كانت عائلة "أم أكرم" تعيش حياة هادئة ومستقرة في إحدى البنايات القديمة بالمدينة. كانت الأم تحرص على تربية أبنائها بشكل جيد، وكان ابنها الأكبر "أكرم" قد تزوج وأصبح لديه طفل صغير، بينما بقي "وسيم"، الابن الأصغر، يعيش مع والدته في الشقة السفلى من نفس البناية.
كان "وسيم" يعمل كهربائيًا، وكان مشهورًا في الحي بمهارته وكفاءته. كان سكان الحي يعتمدون عليه في كل مشاكلهم المتعلقة بالكهرباء. كان دائمًا ما يخرج من المنزل مسرعًا بعد تلقيه مكالمة من أحد الزبائن، وقد اعتادت الأم على هذا النمط من حياته. لم تشك أبدًا في تصرفاته، فقد كان معروفًا بجديته وأخلاقه الحميدة.
لكن في الآونة الأخيرة، بدأت "أم أكرم" تلاحظ تغيرات غريبة في سلوك ابنها "وسيم". كان يعود إلى المنزل متأخرًا ووجهه محمّرًا ويتصبب عرقًا، وكأنه كان يمارس الرياضة لساعات طويلة. كما أنه كان يسارع إلى الاستحمام فور عودته، وهو الأمر الذي أثار استغرابها. كانت تحاول تجاهل هذه الملاحظات، لكنها لم تستطع تجاهل الشكوك التي بدأت تتسلل إلى قلبها.
بدأت تتساءل عن سر هذه التغيرات المفاجئة، لكنها لم تملك الجرأة لسؤال ابنها مباشرة. كانت تخشى أن يكون ما تفكر فيه مجرد أوهام أو سوء فهم، لكنها في نفس الوقت لم تستطع التخلص من الشعور بأن هناك شيئًا غير طبيعي يحدث.
في أحد الأيام، خرج "وسيم" من المنزل بسرعة بعد مغادرة شقيقه "أكرم" للعمل. قررت "أم أكرم" أن تتابعه هذه المرة، فلاحظت أنه يتجه نحو شقة شقيقه في الطابق العلوي. توقفت الأم في مكانها، مترددة فيما إذا كان يجب عليها المواجهة أم الانتظار. لكنها قررت الانتظار لترى ما سيحدث.
مرت الدقائق وساعة ونصف الساعة دون أن يخرج "وسيم" من شقة شقيقه. ازداد قلق الأم، وتأكدت أن شكوكها لم تكن خاطئة. بعد فترة قصيرة، تكرر نفس السيناريو مرة أخرى. لم تستطع "أم أكرم" التزام الصمت أكثر، وقررت أن تواجه الحقيقة بنفسها.
في المرة التالية، عندما توجه "وسيم" إلى شقة شقيقه بعد مغادرته للعمل، قررت "أم أكرم" أن تذهب خلفه وتواجهه بما تشعر به. طرقت الباب، ففتحت لها زوجة "أكرم" وهي تبدو متوترة ومرتبكة. حاولت منع "أم أكرم" من الدخول إلى غرفة النوم، لكنها لم تستطع منعها. دفعت الأم الكنّة جانبًا ودخلت الغرفة بسرعة.
كان المشهد أمامها أشبه بكابوس. وجدت "وسيم" ممددًا على فراش شقيقه، وكانت الصدمة أكبر مما تستطيع تحمله. شعرت أن الأرض تنسحب من تحت قدميها، وأن العالم كله انهار في لحظة. كيف يمكن لابنها أن يخون شقيقه بهذه الطريقة؟ كيف يمكن له أن يتجرأ على فعل شيء كهذا في بيت العائلة؟
لم تتمالك "أم أكرم" نفسها، فانهارت في نوبة من البكاء والصراخ. كانت لا تصدق ما تراه، وما كان يجب أن يحدث في بيتها الآمن. حملت نفسها عائدة إلى شقتها وهي تكاد لا تصدق أن ابنها ارتكب هذا الجرم البشع. لم تكتفِ الصدمة بالأم فقط، بل كانت تداعياتها كارثية على العائلة بأكملها.
عندما علم "أكرم" بما حدث، انهار نفسيًا تمامًا. لم يكن يتوقع أن تأتيه الخيانة من أقرب الناس إليه، من شقيقه الأصغر وزوجته. تحطمت نفسيته وتدهور عمله بشكل كبير، وأصبحت العائلة التي كانت متماسكة في يوم من الأيام مهددة بالتفكك والانهيار.
مع مرور الوقت، لم يتمكن "أكرم" من استعادة حياته الطبيعية. كانت الخيانة التي تعرض لها أكبر من أن يتمكن من تجاوزها بسهولة. زوجته التي كانت شريكة حياته أصبحت بالنسبة له رمزًا للخيانة والغدر، وشقيقه الذي كان يعتبره أقرب الناس إليه تحول إلى عدو في عينه.
أما "وسيم"، فقد أدرك حجم الكارثة التي تسبب فيها. شعر بالذنب والخجل من نفسه، لكنه كان يعلم أن ما فعله لا يمكن إصلاحه. كان يتجنب مواجهة عائلته، ويحاول الابتعاد قدر الإمكان عن أي مواجهة مع شقيقه أو والدته.
تبقى الخيانة أحد أكثر الجرائم النفسية التي يمكن أن تتعرض لها العائلة. هذه القصة المؤلمة ليست مجرد حكاية عن الغدر والخيانة، بل هي تذكير بأن الثقة التي تُخترق لا يمكن استعادتها بسهولة. ما حدث في عائلة "أم أكرم" لم يكن مجرد خيانة زوجية، بل كان جرحًا عميقًا لا يمكن شفاؤه.
كان لهذه الخيانة تأثير مدمر على الجميع، حيث انقلبت حياة العائلة رأسًا على عقب. في النهاية، تظل الخيانة خنجرًا يغرس في قلب الثقة، ويترك وراءه ندوبًا لا يمكن أن تلتئم.