غسلت مالون وجهها ووضعت زينة خفيفة عليه ومشطت شعرها الاشقر ، ثم شعرت برغبة في تغيير ملابسها . لكن هاريس لم يكن يفوته شيء ولم تشأ ان يظن أنها غيرت ملابسها لأجله . ثم من يرتدي الملابس الانيقة ليأكل في المطبخ؟
عند وصلها للمضبخ ، لم تجد هاريس . لكنها كانت تعلم انه غير بعيد . انه في كان ما يلقي نظرة على سير العمل في غيابة .
اعدت مالون الطعام وعندما اصبح جاهزا سمعت وقع خطى هاريس في المطبخ ، فسألته
- هل كل شيء على مايرام ؟
- بعض اجزاء البناء يتقدم بشكل أسرع من البقية .
- هناك لوح خشب غير ثابت في اراضية السلم .
أخذت تفكر في انه لا يفوته شي ولا لما أصبح رئيسا لشركة مالية معروفة
أثناء تناولها الطعام سالها :" أين تعلمت الطهي ؟ لم أرى أي كتاب طهي في اي مكان هنا"
- لطالما كنت أطهي الطعام
- ألم تكن أمك تهتم بذلك ؟
أتراه يحاول النتقيب في ماضيها ؟ ونظرت إليه بحذر . أم انه مجرد سؤال؟واخيراً، لم تجد ضرراً في أن تجيب :" لقد حطمها موت أبي ، ففقدت اهتمامها بكل شي عندما مات .
نظر هاريس أليها بطرقته الثابته تلك ثم سألها بهدوء:" حتى بك أنت ، ابنتها؟"
كبحت مالون مشاعر الاستياء . ولكن، نظراً للمودة التي تشعر بها نحوه قررت الاستمرار في الحديث :" لأجلي فقط قررت الاستمرار في العيش بعده ".
- كم كان عمرك حين توفى ابوك؟
- ثلاثة عشر عاماً. كان رجلاً رائعاً ، هادئاً رقيقا ... وجراحا ممتازا كان الكل يقول ذلك .
- هل كان جراحاً عاماً؟
- كان الافضل في جميع الحقول . لا عجب في أن امي توقفت عن اي نشاط .
لكن مالون لم تشأ أن تتحدث عن تلك الايام التعيسة، وتابعت ببشاشة :" تزوجت أمي مره أخى مؤخراً.وبعد سنوات تعيسة مخيفة ، أصبحت سعيدة مره أخرى. وهذه هو المهم ."
فقال بدهاء :" أتقولين أنه لم يعد لك مكان الآن؟"
- هذت ما لم اقله بالضط . فهذا المساء فقط ، عندما اتصلت بهما هاتفياً وذالك هاتفك بالمناسبة .
وأشارت إلى منضدة العمل وهي تتابع :" قالا إن ثمة مكانا ً لي معهما ".
وقبل أن يقول شيئا ، تابعت بجفاء :" لكنني أفضل العيش هنا ، طبعاً".
- مع خشب الارض المهترىء"
واضاف بشبه ابتسامة :" هل كنت تعيشين مع أمك قبل زواجها الثاني ؟"
- كان لدينا شقة صغيرة . وكانت امي ستتكدر لو انني قلت لها إنني سابقى في تلك الشقة ولن انتقل معها إلى بيت زوجها . كما أنني كنت أبحث عن بديل لوظيفتي .
- وهكذا اعتقدت أنك ستكونين أسعد لو وجدت عمل مدبرة منزل مع سكن مؤمن؟
- لم يكن العمل كله تدبيراً منزلياً. صحيح أن بيت صهرك كان يحتاج إلى التنظيف، لكنني لم أتعود على الكسل.و.... مكتب رولاند فيليبس كان غارقاً في الفوضى أيضاً ، فاقترح علي أن أنظمه، وافرز ملفاته ، إنه...
وسكتت فجأة . لم تكن تريد أن تفكر في رولاند، فكيف بالحديث عنه، وقالت تغير الحديث :" أحضر لي "ديك" الخوخ من أشجار أمس ، فصنعت فطيرة طازجة، أم تريد جبناً بعد الطعام؟"
نظر هاريس إليها لحظات بصمت ، ثم قال بهدوء: " اتعلمين، يا مالون؟ أظنني كنت الرابح عندما طلبت منك الإقامة هنا".
سرها قوله، إلى حد لم تعرف معه ما تجيب ، أرادت أن تقول شيئاً ظريفاً لكنها لم تجد شيئاً سوى الخجل . ازدردت ريقها بصعوبة، لتقول :" أتظن أن كلاماً كهذا ينجيك من غسل الأطباق؟"
فتمتم يقول مازحاً:"ثمة غسالة للأطباق هنا".
لكنهما لم يستعملا عدداً من الاطباق يبرر استعمال غسالة كهربائية لذا غسلت هي الأواني بينما جففها هاريس. ومره أخرى تملكها سعور بالخجل ، فقد بدا قربها منه ودياً وحميماً . غيرت وضعها ، مبتعدة عنه. رباه، مالذي حدث لها؟
ابتعدت عنه لتطمئن إلى ان كل شي مرتب ثم قالت بعد قليل :" أظنني سأصعد إلى سريري".
شعرت فجأة أن اهتمامها بهاريس طغى على اهتمامها بأي رجل أخر حتى كيت مورغان .
رفعت بصرها إلى هاريس فوجدته يحدق إليها بنظراته الثابته تلك . وسألها :
- هل تذهبين ، عادة، إلى النوم مبكرة بهذا الشكل؟.
- لا .... ليس دائماً. لكنك هنا لتهتم بالمكان الليلة . لذا أشعر بانني حرة في الصعود إلى غرفتي و انهاء كتابي.
فقال برفق :" يمكنك أن تحضري كتابك إلى غرفة الجلوس".
فقالت متعلثمة :" سوف .... أ... أرى".
لكنها تركت المطبخ ، عالمة بانها لن تعود إلى الطابق الأسفل مع كتابها .. تملكنها شعور بعدم الارتياح لانها يعلم ذلك هو أيضاً.
لم يكن السبب أنها لا تثق به كما حدثت نفسها حين جلست في غرفتها لتحلل مشاعرها. إنها منسجمة معه في حسن، وخجوله عديمة الثقة بنفسها، في حين آخر. أنها تثق به. وهي تعرف ذلك في قرارة نفسها ، إلى حد أنها أعادت تلك الكرسي إلى مكانها. لقد أدركت بعد ذلك بساعتين، عندما استقلت لتنام، أن ثقتها بهاريس ثابته، لانها لم تقفل بابها. وعندما تذكرت انه غير مقفل ، لم تجد سبباً يدعوها إلى النهوض من سريرها لتقفل.
ورغم أنها نامت، إلا أن أحلامها كانت عنيفة ، قراحت تشهق مذعورة في نومها. كانت تعلم انها تحلم ، وان هذا غير حقيقي . لكنها لم تستطع ان تجد طريقة تستيقظ بها. كانت تعتصرها قوى غامضة وانحبست أنفاسها، ولم يعد هناك هواء لتتنفس عندما ادركت انها تختنق، استيقظت وهي تشهق بفزع . أخذت جرعة من الهواء وحاولت جاهدة أن تقف .. وشيئاً فشئياً، ابتدأ تنفسها ينتظم. لقد أصبحت بخير . كان الامر حلماً .. مجرد حلم .. لكنها لم تشأ أن تعود إلى النوم، لم تشأ ان تعاودها الاحلام مره أخرى.
نزلت من السرير بخوف، وسارت نحو النافذة، تريد أن تفتحها على اتساعها . كانت بحاجة إلى هواء ... هواء بارد منعش، ثم عاد ذهنها يعمل مره أخرى . فهاريس في الغرفة التالية، وقد يزعج صوت النافذة نومه.. ابتعدت عن النافذة مدركة أن عليها أن تعود إلى فراشها ، لكنها لم تستطع خوفاً من أن يعاودها حلمها ذاك . اختطفت عبائتها القطنية، مسرورة لانها ابعدت الكرسي عن الباب ولم تعد بحاجة لإزاحة الاثاث.
عندما فتحت الباب بهدوء، كان الظلام دامساً ، لكنها لم تشأ أن تشعل النور كيلا يسمع هاريس أي صوت، أو ربما يفتح عينيه فيرى الضوء. وعلى الفور تذكرت لوح الخشب المهترئ فتجنبته، لتجد طريقها إلى أسفل السلم .
عندما وصلت بسلام إلى أسفل السلم، أدركت الخطر المتمثل بأدوات البناء الملقاة في الجوار، لكنها شعرت بأن بإمكانها أن تشعل الضوء الأن.
استيقظت تماماً فلم تشأ العودة إلى غرفتها كيلا يغلبها النوم مره أخىي فتعود إلى الاستيقاظ مذعورة . سارت بهدوء إلى الباب الخارجي الذي كان هاريس قد أقفله ، ثم وقفت في الخارج وسط هواء الليل البارد و أخذت تتنفس بعمق إلى أن شعرت ، بعد خمس دقائق ، بالهدوء الكافي فعادت إلى الداخل .
توخت الهدوء البالغ ، ثم عادت تقفل الباب الخارجي ، كانت تعلم أنها لا تريد العودة إلى غرفتها ، وكما كانت تفعل مرات عديدة في منتصف الليل،توجهت إلأى المطبخ، لكنها استغربت أن ترى المطبخ مضاءً.
أدركت أن هاريس نسي أن يطفئ المصباح قبل أن يصعد إلى غرفته ، رغم انها لا تتذكر أن المصباح كان مضاءً.
عندما دفعت الباب ، تملكها الذهول لرؤية هاريس واقفاً يملأ الإبريق ماء. وهتفت على الفور :" هل أزعجتك؟".
أجابها بلطف :" ألا يمكن لرجل أن يحضر كوباً من الشاي من دون أن تتدخلي؟".
شعرت بالفزع. لقد جاء هذا الرجل إلى منزله طلباً للراحة والاسترخاء، وهاهو ذا يستيظ في منتصف الليل بسببها :"أنا آسفه".
اعتذرت شاعرة بالتعاسة ، ثم استدارت لتعود إلى سريها الذي أصبح ابغض الامكنة لها، صوته أوقفها على الحركة :"كوابيس".
فاستدارت إليه :" كنت .. ظننتيني ودعتها ، لكنها عادت ".
وضع أوراق الشاي في الابريق وهو يسألها :"متى؟ متى عادت تلك الأحلام ؟".
- ليلة السبت الماضي.
بدا وكأنها لا تعرف المراوغة.
- ذلك السبت الذي خرجت فيه فقابلت رولاند فيليبس مره أخرى .
صرح بهذا دون أن يضطر إلى الاستنتاج ،لكنه لم يسترسل في هذا الموضوع، بل دعاها: " إجلسي وشاركيني الشاي. إلا إذا كنت تفضلين شراباً أقوى".
- الشاي جيد تماماً.
أجابت مالون، وهي مترددة في البقاء وشرب الشاي معه و إذا بها تنتبه فجأة إلى انها ترتدي ثيام النوم فيما كان هاريس يرتي روباً فقط، يكشف ساقيه وصدره المكسو بالشعر، وفجأة تقدمت وجلست على كرسي أمام الطاوله.
- سكر؟
- ماذا؟
- هل تودين سكراً في الشاس؟
- ها... لا .
أجابت بذلك وهي تقوم بجهد لتمالك نفسها:" لا أظنني أحدثت أي جلبة ، لم اكن أريد أن ازعجك".
- انت لم تزعجيني بل كنت مستيقظاً متسائلاً عما إذا كنت سأوقظك ن إذا ما جلت في البيت .. واذا بي اسمع اصوات أشارت إلى انك تعانين من ضيق في التنفس.
- آه ، يا هاريس، أنا في حالة سيئة.
نظر إليها ، واحضر كوبي شاي ، ثم أجاب وهو يجلس إلى المائدة أمامها :" لا ، انت لست كذلك . انت تعانين من صدمة اصابتك ، أو كانت ستصيبك لو انك لم تتمكني من الهرب من فيليبس".
حدقت مالون إليه . إنه يبدو متفهما وشعرت ان بإمكانها ان تحدثه عن كل شي :" وكلن ، اما كان من المفروض ان انتهي من ذلك الآن؟"
- لا، ابداً. فأنت حساسة للغاية يا مالون. لقد ذهبت لتسكني وتعملي في منزل فيليبس .. لإيمانك بأن فيليبس رجل شريف.
سكت فجأة ثم عاد ينظر في عينيها ، رافضاً أن تحول نظراتها بعيداً ، ثم قال بلهجة ذات معنى :
- كما ، ما حدث لك من قبل.....
- لا . لم يحث شي .
انكرت بحدة وقد فارقها الهدوء. بينما بقى هاريس هادئاُ بشكل يثير الغيظ، وعيناه عليها رافضاً ان يدعها ، ثم قال بعتذر من دون أن يبدو عليه الندم" سامحيني، قلت في اليوم الذي تقابلنا فيه، أنك نلت الكفاية من الرجال الذين يظنون انك متلهفة للخروج معهم".
- ألم تنسى شيئاً آخر؟.
- ماذا؟
- إنك لات تنسى شيئاً ، كما يبدو.
علقت بحدة . لقد ضايقها فلماذا لا تضايقه؟ لكنه بقى ساكناً ولم يضايقه ذلك مقدار ذرة :" لم أنسى ذلك .و بما أن الشاعر التي تعمل في نفسك تريد أن تخرج ، فأنت دوماً منزعجة.. خوفا من أن يستغل أحد ما ذلك ".
عاد مره أخرى يحلل نفسيتها ، فلم يعجبها الامر، وسألته متهكمة
- أي نوع من الكتب تقرأ قبل النوم ؟
ابتسم، وكانت ابتسامته جميلة ، فذاب شي في أعماقها . وعندما سألها برقة
- ماذا حدث ، يا مالون، ليجعلك تدافعين عن نفسك ؟
أرادت أن تنكر بشدة لكنها وجدت نفسها عاجزة عن ذلك .
- لا.......
حاولت الاحتجاج ، لكن الكلمة رفضت الانطلاق من بين شفتيها ،
فعادت تحاول :"لا..."
ثم وجدث نفسها تحدثه، وهي ترتجف قيلاً:" بعد سنيين من وفاة أبي، تزوجت أمي مره آخرى . وكان الزواج كارثة منذ البداية تقريباً"
- لماذا؟
- كان زوج امي ، أمبروز جنكنز، مهتماً بأموال أبي اكثر من اهتمامه بإسعاد أمي.
وحولت نظراتها عنه وهي تعود إلى تلك الايام المروعة :" وعندما انتهى الزواج كانت أموالنا قد نفدت. حتى البيت الجميل الذي استراه ابي ، ذهب"
- هل انتقلت مع امك إلى تلك الشقة الصغيرة من دون هذا الرجل؟
- نعم ، ومن دون ابنه الكريه!
- وهل عاش ابنه معكم في بيتكم السابق؟
- نعم . ومنه تعلمت أن أضع كرسياً تحت مقبض باب غرفتي إذا أردت العزلة .
فسألها برقة :" هل حاول ان يتحرش بك؟"
- لم يتورع عن المحاولة في غياب الآخرين.
- كم كان عمرك؟
- خمسة عشر عاماً، ولكن أباه بدأ عندما بلغت السادسة عشر.
- أبو، هذا الــ........
وكبح هاريس ما كان سينطلق من فهمة من سباب.
- كان كلامه أكثر من فعله .
- وماذا كانت أمك تفعل طوال ذلك الوقت؟
- تفعل؟ لاشيء. لم تكن تعلم . كنت حريصة على ألا أبقى وحدي في الغرفة نفسها مع أي منهما .
- حسناً . ولكن .. ألم تخبري أمك بما كان يحدث لك ؟
- و كيف يمكنني ذلك ؟ فقد كانت عاجزة بعد موت أبي لم تعلم إلا في ما بعد أن زوجها كان رجلاً فاسقاً.
- وهكذا تحملت كل ذلك وحدك ؟
فقالت ، محاولة ان تبتسم :" كل ذلك انتهى الآن".
- لكنه ترك آثاره عليك .
فقالت بمرح :" سأعالج الأمر ".
- أنا واثق من ذلك .
شعرت نحوه بمودة بالغة ، وعندما نظرت في عينيه الودودتين شعر بغصة في حلقها. وفجأة، نهضت واقفة :"هل لديك مانع إذا لم اشرب الشاي؟"
شعرت بانها في حاجة إلى أن تلوذ بحجرتها الآمنه.
نهض هو ايضاً من دون ان يمس الشاي وسالها :" ماذا حدث".
- لا شيء.
ثم حدقت في وجهه الوسيم وتابعت :" لقد اخبرتك الآن أسراراً لم اخبرها لاحد قط، واظنني أشعر بالدوار".
وابتسمت ، فقال يطمئنها بهدوء :" سرك آمن معي".
- أعلم ذلك .
- هيا بنا نضعك في سريرك. عليك ان تستيقظي باكراً
ضحكت لوقاحة كلامه ، انه هنا.. وهو ماهر في إعداد الشاي. ليكن بوب ميلر زبونه الاول في الغد في شرب الشاي.
أطفأ هاريس أنوار الطابق الأسفل ، ثم أضاء السلم وصعد معها.
وعندما وصلا إلى الفسحة ، قال محذراً :" حازري من لوح الخشب ذال".
تذكرت كيف لاحظه سابقاً، فنظرت إليه لتذكره بأنها هي التي أخبرته عن ذلك الوح الخشبي ! لكنها لم تنظر إلى مرطئ قدميها ، فداست على ذلك اللوح المتهالك وبدأت تسق عالمة، وهي تتمسك بالهوا، أن لا شي سينقذها.
مد هاريس يديه محاولاً أن يمسكها. ولكن ، وهو يقوم بذلك ،لم يكن ينظر إلى موطئ قدميه، هو الآخر ، فداس بقدمه على اللوح نفسه.. وسقط الاثنان معاُ.
أوشكت مالون أن تضحك .. تعتذر.. أن تقول شيئاً مرحاً عن بيته الملئ بالمخاطر .. لكنها انتبهت إلى ان جسده يلتصق بها .. ولم تتوقف لتفكر في أن قربه هذا مؤقت إلى حين يتمكن من النهوض على قدمية .
صرخت به وهي تضربه على صدرة :" ابتعد عني"
فقال يهدئها :" هششش...."
نظرت إليه ، وعندما لم تر على وجهة ذلك التعبير الشهواني الذي اعتادت رؤيته على ملامح أمبروز وابنه، أو رولاند ،ابتدأ عالمها يستعيد لونه . تمتم هاريس :" ولا بمليون سنه، هل نسيت ؟"
وشعرت بالخجل من نفسها :"آسفة "
وكن قربه منها أوجد في نفسها شعوراً غريباً ، وتمتمت : " أنا اثق بك تماماً.. ولكن فقط.."
- العادات القديمة تموت بصعوبه.
- شيئاً كهذا .
أجابت بذلك وعندما حاول هاريس أن ينهض ، نظرت إليه . تردد وعيناه في عينيها ، ثم انحدرت نظراته إلى فمها ، ثم عادتا الى وجهها .
ثم ، وبتمهل ، عانقها بكل حنان ورقه. شعرت بدفء عناقه واحضانه فانحبست انفاسها. أدركت أن هذا العناق الرقيق سرها للغاية .أرادت ان تبادله عناقه، لكنها خافت من ان تتحرك فيتبدد السحر . وهكذا، بقيت ساكنه، اقرب مما كانت عليه مع اي رجل قط.وسرعان ما انهى هاريس عناقه.
ثم ابتسم ونظر إليها :" لا شيء يستوجب القلق يا مالون، كنت بحاجة إلى عناق. هل قال لك احد إن نظراتك شديدة الإغراء؟ وهذا العناق الخفيف ليس تمهيداً لشيئ ما".
كان قلبها يخفق بجنون، فقالت بصوت أبح لم يدهشها:" هل ستدعني أنهض؟"
طلبت منه بعجز وهي تفتش عما تقوله . وعندما وقف وساعدها على النهوض ، قالت بمرح :" دعني أعلم متى تجد نفسك بحاجة إلى عناق، وسأرى ما يمكنني فعله بهذا الشأن."
لم يكن قولها جاداً، ولكنه أفضل ما يمكن في هذه الظروف.
ذهبت إلى غرفتها دون أن تضيف كلمة أخرى واعلقت الباب خلفيها ثم استندت اليه ، ورأسها يدور في دوامة. لقد عرفت العناق من قبل ، ولكنه لم يكن بهذه الروعة .
قال هاريس إن عناقه لم يكن تمهيداً لشيء ما ولكنها لم تكن تريد ألا يؤدي ذلك العناق إلى شيء! كانت تريده أن يعانقها مره أخى وبعد ! رباه.... مالذي يحدث لها؟