الجزء 21
كانت نظراته باردة في البداية و لكن بعد قولها الأخير شعرت بإضطراب حدقتيه و ذهولها بعض الشيء ، فأكملت و هي تحدق في حدقتيه اكثر
- ايوة .. انا حبيتك ، مش مهم امتى و ازاي عشان انا نفسي معرفش ، بس اللي اعرفه اني وقعت خلاص فهتلحقني قبل ما اقع اكتر ولا؟
قالت الأخيرة بمزاح و هي تبتسم إبتسامة جذابة ، فصمت لبرهه قبل ان يقول بجمود يخفي خلفه اضطراب مشاعره
- مش ملاحظه انك بتتخطي الحدود ؟
- مفيش حدود ما بينا
قالت جملتها و هي تمرر اناملها على لحيته الخفيفة و تكمل
- و لو فيه انا هتخطاها .. اصل مش بأيدي الموضوع دة
رفع كفه لكفها الموضوع على وجنته و امسك به و ابعده ببطئ و هو يقول
- الأحسن انك متحاوليش تتخطيها تا...
قاطعته بقولها المتحدي
- هتعمل اية يعني؟ ، انا مبقتش اخاف منك
احتدت نظراته في حين ضغط على كفها بقوة ، فقضبت حاجبيها بإستنكار و هي تقول بضيق و عتاب
- هتضربني تاني ؟
- ريحانة
قالها و هو يجز على اسنانه ، و اكمل و هو يضيق عينيه
- عايزه توصلي لأية بظبط ، اية غرضك من حركاتك دي؟
- مليش غرض ، هو الحب الأيام دي بقى ليه غرض معين؟!
قالت الأخيرة بضيق ، فترك كفها و قال بطريقة احزنتها
- في .. مثلا عايزه تحمي نفسك و حياتك
- انت لية دايما بتفهم و بتحلل غلط !
قالتها بعتاب و حزن ، فرد بإستخفاف
- يعني عايزه تقنعيني انك فجأة كدة حسيتي بالكلام دة !
- لا مش فجأة حسيت بكدة ، انا كنت حاسه بحاجة من نحيتك من فترة بس مكنتش متأكدة او بمعنى اصح كنت متشتته من بين مشاعري
- و اية اللي خلاكي تتأكدي من مشاعرك!
- حاجات كتير
- زي؟
- زي شعوري لما بكون جمبك ، بحس براحة و أمان و ...
قاطعها بتهكم بارد
- كلام افلام
اغتاظت من قوله ، فرمقته بضيق و هي تقول بإستنكار
- كلام افلام! ... على فكرة ردودك مستفزة و بضايق
قالت الأخيرة بإنفعال و تلقائية ، فإبتسم إبتسامة جانبية مستفزة و هو يقول
- دة انا
- لا دة مش انت ، دة الشخص اللي انت بتصتنعة
نظر لها نظرة عابرة و هو يتخطاها و يقول
- بترغي كتير و بتتفلسفي ، و انا مش فاضي لفلسفتك
التفتت و نظرت له بغيظ و من ثم هتفت بإنفعال
- على فكرة .. انت رخم
توقف قبل ان يصل للباب بخطوتين و نظر لها من فوق كتفه ببرود و هو يلويها ظهره ، و من ثم قال بجدية
- جهزي نفسك، هرجعك لجلال
..........................................................
- جلال الكلب اتهجم علينا يا زهرة
قالتها والده زهرة بغضب و هي تبكي ، و اكملت
- عشان عرف ان ريحانة عرفت حقيقته
شهقت زهرة بفزع و قالت
- و هو عرف منين انها عرفت؟
- معرفش يا زهرة ، معرفش
- طيب بابا كويس؟ اتأذى اوي؟ و انتي؟
قالتها زهرة بقلق و خوف على والديها ، فردت والدتها لتطمأنها
- إحنا كويسين
- اكيد؟
- اكيد يا بنتي ، هكدب عليكي لية !
- طيب خليني اكلم بابا ، عايزه اطمن عليه
- ماشي ، هوديله التليفون
- ماشي
بعد ثوان سمعت زهرة صوت والدها الضعيف
- ايوة يا زهرة
- بابا حبيبي ، انت كويس دلوقتي؟ ، حاجة وجعاك ؟
- رقبتي ملوحه بس
- سلامتك يا بابا ، انا اسفه بجد
- بتتأسفي على اية يا بنتي؟
- عشان اللي حصل بسببي
- متتأسفيش .. لأنه مش ذنبك يا زهرة
صمتت زهرة لبرهه قبل ان تقول
- قولي يا بابا حصل اية بظبط
- هقولك ، انا و امك كنا قاعدين في الصالة عادي ، فجأة لقينا حد بيخبط على الباب بطريقة جنونية لدرجة اني حسيت انه هيتكسر ، فأمك قلقت فقمت و فتحت ، و اول ما فتحت لقيت السيد جلال بيتهجم عليا و كان باين عليه العصبية ،قالي اني خاين و انه هيدفعني الدمن عشان قلنا للأنسه ريحانة الحقيقة و لما قلتله ان مش إحنا مصدقنيش و قالي ان مفيش حد يعرف بكل حاجة إلا انا
- ربنا ينتقم منه ، يارب نخلص منه بقى
قالتها والدتة زهرة بقهر ، فنظر لها والد زهرة بصرامة ، فصمتت ، بينما قالت زهرة
- طيب هتعمل اية دلوقتي يا بابا؟
- مش هعمل ، هو بأيدي اية اعمله ؟
تنهدت زهرة بحزن و قالت بأسف
- انا اسفه بجد ، كل دة حصل بسبب غبائي ، بس انا لساني في وقتها فلت و مقدرتش استحمل ان الأنسه ريحانة تحبه للدرجة دي و هو ميستاهلش
- انتي مغلطيش يا زهرة ، انتي اللي عملتيه صح ، اتأكدي
إبتسمت براحة بعض الشيء و من ثم قالت
- بكرة هاجي اطمن عليكم
- لا ، متجيش
قالها والدها بسرعة ، فقالت زهرة بإستغراب
- لية؟ ، في حاجة؟
- للأحتياط يا بنتي ، متجيش احسن
- لا هاجي ، انا عايزه اجي اطمن عليك و على ماما
- قلت متجيش
قالها والدها بصرامة، فتنهدت زهرة بآسى و قالت
- ماشي يا بابا
- هقفل دلوقتي يا بنتي عشان امك تدهنلي المرهم على رقبتي
- ماشي يا بابا ، انتبه على نفسك و على ماما .. سلام
بعد ان انهت المكالمة، وضعت كفيها على وجهها و اصبحت تبكي و هي تتمتم بقهر و آسى
- امتى هنخلص من كل دة بقى .. امتى؟
..........................................................
إتسعت مقلتيها بصدمة ، لم تتوقع انه سيعيدها لجلال بعد رفضه للأمر ، لما غير رأيه ؟ ، هزت رأسها بالرفض و هي تتمتم
- لا ، مش عايزه ارجعله
و من ثم اقتربت منه بخطوات سريعة حتى توقفت خلفه و قالت برجاء
- مش عايزه ارجعله يا بيجاد ، مترجعنيش ليه
شعر بالحيرة من رفضها للرجوع ، التفت ببطئ و نظر لها فوجد حدقتيها تلمع بالدموع بجانب نظراتها الراجية ، فقال بهدوء
- لية مش عايزه ترجعيله؟ ، مش دة حبيبك؟
- بطل تقول الكلمة دي بقى
قالتها بإنفعال و اكملت
- هو مينفعش يكون كدة ، الشخص اللي خدعني و استغلني و اذاني...مينفعش القبه بالأسم دة ابدا
قضب حاجبية و نظر لها بتعمق ، فقالت بصدق
- ايوة انا مش بحبه ، انا بكرهه ، انا بكره جلال ... سامعني
قالت الأخيرة بحدة و مع قولها نزلت دمعة على وجنتها ، فمسحتها بكفها و اكملت بإنفعال
- انت لسه قايلي انك هتعذبني و هتخليني جمبك و انك مش هتسلمني ليه ، لية غيرت رأيك ها؟
ظل يحدق بها لبرهه قبل ان يقول ببرود
- مزاجي
- يعني اية مز...
قاطعها بحدة
- انا قلت اللي عندي ، جهزي نفسك .. خلال يومين او يوم هسلمك ليه
انهى جملته و التفت و وضع كفه على قبضة الباب و قبل ان يبرمها سمعها تقول له بخفوت و هي تترجاه بصوت متحجرج
- بيجاد .. متسلمنيش ليه ، ارجوك
ظل واقفا في مكانه لوهله و هو يشعر بالتردد في رده فعله الذي يجب ان يفعلها الآن .. هل يتجاهلها؟ ، اتخذ قراراه ... برم قبضة الباب و غادر ، فأنخفضت تدريجيا حتى جلست على الأرض -نصف جلسة- و هي تزداد في البكاء ، نعم هي تبكي لأنها لا تريد العودة لمن كسر قلبها و اذاه ، و ايضا لرغبتها في البقاء بجانبه .. بجانب من احبته .. من تعهدت بأنها لن تتركه و بأنها ستساعده.
..........................................................
في احدى الأماكن المهجورة
كان جلال جالس على الأرض بإهمال و هو ممسك بكأس الخمر بأحدى يديه و باليد الآخرى كان ممسك بصورة ريحانة كان ينظر لصورتها بصرامة و هو يحدثها بصوت ثمل
- ريحانة ، انتي ليا .. انتي ملكي ، ها سامعة ، مش هسمح للشيطان يبعدنا .. مش هسمح لأي حاجة تبعدنا ، انتي بتكرهيني؟ .. لا ، مستحيل تكرهيني اساسا لأنك بتحبيني ، انتي هتفضلي جمبي و هتفضلي ليا ، سامعه
قال الأخيرة بصريخ قبل ان يلقي بالصورة بعيدا .. بغضب ، مسح وجهه بكفيه و هو يتمتم
- ريحانة ليا ، ريحانة ملكي
استلقى على الأرض و هو مازال يتمتم بتلك الكلمات ، و اغمض عينيه و نام سريعا .
..........................................................
" الساعة الحادية عشر مساءا "
خرج الشيطان من الحمام و هو يجفف شعره بالمنشفة ، تقدم من السرير و توقف امامه في حين كان يلقي بالمنشفة على الكومود ، اعتلى السرير و اراح جسده في مكانه ، لم ينظر لها ولم تحن منه إلتفاته حتى ، وضع ذراعه على جبينه و اغمض عينيه بهدوء و ما لبث ان فتحهما عندما شعر بها و هي تضع رأسها على صدره و تقول بهدوء
- بم ان النهاردة اخر يوم لينا ، خليني نايمه في حضنك
بعد ان انهت جملتها مررت ذراعها لكتفه حتى استقر كفها عليه ، و اكملت بخفوت حزين
- لآخر مرة
بعد قولها ساد الصمت ، حيث اغمضت ريحانة عينيها لتنعم بلحظاتها معه ، بينما هو ... ظل ينظر لها من فوق لبرهه قبل ان ينقل نظراته للهاوية بجمود و شرد
- جلال ... ازاي اذاكي و استغلك ؟
قالها الشيطان فجأة ، ففتحت عينيها ببطئ و ظلت صامته لبرهه قبل ان تقول بهدوء
- لية بتسأل؟
- عادي
قالها بجمود ، فصمتت لبرهه قبل ان تقول بمرارة و ألم
- مش هينفع
مرت دقائق و لم تسمع منه اي رد على قولها ، فرفعت نظراتها له فوجدته مغمض العينين ، فتنهدت قبل ان تبتسم بحزن و تعيد نظراتها امامها و تقول بألم
- سرقني .. بدون ما احس و استغلني ، و كدب عليا كتير لدرجة ان كدبه وصل لأنه يخليني عاقره ، بعد ما قتل ابني
قالت الأخيرة بحرقه في حين سالت دموعها على وجنتيها حتى استقرت على سترته ، و اكملت
- دة المختصر و يعتبر هوامش بس ، فقولي .. ازاي عايزني ارجعله بعد اللي عمله فيا؟ ، انا لو رجعت لجلال يبقى ريحانة خلاص راحت ، لأني هبقى عايشه معاه غصب .. عايشه معاه بدون روح ، هبقى حاجة ملكه بيتصرف فيها زي ما هو عايز ... زي ما كان بيحصل في السنتين اللي كنت عايشاهم معاه ، كنت مخدوعه فكنت ماشيه وراه و موافقاه في كل حاجة ، حتى مكنتش بعترض على حاجة
تنهدت بعمق و هي تمسح دموعها بكفها و تبتسم بحزن و تقول بهمس
- بس عادي ، هستحمل .. عشان جدو يرجع سليم
انهت جملتها بدمعة حارة سالت من جفونها ، فمسحتها و من ثم اغمضت عينيها لتنام ، بينما في الناحية الآخرى فهو كان مستيقظ و كان قد سمع اقوالها التي اشعرته بالغضب .. الغيظ .. الألم .. الحزن .. الشفقة ، نعم هو شعر بكل ذلك من اجلها ، فتح عينيه و نظر لها من فوق بنظرات متداخله و هو صامت ، ظل على هذا الحال لفترة وجيزة ، و من ثم ابعد نظراته عنها و هو يتنهد بضيق قبل ان يعود و ينظر لها و هو يمرر كفه على ظهرها حتى استقر على شعرها و بدأ يمسح عليه برفق و حنان ، و من ثم اغمض عينيه بهدوء لينام هو ايضا .
..........................................................
اشرقت شمس يوم جديد
داعبت اشعة الشمس وجهها ففتحت عينيها بإنزعاج و هي ترفع كفها و تضعه على وجهها و مرت دقائق و ابعدته و هي ترفع نظراتها له ، مازال نائم ، فأصبحت تتأمله و هي ترسم على وجهها إبتسامة عاشقة جذابة ، و فجأة تبدلت إبتسامتها إلى إبتسامة حزينة ، فقد تذكرت انه سيعيدها لجلال و انها ستتركه ، تنهدت بعمق قبل ان ترفع جسدها و تبتعد عنه و تنزل من على السرير لتتجة للحمام .
..........................................................
في احدى الأماكن المهجورة
فتح جلال عينيه بتثاقل و مررها حوله بتشتت قبل ان يسند جسده ليعتدل و يصبح في وضع الجلوس ، كان يشعر بألم في انحاء جسده و الصداع كان يتملكه ، فصرخ ب
- هاتولي ميه و قهوة ، بسرعة
بعد ان انهى جملته امسك برأسه و اصبح يدلكها و من ثم نزل لرقبته و فعل المثل ، فأصبح يخرج تأوهات في حين كان ينظر حوله باحثا عن هاتفه فوجده ، مد ذراعه و التقطه بكفه قبل ان ينهض و يتجة لخارج الغرفة بخطوات غير متزنة حتى توقف امام الأريكة المتهالكة و القى بجسده عليها و هو يهتف بحدة
- فين القهوة؟
بعد ثوان خرج الحارس و هو يحمل صينيه بها كوب ماء و فنجان قهوة ، و تقدم من سيده و قدمها له ، فأخذها الأخير و بدأ في شرب القهوة و بعد ان انهاها امسك بكوب الماء و سكب منه البعض في راحة كفه ليغسل بها وجهه ، و من ثم قال بعد ان اعاد ظهره للخلف
- ها ، اية الأخبار مع عبد الخالق؟
- حالته زي ما هي
قالها الحارس لجلال ، فأومأ الأخير برأسه قبل ان يشير بيده للحارس بأن ينصرف ، و من ثم امسك بهاتفه و اصبح يقلب فيه بشرود ، فقد كان يفكر ب .. ماذا قرر الشيطان؟ ، هل سيعطيه ريحانة مقابل عبد الخالق ام لا؟ ، وضع الهاتف بجانبه و نهض و إتجة للغرفة الذي يحتجز فيها عبد الخالق .
..........................................................
خرجت من الحمام و توقفت و هي تقضب جبينها في حين كانت تنقل نظراتها حولها باحثا عنه ، اين ذهب؟ ، تقدمت من السرير و هي مازالت تنقل نظراتها حولها و توقفت امامه و هي تزيل المنشفة التي تضعها على شعرها و تلقيها على السرير قبل ان تتجة للمرأة و تبدأ في تمشيط شعرها المجعد ، و بعد ان انتهت غادرت الجناح و سارت في الممر و هي تنوي ان تتجة لغرفة الطعام خاصا بعد ان سألت الحارس عنه ، و لكنها قبل ان تنزل السلم رأت عايدة وهي تنزل من فوق ، فألتفتت ريحانة و اعاقت طريق عايدة و هي تنظر للأخيرة بنظرات شرسة في حين رسمت على وجهها إبتسامة خبيثة و هي تقول
- عايدة ، ازيك يا حلوة ؟
توقفت عايدة و نظرت لريحانة ببرود و قالت
- احسن منك
- مفيش حد احسن مني هنا ، صحيح ... مش هتقوليلي مبروك لأني خرجت من السجن .. و بالسرعة دي
- لا مش هقول لأنك هتدخليه تاني
- تؤ تؤ ، مش انا اللي هدخله تاني ، دة انتي اللي هتدخليه فخلي بالك ، نصيحة من اختك
- اختي!
قالتها عايدة بإستنكار و هي تنظر لريحانة بطرف عينيها ، و اكملت
- ميشرفنيش يكون ليا اخت زيك
- لا انا اللي يشرفني
قالتها ريحانة بسخرية و إستخفاف قبل ان تلتفت و تغادر و هي تشعر ببعض من الراحة .
دخلت غرفة الطعام و جلست في مقعدها و هي تنظر له فقد كان يقرأ الصحيفة ، لاحظ انها تنظر له فرفع نظراته لها فأبتسمت ، لم يهتم حيث اعاد نظراته للصحيفة مرة آخرى ببرود ، فشعرت بالضيق من تجاهله ، فرمقتة بغيظ قبل ان تمسك برغيف من الخبز لتأكلها .
- هتكاليه لوحدة؟
قالها بهدوء دون ان ينظر لها ، فنظرت له بطرف عينيها و تجاهلته حيث وضعت الرغيف في فمها و قطمت منه و لم ترد ، طوق الصحيفة و وضعها بجانبه و هو ينظر لها بطرف عينيه في حين اشار للخادمة بأن تتقدم لتقدم الطعام .. و فعلت ، فبدأ في تناول طعامه بهدوء
- ريحانة
قالها بهدوء و هو يرفع نظراته لها ، فنظر له .. فأكمل
- قوليلي .. انتي فعلا هربتي من القاهرة؟
- ايوة.. بتسأل لية؟
- طيب ازاي وصلتي للقرية دي؟
- بتسأل لية؟
- مفيش حاجة اسمها لية ... انا اسأل براحتي و انتي تجاوبي
قالها ببرود و هو يضع قطعة من الجبن في فمه ، فرمقتة بضيق و اجابت
- معرفش ازاي وصلتلها ، انا فتحت عيني لقيت نفسي فيها
غمغم و سأل
- و لية هربتي من القاهرة ؟
نظرت له و تنهدت قبل ان تقول
- هربت عشان زهقت من حياتي ، حياتي اللي كانت عبارة عن فضايح امي و جوزها و مرمطي في شغلي و كلام الناس علينا
- و ابوكي فين؟
بعد سؤاله ...ظهرت سحابة حزن في عينيها ، في حين قالت بخفوت حزين
- بابا مات من و انا صغيرة
بعد قولها اخفضت رأسها ، فحدق بها بتعمق قبل ان يقول بخفوت
- وحشك؟
رفعت نظراتها التي تلمع بالدموع و هي تومأ برأسها بالإيجاب و تهمس
- اكيد وحشني
و اكملت بحزن
- اصل بعد ما راح كل حاجة في حياتي اتقلبت و اتغيرت
ظل ينظر لها لبرهه قبل ان يبعد نظراته عنها و يكمل طعامة بهدوء يظهره ، و فعلت هي المثل
- ازاي وصلتي لجلال؟
قالها بهدوء بعد تردد كبير ، فنظرت له لبرهه و قالت
- واحد خدني و وداني ليه ، او بمعنى اصح باعني ليه
رفع الشيطان نظراته لها و إبتسم بسخرية و قال بجمود
- كان لازم اتوقع انه اشتراكي
نظرت له بإستغراب فأكمل
- جلال بيشتري البنات و بيتسلى بيهم و بعدها بيرميهم ، بس انتي مرمكيش
- فعلا ..
قالتها بمرارة و اكملت
- مرمنيش بس اذاني بضمير ، و انت هترميني للي اذاني
تبادلوا النظرات لدقائق بعد قولها ، و من ثم ابعد نظراته عنها و اكمل تناول طعامه ، فساد الصمت .
..........................................................
بعد مرور بعض الوقت
- قررت اية؟
قالها جلال للشيطان عبر الهاتف ، فرد الأخير
- هنتقابل فين ؟
إبتسم جلال بإنتصار و قال
- عند الحدود
- ماشي ، بعد ساعتين هبقى هناك ، هستناك انت و جدو
- اتفقنا ، و انت جيبها معاك
ابعد الشيطان الهاتف من على اذنه و وضعه في جيبه قبل ان يسير بخطوات هادئة إتجاة السلم و يصعده حتى وصل للطابق الثاني .. فإتجة لجناحه و قبل ان يصل له توقف و التفت عندما سمع نداء عايدة ، تقتدمت منه و قالت
- هتعمل اية مع جدو؟ امتى هيرجعلنا بالسلامة؟
- النهاردة
قالها ببرود ، فقالت بسعادة مصتنعة
- بجد! .. اخيرا جدو هيرجعلنا بالسلامة
نظر لها نظرة عابرة باردة قبل ان يلتفت و يتجة لجناحه .
دخل جناحه و سار فيه حتى توقف امام السرير و هو ينظر لها بإستغراب فقد كانت تمسك بنديل من القماش و تظرزه بأدوات التطريز فهتف ب
- بتعملي اية؟
رفعت رأسها و نظرت له و إبتسمت و هي تقول
- انت شايف اية؟
رمقها بضيق و سأل
- جبتي الحاجات دي منين؟
- طلبتها من واحدة من الخدم فجبتهالي
غمغم بهدوء قبل ان يلتفت و يتجة للخزانة ، في حين عادت هي لما كانت تفعله .. و ساد الصمت حتى قطعه و هو يلتفت و يبدأ في خلع قميصه
- يلى قومي و اجهزي
رفعت نظراتها له و قالت بتساؤل
- اجهز لية؟ ، هنروح في حته؟
- نسيتي اني هرجعك النهاردة لجلال!
صمتت لبرهه و هي تنظر له قبل ان تقول
- لا منستش ، بس مكنتش اتوقع ان بالسرعة دي ، شكلك عايز تخلص مني بدري بدري
قالت الأخيرة بمزاح ممزوج بالحزن ، فقال بجمود
- لخصي و قومي
- طيب استنى اخلص اللي بعمله ، عشر دقايق بس
بعد ان انهت قولها شهقت بخجل و هي تهتف بذهول ممزوج بالإحراج
- انت بتقلع قدامي!
اغلق سحاب جاكيته و من ثم نظر لها ببرود قبل ان يلتفت و يتجة للحمام و يدخله .
بعد مرور عشرون دقيقة ،،،،
خرجت ريحانة من الحمام بعد ان ارتدت ملابسها ، إتجهت للمرأة حتى توقفت امامها و بدأت في تمشيط شعرها و بعد ان فعلت ، التفتت له ، فقال و هو ينهض من على الأريكة
- يلى؟
- ايوة، بس ثانية
بعد ان انهت جملتها إتجهت للسرير سريعا و اخذت ذلك المنديل القماشي التي كانت تطرزه و عادت و توقفت امامه و قالت بحماس
- بيجاد ، دة ليك .. اتفضل
قالت كلمتها الأخيرة و هي تمد كفها الممسك بالمنديل و تقدمه له ، فنظر للأخير و من ثم نظر لها و قال
- بمناسبة اية دة ؟
- وداعنا
قالتها و هي تبتسم بحزن في حين لمعت عينيها بالدموع ، فظل ينظر لها لبرهه قبل ان ينظر للمنديل و يأخذه منها ، فقالت
- تبقى تفتكرني بيه ، هو شكله مش حلو اوي بس ماشي حاله ، و لا اية ؟!
نظر لها مرة آخرى فلمحها تسجن دموعها تحت اجفانها قبل ان تخفض رأسها و هي تطبق جفونها للحظات ثم تعود لتفتحهما و ترسم إبتسامة هادئة و هي تقول
- يلى
انهت قولها و التفتت و إتجهت لباب الجناح في حين ظل ينظر لها لبرهه قبل ان ينقل نظراته للمنديل الذي يمسكه بين كفه ، وضعه في جيبه و سار خلفها .
..........................................................
- الشيطان و ريحانة مشيوا من القصر ، هما جاينلك
قالتها عايدة لجلال عبر الهاتف ، فقال الأخير
- ماشي
- انت اتحركت؟
- لسه
- طيب تبقى تقولي على اللي هيحصل
- ماشي
- هستنى إتصالك
- سلام
قالها جلال بنفاذ صبر قبل ان يغلق الخط ، و من ثم التفت و نظر لحارسه و قال
- يلى هنتحرك ، فهاتوا عبد الخالق للعربية
- حاضر يا سيدنا
قالها اثنين من حراسه قبل ان يذهبوا ليجلبوا عبد الخالق ، في حين ذهب الباقي خلف سيدهم .
..........................................................
في الموعد المحدد
ترجل الشيطان من سيارته بعد ان فتح له الحارس الباب ، تقدم من جلال الذي كان يتقدم ، توقفوا مقابل بعضهما .
- فينها؟
قالها جلال و هو ينظر لسيارة الشيطان ، فقال الأخير
- سلمني عبد الخالق الأول
ضحك جلال بإستخفاف و قال
- اسلمهولك عشان تاخده و تهرب!
- انا مش زيك عشان اهرب بعد ما اخد اللي عايزه
نظر له جلال بغيظ و قال بجمود
- خلاص ، سلم و استلم في نفس الوقت
اومأ الشيطان برأسه قبل ان يشير بكفه لأحدى حراسه لكي يخرج ريحانة من السيارة ، في حين نقل جلال نظراته لسيارة الشيطان و ظل ينظر للأخيرة و هو ينتظر ظهور ريحانة ، فقال الشيطان بصرامة
- هتفضل واقف كدة!؟
نظر له جلال بضيق قبل ان يشير لحراسه بإشارة يعرفها حراسه جيدا .
ترجلت ريحانة من السيارة و هي تنظر لهم من بعيد ، تقدمت منهم و هي تسمع صوت دقات قلبها السريعة ، فهي تشعر بالخوف.. القلق و التوتر .. الغضب! ، توقفت على بعد امتار منهم و هي تركز نظراتها على جلال الذي كان ينظر لها بلهفة و اشتياق و قلق .
- ريحانة .. وحشتيني يا حبيبتي
قالها جلال و هو يتقدم منها و لكن الشيطان اوقفه عندما امسك بذراع جلال ، فنظر الأخير له ، فقال الشيطان بجمود
- لسه ، مش دلوقتي
قضب جلال حاجبيه بضيق و هو يسحب ذراعه من قبضة الشيطان و يتراجع للخلف حتى توقف خلف كرسي عبد الخالق المتحرك و قال
- اهو جدك .. خده
اشار الشيطان لآحدى حراسه بالتقدم ، ففعل ، فقال الشيطان
- خده للسيارة بس براحة
اومأ الحارس برأسه و إتجة لعبد الخالق و امسك بكرسيه و بدأ في جره حتى وصل للسيارة ، فقال جلال
- اهو انت خدته ، اديني ريحانة
- سايبهالك
قالها الشيطان ببرود و هو يلتفت و يسير بخطواته الهادئة إتجاة سيارته فسار من جانبها و توقف عندما سمعها تناديه بخفوت
- بيجاد
لم يلتفت لها و لكنه كان يعلم انها تنظر له بنظرات حزينة مودعة او راجية ، اكمل طريقة قبل ان تقول شيء و صعد سيارته و غادر ، في حين تقدم جلال من ريحانة بخطوات سريعة و احتضنها من الخلف و هو يقول
- و اخيرا رجعتيلي ، خلاص مفيش حاجة هتقدر تفرقنا
كانت نظراتها الحزينة تتابع حركة سيارة الشيطان و هي تبتعد عنهم شيئا فشيء ، تنهدت بآسى و ألم عندما اختفت السيارة من امام عينيها تمام و اخفضت رأسها و هي تمسح عينيها من الدموع في حين ابتعد جلال عنها و ادارها ليصبح وجهها مقابلا له و اكمل
- تعرفي قد اية كنت قلقان عليكي و انتي هناك خاصا و انتي معاه
نظرت له بجمود و قالت
- ممكن نمشي من هنا؟
- اكيد ، يلى
قالها و هو يمسك بكفها و يسحبها خلفه للسيارة .
..........................................................
في سيارة الشيطان
بعد ان انهى الشيطان مكالمته مع الحكيم وضع الهاتف بجانبه و نقل نظراته لتلك الصحراء من خلف الزجاج و شرد فيها .. في نظراتها ، في صوتها و هي تناديه ، في كل شيء يخصها ، فجأة هكذا شعر بأنه يفتقدها و بهذه السرعة ! ، اخفض رأسه و هو ينظر للمنديل الذي يخرجه من جيبه ، هذا المنديل الذي اعطته له ، ظل ينظر له لدقائق و يتلمسه قبل ان يقربه لأنفه و يشمه .
- وقف العربية و ارجع للحدود