي
- افتحي
قالها بصرامة ، و اكمل بتحذير
- لو مفتحتيش هدخل و...
قاطعته ب
- ثواني
نهضت و ارتدت سترتها بصعوبة و من ثم سارت للباب و فتحته ببطئ و هي مخفضة الرأس ، فتقدم منها بلهفة و قال
- انتي كويسة؟ " اكمل و هو يتفحصها بنظراته " اية الصوت اللي سمعته جو..
لم يكمل جملته لرؤيته لرسغها المجروح ، ففزع و أسرع و امسك بيدها بحذر و هو يقول بحدة
- كنتي بتحاولي تعملي اية في نفسك ؟ ، ها !
سحبت يدها من بين كفه و قالت بجمود و هي مازلت مخفضة الرأس
- كنت بموت نفسي ، عندك مانع؟!
نقل نظراته لأرضية الحمام فوجد تلك الأداة الحادة الملقاه ، فأعاد نظراته لها و هتف ب
- انتي مجنونة!
و من ثم امسكها من ذراعها و اخرجها من الحمام ، حاولت ان تتملص من قبضته ولكنها لم تستيطع ، سار بها للأريكة و اجلسها عليها ، فأتت ان تنهض ولكنه نظر لها بصرامة قبل ان يلتفت و يتجة للكومود و يفتح احدى ادراجه ليخرج منه صندوق الأسعافات الأولية ، عاد لها و جلس بجانبها و هو يضع الأخير بجانبه ، امسك برسغها المجروح و نظر له لبرهه قبل ان يفتح صندوق الاسعافات ليلتقط زجاجه مطهر الجروح و القطن الطبي ليبدأ في مداواة جرحها .
- كويس ان الجرح سطحي
قالها بنبرة مرتاحة بعض الشيء في حين لامس المطهر جرحها فتأوهت ، فنظر لها و قال بهدوء
- شفتي اخرة تهورك!
ظلت صامته و هي مخفضة الرأس ، بينما اكمل
- لية كنتي عايزة تموتي نفسك؟
لم تجيب ، فنقل نظراته لجرحها و اكمل مداواته .
- مش هتجاوبي؟
قالها و هو يلف رسغها بالضماد ، فلم تجيب و تجاهل ذلك ، بعد ان انتهى اسرعت و نهضت و إتجهت للباب لتغادر و لكنه اوقفها سريعا عندما نهض و لحقها ليمسكها من ذراعها ، فحاولت التملص منه و لكنها لم تستيطع فغضبت ، فألتفتت و اندفعت نحوه و هي تضربه بيدها السليمة على صدره و هي تهتف بحدة
- ابعد عني بقى ، مش مكفيك اللي حصل ، ابعد
صدم من رد فعلها ، فترك ذراعها و تراجع للخلف بينما اكملت بإستحقار بجانب نبرتها الحادة
- انت واحد حقير ، واحد ماشي ورا رغباته ، مكنتش فكراك كدة ، انت ..
صمتت و لم تكمل جملتها ، اخفضت رأسها في حين امتلئت حدقتيها بالدموع و هي تقول بألم و صوت متحشرج
- انا بقيت خاينة دلوقتي ، كل دة بسببك ، بسببك انت
- بسببي!
قالها يإستنكار بعد صمت و اكمل بحدة و خشونة و هو يقترب منها
- ماشي ، هعتبره بسببي ، انتي ليه ممنعتنيش ها؟ ، لية مضربتنيش؟ ، لية معورتنيش و هربتي؟ ، مبتعرفيش!
قال الأخيرة بسخرية و قسوة جرحتها ، فلمح صدمتها و شحوب لونها و هي ترمقه بإنكسار ، ونظرات اللوم تلمع في عينيها جنبا إلى جنب مع دموعها التي لم تستطيع حبسها فسالت على وجنتيها قبل ان تبتسم بمرارة و تقول بألم
- عشان ضعفت ، عش ....
قاطعها بقسوة
- خلاص ، مدام ضعفتي اتحملي عواقب ضعفك
سالت دموعها الحارة على وجنتيها بغزارة ، و ارتفع صوت شهقاتها و هي تتمتم بقهر
- انا غبية ، انا استاهل ، دايما بمشي ورا احاسيسي اللي بيجبني لورا
طبقت جفونها بقوة و هي تضع كفيها على وجهها و تقول بصوت باكي بجانب حسرتها
- انت زيه ، انت مش احسن منه زي ما كنت فاكره ، انت زي جلال
تراجعت للخلف و هي مازالت على حالتها ، بينما كانت تتمتم بخفوت من بين شهقاتها المرتفعه
- انت زيه ، كلكم واحد ، انا بكرهك ، انت متستاهلش حبي
كان ينظر لها بضياع فهو لا يعلم كيف يتصرف ، إنها تبكي و بكائها هذا يؤلمه! ، مرر انامله من بين خصلات شعره بإرتباك و سريعا تقدم منها و التقطها من خصرها قبل ان تسقط ، فأصبحت بين ذراعيه ، ابعدت احدى كفيها من على وجهها و وضعتها على صدره و بدأ بضربه بقبضتها الضعيفة .
- بكرهك يا بيجاد ، بكرهك
قالتها ببكاء قبل ان تسند جبينها على صدره و يزداد نحيبها
..........................................................
- شهلوا شوية عشان لسه ورانا شغل كتير
قالها ايمن للعمال الذين ينقلون الصناديق التي بداخلها السلاح في الشاحنة ، و من ثم التفت و اخرج هاتفه من جيبه و هو يحدث نفسه
- هتصل بالشيطان و هقوله على اننا هنتحرك خلاص
و اتصل بالشيطان
..........................................................
تعالى رنين هاتف الشيطان في جيبه ، فأبتعدت ريحانة عنه و جعلت بينهم مسافة تقرب المتر ، مسحت دموعها بكفيها بينما اخرج الشيطان هاتفه من جيبه في حين كانت نظراته متعلقه بها قبل ان ينقلها للشاشة و يجيب ، فألتفتت هي و إتجهت للباب و فتحته و غادرت .
سارت ريحانة في ممر الطابق الرئيسي ، فأوقفتها زهرة عندما رأتها ، فألتفتت ريحانة لها فشهقت زهرة عندما رأت ملامح وجه ريحانة الحزينة الباهتة ، و قالت بقلق
- مالك يا انسه ريحانة؟ ، وشك عامل كدة لية؟ ، كتي بتعيطي؟
لم تعطيها زهرة مجال للإيجاب حيث اردفت بتفهم
- اكيد زعلانه على موت السيد عبد الخالق
نظرت لها ريحانة و اومأت برأسه ، فقالت زهرة لتواسيها
- متزعليش ، ادعيله و بلاش تعيطي
اومأت ريحانة برأسها مرة آخرى ، و من ثم قالت بوهن
- ممكن توقفيلي حاجة اركبها ، عايزة ارجع لقصر جلال
اومأت زهرة برأسها و قالت
- حاضر ، تعالي معايا
..........................................................
قطع جلال نصف الطريق للقرية ، و برغم كل ذلك الوقت الذي مضى إلا ان غضبه لم ينطفئ ابدا ، كان يتوعد للشيطان بكل ثانية تمر ، كان ينتظر وصوله للقرية بأحر من الجمر لكي يفرغ غضبه على الشيطان .
- مش قلتلك شغلك خلص ، بتتصلي لية ؟!
قالها جلال بحدة لتلك الخادمة التي جعلها تعمل لديه لأيام ، فأجابت الأخيرة
- عارفة انه خلص ، بس في حاجة مهمة لازم تعرفها
- خير
- المدام بتاعتك
- ريحانة؟
- ايوة، على ما اعتقد دي
- مالها؟
قالها بقلق ، فقالت الآخرى
- لسه ماشية حالا من قصر الشيطان
- نعم! ، ازاي يعني؟
- معرفش ، بس انا لسه شيفاها دلوقتي و هي خارجه من القصر
- اقفلي
قالها بعجلة و من ثم انهى المكالمة دون انتظار رد الآخرى ليتصل بأحدى حراس قصره
- ريحانة في القصر عندك؟
- ايوة يا سيد جلال
- اتأكدلي
- حاضر
- مش انت اللي تتأكد شوفلي اي خدامة تتأكد و تقولك
- حاضر يا سيد جلال
سار الحارس في الممر فقابل خادمة ريحانة ، فأوقفها و سألها
- المدام ريحانة فوق؟
قنظرت له لبرهه قبل ان تومأ برأسها و تقول كذبا
- ايوة ، المدام ريحانة في جناحها
- موجودة يا سيد جلال
قالها الحارس لسيده ، فقال جلال
- خلاص اقفل
- عن اذنك
قالتها الخادمة قبل ان تلتفت و تعود لعملها و هي تتمنى الا تكشف كذبتها .
..........................................................
بعد مرور بعض الوقت

وصلت ريحانة لقصر جلال و دخلته من الباب الخلفي بتخفي و حذر ، وصلت للسلم و صعدته و توقفت في منتصفه عندما نادتها خادمتها
- مدام ريحانة
التفتت و نظرت للخادمة التي صعدت السلالم المتبقيه بعجلة حتى توقف امام سيدتها و قالت براحة
- اخيرا رجعتي ، دة السيد جلال سأل عليكي
- هو رجع؟
- لا ، بس بعت واحد من حراسه يسأل حد من الخدم عنك ، فلحسن الحظ سألني انا و انا كدبت عليه و قلت انك فوق
اومأت ريحانة برأسها و قال بإمتنان
- شكرا لأنك عملتي كدة
إبتسمت الآخرى و قالت
- العفو
التفتت ريحانة و اكملت صعودها ، فلحقتها الآخرى و سألتها بتردد
- هو في حاجة حصلت؟
توقفت ريحانة و نظرت للآخرى من فوق كتفها ، فأردفت الآخر
- بسأل عشان شكلك زعلانه و باين عليكي انك كنتي بتعيطي
- مفيش حاجة
قالتها ريحانة بوهن و هي تنقل نظراتها امامها و تكمل صعودها ، بينما توقفت الخادمة و هي تنظر لريحانة بحيرة ، وصلت الأخيرة للطابق العلوي و انحرفت يمينا لتسير في الممر ، دخلت جناحها و جلست على الأريكة و هي تتنهد بآسى ، مالت بجسدها قليلا و اسندت مرفقيها على فخذيها و هي تضع وجهها بين كفيها لتبدأ في البكاء .. بصمت .
..........................................................
قبل غروب الشمس بقليل

توقفت سيارة جلال امام قصره ، فترجل منها و دخل القصر .
- ريحانة فوق؟
قالها لأحدى الخدمات التي اجابت
- ايوة يا سيدنا ، المدام فوق
صعد السلم حتى وصل للطابق العلوي و انحرف يمينا ليسير في الممر ، توقف امام جناحها لبرهه قبل ان يطرق على بابه و يدخل ، كان الجناح مظلم ، فسار ببطئ و مد يده للحائط و اشعل ضوء خافت ، فوقعت نظراتها عليها و هي نائمة ، فتقدم لناحيتها و هو يتأملها بإشتياق ، جلس على حافة السرير و هو مازال يتأملها ، مد كفه و ازاح خصلاتها من على وجهها ففتحت عينيها بإنزعاج ، فوجدته ، فأعتدلت سريعا و هي تهتف ب
- جلال!
- وحشتيني
قالها بإشتياق و اكمل
- موحشتكيش؟
- رجعت امتى؟
- لسه راجع
اومأت برأسها ، بينما اكمل
- و جيتلك علطول
نظرت له لبرهه قبل ان تشيح بوجهها بعيدا و هي تقول بإقتضاب
- مكنش ليه داعي انك تجيلي ، روح لجناحك
إبتسم و قال
- بس انا عايز اجي هنا ، اجي ليكي
شعرت بالذنب من كلماته ، و تذكرت ما فعلته هي ، فقالت بصوت مضطرب بعض الشيء و هي ترفع ذراعها و تمرر اناملها من بين خصلات شعرها
- ممكن تخرج
- اية دة؟
قالها بإستغراب ، و من ثم امسك بذراعها و لمس رسغها الملتف بالضماد و قال بقلق صادق
- اية اللي حصل؟ ، ازاي اتعورتي؟
شعرت بالإرتباك و هي تنظر لرسغها و من ثم له ، فبلعت لعابها بتوتر و قالت بتلعثم خفيف
- ا .. اتعورت من ، من... الأزاز ، وقعت عليه
- شوفتي الدكتور طيب؟ ، الجرح ع....
قاطعته و هي تسحب ذراعها من بين كفيه و تقول
- متقلقش ، الجرح سطحي
رمقها بعتاب و قال
- تبقي تنتبهي
اومأت برأسها ، و من ثم ساد الصمت فقد كان ينظر لها بهيام ، فتضايقت و اخفضت رأسها ، شعرت بإقترابه منها ، فقالت
- انا تعبانه ، عايزه انام
مازال يقترب ، فرفعت نظراتها له و قالت
- ممكن تسبني ارتاح ، لوسمحت
نظر لحدقتيها و تنهد بآسى و قال
- ريحانة
- لوسمحت
قالتها برجاء ، فرمقها بآسى قبل ان ينهض و يغادر الجناح ، فعادت بظهرها للخلف و هي تتنهد بحزن و الم .
..........................................................
كان ايمن مستلقي على سريرة و هو ينظر للهاوية و هو شارد ، كان يشعر بالحيرة بشأن الشيطان ، فقد كان شاردا طيلة الوقت ، فماذا به؟
- ممكن ادخل
قالها عز الدين الذي كان يقف عند الباب ، فأستيقظ ايمن من شروده و اعتدل سريعا و هو يقول
- اكيد
دخل عز الدين و جلس بجانب ايمن على السرير و قال
- مالك؟ ، كنت بتفكر في اية؟
- مفيش
- اكيد كنت بتفكر في واحدة
ضحك ايمن و قال بإستنكار
- لا طبعا
و من ثم تنهد و اردف
- كنت بفكر في الشيطان ، كان فيه حاجة غريبة النهاردة
قضب عز الدين حاجبيه و قال
- اية الغريب؟
- كان سرحان طول الوقت و مكنش معانا خالص ، يعني على ما اعتقد هو مش النوع دة ، خاصا انه بيهتم بشغله جدا
- اكيد في حاجة شغلاه ، خلاص هبقى اروحله بكرة و اشوفه
اومأ ايمن برأسه ، فقال عز الدين
- صحيح ، حصل اية في السلاح ، وصل لقرية الشيخ حامد ؟
- لا لسه ، بكرة الصبح هيوصل لقرية الشيخ حامد
..........................................................
ترجل الشيطان من سيارته و إتجة لباب القصر و قبل ان يصل للأخير اوقفه احدى حراسه
- سيدنا
نظر له الشيطان ، فأكمل الحارس
- السيد جلال جه للقصرو سأل عنك
- جلال !
قالها الشيطان بإستغراب ، فأومأ الحارس برأسه و هو يقول
- ايوة، و كان متعصب
إبتسم الشيطان إبتسامة جانبية ساخرة و هو يقول
- اكيد كان جي يتخانق
انهى جملته و اكمل طريقة لداخل القصر ، صعد الشيطان السلم حتى وصل للطابق الثاني و توقف لبرهه قبل ان يكمل الصعود للطابق الثالث و يتجة لغرفة جده ، فقد شعر بالرغبة في الذهاب لغرفته .
توقف امام غرفة جده و هو يشعر بالتردد ، وضع كفه على قبضة الباب و برمها ببطئ ، تقدم للداخل بخطوات مترددة حتى توقف امام سريره ، فإبتسم بحزن ، اكمل خطواته للسرير و جلس على حافته و مد كفه لوسادة جده و هو يتنفس بعمق ، سحب كفه و نظر امامه و هو يتذكر اخر حديث كان بينه و بين جده ، فأظلمت عينيه خاصا عند تذكره لجملته تلك " هو انت بتعتبرني جدك؟ ، بتعتبري الراجل اللي رباك ؟ ، دي مش معاملة تعاملني بيها ، انا راجل كبير و عجوز فلازم تحترمني مش تقولي بظبط و تقل مني " ، تنهد الشيطان بألم و هو يقول بخفوت
- مكنتش بقل منك بس انا طبعي كدة، مبعرفش اتصرف مع الناس اللي بحبهم بالطريقة اللي هما عايزنها
مسح وجهه بكفه و اكمل
- انا عارف انك مت و انت زعلان مني ، زعلان من تصرفاتي ، انت من يومك و انت ضد تصرفاتي عامة ، تعرف " إبتسم الشيطان بحزن و اكمل " كلامك انت الوحيد اللي كنت بدخلة من ودن مبخرجهوش من الودن التانية ، بس كنت بظهرلك العكس
تنفس بعمق اكبر و هو يريح جسده على السرير و يغمض عينيه ليسود الصمت في الغرفة لدقائق قبل ان يقطعه بخفوت شارد
- قولي اعمل اية؟ ، مش عارف اتصرف؟ ، لأول مرة احس اني مش عارف اتصرف ، لأول مرة احس اني تاية .. تاية ما بين مشاعري ، حاسس .. مش عارف حتى انا حاسس بأية بظبط
اغمض عينيه و تنفس بخشونة و من ثم استقرت انفاسه ، فأتت كلماتها على خاطرة فجأة .. فأزعجته ، فتح عينيه و نظر للهاوية بثبات لبرهه قبل ان يتمتم بشرود
- كانت متوقعة اكون اية؟!
اغمض عينيه مرة آخرى بهدوء فتذكرها عندما كانت تبكي و تقول " بكرهك يا بيجاد ، بكرهك " كلماتها تلك اصبحت تتردد في اذنيه دون توقف .
..........................................................
بعد مرور اسبوع

- انا همشي بقى يا بابا
قالتها زهرة لوالداها ، فهتفت والدتها ب
- لية يا بنتي ، اقعديلك شوية
التفتت لها زهرة و قالت
- ورايا مشوار عايزه اروحه ، فعايزه الحق قبل ما تضلم
- مشوار اية يا زهرة؟
قالها والدها ، فألتفتت له و قالت
- هروح للانسه ريحانة
- لا متروحيش، عايزه السيد جلال يشوفك عنده في القصر ، دة مش هيسيبك
قالتها والدتها بزعر و خوف على ابنتها ، بينما قال والدها
- لية هتروحيلها؟
- هطمن عليها يا بابا
و من ثم التفتت لوالدتها وقالت لتطمئنها
- متخافيش يا ماما مش هيعملي حاجة
و من ثم نظرت لشقيقتها وقالت و هي تبتسم
- خلي بالك على نفسك و على اللي في بطنك ، و سلميلي على جوزك
- الله يسلمك يا حبيبتي
التفتت زهرة و إتجهت للباب و هي تقول
- مع السلامة بقى
و من ثم غادرت ، فهتفت والدتها لوالدها بحدة
- انت هتخليها تروح لقصر جلال كدة عادي؟!
..........................................................
في قصر جلال

نهضت ريحانة بصعوبة من على السرير و سارت بخطوات متعرجة للطاولة ، التقطت كوب الماء و شربت منه القليل ، انحنت لتضعه على الطاولة و لكن بدل ذلك سقط على الأرض اثر فزعها الذي سببه جلال بدخوله الهمجي عليها ، نظرت له بخوف و هي تتراجع للخلف في حين تقدم منها بخطوات هادئة و على وجهه إبتسامة باردة و هو يقول
- عاملة اية النهاردة يا ريحانتي ؟
بلعت لعابها بجزع و من ثم شهقت بفزع عندما امسك بذراعها و جذبها له بخشونة و هو يطوقها بذراعيه .
- مالك؟ ، خايفة لية اوي كدة؟ ، مش هعملك حاجة النهاردة
قال الأخيرة بخفوت ، فنظرت له و حاولت إخفاء خوفها و هي تقول بصوت حاولت ان تجعلة ثابتا
- ابعد
طأطأ بتحذير و قال
- بلاش الكلمة دي يا ريحانتي ، بتعصبني
- بكرهك ، ابعد عني
قالتها و هي تضربه بقبضتها على صدره ، فأمسك بقبضتها بقوة المتها و قال
- و دي كمان بتعصبني
و من ثم اقترب منها ، فأبتعدت برأسها ، فأمسك بذقنها بقسوة و اكمل بهدوء مخيف
- و انتي مجربة ، لما بتعصب بتغير مية و تمنين درجة
- انت حقير
قالتها بقهر ، فقسى على ذقنها اكثر حتى ادمعت عينيها ، و قال بخفوت غاضب
- مش ناوية تتلمي ؟ ، لسة متعلمتيش؟ ، عايزاني اضربك؟
و من ثم جذبها و سار بها لأمام المرآة و قال و هو ينظر لصورتها المنعكسة
- شايفة وشك! .. عايزاني اشوهولك خالص؟ ، شايقة جسمك! .. عايزاني اشوهه هو كمان بالضرب؟ ، لو مش عايزه .. حسني تصرفاتك معايا ، ارجعي زي الأول ، و بطلي عناد و إلا .. هتخسري نفسك
و من ثم تركها و ابتعد و قال بهدوء
- فكري في كلامي و شوفي مصلحتك ، ومتهيألي انه باين ان مصلحتك فين
و من ثم التفت و إتجة للباب و هو يقول
- جهزي نفسك بليل ، هتبقى ليلتنا يا ريحانتي
و من ثم خرج و اغلق الباب خلفة ، بينما ظلت ريحانة تنظر لصورتها المنعكسة المشوهة ، تلك الجروح التي غيرت ملامح وجهها بعض الشيء ، و تلك الكدمات التي تملأ جسدها ، سالت دموعها على وجنتيها بغزارة ، فهي تشعر بالشفقة على نفسها و روحها التي تنزف .
..........................................................
اسدل الليل ستائره

طرقت الخادمة على الباب و من ثم دخلت ، نظرت لريحانة التي تجلس على السرير و شعرت بالشفقة عليها عندما لاحظت دموعها التي تسيل على وجنتيها بصمت
- مدام ريحانة
مسحت ريحانة دموعها و نظرت للخادمة ، فأكملت الأخيرة
- في واحدة عايزة تشوفك و تطمن عليكي ، الحراس مكنوش عايزين يدخلوها.. فأنا خدتها و دخلتها بالخباثة
- مين؟
قالتها ريحانة بوهن ، فدخلت زهرة و هي تبتسم و ما لبثت ان تلاشت إبتسامتها عندما رأت ريحانة و هيئتها تلك ، فشهقت و اسرعت لها و قالت بفزع
- اية دة؟ ، اية اللي حصلك؟ ، مين اللي عمل فيكي كدة؟
نظرت لها ريحانة بحزن و سالت دموعها مرة آخرى على وجنتيها ، فقالت الخادمة
- هخرج انا
و غادرت ، بينما احضتنت زهرة ريحانة و ربتت على ظهرها بحنان ، و هي تهمس لها
- اية اللي حصل؟ ، قوليلي
ابتعدت ريحانة عن زهرة و قالت بصوت باكي
- هقولك اية ولا اية
- قوليلي كل حاجة ، هحاول اساعدك
صمتت ريحانة و اكتفت بالبكاء ، فأمسكت زهرة بكف ريحانة و ضغطت عليه بخفة لتشجعها على الحديث ، فنظرت لها ريحانة و بدأت في سرد ما حدث
*********************
بعد يومين من عودة جلال للقرية

عاد جلال بعد منتصف الليل للقصر و كان ثمل ، صعد السلالم بخطوات متأرجحة و هو يهتف بأسمها
- ريحانة .. يا ريحانتي
وصل للطابق العلوي و انحرف يمينا ليسير في الممر ، اقتحم الغرفة بطريقة افزعتها و ايقظتها من نومها ، نظرت له و هو يتقدم منها و على وجهة إبتسامة اشعرتها بالقلق
- جلال ... مالك؟
جلس على حافة السرير و قال و هو ينظر لها بتفحص و رغبة
- وحشتيني ، و حشتيني اوي يا ريحانة
و اقترب منها ، فأبتعدت سريعا و نهضت ، فنهض و نظر لها و طأطأ و قال
- مش هسمحلك النهاردة
و من ثم اقترب منها بخطوات سريعة ، فأتت ان تهرب ولكنه كان اسرع و امسكها و القاها على السرير ، رفعت رأسها و نظرت له بخوف و قالت
- جلال ، لا ، لوسمحت
- مش النهاردة يا ريحانة ، مش هسمحلك تبعديني عنك زي ما عملتي إمبارح
- جل...
لم تكمل جملتها فقد انتفضت للخلف عندما صعد السرير ، مد يده و امسك بذراعها بقوة عندما قاومته ، فهتفت برجاء
- جلال ، لا .. أبعد عني
اقترب منها اكثر و كاد ان ينقض عليها ، فصرخت به و هي تصفعة ليستيقظ
- فوق ، فوق يا جلال
احمر وجهه و نظر لها بغضب ، فأرتجف جسدها من الخوف فتراجعت للخلف حتى سقطت من على السرير للأرض ، لم تهتم ب ألم جسدها التي شعرت به من سقوطها فقد كان خوفها منه اكبر ، تمتمت بصوت مرتجف
- اسفة، عملت كدة عشان تفوق ، و...
قاطعها و هو يجز على اسنانه بغضب
- هربيكي
انهى جملته و انقض عليها بالضرب ، كان يضربها بقسوة .. لم يكن يشعر بنفسة و لم يكن يسمع صوت صراخها المتألم ، فقد اعماه غضبه .
*********************
مسحت ريحانة دموعها من على وجنتيها و اكملت
- جالي اليوم اللي وراة و اعتذرلي عن اللي عمله ، و في نفس اليوم بليل عاد اللي عمله ، ضربني و كان سكران ، و اليوم اللي وراة مجاش و اعتذرلي .. لا دة جالي و فضل يحذرني اني لو فضلت ابعده عني هيعاقبني و هيضربني و فعلا عمل كدة، انا حاولت اني اتغير ، اني اتقبله بس...
و هنا طغى البكاء عليها و عاقها عن الاستمرار ، فربتت زهرة على كتفها بحنان و قالت
- فهماكي ، انتي مش قادره تقبليه بعد اللي عمله ، حقك الصراحة
و من ثم تنهدت زهرة بعمق و قالت
- اهربي يا انسه ريحانة، اهربي
نظرت لها ريحانة و قالت بصوتها الباكي
- صعب ، هو انتي مش شايفة ازاي عازلني عن الناس ، دة مش بيخليني اخرج لحديقة القصر حتى ، فأزاي ههرب؟ !
صمتت زهرة لتفكر في طريقة لإخراج ريحانة من قصر جلال ، فهتفت فجأة ب
- سيدنا الشيطان
قضبت ريحانة حاجبيها و قالت بإستغراب
- ماله؟
- هطلب منه يساعدك
- مش هيهتم
قالتها ريحانة بحزن و مرارة ، فقالت زهرة
- لا ... هيهتم ، يعني ممكن ، في احتمال
تنهدت ريحانة بعمق وهي تمسح دموعها قبل ان تقول لزهرة
- امشي يا زهرة من هنا يلا ، عشان لو جلال عرف انك هنا مش هيسيبك
اومأت زهرة برأسها و نهضت و قالت
- خلي بالك من نفسك
إبتسمت ريحانة بسخرية و مرارة ، فأردفت زهرة
- يعني حاولي
اومأت ريحانة برأسها ، فألتفتت زهرة و غادرت جناح ريحانة ، و من ثم غادرت القصر بالخفاء بمساعدة خادمة ريحانة
..........................................................
طرقت زهرة على باب مكتب الشيطان بتردد ، و من ثم دخلت بعد ان سمعت اذنه ، تقدمت و توقفت امامه و صمتت ، فهي تشعر بالحيرة و التردد الكبير ، هل تقول له عن ريحانة و ما حدث لها؟ ... هل سيهتم ؟
- سامعك
قالها الشيطان بهدوء و هو ينظر لها ، فبلعت لعابها بتوتر و قالت
- في حاجة مهمة عايزة اقولها ليك يا سيدنا ، بس مش عارفة هي هتهمك ولا...
قاطعها ب
- قولي و انا هبقى احدد انها بتهمني ولا لا
اومأت برأسها و من ثم صمتت لبرهه قبل ان تقول
- الانسة ريحانة
لمعت حدقتيه عندما سمع اسمها ، فقال بثبات اتقنه
- مالها ؟!
قصت له زهرة ما حدث و ما رأته و ما قالته لها ريحانة ، و بعد ان انتهت صمتت و هي تترقب ملامحه التي ظهر عليها التغير ! .
..........................................................
دخل الشيطان لقصر جلال بخطوات غاضبة ، و سار فيه حتى توقف و سأل احدى الخادمات
- فين جلال؟
- السيد جلال فوق
إتجة للسلم و صعده بخطوات سريعة حتى وصل للطابق العلوي و سار في الممر و هو ينظر حوله .
- مش عيب تدخل قصري و تسرح فيه كدة !
قالها جلال و هو يخرج من احدى الغرف الصغيرة المجاورة ، فألتفت الشيطان و نظر لجلال و قال بجمود
- لا مش عيب
تقدم منه جلال بخطوات هادئة ، و قال
- جي هنا لية؟
- جي اخد حاجة تخصني
قالها الشيطان و هو يتقدم من الآخر المسافة المتبقية ، فرفع جلال حاجبيه بدهشة و هو يقول بتهكم
- حاجة تخصك؟ و عندي؟
- ايوة
- اية الحاجة دي؟
- ريحانة
قالها الشيطان و هو يتوقف امام جلال ، فرفع الأخير حاجبيه ببلاهه و من ثم قهقه بسخرية و قال
- ريحانة! ، من امتى ريحانة تخصك؟
- مش مهم من امتى
- شكلك ناسي انها مراتي!
قالها جلال بحدة ، فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية مستفزة و قال ليغيظ الآخر
- شكلي نسيت
فإبتسم جلال بغيظ و قال بهدوء مصتنع
- مدام نسيت انا بفكرك ، ريحانة مراتي
نظر له الشيطان نظرة عابرة قبل ان يتخطاه و هو يقول
- اي واحد جناحها؟
التفت جلال بحدة و نظر للشيطان بضيق و غيظ و هو يقول
- عايز تعرف اني جناحها لية؟
- عشان عايزها
قالها الشيطان و هو يضع كفه على قبضة احدة الأبواب ، فأسرع جلال و امسك بكفه بغضب و قال و هو يجز على اسنانه
- اخرج من قصري
نظر له الشيطان ببرود و قال
- هخرج ، بس بعد ما اخدها
- يعني اية هتاخدها ، انت اتجننت؟
هتف بها جلال بصوت مرتفع غاضب سمعته ريحانة التي نهضت من على سريرها ، بينما اكمل جلال
- دي مراتي و انا جوزها ، يعني مش هخليك تاخدها
إبتسم الشيطان إبتسامة جانبية و قال بطريقة مستفزة
- جوزها ! ، معتقدش انها بتعتبرك كدة اساسا
امسكه جلال من ياقته بغضب و صرخ به
- اخرج برة
طأطأ الشيطان بسخرية و قال
- اهدى على نفسك ليطألك عرق
صرخ به جلال مرة آخري
- اخرج برة قلت ، يلاا
و من ثم جذب جلال الشيطان من ياقته ، و فجأة تهاوى جلال على الأرض على اثر لكمة الشيطان القاسية القوية ، و في نفس الحين فتحت ريحانة باب جناحها ببطئ و هتفت بأسمه بهمس
- بيجاد
التفت و هو يلهث .. فوقعت نظراته عليها ، فتبادلوا النظرات المليئة بالمشاعر المتناقضة .



إعدادات القراءة


لون الخلفية