الجزء 27
تجمدت ملامح وجهه و ظل صامتا قبل ان يقول بخفوت جامد
- قولتي اية؟
نظرت لحدقتيه بتمعن و هي تقول
- قلت.. النهاردة عيدميلادي ، فحبيت اشارك عيدميلادي مع جوزي .. عندك مانع؟
قالت الأخيرة برقة ، فرسم على شفتيه ببطئ إبتسامة جانبية مستخفة و هو يقول
- لا معنديش مانع ، بس عايز اعرف هو مين جوزك اللي هتشاركية عي...
قاطعته بهدوء
- انت .. انت جوزي
حدق بها لبرهه قبل ان يقهقه بسخرية هو يبتعد عنها و يقول
- انا! ، منين جبتي الكلام دة!
توقفت تنظر له بذهول من تصرفه ، بينما اكمل بسخرية
- شكل حبك ليا خلاكي تتخيلي حاجات وهمية
- بس زهرة سمعتك
هتفت بها سريعا ، و اكملت و هي تقترب منه و تقف مقابلة له
- هي سمعتك لما قلت اني مراتك و انك حرقت ورقتي انا و جلال
قهقه مرة آخرى قبل ان يلتفت و يتجة للخزانة و هو يقول
- ايوة ، قلت كدة بس الكلام دة مش حقيقي
حدقت به و هي لا تصدق ما يقوله ، فضحكت بإستخفاف و هي تقول بإستنكار
- مش حقيقي!
فتح الخزانة و اخرج منها سترة ليرتديها ، و فعل و هو يقول بهدوء
- ايوة
- انت كداب ، انت لية بتحاول تكدب الموضوع و تخبيه!
انهى ارتداء سترته و إتجة للطاولة ، فلحقته و و اعاقته قبل ان يصل للأخيرة و اكملت بهدوء و هي ترسم على شفتيها إبتسامة صغيرة
- على فكرة انا مش معترضة ، انت عارف اني بحبك ، و موافقة اني اكون مراتك
نظر لها بجمود قبل ان يتخطاها ليصل للطاولة و يطفئ جميع نيران الشمع ، فهتفت بإستنكار
- بتعمل اية؟ ، متطفهمش
نظر لها بطرف عينيه و سار للكومود ليطفئ الباقي ، فأسرعت و اعاقته و قالت بحزن
- النهاردة عيدميلادي ، متعملش كدة
لم ينظر لها و اتى ان يتخطاها ولكنها امسكت بذراعه و عادت لتقف امامه و قالت برجاء
- لوسمحت
و من ثم اقتربت منه اكثر و مدت كفها لوجنته لتحتضنها و تهمس له بعيون تلمع بالدموع
- لمرة واحدة بس عاملني كويس ، مرة بس
حدق بحدقتيها التي تترجاه فشعر بالضيق لأنها تترجاة لأمر هو يريد فعله و لكنه لا يستطيع فعله .. لماذ؟ ..لا يعلم! .
امسك بكفها الموضوع على وجنته و ابعده بهدوء و تخطاها ليطفئ نيران الشمع و فعل ، كانت تنظر له بخيبة امل و حزن بجانب افكارها التي تضارب في عقلها مع ذكرياتها معه .. ذكرياتها التي هاجمتها و اوصلتها إلى شعور الحسرة .
- خلصت! ، ارتحت !
قالتها بضيق ممزوج بالحزن ، بينما جلس هو على حافة السرير بهدوء ، فظلت تنظر له لبرهه .. تنظر لبرودة و لامبالاته لتندفع بقولها
- انت لية كدة ؟ ، لية بتعاملني بالطريقة دي ، لية مش بتحسسني اني مهمة بالنسبالك او على الأقل تقدرني ، النهاردة عيدميلادي و شوف انت عملت اية ، النهادة كنت عايزة يبقى يوم مميز .. يوم مميز معاك انت مع الشخص اللي حبيته
تنفست بعمق قبل ان تكمل بحزن و صوت متحشرج
- عايزة اعرف... انت لية مصر تهدم كل لحظة حلوة بحاول اعملها لينا ، انت بتهدم كل حاجة ببرودك
تقدمت منه و هي تكمل
- تعرف ان برودك دة بيدمرني .. بيخليني ايأس اني اوصلك
- محدش قالك توصليلي
قالها بثبات و هو يرفع نظراته لها ، فتوقفت في مكانها و حدقت به لبرهه قبل ان تخفض رأسها و تبتسم إبتسامة جانبية ساخرة و تقول بخفوت
- قلبي قالي ، و للأسف... مشيت وراه
- للأسف
قالها بتهكم و هو ينهض ليتخاطاها و لكنها اوقفته عندما امسكت بذراعه و هي مخفضة الرأس ، فنظر لها فقالت بصوت متحشرج
- لآخر مرة هسألك ، وعايزاك تجاوبني التفتت برأسها و نظرت له و اكملت
- شعورك ناحيتي اية ؟ ... مش بتكنلي اي مشاعر حتى لو لواحد في المية؟
تعمق في النظر لحدقتيها التي تنظر له بقلق و خوف من رده الذي سيجرحها ، فتح شفتيه و قبل ان يخرج حروفه اسرعت بقولها
- فكر في اجابتك لأني... هعتبر اجابتك الكرت الأخضر اللي يسمحلي بأني اكمل او الكرت الاحمر اللي بيقولي فوقي من وهمك
ضغط على قبضته بقوة و هو ينقل نظراته امامة قبل ان يقول اجابته ، فأغمضت ريحانة جفونها و قطعت انفاسها و هي تشعر بالخوف من اجابته المتوقعة .
- لا... مش بكنلك اي مشاعر ، و لا حتى لواحد في المية
سالت دموعها على وجنتيها و هي تفتح جفونها و تنظر له بألم قبل ان تعود لتلتقط انفاسها و تبلع لعابها و تقول و هي تحاول التماسك
- يعني اجابتك الكرت الاحمر
التفت و نظر لها ، فتركت ذراعه و هي ترسم على شفتيها إبتسامة حزينة لتكمل بصوت لم تستطيع جعلة طبيعيا
- شكرا على هديتك لعيدميلادي
انهت جملتها لتلتفت و تتجة للباب و تغادر ، بينما ظل الشيطان ينظر لها حتى اختفت خلف ذلك الباب و من ثم همس بألم و هو يتراجع للخلف
- اسف
خرجت ريحانة من جناحه و دموعها تنهمر على وجنتيها دون توقف ، و شعورها بالحسرة و الخيبة و الشفقة على حالها يمتلكها ، فقد ايقنت انه لا يحبها و ان كل ما شعرت به كان وهم منها ، نزلت السلالم و هي تزداد في نحيبها ، لم تلاحظ ذلك الهدوء المخيف ، فقد كان القصر خاليا من الحراس و هي تخرج منه ، توقفت بعد ان خرجت من بوابة القصر و التفتت لترفع رأسها و تنظر للأعلى حيث نوافذ جناح الشيطان فوجدته ينظر لها من خلف زجاج نافذته ، فهمست بقهرو هي تنظر له
- بكرهك يا بيجاد
بعد ان انهت جملتها وجدته يتراجع للخلف راكضا ، فقضبت جبينها بإستغراب و من ثم شهقت عندما وضع احدهم يده على انفها من خلفها، حاولت التملص ولكنها فشلت فقد شعرت بالدوار و خلال ثواني سقطت بين ذراعي ذلك الشخص فاقدة الوعي لاثر المخدر .
نزل الشيطان السلالم بسرعة و هو يتمتم بأسمها و هو يشعر بالخوف عليها .. بالخوف من ان يفقدها ، ركض في الممر بأكثر سرعة لديه و خرج من بوابة القصر ، حاول ان يزيد من سرعته ليلحق تلك السيارة التي اخذت ريحانة و لكنه فشل .
..........................................................
- روحتوا فين؟ ، ازاي تسيبوا القصر بدون حراسة
قالها الشيطان بغضب جامح لحراسه الذين يقفون امامة و هم مخفضون الرأس ، لا يعرفون بما يجيبونه ، فصرخ بهم مرة آخرى
- حد يجاوني
تنحنح احد الحراس و قال بصوت مرتجف بعض الشيء
- احنا جتلنا اوامر من حضرتك اننا ناخد استراحه و....
قاطعه الشيطان بصراخه الغاضب - و انتوا ازاي تصدقوا حاجة زي دي! ، انا من امتى بدي استراحه .
قال حارس آخر بندم
- اسفين يا سيدنا
فال آخر
- اسفين .. مكنش لازم ننخدع
التف الشيطان حول المكتب و جلس على الكرسي وهو يتنفس بغضب ، قال بصوت مرتفع شرس
- دورولي على جلال ، اعرفولي المكان اللي اخد فيه ريحانة
- حاضر يا سيدنا
- و انت يا صبري ، انشر في القرية خبر ان اللي يشوف جلال او يعرف مكانه يجي يخبر و ليه جايزة
قالها الشيطان لصبري " احد حراسه " ، فأومأ برأسه و من ثم انصرفوا جميعا ، فسند الشيطان مرفقيه على طاولة المكتب و وضع وجهه بين كفيه و هو يتنفس بخشونة و يتمتم بغضب و قهر
- انا غلطان .. انا غبي ، انا اللي سبتها
و من ثم بدا في ضرب طاولة المكتب بقبضته .
..........................................................
بعد منتصف الليل
فتحت ريحانة جفونها بصعوبة و نقلت نظراتها حولها بتشتت فقد كانت رؤيتها غير واضجة ، فقالت بوهن
- انا فين؟
- ريحانتي ، انتي معايا يا قلبي
قالها جلال ، فنظرت له و همست
- جلال!
و من ثم فقدت الوعي مرة آخرى
..........................................................
اليوم التالي
- يعني اية ملهمش اثر في القرية ، جبهولي من تحت الأرض
صرخ بها الشيطان ، فأومأ الحارس برأسه بخوف ، فأكمل الشيطان
- و دوروا في القرى اللي جمبنا و على الحدود
- حاضر يا سيدنا
و من ثم انصرف ، فجلس الشيطان على الأركية و هو يتمتم بتوعد
- مش هتفلت مني يا جلال ، مش هسيبك
..........................................................
اعتدلت ريحانة و هي تمسك برأسها الذي يؤلمها ، نقلت نظراتها حولها بعدم إدراك و نهضت من على السرير و إتجهت بخطوات بطيئة للنافذة و توقفت امامها لتنظر من خلف الزجاج على هذا المكان الغريب التي لا تعرفه ، نظرت للجبال القريبة بعض الشيء من مقرها ، فقضبت حاجبيها بإستغراب و هي تتسأل ... من اتى بها لهذا المكان؟ ، الشيطان؟! .
- صحيتي اخيرا ، صباح الخير... ريحانتي
قالها جلال و هو يدخل لغرفتها ، فأتسعت مقلتيها و التفتت سريعا بعد ان ادركت ان هذا صوت جلال ، و هتفت بصدمة
- جلال! ، انت...
قاطعها و هو يتقدم
- ايوة انا ، وحشتك صح؟
طبقت جفونها للحظات فلعلها تتخيل و لكنها ادركت انه امامها بالفعل بعد ان فتحت جفونها و وجدته ، فقالت بخفوت
- انا بعمل اية هنا ... معاك؟
وضع الصنية التي كان يحملها على الكومود و تجاهل سؤالها و قال بهدوء
- تعالي افطري... يلا
تقدمت منه و قالت بحدة
- جاوبني ، انا ازاي هنا ؟ و معاك؟
- انا جبتك
تذكرت ما حدث بالليلة الماضية ، فقالت
- قصدك خطفتني
- الاتنين واحد
قالها بهدوء و من ثم امسك برغيف الخبز و وضع فيه الكثير من الجبن و قدمه لها ، فأزاحت يده بحدة و قالت
- انا عايزة امشي من هنا ، مش عايزة ابقى معاك
نظر لرغيف الخبر الملقي على الأرض بهدوء و من ثم نقل نظراته لها و قال
- مش كدة عيب؟
إتجهت للباب بخطوات غاضبة و هي تقول
- انا همشي
نظر امامه و إبتسم و قال
- امشي .. و هجيبك تاني
فتحت الباب و غادرت ، فنهض و سار بهدوء خلفها ، نزلت السلالم سريعا و من ثم سارت في الممر و قبل ان تخرج من الباب الرئيسي صرخت بألم عندما امسك بشعرها بقسوة و جذبه له ليسير بها للداخل ، فهتفت بألم
- سيبني ، عايزة امشي
سحبها للأعلى و ادخلها غرفتها مرة آخرى و القاها على السرير بقسوة فتألمت ، قال بهدوء
- هتمشي و هتروحي فين؟ ، انتي مكانك هنا .. جمبي
رفعت رأسها ونظرت له و هي تبعد خصلات شعرها من على وجهها و قالت بحدة
- انا مكاني مش هنا
- امال مكانك فين؟ ، عند الشيطان!
قال الأخيرة بإستخفاف و اكمل بحزم
- انتي مكانك هنا.. جمبي ، حتى لو انا مش جوزك... فانتي ليا
انهى جملته و إتجة للباب ، فهتفت
- انا مش ليك
توقف امام الباب و نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهرها و قال بثبات
- مدام انتي مش ليا ، يبقى انتي مش لحد غيري
انهى جملته و غادر ، فأمسكت هي بالوسادة و القتها بحدة على الباب و من ثم بكت بقهر .
..........................................................
- سيدنا ، في واحد من اهل القرية عايز يقابلك
قالها الحارس للشيطان الذي قال
- مش عايز اقابل حد
اومأ الحارس برأسه و غادر ليخبر الآخر بما قاله سيده ، و بعد دقائق عاد الحارس و دخل للشيطان و قال
- سيدنا.. الراجل بيقول ان ليه فلوس عند حضرتك
- عندي!
- ايوة، بيقول انه وصل الانسة ...
قاطعة الشيطان بنفاذ صبر
- قله بعدين
اومأ الحارس برأسه و غادر ، بينما عاد الشيطان برأسها للخلف و هو يتنهد بعمق ، بعد دقائق دخل الحارس مرة آخرى ، فهتف الشيطان بغضب
- اية تاني؟
بلع الحارس لعابه بتوتر و قال
- السيد عز الدين برة
- دخله
بعد ثواني ، دخل عز الدين و جلس و هو يقول
- هو في اية ؟ ، لية رجالتك منتشرين في القرية كلها ؟ نظر له الشيطان و قال بوهن
- ريحانة اتخطفت
- نعم!
هتف بها عز الدين بصدمة و اكمل
- مين خطفها ؟
- جلال
- جلال يا ابن ال***
طيق الشيطان جفونة و تنفس بعمق ، بينما حدق به عز الدين و سأله بهدوء
- انت قلقان عليها؟
اومأ الشيطان برأسه ، فقال عز الدين
- باين عليك
فتح الشيطان و اقترب من طاولة المكتب ليسند عليها بمرفقيه و يقول لعز الدين
- ساعدني ، دور معايا عليها و اسألي ايمن على الاماكن اللي بتاعت جلال ، اكيد هو هيعرف لأنه كان من رجالة جلال
- حاضر
قالها عز الدين قبل ان ينهض و يتجة للباب و لكنه توقف في المنتصف ليلتفت للشيطان و يقول و هو يبتسم
- على فكرة... انا بدأت اشك فيك
قضب الشيطان جبينه بعدم فهم ، بينما التفت عز الدين و غادر
..........................................................
بعد مرور بعض الوقت
دخل جلال غرفة ريحانة فوجدها جالسة على الأريكة تضم قدميها لصدرها و هي تنظر من خلف زجاج النافذة بشرود ، فتقدم و هو يحمل علبة مجوهرات مسطحة يخفيها خلف ظهره ، و جلس خلفها على الأريكة و فتح شفتيه ليخرج حروفه و لكنها سبقته و قالت بجمود
- عايز اية
إبتسم و قال
-بصيلي ، عايز اديكي حاجة
- مش عايزاها
- هديكي هدية عيدميلادك
- قلت مش عايزة
تنفس بعمق قبل ان ينهض و يقف امامها و يجث على ركبتيه ، فنظرت له بضيق فأظهر العلبة و وضعها امامها و قال
- افتحيها
تجاهلته و ابعدت نظراتها عنه ، فمد يده و امسك بالعلبة و فتحها فظهر العقد المزيف الذي يخص الشيطان .
- جربيه ، اكيد هيبقى حلو عليكي
قالها جلال و هو يمسك بالعقد و يقدمه لها ، فأزاحت يده بحدة و قالت بشراسة
- مش هجرب حاجة و مش عايزة حاجة منك ، ابعد عني بقى
التفت برأسه و نظر للعقد الملقي على الأرض بهدوء و رسم على شفتيه إبتسامة جانبية غاضبة قبل ان يمد يده و يقبض على ذقنها بقسوة ، فصرخت بفزع و ألم فقال بهدوء مخيف
- بصي يا حبيبتي ، عشان نبقي عايشين مرتاحين لازم تبقي عارفه انك لو هتعامليني كويس هعاملك ملكة، و لو هتعاملين بطريقتك دي هعاملك بطريقتي و انتي جربتيها قبل كدة
انهى جملته و ترك ذقنها و نهض ليسير بضع خطوات ليأخذ العقد من على الأرض و يعود لها و يقول
- يلى .. جربيه
تجاهلته ، فألتف حول الأريكة ليقف خلفها و يطوق العقد حول عنقها ، فأمسكت بالعقد و القته على الارض مرة آخرى ، فطوق عنقها من الخلف بيده بعنف فتأوهت حتى ادمعت عينيها ، بينما اقترب من اذنها و همس
- حاولي تتأقلمي معايا خلال يومين عشان بعدها مش هتساهل معاكي يا... ريحانتي
ابتعد و سار للباب ولكنها اوقفته بقولها
- ومين قالك اني هبقى معاك ليومين كمان
نظر لها من فوق كتفه و هو يلويها ظهره و قال
- لية مش هتبقي؟ ، لتكوني متوقعة ان الشيطان هيجي لهنا عشان ياخدك !
قال الأخيرة بإستخفاف قبل ان بنقل نظراته امامه و يغادر .
نهضت من على الأريكة و إتجهت للسرير و استلقت عليه لتدثر جسدها تحت الغطاء و تضمه لها و هي تطبق جفونها و تهمس بحزن
- عارفة ، هو مش هيجي
..........................................................
صعد الشيطان السلالم حتى وصل للطابق الثاني و سار في الممر حتى انحرف يمينا ليقف امام باب جناحه ، وضع كفه على قبضة الباب و برمها بتردد ، تقدم للداخل بخطوات بطيئة و هو ينقل نظراته حوله ، توقف في المنتصف و هو يشعر بأنها حوله ، رائحتها تملئ المكان و صوت ضحكاتها و صراخها و تمردها يسمعه ، إرتسمت على شفتيه إبتسامة عندما تخيلها تتقدم منه و تهمس له بأسمه ، اكمل تقدمه و إتجة للسرير و جلس على حافته و ظل صامتا لبرهه ، مد يده و التقط وسادتها لينظر لها لبرهه قبل ان يقربها من انفه و يشم رائحتها و هو يضم الوسادة إليه و كأنها هي ، ضمها اكثر عندما قفزت في عقله فكرة انه سيفقدها و للأبد ، فهذة الفكرة تشعره بالخوف! .
..........................................................
- لو حد سألك عني قله معرفش عنه حاجة و اياك تجيب سيرة عن البيت اللي جبتهولي دة
قالها جلال للطرف الآخر الذي قال
- حاضر ، بس لية؟
- اعمل اللي بقولك عليه و بس
- حاضر
- بقولك ، هو انت عرفت حد اني هنا؟
- لا
- كويس ، و متعرفش حد
- حاضر
قالها الآخر بنفاذ صبر و اكمل
- سلام ورايا شعل
و من ثم انهى المكالمة ، فنهض جلال و خرج من غرفته و نزل السلالم و هو يضع قبعة على رأسه و كمامة سوداء على انفه ليخرج من الباب الرئيسي و يقول للحارس
- انا هغيب شوية ، خلي بالك من ريحانة و حاسب لتهرب
- حاضر يا سيد جلال
اكمل جلال طريقة للخارج
..........................................................
مساءا
دخل الشيطان لغرفة مكتبه و جلس على كرسي مكتبه ، فقال عز الدين الذي يجلس على الكرسي المقابل للشيطان
- ها عرفت حاجة .. وصلت لمكانها؟
- لا
قالها الشيطان بضيق ، فقال عز الدين
- طب انا عرفتلك
- بجد
قالها الشيطان بلهفة و اكمل
- فينها؟ ، فين اخدها؟
- قرية بني سعيد
- قرية... بني سعيد!
قالها الشيطان بإستغراب و اكمل
- و عرفت منين ان دة المكان اللي فيه ريحانة؟
- بص انا مش متأكد انه اخدها لهناك بس الخدامة بتاعت ريحانة اللي كانت في قصر جلال قالت انها سمعت ان جلال بيجهز بيت في قرية بني سعيد ، فأنا اتوقعت انه اخدها هناك مدام حراسك ملقوهوش في القرية
نظر له الشيطان لبرهه قبل ان يمسك بهاتفه و يضغط على بضعة ارقام ليتصل بحاكم قرية بني سعيد
- بتتصل بمين؟
قالها عز الديك فأجابه الشيطان
- سعيد
و بعد محاولات كثيرة القى الشيطان بالهاتف على طاولة المكتب بغضب و قال
- مش بيرد
و من ثم نهض و قال
- انا هروح
- هتروح فين؟
- لقرية بني سعيد
- انت اتجننت! ، ازاي هتروح و انت مش متأكد انها هناك
- ايوة مش متأكد بس احتمال كبير تكون هناك
- طب اتأكد على الاقل
- هتأكد متقلقش
اخذ الشيطان هاتفه و غادر و هو يتصل بالشخص الوحيد الذي سيتمكن من معرفة مكان البيت الذي اخذه جلال في قرية بني سعيد .
...........................................................
صعد جلال السلالم و هو يحمل صينية بها طعام ، إتجة لغرفة ريحانة و طرق على الباب بخفة و من ثم دخل و هو يقول
- ريحانتي ... حبيبتي ، يلا ت...
توقف جلال عن إكمال جملته عندما لم يجدها ، نقل نظراته حوله و هو يقول
- ريحانة ، انتي فين؟
تقدم و وضع الصينية على الكومود .
كانت ريحانة تختبئ خلف الباب و هي تمسك بمزهرية ، تقدمت منه من الخلف بخفة و هي ترفع يدها الممسكة بالزهرية و هي تنوي ضربه بها و قبل ان تفعل وجدته يلتفت و يمسك بيدها ، فأتسعت مقلتيها في صدمة ، فإبتسم و اخذ منها المزهرية و هو يطأطأ و يقول
- بقيتي عنيفة جدا
انهى جملته و دفعها على السرير و قال هو يضع المزهرية على الأرض و يتجة للباب
- عايز لما ارجع الاقيكي ماكله الأكل دة كله
و من ثم غادر ، فرفعت رأسها و ابعدت خصلات شعرها من على وجهها بعنف و هي تقول بصوت مرتفع
- مش هاكل حاجة ، انا همشي من هنا يا جلال ، همشي
قالت الأخيرة بصوت متحشرج و من ثم اخفضت رأسها و سالت دموعها على وجنتيها لشعورها بالعجز .
..........................................................
بعد منتصف الليل
في قرية مجاورة لقرية الشيطان
صعد الشيطان سيارته و هو يشعر بالسعادة فهو تأكد ان ريحانة في ذلك البيت الموجود في قرية بني سعيد و اصبح معه الآن العنوان ، قبل ان يتحرك بسيارته سأله حارسه
- سيدنا ، نعمل اية في دة
و اشار للرجل الذي اعطى لجلال هذا البيت ، فقال الشيطان
- سيبوه
اومأ الحارس برأسه ، فغادر الشيطان و خلفه سيارة يقودها حارسه .
امسك الشيطان بهاتفه و اتصل بأيمن الذي جعله يذهب لقرية بني سعيد
- ها وصلت للقرية؟
- وصلت لحدودها
- ماشي ، روح للعنوان دة و راقب التحركات اللي هناك و خبرني
- حاضر ، هات العنوان
اعطاه الشيطان العنوان و انهى المكالمة ليضع الهاتف بجانبه و ينظر للطريق و هو يتمتم بتوعد
- نهايتك هتبقى النهاردة يا جلال
..........................................................
اليوم التالي
- انا اسف ، الشيطان عرف مكانك
قالها الرجل لجلال الذي هتف بصدمة و غضب
- ازاي عرف ، مين قاله؟
- هو جالي لغاية بيتي و كان هيموتني لو مقلتلهوش على مكانك
قالها الآخر بتلعثم ، فصرخ الآخر بغضب
- جبان ، مش انا منبهك
- نبهتني بس اعمل اية كان هيموتني
- اقفل
قالها جلال بغضب قبل ان يغلق الخط و يلقي بهاتفه على الأرض ليخرج من غرفته سريعا و يتجة لغرفة ريحانة و يقتحمها فتنهض هي بفزع
- يلا قومي ، هنمشي
قالها جلال بسرعة و هو يتقدم منها ، فقالت
- هنمشي!
امسك بيدها و جذبها لتنهض ، فسحبت يدها و نهضت بمفردها و قالت بهدوء مصتنع
- في اية؟ ، مالك متلهوج لية؟
- مش وقت اسئلة
قالها و هو يمسك بيدها و يسير بها للخارج ، حاولت ان تستعيد يدها ولكنه لم يسمح لها .
..........................................................
- جلال خارج من البيت و معاه ريحانة، شكله عرف انك عرفت مكانه قالها ايمن للشيطان عبر الهاتف ، فهتف الشيطان
- حاول تلهيه ، متخلهوش يمشي ، متخلهوش ياخدها
- ماشي ، بس انت فين؟
- انا خلاص عند الحدود
- شيطان
- نعم
صمت ايمن لبرهه قبل ان يقول بتردد
- بتضرب ، جلال بيضربها
كور الشيطان قبضته بغضب قبل ان يلقي بالهاتف على المقعد المجاور له
- جلال ، مش هرحمك
قالها من بين اسنانه و من ثم ضغط على دواسة الوقود بقوة وكأنه يفرغ غضبه فيها ، فأزدادت سرعة السيارة بخطورة و لفحت نسمات الهواء وجهه .. لتهدأ من حرارة الدماء المتصاعدة بغضب إلى رأسه .
..........................................................
كانت ريحانة ترفض صعود سيارة جلال ، ف فقد جلال سيطرته و ضربها فهو لم يعد يتحمل عنادها و من ثم جعلها تصعد السيارة عنوه ، اعادت ريحانة رأسها للخلف و هي تلتقط انفاسها بصعوبة فآلام ظهرها عادت ، صعد بجانبها و قال للسائق
- يلا امشي
اومأ السائق برأسه و قبل ان يضغط على دواسة الوقود وجد احدهم يعوق الطريق ، فقال السائق
- سيد جلال
نظر جلال للسائق و من ثم نقل نظراته لأيمن فهو الذي اعاق الطريق ، فقضب جلال حاجبيه و قال بإستغراب
- ايمن!
ترجل جلال من السيارة و تقدم من ايمن و توقف امامه و قال
- بتعمل اية هنا يا ايمن؟
- كويس انك لسه فاكرني يا... جلال
- هو انت تتنسي!
قالها جلال بتهكم ، فإبتسم ايمن قبل ان ينقل نظراته لداخل السيارة و يقول بخبث
- اممم ، مين اللي معاك في العربية؟ ، واحدة جديدة !
- مش لازم تعرف مين دي
طأطأ ايمن و قال بحزن مصتنع
- ازاي مش لازم اعرف ، دة انا صحبك برضه
- جاي هنا لية؟
قالها جلال بثبات ، فقال ايمن
- عندي شوية شغل هنا
- كويس انك لقيتلك شغل ، تبقي تتلهي بيه بقى
- عنيا
رمقه جلال ببرود قبل ان يلتفت و يعود للسيارة و يصعدها ، بينما ظل ايمن واقفا في مكانه فأشار له جلال بأن يبتعد فهز ايمن رأسه بالرفض ، فقال جلال للسائق
- انزل و انا هسوق
ترجل جلال من السيارة و صعد في المقعد الأمامي بعد ان ترجل السائق و وقف جانبا ، كانت ريحانة في حالة لا يرثى لها فقد تملكها الألم .
فتح جلال زجاج النافذة و قال بصوت مرتفع
- ابعد يا ايمن عشان اعدي
تجاهله ايمن و ظل واقفا ، فهتف جلال مرة آخرى
- هدوسك و مش هيهمني
انهى جملته و ضغط على دواسة الوقود لتبدأ السيارة بالحركة بسرعة خطيرة ، فتنحى ايمن جانبا قبل ان تصدمه السيارة ، و هتف بحدة
- مش هتعرف تهرب
بعد دقائق وصل الشيطان و توقف امام ايمن الذي تقدم و قال
- لسه ماشي ، الحقه
نظر الشيطان للطريق و قال
- قول للحراس يستنوا هنا
- حاضر
،،،،،،،،،
- وقف العربية
قالتها ريحانة بتعب لجلال ، فنظر لها من المرآة الأمامية الداخلية و قال
- مالك؟
- تعبانة ، وقف العربية
تعمق في النظر لها و من ثم نظر امامة و اتى ان يوقفها ولكنه لمح سيارة الشيطان خلفه ، فدقق في النظر في المرآة الأمامية الخارجة فتأكد انه الشيطان فزاد من سرعة السيارة ، فهتفت ريحانة بتعب
- بقولك تعبانة، طهري
- مش هقدر اوقفها
نظرت له لبرهه و من ثم التفتت برأسها و نظرت للخلف فوجدت سيارة تلاحقهم ، فسألته
- عربية مين دي اللي بتلحقنا؟
نظر لها من المرآة و قال
- متقلقيش ، مش هخليه ياخدك مني
نظرت له بطرف عينيها و من ثم عادت بنظراتها للسيارة التي تلاحقهم و دققت في النظر فإتسعت مقلتيها بعدم تصديق و هي تهمس
- بيجاد!
و من ثم لمعت عينيها بالسعادة و هي تكمل بسعادة
- انت جيت
كان جلال يزيد من سرعة السيارة و يدخل في اماكن ضيقة و منعزلة ليضل الشيطان و لكنه فشل في تضليله.
اوقف جلال السيارة عندما ادرك ان هذا الطريق نهايته الهاوية ، و ترجل من السيارة سريعا و التف حولها ليخرج ريحانة منها ، حاولت ريحانة ان تجعل حركتها بطيئة لكي يستطيع الشيطان المجئ لإنقاذها ولكن جلال فهم سبب بطئها فأصبح يجرها على الأرض و هي تتأوه بألم ، وصل الشيطان و اوقف سيارته و ترجل منها سريعا و ركض ليلحقهم ، التفت جلال برأسه و نظر خلفه فوجد الشيطان يقترب منهم ، فأسرع و من ثم توقف عندما اصبح من المستحيل تقدمهم فهم اصبحوا على قمة الجبل .
- جلال
قالها الشيطان و هو يلهث ، فإبتسمت ريحانة بإطمئنان ، بينما امسكها جلال بإحكام و هو يلتفت ليصبح مقابلا للشيطان ، فأكمل الأخير
- هتهرب فين تاني؟
- مش هتاخدها مني
قالها جلال بصوت مرتفع شرس ، فإبتسم الشيطان إبتسامة جانبية و اتى ان يتقدم و لكنه تراجع عندما هدده جلال ب
- لو قربت هرميها من على الجبل ، و انت شايف مفيش خطوتين و نبقى انا و هي ... بح
نظر الشيطان لريحانة بقلق و من عاد و نظر لجلال و قال
- عايز اية و تسيبها
- عايزها
- بس هي مش ليك
- و لا ليك
- لا ليا ، هي مراتي
قالها الشيطان و ينظر لريحانة التي نظرت له بسعادة ، فأبعدت نظراته عنها بتوتر ، فهتف جلال بغضب
- بس هي كانت مراتي و انت سرقتها مني ، انت دايما بتسرق مني كل حاجة بحبها ، كل حاجة ملكي انت بتاخدها ، فالمرة دي مش هسمح بكدة ... مش هسمحلك تاخدها
- جلال ، سبني
قالتها ريحانة برجاء لجلال ، فنظر لها و قال بحزن
- مقدرش اسيبك يا ريحانتي ، انا لو سبتك ... هموت
- جلال...
قاطعها ب
- انتي عايزة تسيبيني عشان تروحيله ، اسف ... مش هسمحلك تكوني معاه ، مش هرضى اشوفك مبسوطة مع حد غيري خاصا ... معاه هو
- انت مريض
قالتها و هي تحاول ان تفلت من قبضته ، فزاد من قوة قبضته على خصرها فتأوهت بألم فقال
- مريض بحبك يا ريحانتي
- قلتلك متقربش
صرخ بها جلال عندما رفع نظراته للشيطان الذي كاد يقترب منهم ، و اكمل بحزم
- لو هتقرب هرميها ، و انا مجنون و اعملها
- هتموت اللي بتقول انك بتحبها !
- اه هموت اللي قلت اني بحبها زي ما موتت اختي اللي من لحمي و دمي
نظرت له ريحانة بصدمة و كذلك الشيطان الذي هتف بصدمة
- عايدة!
- ايوة، عايدة .. تعرف موتها ازاي
رسم على شفتيه إبتسامة مقززة على وجهه و اكمل
- خنقتها ، تعرف لية؟ ... عشان هي اللي موتت ابويا
و من ثم نظر لريحانة و اكمل
- هي تستاهل ، هي موتت ابويا و انا موتها و رمتها من الجبل ، اية رأيك نلحقها؟
- ابعد عني يا مجنون
قالتها ريحانة و هي تبكي و تحاول تبعده عنها ، فقهقه و قال بطريقة اخافتها
- هوريكي المجنون هيعمل اية دلوقتي
تراجع بها للخلف ، بينما ظلت تحاول الإبتعاد ، فهتف الشيطان بخوف عليها
- اثبتي يا ريحانة، اثبتي
توقفت عما تفعله و نظرت للشيطان و قالت ببكاء
- بيجاد ، خليه يسيبني
- هسيبك
قالها و هو يتراجع بها للخلف فأصبحت نصف قدمة لا تلامس الأرض ، و اكمل
- سلام يا... بيجاد
إتسعت مقلتي الشيطان بصدمة و خوف ، وتسارعت دقات قلبه و انقطعت انفاسه و هو يراها تسقط من على الجبل .