قالت:"لكن , فيليب , أنت غنى و مشهور و أنا لا أحد ! و أنت لا تعرفنى ألا منذ عدة أسابيع فكيف يمكن أنك تريد الزواج بى؟"
قال بسرعة :"كاترينا, السبب الوحيد لنجاحى بالحياة هو تماماً أننى كنت دائماً أعرف ما أريد و أسعى جاهد\اً لتحقيقه . و أنا أريدك كما أننى لا أسألك أن تتزوجى بى بل أنا أعلمك بذلك , عليك الزواج بى , هل هذا واضح؟"
كانت عيناه تشعان بالثقة و يبدو التصميم على وجهه كأنه سيقدم على معركة ما. ضحكت كايت و ضربته بقبضتى يديها على صدره , قالت :"نعم, نعم , هذا واضح"
سألها و هو ينظر إليها بنعومة :"لا يوجد لديك أى اعتراض , اليس كذلك؟" ثم أضاف :"أحبك كاترينا , و لن يكون هناك أحد غيرك فى حياتى"
نظرت إليه كايت و ابتسمت ابتسامة قلقة و قالت :"فيليب , ماذا تعتقد أن أرين قصدت عندما قالت أنها ستدمر حياتنا ؟ هل يمكنها القيام بذلك؟"
هز فيليب رأسه و ابتسم لها نظر إلى شعرها و إلى خديها , أمسك يدها و قبلها قائلاً :"لا اعتقد أنها قصدت شيئاً من ذلك. ما عدا أنها تكره أن تُخذل . ما أن تهدا حتى تدرك أن فسخ الخطبة هو أفضل ما نفعله كلينا . ما كنا لنسعد أبداً معاً . لذلك لا تقلقى بشأنها للحظة أخرى بعد. و أنا و أنت لدينا الكثير من الأشياء المفرحة التى علينا أن نبحثها"
ابتسمت بخجل و قالت :"مثل ماذا؟"
قال مقترحاً :"ما رأيك فى البداية لنتحدث عن خطة لزواجنا ؟ أو لرحلة بحرية رائعة فى الفاتيرا؟ أو للتحدث عن الخمسة عشر ولداً اللذين سنرزق بهم بعد عودتنا من شهر العسل؟"
ضحكت كايت باستغراب :"أنا أحبك حقاً , فيليب لكن خمسة عشر ولد !"
"حسناً , أثنان أو ثلاثة لكن بعد تأسيس عمل ثابت و مريح لك . لكن أولاً الزفاف متى تريدين أن نتزوج؟"
قالت :"فى أقرب فرصة ممكنة"
قال برضى :"هذا هو رأى بالتحديد , سأتحدث مع رجل الدين ستارغوس بشأن ذلك هناك أمران مهمان كاترينا , هل تمانعين أن كان حفل زواجنا بسيطاً و هادئاً؟ فقط احتفال صغير فى القرة مع والديك و عدد قليل من أصدقائى المقربين"
تمتم كايت :"أى شئ تريده"
تنهد براحة و قال :"جيد , و هناك أمر آخر , هل يمكننى أن أطلب منك أن لاتذكرى أمر زواجنا أمام أحد؟ يمكنك الكتابة إلى والديك بالطبع لكننى أفضل أن لا يعرف أحد غيرهما بذلك"
سألته بقلق :"أنت لا تريد التفكير ثانية بالأمر , أليس كذلك؟"
قال بضيق :"لا, بالطبع بل ! لكنك تعلمين كم أكره الصحفيين , كاترينا و منذ أن أصبحت واحداً من الأثرياء و هم يتبعونى كظلى و فسخ خطبتى من ارين سيكون حدثاً مهماً للثرثرة و أنت لا تستطعين التخيل كيف يصبحون عندما يريدون التحدث عن أمر ما , و أنا لا أريد ان أعرضك لمثل هذا الضغط . كما و أننى لا أريد لزفافنا أن يصبح حدثاً اجتماعياً فى الصحف . لذلك أرى أن السرية هى أفضل خيار لنا , أتفقنا؟"
اعترفت كايت :"أعتقد أنك على حق , لكننى أحب اصدقائى فى مركز الحفر لكن لا يهم , أخبرنى المزيد عن تلك الرحلة البحرية التى تخطط لها"
قال :"لم آخذ عطلة منذ أكثر من خمس سنوات , كما و ان الفاتيرا ترسو فى المرفأ بانتظارنا . الآن و بعد أن تم أفتتاح الفندق أعتقد بأن على أن أرتاح قليلاً .
تستطيع دوروثيا و الباقون إدارة الفندق بسهولة . لذلك لما لا نبحر عبر البحر المتوسط و نستمتع بوقتنا؟ نتزلج على الماء , نغطس , نصطاد السمك و نتجول عبر الجزر كيف يبدو لك ذلك؟"
"يبدو رائعاً . لكن هل تعتقد أنك تستطيع المغادرة الآن قيليب؟ أقصد , لقد قلت أن شريكك هريستوس هيونيدوس تعانى من أزمة قلبية و قد تتعرض لمشاكل من الورثة أن هو توفى . أليس من الأفضل البقاء هنا للتعامل مع كل هذه الأمور ؟"
اعترف قائلاً و هو يرفع يديه فى الهواء :"أعلم, لكن لا أعتقد أن هريستوس سيموت الآن أو أن الورثة سيقدمون على أى عمل يثير المشاكل. و إذا أردت الأنتظار لحل كل تلك المشكلة , فمن المؤكد أن شيئاً آخر سيحدث . فهناك دائماً امور كثرة علىّ التعامل معها , كاترينا وان لم اعمل على التمسك بأى فرصة للسعادة فأعتقد أنها ستبتعد عنى نهائياً . منذ سنوات لم أفعل شيئاً غير العمل و القلق . الآن بعد أن قابلتك أريد أن احيا قليلاً . هل هذا أمر سئ؟"
نظرت إليه كايت . كان الظلام قد ارخى سدوله فى الخارج , وعكست أنوار الغرفة ملامح وجهه. رأت ظلالاً تحت عينيه و خطوطاً من التوتر حول فمه .
قالت بنعومة :"لا, فيليب , يبدو عليك التعب و الأرهاق لِما لا تذهب إلى النوم باكراً الليلة ؟ فلابد أنك لم تنم ليلة البارحة"
اعترف قائلاً :"هذا ما حصل فى الواقع , حسناً سأذهب إلى النوم لكن سنتناول العشاء قريباً و غداً سنذهب إلى البحر"
سمعت كايت صوت جرس فقالت :"ممم, ما هذا؟"
قال :"انه العشاء و هذا جرس الباب الخلفى , سأذهب واحضره"
عاد بعد خمس دقائق و هو يحمل صينية مليئة بالطعام الشهى . خبز ساخن و مزيج من الخضار و ثمار البحر شيش الكباب و بطاطا مقلية و سلطة بندورة و خيار و زيتون . و طبق من الفطائر المحشوة بالشوكلا.
تناولا الطعام على مهل و بفرح و هما يتذوقان الطعام صنفاً بعد صنف , بعد ذلك أخذ فيليب البوزوكى و عزف عليها أغنيات للحب . و عندما وضع جانباً الآلة ضمها فيليب إليه . بقيت كايت صامتة فهى لم تشعر بهذه السعادة طوال عمرها .
استيقظت كايت فى اليوم التالى على صوت جرس سمعته من قبل تاوهت و جلست فى سريرها و هى تبعد شعرها عن عينيها نظرت إلى الساعة قرب سريرها رأت أن الساعة قد قاربت السباعة و النصف.
قالت لنفسها :"اعتقد أن هذا هو الفطور"
نهضت من السرير و سارت نحو مصدر الصوت. ما أن أصبحت على الدرج حتى سمعت صوت ماء منهمر . حسناً ها هو فيليب يستحم. سارت نحو المطبخ و هى تفكر كيف ستتمكن من التفاهم من أحد من عمال الفندق . فتحت الباب و هى تشعر بالاحراج .
كان الأمر أكثر احراجاً مما يمكن ان تتخيله . لأن الرجل الذى كان يقف أمام باب المطبخ ليس عاملاً من الفندق بل مصوراً . فى اللحظة التى فتحت فيها كايت الباب دخل فيها الرجل إلى المطبخ . هو ينير الكاميرا ليلتقط لها صورة. صرخت كايت مصدومة و أمسكت بطاولة المطبخ لتتمكن من الوقوف
ـــ
قال المصور :"هل صححيح أنك صديقة فيليب اندرو نيكوس الجديدة؟ هل تخلى عن أرين مارمارا لأجلك؟ هل كنت تعملين فى مرسيليا قبل أن تأتى إلى ايواس ديمتريوس ؟ أديرى وجهك قليلاً . عزيزتى أريد أن التقط لك صورة واضحة"
غطت كايت وجهها بيديها و صرخت :"كيف تجرؤ ؟ أخرج من هنا على الفور من فضلك أرحل"
دفعته بقوة نحو الباب و تمكنت من طرده إلى الخارج . لكنه و بمهارة وضع قدمه داخل الباب و استمر فى التقاط الصور.
"آهـ, هذه لقطة رائعة عزيزيتى ! تبدين جميلة جداً و أنت غاضبة ! و الآن أريد صورة أمامية مباشرة و ليس صورة جانبية . ستحطمين كاميرتى . هل حقاً عملت فى أفلام رخيصة؟"
صرخت و هى تمسك بحاجب الباب :"فيليب, فيليب"
بعد مرور لحظة أتى فيليب مسرعاً إلى القاعة الأمامية . كانت المياه لا تزال على شعره لكنه عرف كل ما يحدث بنظرة واحدة . تجهم وجهه و أبعد كايت جانباً و دخل إلى المطبخ , رفع المصور عن الأرض و ضربه بقبضته و رماه أرضاً . بعدها رفعه عن الأرض بامساكه من جاكيته و رماه خارجاً من باب المطبخ. بعد لحظة نزع الفيلم من الكاميرا و رمى بالكاميرا وراء صاحبها . لمحت كايت المصور ملقى على الأرض و هو يضع يده على فكه , ثم أغلق فيليب الباب بقوة .
قال :"تباً! تحركت الوحوش بسرعة. حسناً,علينا الذهاب من هنا على الفور , كاترينا أخشى أنه واحد من عشرات"
سار نحو الهاتف و ضغط على رقمين و تحدث بسرعة باللغة اليونانية . عندما أعاد السماعة إلى مكانها ازداد وجهه تجهماً وهو يقول :"ما قلته صحيح, لقد تحدثت مع جهاز الأمن للفندق و طلبت منهم أن يخرجوا كل دخيل من المنطقة , لكن كما يبدو من كلامهم , هناك الكثير منهم فى الجوار , و ليس من السهل السيطرة على ثمان مئة أكار من الأراضى , لذلك علينا أنا و أنت الخروج من هنا . سيلتقى بنا جورجيوس فى القارب السريع من مكان خاص بى فى المرفأ . هل يمكنك أن تصبحى جاهزة خلال عشر دقائق؟"
تلعثمت و هى تقول :"نعم, لكننى لا أملك إلا الثياب التى كنت أرتديها البارحة . كل شئ آخر لىّ مازال فى الفيلا . ما عدا الكاميرا"
" لا تقلقى بشأن ذلك, سنتمكن من حل تلك المسألة عندما نصبح على متن الفاتيرا"
بطريقة ما تمكنت كايت من الاستحمام و ارتداء ملابسها فى عشر دقائق . كانت جاهزة بانتظاره فى القاعة و هى تحمل حقيبة يدها و الكاميرا عندما نزل فيليب الدرج . كان يرتدى بدلة عاجية اللون . و كان يبدو طبيعياً و مرتاحاً كأنه يوم عادى و هو ذاهب إلى مكان عمله كالعادة . بينما كانت كايت تشعر أنها تحولت إلى كتلة عقد من التوتر و الخوف . و بينما كان يسيران نحو المرفا كانت تنظر بقلق باستمرار حولها و كأنها تتوقع ان يهاجمها أحد المصورين من مكان ما فى أى لحظة . و حتى عندما أصبحا فى القارب السريع لم تستطيع التخلص من كل ذلك التوتر و فقط عندما أصبحت على متن اليخت و سمعت الحركة القوية للمحرك و هو ينطلق عندها فقط ارتاحت. و بابتسامة متفهمة أمسك فيليب بيدها و قادها نحو قاعة الجلوس و ساعدها لتجلس على مقعد مريح.
سألها :"أترغبين بشراب شئ ما؟"
قالت :"فقط بعض عصير الليمون , شكراً لك"
قدم لها كوباً مليئاً بعصير الليمون و بعض قطع الثلج
قال و هو يبتسم:"هيا , لن تسمحى لهؤلاء الوحوش بالأنتصار عليك من أول لقاء معك معهم, أليس كذلك؟"
ابتسمت و هى تقول :"آهـ فيليب, ذلك الرجل كان مخيفاً . لقد قال أشياء مخيفة عنى و ليس منها أى كلمة صحيحة . أنت لا تعتقد أن ذلك الكلام المهين سيقرأ فى الصحف , أليس كذلك؟"
قال بحزم:"حسناً , وأن حصل ذلك فلن نأخذ اى علم به, سأطلب من جورجيوس أن يضع شارة الراديو على أخبار الطقس فقط و بعيداً عن ذلك سنبقى من غير اتصال بالآخرين لمدة خمس أو ستة أيام . سنذهب إلى أحدى الجزر و ننسى أن هناك عالماً كبيراً غير تلك الجزيرة. ما رأيك بذلك؟"
وافقت بحزن و هى تقول :"تبدو خطوة جيدة جداً"
و كانت كذلك . فالطقس كان رائعاً و بدأ اليخت يير فوق الماء و كأنه طائر . طلب فيليب من جورجيوس التوجه نحو جزية تاسوس , وعندما وصل اليخت إلى هناك رسا فى كهف هادئ شرق جبل ابسارى . امضيا الوقت و هما يغطسان فى الماء و يسبحان و فى المساء كانا يجلسان على متن اليخت يحدقان بالنجوم . تناولا عدة مرات الطعام فى مرفأ بوتاما سكيالال و قاما بالركض على شاطئ كريسموديو .
استعملت كايت العديد من الأفلام و هى تحاول أن تلتقط كل جمال فى البحر الأزرق الرائع , البيوت البيضاء المتلألئة تحت ضوء الشمس , و انعكاس الأضواء على تلك الأراضى . و بالطبع كان هناك صور لها و لـ فيليب , صورته و هو مرتدى شورت البحر , و آلة الغطس فوق شعره الرطب و هو يبتسم بفرح . صور لها و هى مستلقية على منشفة و هى مرتدية ثوب بحر أخضر اللون و قد وضعت على أنفها قشدة الزنك . و آخذت صورة لهما معاً و هما يسبحان فى حوض اليخت و هما متعانقان بفرح . سألها فيليب بينما كانت تحضر الآلة الأتوماتيكية لالتقاط تلك الصور :"ماذا ستفعلين بكل تلك الصور ؟"
قالت تمازحه :"حسناً نستطيع استعمالها فى الصحف و المجلات"
قال فيليب:"ليس هذه الصورة, هذه الصورة خاصة جداً"
"أممم , آهـ, فيليب أتمنى لو أن هذه الرحلة تدوم إلى الأبد!"
لكنها أنتهت بالطبع . فى اليوم الخامس استيقظا ليجدا أن المطر ينهمر بغزارة على اليخت و ان الغيوم السوداء تملأ السماء .
قال و هو يضع معطفه الشتوى على كتفيه :"ما رأيك , أنعود إلى منزلنا؟"
قالت بحزن:"المنزل, سنعود إلى الصحفيين و إلى أرين التى تريد القضاء علىّ"
قال فيليب وهو يقبل شعرها الرطب:"لا تقلقى, لابد أن الأمور تحسنت فى غيابنا"
لكن الأمور لم تتحسن أبداً . عندما وصلا إلى شاطئ ايواس ديمتريوس كان هناك من ينتظرهما حاملاً مظلة كبيرة . شعرت كايت باضطراب فى قلبها عندما رأت دوروثيا . ماذا يمكن أن يكون حدث حتى تأتى نائب الرئيس بنفسها للقائهما و تحت المطر؟ لابد أن فيليب يفكر هكذا أيضاً . لأنه خرج من القارب بسرعة قبل أن يتمكن جورجيوس من إيقافه بشكل كامل . تعثرت كايت و هى تتبعه و رأت دوروثيا تعطيه العديد من المجلات .
وصلت إلى قربهما و نظرت إلى الصحف الموجودة بين يدى فيليب . فرأت أسمه لكنها لم تجيد اللغة اليونانية بشكل كاف لتقرأها.
قالت:"ماذا هناك فى الصحف؟"
كان وجه فيليب يشبه قناعاً من الحجر . حدق فى الجري
ة غير مصدق بعدها مزقها . أخيراً سار عبر المرفأ و رمى الصحف فى سلة المهملات . أمسكت كايت بيده و قالت :"ماذا هناك؟"
حدق بها و كأنه يستفيق من اغماءة بعدها مرر يده على عينيه ليمسح المطر الذى يحجب عنه الرؤية قال بحزن:"تقول , اندرو نيكوس يواجه الخراب"