الفصل العاشر: مواجهة مع المجهول

قالت دوروثيا :"حسناً, هيا , ليس هناك أى معنى للوقوف تحت المطر لفترة أطول . أردت فقط ان التقيك قبل أن تختفى فى منزلك . لكن ما نحتاج إليه الآن هو بعض العمل"

تنهد فيليب و هز رأسه .

سألها بقلق :"هل حصلت على كل المعلومات التى احتاجها؟"

قالت و هى تشير بالمظلة :"كل شئ فى منزلى , هيا"

بعد مرور خمس دقائق كانوا يجلسون فى غرفة الجلوس فى منزل دوروثيا . كان منزلها جديداً و متصلاً بالفندق و موضوعه بالتحديد قرب مبنى الاستقبال الرئيسى . لكنه مبنى على الطراز القديم مثل كل المبانى فى فندق اريدان . و لم تصدق كايت أنها ليست فى منزل صغير و مريح فى قرية جميلة.

صوت قرقعة النار فى المدفأة و قطع صغيرة من السجاد الأسود ملقاة تحت الجدران البيضاء و تحفة ذهبية معلقة على أحد الجدران . لكن لم يكن هناك أى شئ مريح فى الصحف البعثرة على الطاولة . أثنان أو ثلاثة منهم كتب عليهم و بخط عريض و كبير :

( وريثة تنبذ المستهتر اليونانى )

(اندرو نيكوس فى الهاوية )

( الحب و الخراب لصاحب الفنادق اليونانى )

قال :"ما معنى كل هذا الكلام الفارغ؟" و اشار إلى بيده إلى كومة الصحف على الطاولة .

قالت دوروثيا :"تبدو أكثر من كلام فارغ , لسوء الحظ , لكنك أخلع ثيابك المبللة أولاً , فيليب و بعدها سأخبرك ما الذى كان يحدث فى غيابك"

أخذت دوروثيا معاطف المطر معها و عادت بعد قليل و هى تحمل عدداً من المناشف و صينية عليها أبريق من العصير الطازج و ثلاثة أكواب , و بينما كانا ينشفان شعرهما قامت دوروثيا بسكب العصير فى الأكواب .

قال فيليب ما أن رشف رشفة كبيرة من كوبه :"و الآن , ما كل هذا الكلام؟"

تنهدت دوروثيا و قالت بإيجاز :"هناك قصتان مختلفتان الأولى أن هيريستوس هيونيدوس مات و الآن منفذى وصيته يهددون بالمطالبة بالرهن"

لم يقل فيليب شيئاً, لكنه شد بقوة على كوبه. و من دون أن تعرف ماذا يحدث لها شعرت كايت فجأة بقشعريرة من الخوف تسيطر عليها .

سألت :"ماذا يعنى هذا؟"

أجاب بحدة :"هذا يعنى أنه يجب أن أجد ممولاً جديدياً للفندق أو قد أتعرض للافلاس" تابع و هو ينظر إلى دوروثيا :"لكن لا بأس بهذا الأمر الآن . ما هى القصة الثانية الشائعة فى الصحف دوروثيا؟"

ظهر القلق عليها أكثر من ذى قبل و هى تقول :"و بدون أن أبالغ فى الأمر , أقول أن هذه القصة هى انتقام ارين منكما , لا أدرى بالتحديد ماذا حصل بعد مغادرتك القرية الأسبوع الماضى , لكن قصة أرين قوية جداً, و قد نشرتها فى كل صحيفة و مجلة فى سائر أوروبا . و حسب ما قالته , أنها ذهبت إلى منزلك بصورة غير كتوقعة و وجدتك فى السرير مع ممثلة استرالية كانت تعمل فى أفلام رخيصة و على الفور فسخت خطبتها معك"

تأوه فيليب بطريقة و كأنه يضحك و يئن فى آن معاً .

قال معترضاً :"كيف يمكن أن تكون بكل هذا الحقد؟ هذا أمر سخيف! و غير لائق!"

شعرت كايت بالصدمة و فجأة لم تعد ساقيها قادرتان على حملها . شهقت و جلست على أقرب كرسى.

صرخ فيليب:"كايت ! لا تتأثرى بكل ما سمعته . لا أحد يصدق ما يكتب فى معظم المجلات و الجرائد"

كان وجهها شاحباً . انحنى قربها و أخذ يفرك يديها بقوة و قال و هو ينظر من وراء كتفه :"أحضرى لها بعض الشراب المنشط"

عادت دوروثيا على الفور و هى تحمل و هى تحمل كوباً , لكن كايت كانت ترتجف بقوة مما جعلها ا تستطيع امساك الكوب"

قالت و أسنانها تصطكا :"لا أستطيع تصديق أن هناك من يقول هذا الكلام المخيف عنى"

تمتم فيليب و هو يساعدها على الشرب :"أصمتى الآن , انه ليس نهاية العالم , كما تعلمين . و كل ما فى الأمر أنك بريئة جداً و لهذا اصبت بكل هذه الصدمة . عليك أن تقرأى بعض الأشياء التى كتبوها عنى فى الماضى! لكن الشئ الوحيد الذى تستطعين فعله هو تجاهلهم . سينشبون أضافرهم على شخص آخر فى الأسبوع القادم. و الذى يشغلنى فعلاً ما سمعته عن هيونيدس . هل أنت متأكدة أن ما قالوه عن موته صحيح دوروثيا؟"

هزت رأسها و قالت :"لكنى لم أستطيع التأكد من أقوال الورثة. رفض محاموه التحدث معى على الهاتف"

ظهر الضيق على وجهه و قال :"إذاً من الأفضل أن أتصل بهم بنفسى"

توقف ليلمس خد كايت البارد و يبعد شعرها عن وجهها .

سألها :"هل ستكونين بخير إذا ذهبت لأجرى أتصالاً هاتفياً؟"

قالت من خلال شفتيها الباردتين كالثلج :"نعم"

اسرعت دوروثيا وراء فيليب و بقيت كايت بمفردها

شعرت بالصدمة و كأنها فقدت شخصاً عزيزاً عليها . كيف يمكن لها أن تظهر فى العلن ثانية إذا كانت الناس ستقول عنها هذه الأشياء المخيفة؟ لكن بعد مرور عدة لحظات توقفت عن التفكير بنفسها و فكرت بالجزء الثانى من أخبار دوروثيا . ماذا يعنى لـ فيليب أن الورثة سيلغون الرهن؟ عليها أن تسيطر على نفسها, و تحاول أن تقدم المساعدة له . لكن عندما فتح الباب ثانية رأت على وجهه المصاعب التى يمر بها.

قالت برعب :"الأمر صحيح , إذاً؟"

قال بسرعة :"نعم, الورثة أوقفوا الرهن"

بدا وجهه شاحباً . لمعت ملامح بالغضب و ظهر فى عينيه بريق من التصميم و الإرادة . شعرت كايت بالخوف مجدداً و كانت سعيدة أن تلك النظرة و ذلك الوجه القاسى لا ينظر إليها .

قالت باستغراب :"لكن لماذا فعلوا ذلك؟"

" لا اعلم , إلا إذا كان الورثة قد قرروا أن يحاولوا أن يتسببوا فى إفلاسى عندها سيتمكنون من شراء فندق اريدان بابخاس الأثمان . لكن إذا كانت هذه لعبتهم سأجعلهم يتمنون لو أنهم لم يحاولوا مطلقاً القيام بذلك ! دوروثيا , قولى لـ يانيس أننى أريد سيارة جاهزة فى غضون نصف ساعة"

قالت كايت بتوتر :"إلى....إلى أين أنت ذاهب؟"

أجاب :" إلى تسالونيكى , أحتاج أن أرى المحامى و المحاسبين أن لم أجد ممولاً جديداً فى غضون الأسبوعين القادمين عندها سأجبر على التخلى عن الفندق!"

حدقت به كايت بذعر و قالت:"لكن هذا يعنى...."

وافقها بقسوة و تابع عنها:"يعنى أنها نهاية كل الأشياء التى أمضيت عمرى أعمل عليها"

بعدها شعرت كايت بالدهشة لأنه فجأة ضحك بصوت عالٍ

قال و كأنه يقسم :"ما عدا أنه لا يمكن أن يحدث ذلك, لقد قابلت الكثير من الناس الذين حاولوا تدميرى فى حق الأعمال من قبل و يمكننى القول أننى جاهز للقيام بذلك ثانية تعالى كاترينا , توقفى عن القلق و الخوف و كأنك كومة من القماش , تعالى و ساعدينى لأحزم حقيبتى!"

كانت لا تعلم أن كانت تضحك أم تبكى لكنها وجدت نفسها تغادر منزل دوروثيا و تسير عبر الممر نحو منزل فيليب

قالت ما ان وصلا إلى الباب الأمامى الكبير لمنزله:"أتعلم, أنت تثير حيرتى فيليب"

قال و هو يضع المفتاح فى القفل :"آهـ , حقاً , فى أى أمر؟"

قالت :"حسناً , أنظر إلى نفسك" و دفعته إلى الداخل لينظر إلى مرآه كبيرة معلقة على أحد الجدران , و تابعت :"كل شئ سئ حولك و أنت مازلت تملك كل الشجاعة و المقدرة لتتابع خطتك , كما و ان صوتك ملئ بالحياة و الفرح كما و أنك كنت كنت تصفر و أنت تسير على الممر . أى شخص يراك يعتقد أنك سعيد و تتمتع  بما يحدث معك"

اعاد رأسه إلى الوراء و ضحك بصوت عال . بعدها مد يده و لمس خدها.

قال بصوت ناعم و هو ينظر إليها بحب كبير :"هل تعلمين , أعتقد أننى كذلك؟ و من أين لىّ بقتال مهم أكثر من هذا ؟ المرأة التى احبها و سأتزوجها و المنزل الذى سأعيش فيه؟"

أمسك بخصلة من شعرها و لمسها بنعومة بعدها قبلها بقوة و قال بحزم :"هل ستتزوجين بى حتى و لو أصبت بالإفلاس؟"

قالت بشوق :"فيليب , سأتزوج منك حتى و لو كنت فقيراً معدماً"

قال و هو يضغط على كتفيها بحماسة :"حسناً أنتهينا من هذا الأمر إذاً و الآن علىّ أن أذهب لاحضر نفسى , هناك أمر واحد يشغلنى كاترينا"

"مــا هـــــو ؟"

"لِما لا تنتقلين للعيش هنا فى غيابى؟ على الأقل يوجد السياج العالى و بذلك تبتعدين عن الصحافيين , كما و أننى أحب أن أفكر فى أنك تقيمى فى منزلى"

أجابت :"حسناً , يسعدنى أنا ذلك أيضاً"

قال محذراً :"لكن لا تدعى أحد من الصحافيين يدخل إلى المنزل تحت أى ظرف كان"

قالت :"لن أفعل , لكن لا تبقى بعيداً لمدة طويلة"

قال واعداً :"أسبوع واحد فى أقصى تقدير . الوقت سيمر بسرعة"



ــ



لكن الوقت لم يمر بسرعة أبداً . كان يمر بألم و عذاب شديد. كذلك الطقس الردئ الذى أستمر كان يزيد من عذابها . كل صباح كانت تستيقظ على وقع المطر و أن نظرت إلى السماء رأتها ملبدة بالغيوم الرمادية . الرياح الباردة كانت تعصف من وراء الجبال فلم يكن هناك من الأمل للخروج لتلتقط أى صور تشغلها . فمن يريد أن يقرأ إعلانات لإمضاء عطلة فى أمكنة عاصفة و ماطرة ؟ كما و أنه لا يمكنه العمل فى مركز الاستقبال فى الفندق . عاد نيكوس , ضعيفاً و شاحباً لكنه قوى الإرادة و التصميم , كان يطبع ما يطلب منه بيد واحدة, كما و أن معرفة كايت باللغة اليونانية محدودة . و دوروثيا كانت تعمل على إبقائها بعيدة عن الصحفيين و بعد مرور ثلاثة أيام كانت كايت تشعر بالملل كثيراً. لكن اليوم الرابع كان مشرقاً و شمس تستطع بشكل جعلها تتوقع أشياء مختلفة. و صل احد عمال الفندق و سلمها البريد . فرحت كايت على الفور من رؤية أربع مغلفات وُضعت على الطاولة فى القاعة الأمامية, بطاقة بريدية ملونة من تسالونيكى أرسلها فيليب مع كلمة بالكاد استطاعت قراءتها .

"لا أخبار , يعنى اخبار جيدة. مع حبى .

فيليب"

رسالة أخرى من والديها و قد أُرسلت من مركز الحفر فى تيسيا. كذلك هناك رسالة من تاسوس ارترنياكوس عارضاً عليها رغبته فى شراء صورها للطحاونة فى مياكونوس لوضعها على بطاقات بريدية فصرخت من الفرح . و أخيراً رزمو من تسالونيكى تحتوى على آخر صور لها التقطتها فى الفاتيرا.

حملت تلك المغلفات إلى غرفة الجلوس , جلست براحة لتستمتع بما تقرأه و تراه . اعادتها الصور التى التقطتها فى اليخت إلى فيضان من الذكرات التى لا تُنسى و لعدة دقائق نسيت ذلك القلق الذى كان مسيطراً عليها و يعذبها . تذكرت تلك اللحظات و هما يسبحان و يغطسان فى الماء , و كذلك تناول العشاء فى تلك لأماكن الجميلة و السير على الشواطئ الرملية. شعرت فجأة أنها مقتنعة أن فيليب سيتمكن من حل كل مشاكله و الوصول إلى ما يصبو إليه . و عندما أمسكت بالصورة التى يسبحان فيها معاً و هما يتعانقان ضحكت بصوت عالٍ و وضعتها جانباً . من المؤكد ان هذه الصورة خاصة جداً و يجب ان يحتفظا بها بعيداً عن الأعين.

لكن رسالة والديها سببت لها بعض الحزن. لحسن الحظ أنهما بعيدان جداً و ليس هناك أى فرصة ليقرأ القصص المخيفة عن ابنتهما , لكن من الواضح أنهما قلقان بشأنها . امسكت كايت الرسالة و قرأت خط أمها الصغير

"....أنت تعلمين أننا قلقان بشأنك . كايت . لقد مر على غيابك أكثر من ستة أشهر حتى الآن , و هذا العمل التصويرى لم يحقق لك أى شئ يذكر , تماماً كما كنا نتوقع , ألا تعتقدين أنه حان الوقت لتتخلى عن ذلك و تعودين إلى بلادك و أهلك؟ سكرتيرة والدك السيدة و يلكوس ستتقاعد فى شهر تشرين الأول (أكتوبر) و يمكنك ان تاخذى مكانها فى اى لحظة تشائين, أكتبى لنا و أخبرينا....."

شعرت كايت برجفة بالرغم عنها . عليها أن تتخلص من هذا الإحساس عاجلاً أم آجلاً . فمنذ رحيل فليب و هى تحاول أن تستجمع شجاعتها لكتابة رسالة إلى والديها , لكن كل المحاولات كانت تنتهى فى سلة المهملات . و الآن عليها أن تتعامل مع الأمر قبل أن يصل أى خبر إلى والديها عن علاقتها بـ فيليب , على التلفزيون او فى اى جريدة . بحثت فى درج المكتب أخذت ورقة و قلم و جلست على الكنبة و هى تفكر ثم بدأت بالكتابة.

"أمى و أبى العزيزان

أعلم ان هذا الخبر سيصلكما و كأنه صدمة , لكن لقد خُطبت و أسم خطيبى فيليب اندرو نيكوس و هو يعمل فى بناء و إدارة الفنادق , لقد التقينا خلال هزة أرضية فى منطقة بالقرب من جبل بانجيا و كان علينا علينا إمضاء ليلة معاً , وفى قرية صغيرة تدعى ايا صوفيا لأن جميع الطرقات قُطعت بسبب إنهمار الصخور . كان هناك انجذاب قوى بيننا و الذى تحول الآن إلى عاطفة أعمق . قررنا الزواج فى قرية فيليب تدى أيواس ديمتريوس فى أقرب فرصة ممكنة و ما أن نتمكن من أتخاذ موعد مع رجل الدين ستارغوس , أنا و فيليب نأمل أن تأتيا إلينا من أجل حضور الزفاف , لكن أرجو أن لا تذكرا ذلك لأى كان لأننا نريد زفافاً بسيطاً و نريد أن يبقى الأمر سراً. و أن كان ..."

جمدت يد كايت ما أن سمعت دقة مفاجأة على الباب الخلفى للمنزل . لم تكن تتوقع اى عامل من الفندق فى هذا الوقت من النهار , كما و أن تجربتها السابقة مع المصور جعلتها تشعر بالقلق . سارت على مهل إلى المطبخ . رفعت الستارة و نظرة من وراءها . الرجل الذى كان يقف هناك و يبتسم لها كان آخر شخص توقعت رؤيته.

تنفست و هى تقول :"ستافروس" و تركت الستارة تسقط من يدها


ـــ


فكرة بسرعة ماذا عليها ان تفعل . لقد حذرها فيليب بعدم التعامل مع ستافروس , لكنها لم تفهم أبداً سبب عداوة فيليب له, كما و انه سيبدو الأمر محرجاً أن رفضت أن تفتح له الباب و هو يعلم أنها فى الداخل , و كانه ثعلب ماكر و هى مجرد نعجة صغيرة سينقض عليها و يأكلها , لكن ماذا يمكن أن لأخ أرين أن يطلب منها ؟ قد لا يكون الأمر محرجاً هكذا أن تكلمت معه.

استمر فى قرع الباب و هذا ما جعلها تشعر بعدم الراحة و بأم فى معدتها من شدة الاضطراب , أخيراً أتخذت قرارها , ادارت مسكة الباب و تراجعت على الوراء

قال :"مرحباً كايت , كيف هى احوالك؟" و بخطوة واحدة اصبح فى الداخل.

قالت بقلق :"مرحباً , ماذا يمكننى ان أفعل لك؟"

قال بسرعة :"هاى, خففى عنك, لن أفعل أى شئ سئ لك عزيزتى"

قالت بخشونة , فلقد شعرت و كأنه يقرأ ما تفكر فيه :"كل ما فى الأمر أننى أشعر أن ليس هناك ما أقوله لك فى هذه الظروف"

قال بغموض:"الظروف؟ آهـ , انت إذن تعنين كل ذلك الكلام السخيف بشأن أرين, آهت حسناً , بطريقة ما , هذا سبب وجودى هنا, هل هناك مكان نستطيع التحدث فيه؟"

سارا إلى الأمام فجاة و للحظة أعتقدت أنه قد يهاجمها و شعرت بالرعب بعدها رأت انه و ببساطة يملأ كوباً من مياه الباردة التى كانت على الطاولة شتمت نفسها كونها حمقاء و أجابت متلعثمة :"التحدث؟ حسناً , انا لا....ربما من الأفضل أن ندخل إلى غرفة الجلوس"

أدركت كايت عندما أصبحت فى وسط الغرفة أنها تركت رسالتها من دون ان تكملها فآخر ما تريده هو ان يعلم أخ ارين بخطة زواجها .

بسرعة أغلقت الدفتر و اعادته إلى الدرج . جلست على المقعد و أشارت إلى ستافروس ان يجلس على الكرسى المقابل.

قالت بقلق :"تفضل بالجلوس"

ابتسم باستغراب و كأنه يتساءل ما الذى يزعجها . ما أن بدات كايت ترتاح و تتنفس بهدوء حتى سيطر عليها رعب جديد, أدركت فجأة أن الصورة التى التقطتها لها و لـ فيليب و هما يسبحان مازالت على المقعد على الوسادة قربها . إذا رأى ستافروس هذه الصورة ستثير الكثير من المشاكل , ابتسمت بفرح و تحركت قليلاً حتى أصبحت بقرب الصورة و بسرعة التقطتها و وضعتها بسرعة فى مكان بعيد عن الأنظار تحت الوسائد .

قال ستافروس :"هل أنت بخير؟ تبدين قلقة "

تعلعثمت و هة تقول :"انا بخير! ستافروس, هل أردت رؤيتى بسبب أمر خاص؟"

تحرك بقق و نظر إلى يديه  . قال :"نعم, فعلاً . الأمر يتعلق بـ فيليب و ارين...."

قاطعته بقوة :"فى هذه الحالة , لا أعتقد أن هناك شيئاً مهماً يمكن قوله,وأنا ليست مستعد للتحدث عن هذا الموضوع مع أى كان!"

اعترض ستافروس بسرعة :"هاى , أنتظرى لحظة, لا تفهمينى خطأ . أسمعى كايت ليس لدى أى شئ ضدك . لقد احببتك دوماً . علىّ أن أكون صادقاً و أقول أنى أشعر بالآسى لما سارت عليه الأمور بين ارين و فيليب . لكن الحقيقة أن ذلك ليس من شأنى . لم أت إلى هنا لأحاول أقناعك بالتخلى عنه"

سألت كايت مشككة :"إذاً لِما أتيت إلى هنا ؟"

ابتسم بقلق و قال :"الحقيقة انه موضوع دقيق جداً , لكن الواقع هو هكذا : هل رأيت العقد الذى قدمه فيليب لـ ارين فى ليلة افتتاح الفندق؟"

قالت بتوتر :"نعم , ما شأنه؟"

بدا عليه الاحراج و هو يقول :"حسناً لقد تركته ارين هنا فى منزل فيليب فى ليلة الافتتاح و بالتحديد فى غرفته"

شعرت كايت بالغيرة العمياء مع أنها تعلم أنهما كانا مخطوبن لسنوات, لكن هل ما يقوله صحيح ؟

نظرت إليه و قالت :"إذاً؟"

أجاب ستافروس :"إذاً ارين تريدنى أن آخذ العقد لها , آسف كايت , أعلم ان الأمر محرج لك , كما وانه لي بالأمر الجيد لىّ , كما و ان ارين لا تستطيع القدوم بنفسها لتأخذه , اليس كذلك؟"

وافقت بمرارة :"اعتقد ذلك"

قال بإصرار :"إذاً, ايناسبك أن أصعد إلى الطابق العلوى و احضره؟"

ترددت كايت و ارادت أن تصرخ به أن ارين قد تسقط ميتة قبل أن تحصل عليه , لكن لديها من الكرامة ما يكفى لكى تجعل من نفسها حمقاء . كما و أن ليس من العدل أن تحتفظ بأشياء تخص غيرها معها.

قالت بتردد :"اعتقد ذلك"

كل الطريق و هما يصعدان الدرج كانت تتمنى فى سرها أن يكون ستافروس مخطئاً, لكن أملها كان وهماً فم أن وصلا إلى أعلى الدرج حتى أسرع ستافروس أمامها , وفى الوقت الذى وصلت كايت إليه كان يقف أمام طاولة الزينة و يحمل صندوق العقد مفتوحاً بين يديه. رفع العقد الذى كان يلمع بشدة أمام عينيها :"هذا هو" و بدون أى اهتمام وضعه فى العلبة و رماه فى حقيبة الرياضة التى كان يعلقها على كتفيه :"شكراً, كايت . لقد....سمعت شيئاً ما؟"

سألت بقلق:"ماذا سمعت؟"

"بدا لى و كأن هناك من فتح النافذة فى الطابق السفلى"

قالت بهلع :"آهـ , لا . لا مزيد من هؤلاء الصحافيين الأغبياء"

اسرعت إلى الطابق السفلى و أخذت تركض من غرفة إلى غرفة و هى تنظر إلى النوافذ لتتأكد من إغلاقها . لكن لم يكن هناك أى إشارة لوجود أى دخيل , لكن ربما قد اخافته و مازال مختبئاً فى الخارج , منتظراً أى فرصة....نظرت بقلق حول غرفة الطعام , سمعت خطوات من وراءها قفزت و قالت بخوف:"آهـ, ستافروس لقد ارعبتنى"

قال بتعاطف :"كايت , أنت متوترة كثيراً , يجب أن لا تتأثرى بهؤلاء الصحافيين كثيراً, فهم دائماً يكتبون الكثير من التفاهات عن الناس الأغنياء , لكن لا احد يصدقهم , أسمعى , لِما لا تخرجى معى لنلعب التنس ؟ ستريحك من كل هذا التوتر"

ترددت كايت و لم تجب .

قال يشجعها :"هيا" ابتسم بود لها و تابع :"أعدك أننى سأتأكد بنفسى من كل الأقفال فى المنزل قبل أن نخرج"

وافقت كايت و قد شعرت بالارتياح قليلاً :"حسناً, و لِما لا؟"

امضت الساعة التالية و هى تضرب الطابة و تتلقاها عبر الشبكة . كانت الأرض قد جفت بسرعة بعد كل تلك الأمطار . و شعرت كايت أن تلك التمارين مريحة و منشطة . شعرت تحت ضوء الشمس أن مخاوفها من أولئك الصحفيين أمر سخيف و لا مبرر له , حتى قلقها بشأن مشاكل فيليب الأقتصادية . و عندما حضر خادم من الفندق ليخبر ستافروس أن هناك اتصال هاتفى له , تفاجأت كايت عندما علمت ان الساعة قد قاربت الواحدة تماماً.

سألها ستافروس و هو يبتسم :"هل تريدين الأعتبار أننا متعادلان الآن؟ أو أننا سنقدم على اللعب فيما بعد؟"

قالت بآسف :"حسناً , أنه وقت الغداء أيضاً"

وافقها ستافروس و هو يقول :"كما و اننى الرابح الآن, و هذا سبب جيد لنتوقف عن اللعب"

فقط للحظة كان هناك مكر واضح فى ابتسامته شعرت كايت و كانها تجمدت حتى عظمها عندما نظرت إلى تلك العينين الماكرتين , بعدها غمزها و ابتسم لها ثانية مما جعلها تشعر أنها حمقاء بالكامل.

قال مازحاً:"هل أنت متأكدة أنك لا تريدين أن ألاافقك إلى المنزل لأتأكد أنه لا يوجد احد هناك؟"

أجابت بحدة :"لا, أستطيع تولى هذا الأمر بنفسى , إلى اللقاء ستافروس"

"إلى اللقاء"



إعدادات القراءة


لون الخلفية