كانت كايت لا تزال تشعر برهبة المكان فاختارت المياه المعدنية بينما طلب فيليب شراب خاص تقليدى, و بعد أن شرب قليلاً من الشراب وضع الكوب جانباً و قال :"والآن , ربما ستتمكنين من اخبارى لما تعامليننى و كأننى مصاب بالطاعون "
شهقت كايت و هى تشرب من كلامه الصريح , كذبت بسرعة :"أنا لا أفعل ذلك !" لكن احمرار خديها أثبت صحة قوله.
قال :"بلى , أنت تفعلين . مساء الأحد كنت لطيفة و طيبة حتى أننى خلت أنك سعيدة لمعرفتى"
"نوقف عن هذا الكلام , فالناس تسمعنا"
"لا أعتقد ذلك فقد طلبت طاولة خاصة لبحث هذه الأمور من دونا أن يسمعنا أحد"
قالت بغضب :"كيف تجرؤ؟ لقد قلت لى أنك تريد التحدث معى عن عمل"
قال بهدوء:"نعم سأفعل, لكن فى وقت آخر . أولاً أريد أن أعلم لما تغيرت طباعك نحوى؟"
قالت و هى تبعد شعرها:"لا لم يحدث ذلك"
"حقاً؟"
فجأة أمسك بيدها . نظرت إلى يده السمراء كيف تمسك بيدها بقوة و قالت :"أنت لا شئ غير متوحش تحت تلك البدله الفاخرة"
قال و عيناه تلمعان بغضب :"تماماً كما تقولين , و النساء الذكيات لا تثرين المشاكل مع المتوحشين. لذا لماذا لا تخبرينى لما أصبحت فجأة هكذا معى؟"
ما أن أنهى كلامه حتى أصبحت لمسة يده ناعمة فوق يدها فسحبت يدها على الفور.
قالت له :"أعطنى سبباً واحداً لأكون صديقة لك"
شد ثانية على يدها و قال :"أن قلت لك أننى أُغرمت بك قليلاً مساء الأحد فهل هذا سبباً كافياً؟"
كل ما كان عليها القيام به هو الابتعاد عنه. أنه سيتزوج من امرأة أخرى , و كل ما يقوله هو مجرد خداع لها.
قالت بغضب:"لا"
قال متوسلاً :"كاترينا , أنظرى إلىّ . قولى اى شئ"
لم يكن هناك قوة على الأرض لتمنعها من النظر إليه. رفعت رأسها و نظرت إلى عينيه رغم الدموع التى كانت ظاهرة فى عينيها .
همست :"لِما لم تخبرنى أنك مرتبط؟"
تراجع على الوراء على كرسيه و ظهر الألم على وجهه, قال و هو يبتسم :"إذا هذا هو السبب, كان يجب أن أعلم"
"نعم, كان عليك ذلك و عليك أن لا تخبر النساء أنك قد تكون شبه مغرم بهن بينما أنت مغرم بالفعل بخطيبتك"
اعترض فيليب :"خطوبتى لا علاقة لها بالحب . لقد دبر هذا الأمر منذ سنوات عديدة من قبل عائلتينا "
قالت بغضب :"حقاً؟ أنى أشعر بالشفقة عليك , لكن مع ذلك لا أجد لك الحق أن تمثل الحب مع نساء أخريات"
قال بغضب يماثل غضبها :"فهمت , أنت على حق بالطبع . ومن الواضح أنه كان علىّ أن أفسخ خطبتى قبل أنه أذهب برحلتى الأسبوع الماضى"
همست :"لم أقل ذلك . لكن من المؤكد لا يحق لك التحدث معى عن الحب و هذا ما يجعلنى أشعر بالندم"
اقترب فيليب منها و عيناه تلمعان بالغضب, جاهزاً ليرد عليها , لكن فى تلك اللحظة وصل النادل و هو يحمل قائمتى الطعام . ارتجفت يدا كايت و هى تأخذ القائمة منه.
شعرت أنها أخيراً تتخلص من الحواجز بينها و بين فيليب اندرو نيكوس , لكنها مع ذلك لا تشعر بالراحة من هذا النقاش , فمن الواضح أن الوقت الرائع الذى أمضته فى ايا صوفيا لا يعنى له شيئاً .حتى و لو كانت تلك العاطفة هى الحب.أفلم يقل منذ لحظة أن لا علاقة للحب بالزواج؟ و الذى عليها القيام به هو أن تبقى هادئة و عملية و تتذكر أنها هنا فقط من أجل عملها . نظرت إلى القائمة بحزن.
قال ساخراً :"هل حقاً تكرهين المطبخ اليونانى لهذه الدرجة حتى تحدقين غاضبة بقائمة الطعام؟"
أجابت و هى تشعر بالأحرج:"لا, بالطبع لا. أحب الطعام اليونانى . لكن كل شئ غير مألوف لدى"
"إذاً ربما تسمحين لى أن أساعدك على الاختيار , دعينى اشرح لك ما هو كل نوع من الطعام"
قرأ لها القائمة كلها فطلبت كايت المقبلات المخللة بالزيت , الجبنة و ثمار البحر ثم اللحم المشوى مع البطاطا و الفليفلة. و ما ان غادر النادل ليحضر ما طلباه حتى جلست على كرسيها و قد وضعت يديها على حضنها و حدقت فوق رأسه.
قال فيليب:"تباً,أنظرى إلىّ"
نظرت إليه بغضب بعدها نظرت بعيداً, ضحك بصوت عالٍ , قال:"أنت مخطئة بأمر واحد كاترينا"
"حقاً , و ما هو؟"
"لم أرغب أبداً فى أن أقودك إلى مغامرة قد تسبب لك الندم"
"صحيح؟ و ماذا ترغب بالتحديد؟؟"
"لا شئ. هل تعتقدين أننى المسبب لكل ذلك ,لابد أن لديك فكرة مذهلة عن قدراتى أن اعتقدت أننى المسئول عن الهزة الأرضية من أجل التعرف عليك"
قالت بصوت غاضب:"أنا لم أقل هذا"
"و بينما أن تحاولين تشويه شخصيتى أرجوك أن تتذكرى أنك نمت فى سريرى و لم ألمسك"
اعترفت قائلة:"هذا صحيح"
نظر إليها ثم رفع يده و لمس ذقنها و هو يسألها :"إذاً ألا تقبلين أننى شعرت بعاطفة قوية نحوك. تماماً مثلك؟"
شعرت كايت بغصة فرعت يدها و أبعدت يده .
قال بمرارة :"حتى و لو كان هذا صحيحاً , فإلى أين سنصل ؟ فليس هناك مستقبل لنا , اليس كذلك؟"
لمعت عيناه و تمتم :"لست متأكد من ذلك"
قالت و قد شعرت بألم :"ماذا تعنى؟ ماذا تريد منى, فيليب؟"
اعترف بجدية :"لا أعلم ماذا أريد منك , كل شئ , لا شئ . أنك كنت تريدين أن تعلمى أن كنت احبك فالجواب نعم"
قالت معترضة:"لا تقل ذلك فيليب , فأنت محكوم لفتاة أخرى"
"محكوم, تبدو وكأنك تقولين محكوم بالسجن , أليس كذلك ؟ أو محكوم بالملاحقة الجنائية . و هكذا هى فى الحقيقة أحيانا . هل لديك أى فكرة عن الزواج المدبر كيف هى فى الواقع , كاترينا؟"
اعترفت كايت :"لا."
قال فى صوت منخفض :"حسناً , دعينى أخبرك كيف أصبحت خطيباً لـ أرين . لم أكن دائماً غنياً . فى الحقيقة كنت فقيراً , وفقيراً جداً . حتى أننى لم أكن أملك حذاء حتى أصبحت فى الخامسة عشر من عمرى, لكن منذ ذلك الوقت بدأت أطمح للوصول إلى حياة أفضل . عندما أصبحت فى السابعة عشر سافرت إلى لندن و بدأت بالعمل لعشرين ساعة فى اليوم فى فندق, محاولاً أن أحصل على المال لانشاء عملى الخاص . عندما رجعت على اليونان بعد مرور ثلاث سنوات وجدت فندقاً مفلساً فى سوتينا فطلبت مساعدة كل من اعرفهم . معظمهم ضحك من طموحى لكن والد أرين كون أعارنى المال, و أبى وضع كل ما يملكه فى ذلك الفندق . لن أصيبك بالضجر بأخبارك التفاصيل , لكن بعد مرور سنتين بدأ الفندق يجنى ارباحاً فى ذلك الوقت عندها اقترح كون على والدى أن يصبح بينهما تزاوجاً ليقويا شراكتهما . كنت فى الثانية و العشرين من عمرى و أرين فى السابعة عشر فقط"
قالت غير مصدقة:"هذا مخيف"
رفع كتفيه :"هذه من العادات و التقاليد , وهى تناسب معظم الناس فى وقت ما . بالنسبة لى كانت فرصة لاهتم بعملى و أفى التزاماتى لعائلتى .وكانت بالنسبة لـ أرين فرصة لتقول أنها ستحصل على زوج ثرى و تتفاخر بذلك"
قالت و هى تهز رأسها :"يبدو الأمر همجياً"
"لا أعتقد أننى فهمت ذلك فى ذلك الوقتلكن فى الحقيقة يجب أن أقول أن هذه الزيجات تنجح عادة, و فى النهاية يحب الزوجان بعضهما و يعيشان بسعادة"
شعرت كايت بضيق فى صدرها , عليها أن تسأله السؤال الذى يدور فى فكرها .
"هل تحب أرين؟"
ظهرت تعابير من الحزن و الألم على وجهه . ولأول مرة تلاحظ أن القلق و الإرهاق يظهر هكذا على وجهه.
أجاب بحدة :"لا, فى البداية كنت بالكاد أراها و بعد ذلك , ما أن أصبح لدينا سلسلة من الفنادق و أصبح لدينا الكثير من المال أرسلت إلى مدرسة داخلية فى بريطانيا . بعدها سافرت إلى سويسرا لتنهى دراستها . فقط فى هذه السنة تمكنت من رؤيتها بصورة متلاحقة"
شئ ما فى صوته جعلها تشعر بالضيق الذى يشعر به.
سألته:"ألا....ألا تتفاهمان؟"
أمسك بكوبه و شرب منه قبل أن يقول بصراحة:"أنها مدللة و فاسدة , و ليس ذلك بسببها , كانت أمها امرأة غبية و وجدت نفسها غنية فجأة فأصابها الغرور . و قد ربت أرين و أخوها ستافروس على أن يكونا مثلها تافهين و مسرفين . لا, لا أتفاهم أبداً مع أرين . و فى الحقيقة بدأت أعتقد أننى لا أملك أى قدرة على الشعور العاطفى الحقيقى. حتى قابلتك"
قالت تتوسله :"لا تقل ذلك , فيليب , هذا أمر مستحيل"
"حقاً, ربما الأشياء تصبح موجودة فعلاً إذا أردنا ذلك بقوة"
أمسك بيدها و تابع بنعومة :"ألم تقولى لىّ أنه أحياناً يجب أن نقوم بأفعال متسرعة إذا أردنا أن لا نختار الأشياء البسيطة و السهلة فى الحياة؟"
بقيت صامتة تحدق به بعينين خضرواين واسعتين . قال:"أننى فى صدد القيام بخطوة متسرعة جداً , أريد أن أسألك شيئاً"
فى أعماق نفسها علمت أن عليها أن تطلب منه التوقف عن الكلام , لكنها لم تجد القدرة على القيام بذلك.
همست :"ماذا تريد؟"
قال :"تعالى معى إلى يختى فقط لعدة أيام.كل الذى أريده فرصة لاتعرف عليك أكثر , كاترينا . أنه أمر سهل و صعب كذلك"
قالت و هى تسحب يدها من يده :"لا, هذا مستحيل فيليب اعتقدت أنك لا توافق على تصرف النساء الغريبات كيف يصادقن رجال بالكاد يعرفهن!"
"بالفعل, لكن ليس هناك داع لاى علاقة , يمكننا ببساطة الاستمتاع بوقتنا هناك , سنصطاد السمك و نزور الجزر الكثيرة فى البحر و سنمضى الوقت نتحدث . أشعر أن هناك الكثير من الكلام الذى يجب أن نقوله لبعضنا البعض , أليس كذلك؟"
فكرت كايت كم تحب الإبحار فوق تلك المياه الزرقاء الصافية لبحر أيجة و فيليب قربها , لكن هذا الأمر مخيف .
قالت بحزن :"لا, ربما الأمور ستكون مختلفة لو لم تكن مرتبطاً بـ أرين"ضحك و قال:"و هكذا علىّ أن أفسخ خطوبتى قبل أن أتمكن من امضاء أى وقت معك؟أنت تطلبين الكثير لأجل موعد كاترينا"
" لا أستطيع أن أفكر ألا أن هذا الأمر غير لائق و مناف للآداب"
قال بصوت مرتبك :"غير لائق؟ تسافرين بمفردك فى أوروبا , ومع ذلك تتكلمين عن الأشياء غير اللائقة؟ هل أنت جادة , أم أن هذه احدى الاعيبك علىّ"
التقت عيناه بعينيها فرأت مزيجاً من المرح و السخرية فيهما . فجأة بدا لها الوضع واضحاً أمام عينيها . بالنسبة إلى فيليب الفتاة التى تسافر بمفردها لا أخلاق لديها ومن أى نوع . لذلك لا يشغل نفسه بأنها قد تنزعج أن تعرفت على شاب مرتبط .
بحثت بقوة عن منطق ما لتتحدث به معه.
قالت و هى تبعد شعرها عن وجهها .
"بالطبع أنا جادة فقط لأننى أسافر بمفردى هذا لا يعنى أننى فتاة عابثة. لا أستطيع الذهاب معك إلى اليخت . و أنا لا أشعر بالخجل لأنك اقترحت ذلك. كيف يمكننى أن أفعل ذلك ؟ فهذا يسئ إلى سمعتى!"
هكذا فكرت بفرح أن ما قالته يناسب تماماً أفكاره المحافظة فسيقتنع بما قالته . لكن ما قالته لم يقنعه فقط , بل رأت ملامح من التفكير العميق على وجهه.
قال :"اعتذر كاترينا , عما قلته . فى الحقيقة لقد أسأت الحكم عليك عندما التقيك"
سألت بحذر :"ماذا تقصد؟"
اعترف قائلاً :"ببساطة , عندما وجدتك وحيدة فى الجبل من دون أى حماية اعتقدت أنك لا تهتمين لهذه الأمور . لكن أرى الآن أننى مخطئ. و فى الحقيقة هذه الأمور تهمنى تماماً كما تهمك...."
حدق بها باعجاب و هو يتابع:"...إذا أنت تؤمنين بالحب لرجل واحد تتزوجينه ؟ كم أحسده ,كاترينا , هل يعلم كم أنت غالية؟"
سألت مستفهمة :"من؟"
"صــديــقـــكـــ"
"صـــديــقـــى؟" قالت كايت مستفهمة , فلقد نسيت كل ما يتعلق بـ أندرو بعدها شعرت فجأة بالخجل , لقد كان فيليب صادقاً معها منذ اللحظة الأولى التى التقيا بها ألا يستحق منها ذات الصراحة؟
قالت ببرودة :"أندرو ليس صديقى . مع أنه شخص عزيز جداً لىّ . فنحن جيران فى بلدتنا التى تدعو نيو سوات ويلز , ولكن لا يمكن ان نكون اكثر من ذلك, لذا عندما قررت القدوم إلى أوروبا أردت زيارته فى نيسيا . لكن ليس هناك أى ارتباط عاطفى بيننا . قلت ذلك فقط لأتمكن من التخلص منك .آسفة أن خدعتك"
لكنه لم يظهر أى أشارة انه أنزعج من ذلك.
قال مدافعاً عنها:"كذبت من أجل سبب مهم , فكيف ألومك ؟ كما و أنى لا أستطيع الشعور بالفرح لعلمى أنك لن تتزوجى من ذلك الرجل العادى. لكن ألا دور للرومانسية فى حياتك؟"
قالت بسرعة :"لم أقل ذلك" تذكرت ليون فمرت مسحة من الحزن على وجهها و تابعت :"الحب مهم لى كما هو مهم لأى امرأة أخرى, لكننى لا أعتبره اتفاق عمل كما يبدو أنه كذلك بالنسبة لكم أو مجرد لعبة"
"مهما كان الأمر, لكن ماذا أفعل مع فتاة مثلك؟ فتاة تريد الحب لكنه حب مستحيل , ومع ذلك أراها تأسرنى"
كان صوته ناعماً و عيناه تظهران قوة كبيرة . للحظة شعرت كايت و كأنها ترتجف.
قالت بحزم :"واحدة تتحدث بالأعمال معها . عمل حقيقى . كصور لموقع أو إعلانات سفر , أو أى شئ من هذا القبيل"
قال :"هل هذه آخر كلمة لك فى هذا الموضوع؟"
"نـــعـــــم"
و بإرادة قوية , أمسكت حقيبتها و حدقت به :"العلاقة الوحيدة التى اقبلها هى علاقة عمل , لذا أما أن نتحدث عن العمل أو سأغادر"
وافق فيليب قائلاً :"حسناً , لنتحدث عن العمل. سأقدم على فتح فندق جديد فى ايوس ديمتريوس فى شرق ستوانيا الشهر القادم . و أسمه فندق ارايدان و هو لا يشبه هذا المكان بعدة نواحى . ليس فى البناء , لقد . لقد قمت ببناء عدة مبانى تقليدية قديمة حول مركز للتسلية....لكن المكان كله عمل متكامل لتأمين العمل للسكان المحليين على مدار السنة. من فخاريات و أقمشة , زراعة الزيتون , حقول العنب . هذا المشروع يمثل لىّ حلم حياتى لقد ولدت هناك حيث لا يملك أهل القرية ألا المناظر الجميلة و الفقر المخيف و الذى أريد القيام به ليس عملاً موسيماً , بل تنظيم اقتصادى بالنسبة لهم , و ذلك يؤمنون العمل طوال السنة و يأملون بحياة أفضل و مستقبل آمن لأولادهم . أنه يكلفنى الكثير لكنه يستحق كل درهم اضعه فيه .
معظم الصور لأجل الإعلان عنه قد أُخذت , لكننى أفكر بوضع صور خاصة للسواح و أريد من يفعل ذلك. كما أريد أن آخذ بعض الصور لليخت لشركة التأمين . اعتقدت أنك قد تهتمين للأمر . هناك غرفة مظلمة جاهزة لهذا العمل فى الفندق , أو بإمكانك أرسال تلك الصور إلى تسيالوينكى لتظهيرها.
تركت كايت حقيبتها فوقعت على الأرض و لم تلاحظها
قال متلعثمة :"ولماذا أنا؟ فأنا ليست مشهورة أو بالأحرى لا شئ"
رفع كتفيه و قال:"لا , أنت موهوبة . و أن كنت تعتقدين أننى أفعل ذلك لأسباب أخرى ففكرى بالأمر ثانية. لا أقوم بأعمالى ألا بعد دراسة . أنه عمل مأجور , بالطبع , لكننى سأعطيك ما يكفى من المال لتقومى بتصوير أنواع الصور التى ترغبين بها. مثل تلك الملاحات فى مايكونوس التى رأيتها فى صورك فى ايا صوفيا. و الآن , تريدين أن تعلمى بنود اتفاقنا . سأحتاج للصور لتكون جاهزة بعد أربعة أسابيع منذ الآن . يمكنك البقاء فى أحدى الفيلات فى ارايدان و أنت تعملين هناك, و سأدفع لك....."
ذكر رقما جعلها تشهق.
قالت :"لا أصدق ذلك .سأتمكن من العيش لسنة كاملة كما و أننى سأقوم بالتقاط الصور التى أحبها . المنحدرات الأرضية , الناس و تداخل الأنوار و الظلال. كما وأننى سأتمكن من شراء عدسات للتصوير التلفزيونى"
نظر إليها بمرح و تمتم :"هنا تتكلمين كفنانة, حسناً , هل ستقبلين بالعمل؟"
قالت و هى مبهورة الأنفاس:"نعم, متى تريدنى أن ابدأ؟"
"غداً أفضل ذلك . إذا كان الأمر يناسبك؟"
قالت و قد شعرت بالدوار قليلاً من تسارع الأحداث :"نعم, لقد انتهيت من العمل مع لجنة الحفريات , لذلك ليس هناك أى مشكلة . سأذهب فى أول باص ينطلق إلى هناك"
قاطعها فيليب :"ليس من داعٍ لذلك . سأتى و أخذك لكن هناك أمراً واحداً مهماً أريد أن أؤكد عليه معك"
"نعم , وما هو؟"
"أنه هذا : أقدر كثيراً خصوصياتى و تحت أى ظروف مهما كانت طارئة لا أرغب فى تدخل أحد فيها . هناك عدد لا بأس به يعمل فى الإعلام و جاهز لدفع الكثير للحصول على معلومات عن المشاهير و الأغنياء .لا أريد أن أجد ما هو ذوقى فى الطعام و النساء و السيارات أو أى شئ آخر من المواضيع التى تثير قراء الصحف . أى شخص يبيع هذه المعلومات عنى سيعانى كثيراً . هل كنت واضحاً؟"
لم يكن هناك أى شك بجدية ما يقوله. فقد كانت عيناه تلمعان بشدة و كانت يداه تضغطان بقوة على غطاء الطاولة .
قالت :"لأن أفكر أبداً بالقيام بمثل هذه الأعمال "
غادره التوتر و ابتسم و قال :"حسناً لننهى عشاءنا"
مرت الساعتان التاليتان بسرعة فلقد كان فيليب مضيافاً جداً حدثها عن المناظر الرائعة فى هالكيديكى و رقص معها . ومع ذلك لم يكن هناك أى أثر للكلام الذى تحدثا به فى أول الأمسية. كان من الصعب عليها أن تصدق أن فيليب اخبرها أنه يحبها . فلم يكن ذلك الحبيب . بل كان رجل الأعمال القوى و المسيطر على كل ما حوله.