الجزء 19
تقدم منها الشيطان ببطئ و هو يقول بهدوء
- رايحة ل جلال!
إتسعت مقلتيها في صدمة و تجمدت الدماء في عروقها ، بدت كالموتى في هيئتها العامة ... اضطربت انفاسها و تسارعت دقات قلبها و هي تحرك شفتيها المرتجفتين لتخرج حروفها بصعوبة
- بيجاد !
توقف امامها مباشرا ، فرفعت رأسها و نظرت له و كانت الصدمة و الخوف ساكنين في حدقتيها العسليتين ، فإبتسم إبتسامة جانبية و هو يقول بجمود
- لية مصدومة يا .. ريحانة جلال بهجت!
تسارعت دقات قلبها اكثر و هي تتراجع للخلف بخطوات مرتجفة ، بينما اكمل
- مش دة اسمك برضوا !
- عرفت .. ازاي؟
قالتها بصوت مرتجف و هي تنظر له من بين دموعها التي ملأت حدقتيها ، فأقترب منها و جذبها من ذراعها بقسوة و سار بها لمكتبه ، فصرخت بفزع و خوف ، ركل باب مكتبه بقدمه و دخل و من ثم دفعها بقوة فسقطت على الأرض بقسوة ، فبكت... رفعت رأسها قليلا فوقعت نظراتها على تلك الأوراق المتناثرة على الأرض من حولها
- فاكره الورق دة
قالها ببرود و هو يجلس على الأريكة و يضع قدم على آخرى ، فنظرت له من فوق كتفها و من ثم نظرت للأوراق و التقطت احدهم ، فأتسعت مقلتيها اكثر و هي ترى رسالة جلال الذي ارسلها لها في بداية مجيئها لهذا القصر بين يديها الآن ، نقلت نظراتها من بين الأوراق المتناثرة حولها بحيرة و عدم تصديق ، فألأوراق التي تراها الآن هي الأوراق التي تتذكر انها اعطتها لجلال ، فكيف هي مع الشيطان؟ ، وضعت كفها على الأرض و ساعدت نفسها على النهوض و هي تتمتم بتشتت و ضياع
- الورق دة .. دة .. ازاي؟
- حقك تقولي ازاي ، اصل انتي اكيد فاكره ان الورق دة اللي اديتيه لجلال بس لا
قالها و هو يضع سيجار بين شفتيه و يشعلها ، فألتفتت و نظرت له ، فأبعد سيجارته من بين شفتيه و هو ينفث دخانها و يكمل
- انا مش غبي عشان اسمحلك او اسمح لغيرك ياخد حاجة مني ، انا اديتك الورق بمزاجي .. و خليتك تديه لجلال بمزاجي و سمحتلك تفتحي دولابي و تفتشي في ورقي برضوا بمزاجي
- يعني كنت عارف....
قاطعها ب
- ايوة .. كنت عارف انك جاسوسة لجلال
سالت دموعها على وجنتيها و هي تقول ببطئ
- و .. و عارف اني .. اني... مرا....
- عارف
قاطعها ببرود ، فصرخت به فجأة و هي تبكي
- يعني عارف كل حاجة و كنت بتلعب بيا، اية هدفك من انك تعمل كدة ... لية مبينتش انك عارف من الأول ، لية خلتني عايشه في خوف الفترة دي كلها .
قاطعها ببرود و هو ينهض و يتقدم منها
- ايوة .. كنت عارف كل حاجة و خططت لكل حاجة ، و هدفي .. هدفي اني اوقع جلال في الفخ اللي كان فاكر انه هو اللي هيوقعهولي
توقف امامها مباشرا و قال بقسوة
- انتوا مش بتلعبوا مع واحد سهل ، انتوا بتعلبوا مع الشيطان .. و اللي بيحاول يلعب مع الشيطان بيبقى بيلعب في عداد عمره
ظلت ريحانة تنظر له بلا حراك ، تحدق به فقط ، بينما التفت الشيطان و هو يضع سيجارته مرة آخرى بين شفتيه و من ثم يبعدها لينفث دخانها بهدوء و هو يقول بهدوء
- انتي غبيه
التفت و نظر لها و هو يقترب و يكمل
- عارفه لية! ... لأنك وافقتي انك تدخلي في لعبة انتي مش قدها بالعلم ان جلال ضعيف قدامي و انه مش هيقدر يحميكي و لا يحمي نفسه
- انا مدخلتش في اللعبة دي بمزاجي
قالتها بخفوت و هي تنظر له بحزن ، فرد بجمود
- بس كملتي فيها بمزاجك
- ايوة .. كملت فيها بمزاجي لأني كنت بحبه و كنت مستعده اعمل اي حاجة عشانه
- طيب مستعده تتحملي العواقب عشانه؟!
- لا
قالتها بثبات تلقائي ، فأبتسم بسخرية و قال بتهكم
- ما تيجي على نفسك شوية كمان عشانه ... عشان حبيبك
كانت تنظر له بحزن و مرارة قبل ان تخفض رأسها بإنكسار و تصمت .
..........................................................
خرجت عايدة من جناحها و هي تفرك عينيها الناعستان ، نزلت السلم بتكاسل حتى وصلت للطابق الرئيسي و توقفت بعد ان لمحت ضوء فألتفتت برأسها لإتجاه مكتب الشيطان فوجدت اضواءه مشتعله ، فقضبت حاجبيها بتساؤل و هي تحدث نفسها
- الشيطان لغاية دلوقتي صاحي!
إتجهت بخطوات بطيئة لمكتبه حتى توقفت على بعد امتار من باب المكتب ، فسمعت ما يحدث بالداخل ، و اثناء إستماعها إرتسمت على شفتيها إبتسامة سعيدة و هي تحرك شفتيها بخفوت
- واخيرا .. ريحانة اتكشفت
بعد ان انهت جملتها إتجهت للسلم و صعدته سريعا حتى وصلت للطابق الثالث و إتجهت لجناحها و دخلته ، إتجهت للكومود و التقطت هاتفها سريعا لتتصل بجلال
- الو
قالتها عايدة بهدوء من عبر الهاتف و هي تجلس على السرير ، فقال جلال
- خير .. متصله في الوقت دة لية؟
- متصله اسأل عليك و على ريحانة .. هي جتلك؟
- لا .. لسه
- طيب .. احب اقولك انها مش هتيجي
- مش هتيجي!
- اها زي ما بقولك كدة ، اصل حبيبة قلبك اتقفشت من.... الشيطان
- نعم
هتف بها بحدة و اكمل بلهفة
- ازاي اتقفشت ها ؟ .. انتي قلتيله صح .. اه يا بنت ال...
قاطعته بطريقتها المستفزة
- اخس عليك بتشتمني عشان قلتله! ، عموما انا مقلتلهوش حاجة ، انا صحيت فجأة و قلت انزلي تحت شوية ، فأكتشفت بالصدفة انه عرف و هي دلوقتي معاه
- معاه !
- ايوون ، و تبقى تقرأ الفاتحة على روحها قريب
بعد ان انهت جملتها ابعدت الهاتف من على اذنها و اغلقته دون انتظار رده ، و من ثم تنهدت براحة و هي تريح ظهرها على السرير و تنظر للهاوية و هي تحدث نفسها بصوت مسموع
- كشف حقيقة ريحانة جه لمصلحتي ، فدلوقتي بقى هلعب في الساحة براحتي
..........................................................
- ازاي اتكشفت ... ازاي؟ ، حد قاله؟ .. بس مين
هتف بها جلال بعدم إستيعاب قبل ان يمرر انامله بين خصلات شعره و هو يلتفت حوله ، و يكمل بحدة
- ماشي ، انا هعرف مين الخاين اللي عمل فينا كدة ، انا هتصرف
انهى جملته بإلقاء هاتفة على الأرض بغضب و من ثم التفت و صعد سيارته و غادر سريعا و هو يسب و يلعن و يتوعد .
..........................................................
ساد صمت طويل في الغرفة ، حيث كانت ريحانة صامته تنظر للهاوية بنصف عقل و هي متربسة في مكانها ، اما هو فقد كان جالس ببرود تام على الأريكة يتابعها بنظرات ضيقة مترقبة كالصقر
- تعرف ..
قالتها بهدوء و هي تنقل نظراتها التي تلمع بالدموع له ، و اكملت
- انا قبل ما اجي لقصرك سمعت عنك كتير و كنت خايفه من اني اقابلك ... و قابلتك ، انا فاكره اول مرة قابلتك فيها في الساحة ...
- و المقابلة دي كانت سبب في اني اشك فيكي بعد ما جيتيلي القصر
قاطعها بهدوء ، فقضبت حاجبيها ، فأكمل
- اصل جلال باعتلي واحده قابلتها في الساحة تتجسس عليا ، فطبيعي اشك فيها مدام شكلها مألوف عندي
تذكرت لقائها به في الساحة سريعا ، فنظرت له و قالت
- يعني انت كنت عارف اني جاسوسة لجلال من اول يوم جيت فيه القصر
- لا
قالها و هو يطفأ سيجارته في المنفضة الموضوعة على الكومود و يكمل
- كنت شاكك بس... لغاية ما شفت الرسالة و...
قاطعته بتساؤل
- ازاي لقيت الرسالة؟
- مش مهم ازاي
- لا مهم عندي
نظر لها نظرة عابرة قبل ان ينقل نظراته بعيدا عنها و هو يقول شيء بعيدا عن الإجابة التي تريدها
- في حاجة كمان غير الرسالة عرفتني كل حاجة
- مش فاهمه
قضبت حاجبيها و هي تقولها ، فنظر لها و قال
- هتفهمي دلوقتي .. ادخلي
قال الأخيرة و هو ينظر للباب ، فألتفتت ريحانة بدورها و نظرت للباب الذي ظهرت من خلفه زهرة و كانت مخفضة الرأس ، فهتفت ريحانة بإستغراب
- زهرة !
و من ثم تحولت نظراتها للفزع و هي تقول حروفها بعجلة
- انت عارف انها معايا صح! ، بس هي ملهاش ذنب ، متأذيها....
توقفت عن إكمال جملتها عندما قاطعها بقوله الذي يعتبر صفعة بالنسبة لها
- زهرة قالتلي كل حاجة ، قالتلي حقيقتك من الأول
اتسعت مقلتيها في صدمة و هي تنظر للشيطان و تهتف بخفوت
- كداب ، انت كداب
و من ثم نقلت نظراتها لزهرة و تقدمت منها بخطوات سريعة حتى توقفت امامها و قالت
- انتي اللي قلتيله؟ .. هو بيكدب عليا صح؟
ظلت زهرة مخفضة الرأس فهي ليست قادرة على رفع رأسها لتنظر لريحانة ، فمدت ريحانة اناملها لذقن زهرة و رفعته ، فتحاشت زهرة النظر لريحانة التي قالت
- انتي مش عايزه تبصيلي لية؟
- انا اسفه
قالتها زهرة بصوت خافت به نبرة الإحراج ، فتراجعت ريحانة للخلف من اثر صدمتها بعد ان امتلأت حدقتيها بالدموع و هي تتمتم
- لا .. مستحيل ، مش انتي يا زهرة .. لا
سالت دمعة من عين زهرة و هي تسمع تمتمت ريحانة و اقوالها التي قالتها بإنكسار
- انتي اللي وقفتي جمبي .. واللي كنت بعتبرك زي اختي ، تعملي فيا كدة ؟ .. تخوني ثقتي فيكي
- دة لمصلحتك و لمصلحتي
قالتها زهرة و هي تنقل نظراتها لريحانة ، هإبتسمت ريحانة بإستخفاف و هي تهتف بحدة
- مصلحتي! انا مليش مصلحة في كل حاجة و اي حاجة ، انا دخلت في اللعبة دي كطرف زيادة ملهوش لازمة ، فأزاي لمصلحتي؟!
فأخفضت زهرة رأسها بإحراج و قالت
- عن اذنكم
و سريعا التفتت و إتجهت للباب و غادرت و هي تشعر بالشفقة على ريحانة التي كانت تضحك بإستخفاف و تقول بتهكم
- في الآخر كله بيبرأ نفسه و بيشوف مصلحته .. دلوقتي انا المذنبه الوحيدة صح! ، انا اللي شلت كل حاجة ، كلكم ظالمين .. كلكم خاينين ، انا بكرهكم كلكم ، بكرهكم
قالت كلماتها الأخيرة بإنهيار و بكاء ، و اكملت بصوت مرتجف ولكن حاد و هي تنظر للشيطان بغضب من بين دموعها
- كل دة بسببك ، انت دمرت حياتي و دمرتني ، انت لية ظهرت في حياتي ، انت لية بقيت عدو جلال، انت سبب كل حاجة ....
نهض الشيطان من مقعده و اقترب منها بهدوء مخيف حتى توقف اماما ، بينما كانت تكمل
- انت لو مكنتش سرقت حاجة غيرك مكنش كل دة حصل ، مكنتش أنا اتورطت في اللعبة دي ، م...آآآه
لم تكمل جملتها حيث صرخت بفزع عندما قبض على ذقنها بكفه و هو يقول بقسوة
- سرقت حاجة غيري! ، مش انا اللي سرقت ، دول هما اللي سرقوا كل حاجة ، سرقوني و سرقوا حياتي و سرقوا كل حاجة حلوة فيها ، فجاية انتي تقولي اني سرقت ، انتي متعرفيش حاجة
قال الأخيرة و هو يدفعها بغضب ، فأرتدت للخلف على اثرها و سقطت على الأرض و هي تنظر له ، كانت نظراته حادة قاسية ، فأخفضت رأسها و هي تدرك ما قالته ، فشعرت بالندم ..فما قالته تعلم انه خاطئ .
- و غير كدة انتي اللي ورطتي نفسك عشان حبيب القلب ، مش انتي مستعده تعملي اي حاجة عشانه ، خلاص اشربي بقى و متحطيش اللوم على حد
- كنت بحبه
قالتها بإنكسار و دموعها تسيل على وجنتيها ، فأقترب فجأة و نزل لمستواها و قال بغضب
- خلي حبك ليه ينفعك ، حبك اللي ورطك في كل دة .. و اللي هينهي حياتك ، و متفتكريش انه هيجي و يحميكي مني دة بالعكس .. دة هيبيعك زي الكلبه و لا هيسأل عليكي
- عارفه انه مش هيحميني و هيبعني
قالتها بمرارة ، و من ثم نظرت لحدقتيه القاسيتين و هي تكمل بخفوت
- بس في حد غيره هيحميني ، انا متأكدة
إبتسم بتهكم و قال بثقة
- محدش يقدر يحميكي مني
- لا فيه
قالتها بثقة قبل ان تتغير نظراتها لنظرات حانية و هي تهمس
- انت .. انت اللي هتحميني
حدق بها لبرهه قبل ان يقهقه بشراسة و يقول بجمود
- شكلك ناسية انك جاسوسة ، و انا في قانوني الجواسيس اللي زيك نهايتهم بتبقى محسومة
- يعني هتعاقبني زي ما بتعاقب الباقي؟
- و اكتر
- يعني هترتاح لما تشوفني بتعذب؟!
- جدا
- طيب ما تموتني علطول عشان ترتاح اكتر
- لا
قالها و هو يبتسم ليظهر انيابة و يكمل و هو يمرر كفه على رقبتها حتى يصل لشعرها و يجذبها منه بقوه فيظهر الألم في حدقتيها
- حابب اتلذذ في تعذيبك شوية ، اشوف الوجع في عنيكي دول ، و اشوف الجروح اللي هتملى جسمك ، و اشوف دموعك دي على خدودك ، بالمعنى .. هموتك بس على البطىء
لمعت عينيها بالدموع مرة آخرى و هي تنظر لحدقتيه المظلمتين الذي يظهر فيهما القسوة بوضوح ، فقالت بآسى خافت
- كل دة لية؟ ، متوقعش ان سبب رغبتك في تعذيبي بسبب اني جاسوسة لجلال ، فاية السبب الحقيقي؟ .. هو عشان حاولت اخدعك ولا عشان تثبت لنفسك انك تقدر تقضي على حاجة ممكن تكون ميلت ليها في يوم
فضحك بخشونة و هو ينظر لها بقسوة و يقول
- اسبابك وهمية لسبب .. ان عمري ما ميلت لواحده و لا هميل .. خاصا لواحده مستعملة من قبل
قال الأخيرة بقسوة و هو يقبض على شعرها اكثر ، فتأوهت بألم و هي ترمقه بإنكسار و نظرات اللوم تلمع في عينيها جنبا إلى جنب مع دموعها التي سجنتهم تحت اجفانها .
- وقت الكلام خلص
قالها قبل ان ينهض و يجذبها من ذراعها بقوة و يتجه بها للباب حتى اخرجها من غرفة المكتب و القاها على الأرض و هو يقول للحارسيين
- خدوها للسجن ، و الباقي معروف
- حاضر
قالها الحارسيين في نفس الوقت و من ثم تقدموا منها و امسكوها من ذراعيها فنهضت و هي تشعر بألم في انحاء جسدها خاصا ظهرها فأغمضت عينيها بألم و من ثم فتحتهم و التفتت برأسها و نظرت له بألم في حين كانوا يسيروا بها و هم متجهين للسلم
..........................................................
رنين هاتف مزعج يقطع هدوء الليل و يسبب الفزع و القلق لأصحاب هذا المنزل
- الو .. مين ؟
قالها والد زهرة بقلق بعد ان وضع سماعة الهاتف على اذنه ، فرد الطرف الآخر
- الو يا بابا ، دي انا... زهرة
قالتها زهرة بصوتها الباكي ، مما زاد من قلق والدها الذي قال
- زهرة؟ .. مالك يا بنتي؟ ، بتعيطي لية ؟
- مين يا حج
قالتها والدة زهرة و هي تقف خلف زوجها ، فنظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و يقول
- دي زهرة
- زهرة! ، بتتصل دلوقتي لية ؟
- استني اعرف
قالها بعجلة قبل ان يضع الهاتف على اذنه مرة آخرى و يقول
- زهرة ، مالك يا بنتي؟
- بابا ، الحقيقة اتكشفت خلاص
- اتكشفت! ، بالسرعة دي
قالها بذهول ، فردت زهرة
- ايوة
- طيب لية بتعيطي يا حبيبتي دلوقتي ؟ ، مش احنا خلاص برة الموضوع
- اة ، بس حاسة بالندم يا بابا و الشفقة على الانسه ريحانة ، هي ملهاش ذنب في كل دة
- عارف يا بنتي عارف ، بس مش بأيدينا حاجة نهملها
صمتت زهرة و هي تبكي و من ثم قالت بخفوت
- بابا
- نعم يا بنتي
- هو انا اللي عملته غلط ؟ ، لما رحت و قلت للشيطان على كل حاجة ، انا كدة انانية صح! ... عشان مفكرتش في الآنسه ريحانة اللي كانت بتثق فيا ، انا خنتها .. هي شايفاني خاينه يا بابا ، هي قالتلي كدة .
قالت الأخيرة و هي تزيد في البكاء ، فهي تشعر بالألم و الندم على ريحانة التي تراها الآن .. خائنه ، فرد والدها بسماحة
- هي بس عشان مصدومة قالت كدة ، و غير كدة دة حقها لأنها مكنتش تتوقع دة منك يا زهرة ، انتي اللي عملتيه مش غلط بالعكس صح .. بس الغلط اللي عليكي انك فكرتي في نفسك و فيا و في اهلك ف دي تعتبر انانية
و من ثم تنهد و اكمل
- بس تعرفي يا زهرة .. معرفة الشيطان لحقيقتها من الأول دة لمصلحتها هي كمان ، عشان غضب الشيطان دلوقتي اقل بكتير من غضبه لو كان اكتشف حقيقتها جديد ، فأنتي كدة خففتي عليها كتير
توقفت زهرة عن البكاء و اخذت تفكر بقول والدها و من ثم قالت و هي تؤيده على حديثه
- كلامك صح يا بابا ، لما فكرت دلوقتي عرفت ان دة لمصلحتها كمان
بعد ان انهى والد زهرة المكالمة ، قالت له والدة زهرة
- ها يا حج ، في اية؟
التفت و نظر لها و قال
- تعالي جوة نتكلم
انهى جملته و إتجه لغرفته ، فلحقته الآخرى .
..........................................................
دخل جلال قصره بخطواته الغاضبة ، و إتجه لغرفة مكتبه و دخله و توقف في منتصفه و هو يمرر نظراته حوله بتشتت في حين كان يتمتم بأسمها ، و من ثم سار بخطوات بطيئة للأريكة و جلس عليها و هو يمرر انامله من بين خصلات شعره في حين حدث نفسه بصوت خافت
- هعمل اية؟ .. ازاي هنقذها ، ريحانة .. ريحانة تحت ايد الشيطان ، انا مش هسمحله يأذيها .. مش هسمحله
قال الأخيرة بحدة و من ثم مد ذراعه للطاولة و دفع كل ما عليها بقوة و غضب ، و اكمل
- انا لازم اشوفلي حل ، لازم اساعدها ، بس .. بس ازاي؟
اسند مرفقيه على فخذيه و مال قليلا ليضع وجهه بين كفيه ، و بدأ في التفكير .
..........................................................
اشرقت شمس يوم جديد
خرجت عايدة من جناحها و وجهها يشرق من كثرة سعادتها ، و سارت في الممر و نزلت السلالم بهدوء حتى وصلت للطابق الرئيسي و سارت في ممره و فجأةتوقفت و اوقفت احدى الخادمات و سألتها
- الشيطان فين؟ .. في مكتبه؟
- لا ، سيدنا مش موجود في القصر
- ماشي
قالتها عايدة و هي تتخطى الخادمة و تكمل سيرها لخارج القصر .
..........................................................
في قصر عز الدين
كان الشيطان جالس على الكرسي المقابل لمكتب عز الدين ، و كان يضع قدم على آخرى و هو ينظر لعز الدين من بين دخان سيجارته .
- يعني عشيقتك الجديدة طلعت جاسوسة لجلال و انت كنت عارف! ، طيب لية خليتها حواليك مع علمك انها خطر عليك ؟
قالها عز الدين بتساؤل ، فرد الشيطان ببرود
- مكنتش خطر عليا
- ازاي؟ .. هي اكيد كانت بتاخد ورق منك و معلومات و بتوديها لجلال و...
- من الناحية دي متقلقش ، عشان كل الورق اللي كانت بتبعته لجلال كان بيجيلي اول و انا كنت ببدله بنسخه مزيفة و اخليها تتبعت لسي جلال
قالها الشيطان و هو يبتسم بمكر ، فضحك عز الدين بخفة و قال و هو يغمز للشيطان
- دة انت مطلعتش هين ابدا
- ابدا
قالها الشيطان بثقة قبل ان يضع سيجارته بين شفتيه ، فإبتسم عز الدين و هو يقول
- احسن ما فيك ثقتك بنفسك
فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية قبل ان يقول الآخر فجأة
- صحيح ... ناوي تعمل معاها اية؟ ، نفس عقاب اي خاين؟
ابعد الشيطان سيجارته من بين شفتيه و نفث دخانها و هو ينظر لعز الدين بجمود في حين لم يكن يظهر اي تعبير على ملامح وجهه ، بعد صمت دام لدقائق ، قال الشيطان بثبات
- لا
رفع عز الدين حاجبيه بإستغراب و قال
- لا!
نهض الشيطان و قال بهدوء
- عقوبه ايمن خلصت ، ف هيخرج النهاردة
بعد ان انهى جملته سار للباب و غادر الغرفة ... و القصر .
..........................................................
- جاية اساعدك لترجع ريحانة ليك .. في طريقة واحدة بس ، و هي انك تساوم الشيطان على حاجة
قالتها عايدة بهدوء و هي تنظر لجلال الذي كان يجلس امامها و هو ينظر لها بنظرات ضيقة مترقبة و هي تتحدث ، فقال بعد ان انهت قولها
- اية سبب مساعدتك ليا؟ ، اكيد وراكي حاجة
- هو انت دايما ظنك فيا وحش!
قالتها بحزن مصتنع و اكملت
- تصدق... أنا غلطانه لأني قلت لنفسي اني اساعدك انت و ريحانة
بعد ان انهت جملتها نهضت و اتت ان تغادر و لكنه اوقفها بقوله السريع و الذي كان يحمل نبرة تردد
- اساومة ازاي؟
فإبتسمت بإنتصار قبل ان تلتفت له و تقول
- هقولك
جلست في مقعدها مرة آخرى و قالت ببطئ
- تساومه بعبد الخالق
- عبد الخالق!
قالها بإستغراب و اكمل
- دة مات من زمان
- ممتش
قضب جبينه بإستغراب و هو يهتف
- نعم؟
- الحقيقة اللي متعرفهاش ، عبد الخالق .. جدو ، لسه عايش
حملق فجأة و اسكتته المفاجأة ، بينما اكملت
- هو موجود في قصر الشيطان في اوضة منعزله عن الباقي ، انا ممكن اساعدك ف...
قاطعها بقوله الحائر
- ازاي؟ .. هو مات قدامي و...
قاطعته ب
- ممتش بعد ما انت ضربته بالنار ، هو كان على وشك الموت بس الشيطان انقذه ، هفهمك بعدين كل حاجة بس تعالى نتكلم في المهم دلوقتي ، انا هساعدك في انك تدخل القصر و تاخده و تساومه مع الشيطان ب انه يرجع ريحانة مقابل عبد الخالق فبالتالي هيرجعهالك بالغصب
- اياكي تكوني بتلعبي بيا
قالها جلال بتحذير ، فإبتسمت عايدة و قالت
- متخفش ، عمري ما هلعب بيك
بعد ان انهت جملتها نهضت و قالت
- بص ، انا همشي دلوقتي عشان لازم ابقى في القصر قبل ما الشيطان يرجع ، بس انا و انت على اتصال عشان نكمل الخطة
- ماشي ، بس امتى هنفذ ؟
- في الوقت المناسب ... الوقت اللي انا هحدده
اومأ جلال برأسه و قال
- إتفقنا ، بس بسرعة
اومأت برأسها قبل ان تلتفت عايدة و هي تبتسم بإنتصار و خبث و هي تحدث نفسها
- شكرا يا جلال لأنك هتمشي ورا كلامي و خططي ، انت هتساعدني في اني اخلص منك و من ريحانة اللي هيفتكرها الشيطان انها هي اللي قايله ليك على عبد الخالق ، فهتبقى نهايتها و نهايتك في وقت واحد ، و انا ... هبقى قريبه من هدفي ، هيبقالي خطوتين و اوصله بعد ما ننفذ الخطة دي ، شكرا مقدما
..........................................................
حول تلك القضبان الحديدية ملقاه هي على الأرض الصبلة ، تنظر امامها بجمود في حين دموعها تسيل على وجنتيها بهدوء فتختلط بالدماء التي تسيل من انفها ، كانت كلماته اللذعه تتردد في اذنها " عمري ما ميلت لواحده و لا هميل .. خاصا لواحده مستعملة من قبل " كلماته تلك اخترقت ضلوعها إلى حد اصبحت تتألم بداخلها بل تنزف فكلماته قاسية جدا عليها ، اغمضت عينيها بقوة في حين ارتفع صوت بكائها .
- انسه ريحانة
قالتها زهرة بحزن و هي تقف امام القضبان الحديدة و تنظر لريحانة بأسف ، ففتحت ريحانة عينيها و نظرت لزهرة ، فقالت زهرة
- انتي كويسة؟
فإبتسمت ريحانة بإستخفاف و قالت بصوت يكاد يسمع
- كويسة اوي ، مش شايفه !
أخفضت زهرة رأسها بإحراج و تمتمت
- اسفه
ابعدت ريحانة نظراتها عن زهرة و هي تضع كفيها على الأرض لتساند جسدها على النهوض و لكنها لم تستطع على النهوض بشكل كامل ، فجلست و زحفت حتى ساندت ظهرها على الحائط بجانب القضبان مباشرا ، فرفعت زهرة نظراتها لها و من ثم تقدمت و توقفت امام ريحانة و جثت على ركبتها و مدت يدها من بين القضبان بزجاجة ماء و قالت
- اشربي شوية
نظرت لها ريحانة بتعب و مدت يدها لتأخذها و قبل ان تصل للزجاجة صرخ الحارس ب
- ممنوع تشرب ميه
نظرت له زهرة من فوق كتفها و هي تلويه ظهرها و تقول
- عارفه ، بس هي عطشانه ، فحرام
- اسف ، مينفعش نخالف الأوامر
تنهدت زهرة بآسى و هي تنقل نظراتها لريحانة التي اعادت وضع يدها بجانبها ، فقالت زهرة
- كنت عايزه اساعدك بس ....
قاطعتها ريحانة ب
- عادي
..........................................................
توقف الشيطان امام الشاحنة ، فتقدم احد رجاله و فتح الشاحنة و اخرج منها صندوق -من الكرتون- و وضعه امام الشيطان ، فمد الأخير كفه فوضع الحارس مشرط في كف الشيطان ، فبدأ الشيطان في فتح الصندوق بواسطة المشرط ، و بعد ان فتحه نظر لما يوجد بداخله ، فقال لسائق الشاحنة
- الأسلحة دي يتولع فيها
قضب السائق حاجبيه بإستغراب في حين هتف
- يتولع فيهم؟
- ايوة ، بس مش انت اللي هتولع فيهم
قال الأخيرة و هو يشير لحراسه ليتقدموا ، فهتف السائق بحيرة
- يا سيدنا مش دي اسلحتك ، هتولع فيها لية؟
- مش هحتاجهم
قضب السائق حاجبيه بإستغراب و من ثم التفت ليتصل بسيده ، و بعد ان اخبر سيده بما حدث اعطى الهاتف للشيطان
- يعني يا سيدنا تخليني اشيلها عندي الفترة دي كلها و في الأخر تولع فيهم!
قالها الآخر ، فرد الشيطان ببرود
- بمزاجي ، و غير كدة هبقى اعوضك
- مش موضوع تعويض بس حرام الفلوس اللي ضاعت في الأسلحة دي ، اية رأيك تبعهم ل...
قاطعة الشيطان ب
- شكلك خد عليا ، صح!
- اية؟ .. مش قصدي يا سيدنا ، اسف
ابعد الشيطان الهاتف من على اذنه و اعطاه للسائق و هو يقول لحراسه
- خدوا الأسلحة دي و ولعوا فيها او ارموها من على الجبل
بعد ان انهى جملته التفت و إتجه لسيارته و صعدها و غادر .
..........................................................
دخلت عايدة القصر و سارت في الممر و من ثم توقفت و هي تسأل احدى الخادمات
- الشيطان رجع؟
- لا
اومأت عايدة برأسها و هي تبتسم و تكمل سيرها حتى تصل للسلم و تصعده و كانت تحدث نفسها
- كويس جدا ان الشيطان مش في القصر ، هستغل الفرصة
وصلت للطابق الأخير و سارت في الممر و هي تنظر للأشخاص الذي يقفون خلف تلك القضبان فهي كانت تبحث عنها فوجدتها ، اقتربت من زنزانتها و توقفت امامها و هي تنظر لريحانة من فوق و تقول بطريقتها المستفزة
- اووبس ، ريحانة!
رفعت ريحانة رأسها بصعوبة و نظرت لعايدة بتعب ، بينما اكملت عايدة ببراءة مصتنعة
- لما عرفت انك اتكشفتي زعلت عليكي ، قوليلي عامله اية؟ ، كويسة؟
انزلت ريحانة رأسها و هي تتنهد بضيق ، فقالت عايدة
- مالك؟ ، مضايقه من قعدت السجن! .. معلش معلش فترة و تعدي
- مش نقصاكي يا عايدة ، امشي من هنا
قالتها ريحانة بحدة ، فهتفت عايدة بحزن مصتنع
- اخس عليكي ، انا جاية اطمن عليكي و اخفف عليكي و انتي....
قاطعتها ريحانة
- بطلي تمثيل .. انتي جاية تشمتي فيا
ضحكت عايدة و نزلت لمستوى ريحانة و قالت بخفوت شرس
- ايوة ، انا جاية اشمت فيكي ، الصراحة مش قادرة اقولك عن فرحتي لما عرفت انك خلاص اتكشفتي
- عارفه انك فرحانه فيا ، بس صدقيني فرحتك مش هدوم
- لا هدوم
قالتها عايدة بثقة قبل ان تنهض و تلتفت للحراس و تقول له
- في اوامر جديدة من الشيطان بيقولكم انقولها للسجن الفردي .. سجن التعذيب اللي في السطح
- سجن التعذيب؟ ازاي و السجن دة بارد و خطير ، و سيدنا مش بيسجن فيه حد
- لا ، المرادي هيسجن ، يلا نفذ اوامره
نظر لها الحارس بتردد ، فقالت
- لو مش متأكد روح و اسأل الشيطان
فأومأ الحارس و التفت و هو ينوي على النزول ليسأل الشيطان ، فأسرعت عايدة بقولها
- الشيطان ادى اوامر ان محدش يزعجه ، فلو رحتله دلوقتي و ازعجبته ... أنت عارف هيعمل فيك اية
التفت الحارس لها و قال
- طيب اعمل اية دلوقتي؟
- نفذ اوامره
اومأ برأسه و قال
- حاضر
و من ثم إتجه للزنزانة و فتح بابها و دخل هو و حارس آخر و تقدموا منها و امسكوها من ذراعيها ، فهتفت ريحانة بجزع
- في اية؟
لم يجيبوها حيث اصبحوا يجروها خلفهم ، فنظرت ريحانة لعايدة بشك قبل ان تختفي من امامها حيث إتجهوا بها لممر مظلم و صعدوا بها سلم ضيق حتى وصلوا امام غرفة صغيرة .. فتحوها ، فكانت مظلمة ، دخلوها و القوها بداخلها فنظرت حولها بفزع و خوف و هي تقول بصوت مرتجف
- جبتوني هنا لية؟ .. ها
نظرت لهم فوجدتهم يغادرون ، فهتفت بخوف
- لا . متسبونيش هنا ، لا
نهضت بصعوبة و اسرعت للباب لتلحقهم ولكنهم اغلقوه قبل ان تصل إليه ، فأصبحت تطرق على الباب و هي تصرخ ب
- افتحولي ، انا خايفه
مررت نظراتها حولها بحذر و خوف ، فأرتعش قلبها و هي ترى ذلك الظلام يعم المكان ، فأصبحت تطرق على الباب بكل قوتها و هي تبكي و تقول
- افتحولي ، امانة عليكم ، انا خايفه ... أفتحولي ، متسوبنيش
التفتت و اسندت ظهرها على الباب و هي تنظر حولها و تزيد في بكائها، ضمت كفيها المرتجفتين لبعضهما و هي تهمس برجاء
- متسبونيش ، انا خايفه ... خايفه
ارتفع صوت شهقاتها و هي تبتعد عن الباب بعد ان خاب املها في فتحهم للباب و سارت في إتجاة زاوية الغرفة و جلست و ضمت قدميها لصدرها و اصبحت ترتجف بقوة.. بسبب شعورها بالخوف و الرعب .
..........................................................
وصل الشيطان للقصر و سار في الممر و هو ينوي ان يتجه لمكتبه و لكنه غير وجهته و صعد السلم حتى وصل للطابق الثالث و قبل ان يكمل صعوده اوقفته خادمة عبد الخالف بندائها
- سيدنا الشيطان
التفت و نظر لها ، فأكملت و هي مخفضة الرأس
- السيد عبد الخالق عايزك
نقل نظراته لغرفة عبد الخالق و من ثم سار في إتجاه الغرفة و دخلها .
- كنت عايزني ؟
قالها الشيطان و هو يجلس على الكرسي الموضوع بجانب سرير عبد الخالق ، فرد الأخير بعتاب
- اه عايزك ، مش بتسأل عليا و لا بتيجي تشوفني لية ؟ ، هو انا مش جدك ؟
إبتسم الشيطان و قال بإعتذار
- اسف ، انشغلت شوية
رمقة عبد الخالق بضيق قبل ان ينقل نظراته بعيدا عنه ، فتنهد الشيطان و امسك بيد عبد الخالق و قال
- معلش بقى انشغلت شوية ، قلبك كبير
نظر له عبد الخالق و قال
- لا .. قلبي صغير
إبتسم الشيطان بصدق ، فأردف عبد الخالق بمرح
- حلوة الإبتسامة دي
تلاشت إبتسامته ، فقال عبد الخالق
- يا رخم
- صحتك عاملة اية؟
- كويسة ، انت
- كويسة
- باين عليك
قالها عبد الخالق بغموض ، فقضب الشيطان جبينه و قال
- قصدك؟
- مش قصدي
قالها عبد الخالق و هو يبتسم بخبث ، فنظر له الشيطان بعيون ضيقة و قال
- عليا!
- الساعة كام ؟
قالها عبد الخالق ، فنظر الشيطان في ساعته و هو يقول
- غير الموضوع ، الساعة اربعة
- طيب اخرج بقى ، عايز ارتحلي شوية
- بتطردني؟
- ايوة ، يلا
نهض الشيطان و قال
- ماشي ، بس مقلتليش .. كنت عايز اية مني؟
- مكنتش عايز حاجة، بس حبيت افكرك ان عندك جد تسأل عليه
اقترب منه الشيطان و مال حتى وصل لرأسه و قبل جبينه و قال
- طبعا فاكرك ، عشان انت اللي باقيلي
إبتسم عبد الخالق بسماحة ، فأبتعد الشيطان و ابتسم له و من ثم غادر الغرفة و إتجه للسلالم و قبل ان يصعدها اتاه اتصال ، فرد
- سيدنا الشيطان ، رجالة الصفقة الجديدة وصلوا القرية و احنا اهو في الطريق لقصرك يا سيدنا
قالها الطرف الآخر ، فرد الشيطان
- ماشي ، مستنيكم
انهى المكالمة سريعا و نظر للسلالم العلوية لبرهه قبل ان ينزل السلالم ليصل للطابق الرئيسي و يتجه لمكتبه و يدخله .
..........................................................
الساعة السابعة مساءا
خرج الشيطان من مكتبه بعد ان انهى مقابلته مع رجال الصفقة الجديدة ، و إتجه للسلم و صعده حتى وصل للطابق الأخير و سار من بين الزنزانات حتى توقف امام زنزانة ايمن الذي كان يستعد للخروج
- شكرا لأنك خرجتني
قالها ايمن و هو يخرج خارج الزنزانة ، فنظر لها الشيطان بجمود و قال
- ياريت تتوب عن عمايلك ، و تبعد عن جلال
- هبعد ، صدقني
اومأ الشيطان برأسه ، فقال ايمن
- تقبل اكون واحد من رجالك؟
- هجربك
اومأ ايمن برأسه و هو يبتسم و يغادر ، بينما التفت الشيطان و سار بخطوات ثابتة إتجاة زنزانتها و توقف امام الأخيرة و قضب جبينه بإستغراب و هو يقول للحارس
- فينها؟
- نقلناها لسجن التعذيب
التفت الشيطان بسرعة و هتف بحدة
- نعم؟
- نفذنا اوامرك يا سيدنا
- انت مين امرك تعلم كدة
قالها بصراخ غاضب ، فخاف الحارس و قال بتلعثم
- انت يا سيدنا ، انت اللي امر...
قاطعه الشيطان بلكمة قوية وجهها لوجه الحارس الذي سقط على الأرض على اثر اللكمة .
- حسابك بعدين
قالها الشيطان بتوعد من بين انفاسه الغاضب و هو يتراجع للخلف و من ثم التفت و ركض في الممر المظلم و صعد السلم الضيق بسرعة و عجلة حتى وصل امام الغرفة الصغيرة ، و مد يده و فك المغلاق الحديدي.. ففُتح الباب و ظهرت هي .
كانت مستلقيه على الأرض ، تضم قدميها لصدرها و هي ترتجف من البرد و الخوف ، كان وجهها شاحب و عينيها حمراوتين و شفتيها مائله للزرقة و اطراف اصابعها متجمده ، فإتسعت مقلتيه و تقدم منها بخطوات سريعة و جثى على ركبته و هو يهتف بأسمها بقلق
- ريحانة
مد كفه لوجهها البارد و ضمه و قال
- ريحانة .. اصحي ، ريحانة
لم يجد اي إستجابة منها ، فشعر بالخوف عليها ، فأسرع و حملها بين ذراعيه و نهض بها و سار بها لخارج الغرفة و ما لبث ان توقف و هو ينظر لها بعد ان سمعها تتمتم بشيء لا يفهمه ، حاول ان يفهم ما تقوله ففهم ، فهي كانت تتمتم ب
- بابا ... ساعدني ،بابا ، انا خايفه
شعر بالحزن لأجلها و الذنب ، فقربها له اكثر و همس في اذنها بندم
- انا معاكي .. متخفيش
ففتحت عينيها بصعوبة بعد قوله و نظرت له و إبتسمت إبتسامة باهتة متعبة و هي تخرج صوتها بصعوبة
- انت جيت ... يا بيجاد
بعد ان انهت جملتها المتقطعة سندت رأسها على صدره و اغمضت عينيها و استسلمت لإغمائها .