لاحظت اهتمام والدة زوجي وأخواته بي بشكل خاص منذ اليوم الأول، فكنّ يركزن عليّ نظراتهنّ طوال الوقت، ويبدين حماسًا غريبًا. وبالرغم من أنني شعرت بالحرج في البداية، إلا أنني لم أستطع إنكار شعوري بالسعادة بهذا الاهتمام. كانت أختي الصغيرة، التي لا تزال في المرحلة الثانوية، تراقب كل شيء بفضول. فاجأتني عندما قررت التسلل خلف الباب لتسمع أحاديث الرجال. في البداية، كنت مترددة، لكنني أردت معرفة سبب تركيزهم، فأرسلتها بخبث.
بعد قليل، عادت إليّ وهي تلوّح بيديها من بعيد، تبتسم بحماس. همست لي: "خطبوك!"
توقف قلبي للحظة، وتسارعت نبضاته. نظرت إليها غير مصدقة: "ماذا؟!"
ابتسمت ابتسامة عريضة وهي تقول: "أيوه، عمّي خطبك!" شعرت برغبة في الصراخ من المفاجأة.
أنا لم أتوقع أبدًا أن تُخطب فتاة مثلي لشاب مثله بهذه السرعة. صحيح أنني لم أكن أقل جمالًا، والحمد لله، لكن لم أتصور أن أرتبط برجل بهذه الوسامة، وبهذا المستوى.
كانت تلك الأيام مختلفة، لم يكن هناك سوشيال ميديا ولا مواقع تواصل تُبرز جمال الناس كما هو الحال الآن. نادرًا ما كنا نرى رجالًا بمثل هذه الأوصاف، فكانت هذه اللحظة تبدو لي وكأنها حلم.
وبعد فترة من اللقاءات العائلية، تم زواجنا! نعم، تزوجنا وعشت أجمل أيام حياتي. لا أظن أنني سأعيش مثل تلك السعادة مرة أخرى. عشنا في الدمام، حيث كان يعمل كمهندس، بينما أكملت دراستي الجامعية انتسابًا. كل يوم كان يشبه الجنة بالنسبة لي، كانت الحياة تبدو وردية، ومليئة بالحب. كان ينظر إليّ بعيون متوهجة بالسعادة ويقول لي دائمًا: "أنا أعيش في حلم، لا أصدق أنني وجدتك." كنا نمضي ساعات طويلة نتحدث ونضحك، حتى في الأمور البسيطة. كان يسخر من صوري أحيانًا، يقول لي ضاحكًا: "وضعياتك في التصوير مضحكة، وتفشل!"
فأجيبه بابتسامة: "هذا فن، وأنت لا تفهم في هذه الأمور! وأصلاً، وضعيّاتي هي التي جذبتك في البداية، صحيح؟"
كنا ننفجر ضحكًا، وكأننا نعيش قصة حب من الأفلام.
بقينا على هذه الحال لمدة سنة، كانت فيها السعادة حليفنا، ثم جاءت فرحة جديدة عندما علمت أنني حامل. كمّل هذا الحمل سعادتنا، ولم نكن نصدق أننا سنصبح أبوين قريبًا. عندما عرفنا أن المولود سيكون ولدًا، بدأنا نخطط لمستقبله بحماس، ونتحدث عن اسمه، وعن تعليمه، وعن كل شيء. كان زوجي كريمًا إلى أقصى الحدود، يُحرم نفسه من بعض الأمور فقط ليُؤمّن لي ولطفلنا القادم كل ما هو أفضل. كان يضعنا في المرتبة الأولى دائمًا، حتى أنني كنت أشعر بالذنب أحيانًا.
لكن، لم يكن كل شيء ورديًا، فقد كان هناك ما يعكر صفو حياتنا. كان لزوجي صديق قديم منذ الطفولة، رجل تزوج مرتين ولم يُوفق في أي من الزيجتين. كان دائم الشكوى، يتذمر أن النساء لم تُخلق على مزاجه. الأولى كانت مادية، كما يصفها، والثانية كانت تدخل في خلافات مع أهله، مما دفعه لإنهاء الزواجين بسرعة. هذا الصديق كان دائم الحضور في حياتنا، كظل لا يزول. المشكلة لم تكن في زياراته، بل في أن زوجي كان يعتبره أكثر من أخ، ويثق به بشكلٍ أعمى.
كان يروي له كل شيء، تفاصيل حياتنا الصغيرة والكبيرة، حتى ما بيننا من ضحكات وأحاديث. كان يقصّ عليه مقالبنا ومواقفنا الخاصة، حتى كيف أتعامل مع أهله، كل هذا كان يُشاركه معه. كنت أنصحه بلطف: "يا حبيبي، مو لازم تحكي كل شيء لصاحبك، بعض الأمور تبقى بيننا."
كان يضحك ويقول: "أنتي ما تعرفين، هذا فلان، أكثر من أخوي! هو يقول لي كل شيء عن حياته."
كُنت أتظاهر بالاقتناع، لكن شيئًا في داخلي كان يحذرني. هذا الرجل لم يكن مصدر راحة لي، بل كان يعكر هدوءي.
مع مرور الوقت، لاحظت أن هذا الصديق بدأ يتصل بي. في البداية، كنت أعتقد أن اتصاله بي كان بحجة البحث عن زوجي، لكن ما لبث أن حاول فتح مواضيع معي. كنت أقفل المكالمة في وجهه بسرعة، وأخبر زوجي أن صديقه يبحث عنه. كنت أعتقد أن هذا سيثنيه عن محاولاته، لكنه بدأ يتجرأ أكثر، ويتصل بي عندما أكون وحدي، مدعيًا أنه يسأل عن حملي وصحتي.
كانت غلطة كبيرة مني أنني لم أخبر زوجي منذ البداية. ظننت أن تجاهله سيجعله يمل، لكن يبدو أنني كنت مخطئة.
لم أكن أعلم أن الأمور ستتفاقم إلى هذه الدرجة، خاصة عندما اكتشفت شيئًا صدمني: كان هذا الصديق يتعمد الاتصال بي كلما كنت في زيارة لعائلتي، محاولًا التحدث معي بأعذار واهية.
في كل مرة كنت أقفل الخط، كان يعود ليتصل في وقت لاحق، وكأنه يريد اختبار صبري. الآن أدرك أنني وقعت في فخٍ، وأن إهمالي لتحذير زوجي من البداية كان خطأً جسيمًا.