الجزء 4

الفصل الرابع

"انت التي أسميتها تاج النساء
اقسي على قلبي و مزقيه لو أساء

اني اعاني اني اموتاني حطام
حاشاك عمري ان افكر بانتقام
احنيلك رأسي بحب و احترام
الويل لي

قسما بجرحي لن تري دمعا يسيل
سترين معني الصبر في صبري العليل
أرأيت قبل اليوم عرساً للقتيل..؟"
.......
كان يقف بجوار ابن عمته وزوجته ..استطاع يامن سماع صوت انفاسه الغاضبة والتى بالتأكيد سببها تلك الجنية الصغيرة
منحته أروى اشارة من عينها تجاه عاصم فاشار يده بقلة حيلة ...فالامر يخصه وليس هناك ما يمكن فعله فى تلك اللحظة
اما عاصم كان يهاتف ذلك الحارس الذى عينه لتقفي اثر باسل ...يراقبه كظله والذى بدوره اخبره بأنه لم يخرج من الفندق المقيم به بعد ...
سمع جميع من بالحفل صوت صرخات يأتى من الجهة الخلفية
امسكت أروى ذراع يامن بخوف :يامن دا صوت شهد
قبل ان يرد عليها التقطت أذنى عاصم تلك الجملة التى جمدت الدم بعروقه "الحقونى فى واحدة بتغرق "
لم يحتاج ان يسأل عن هويتها تلك المجنونة نفذت تهديدها
ركض سريعا الى حيث حمام السباحة يتبعه يامن وأروى وسط تمنع يامن لان حالتها النفسية تؤثر على الحمل ...وايضا ركض احمد حازم بعد سماع صوت شهد
ليصل عاصم اولا متفاجئا بريحانة التى تحارب من أجل التنفس
صرخ فيها معنفا ظنا منه انها تمثل وتنفذ تهديدها حتى يتركها وشأنها :اطلعى حالا لاما وقسما بربي هشوفى ايام اسود من شعر راسك كفاية فضايح
لم ترد عليه لأنها ببساطة تجاهد من اجل النجاة
امسكه يامن من زراعه بعنف :انت مجنون البنت بتغرق طلعها حالا
نفض ذراعه عنه وهو يردد :مبتغرقش دى بتمثل هى لسة حالا مهددانى انها هترمى نفسها هنا
تساقط الدموع من عيون أروى فالفتاة قاب قوسين او ادنى من الموت
اخفي يامن رأسها فى صدره حتى لا ترى اكثر مم هذا
وفى لحظة ما تبدلت مشاعر عاصم من الغضب الى الخوف عندما لاحظ توقفها عن المقاومة وغاب جسدها فى الاعماق
الى هذا الحد وقلبه لم يستطع الصمود
خلع سترته وقفذ خلفها
نزل تحت المياة وجدها مغمضة العينين
صوت دقات قلبه تنذر بالخطر ...ايعقل ان تكون ماتت ...تركها تموت امام عينيه
سحبها بسرعة وحملها خارج المياة وضعها على الحافة
كان معظم الحضور تجمع عند تلك اللحظة ومن ضمنهم زين الدين الذى وقع قلبه فور رؤيته صغيرته بذاك الشكل
ضربها عاصم على وجنتها بخفة :ريحانة فوقي ...فوقي ارجوكى مش عشان زعلانة منى تعملى كدة ..
اخذ يقوم ببعض خطوات التنفس الصناعى وهى لم تحرك ساكنة..
حاول ايضا والدها ايقاظها ولكن لم يفلح الامر
صرخ فبها عاصم كأنها ستسمعه :حرام عليكى بقي متبقيش انانية ...فوقي بقي ي حببتى ..
اخذ يضغط على صدرها حتى تخرج الماء الذى استنشقته
عادت الحياة لوجهه عندما فتحت عينها بضعف واخذت فى السعال فى محاولة لتنظيم انفاسها
ضمها والدها الى صدره ودموعه تنزل بصمت
:ايه اللى عمل فيكى كدا ي حببتى انت كويسة
خرج صوتها ضعيفا مهزوزا :بر...بردانة اووى ي بابا
عاصم :بعد اذنك ي زين بيه كدا
حملها عاصم بين يديه واحكم زراعيه عليها
تمسكت هى به بقوة تناجى بعض الدفئ اذ اطرافها تجمدت من البرد
اعتذر زين الدين من الجميع بالانصراف لظروف ابنته الصحية
وصل عاصم حاملا ريحانة للفندق
دخل غرفتها وضعها على الاريكة بحرص وطلب الطبيب
تطلع لثيابها المبلولة واسنانها التى تصتق من البرد
حاول ايقاظها حتى تبدل ملابسها
:ريحانة متخافيش ي حببتى انتى كويسة انا طلبت الدكتور قومى غيرى هدومك المبلولة دى
ريحانة بضعف :مش...قادرة ..تعبانة
تطلع له والده بقلة حيلة فكيف سيحل تلك المعضلة
تذكر فى الحال أروى التى تقف مع يامن خارج الغرفة
خرج اليهم واستأذن منها ان تقوم بمساعدة ريحانة فى تبديل ملابسها والأخيرة لم تعارض على الاطلاق
ساعدتها فى تغير ثيابها والبستها بيجامة ثقيلة حتى تبث اليها بعض الدفئ وجففت لها شعرها بالمنشفة
فتحت الباب فدخل عاصم وزين الدين ومعهم الطبيب
حملها عاصم مرة آخرى واضعا اياها على الفراش ومنتظرا فحص الطبيب الذى بدوره قام بفحصها وكتب لها على خافض للحرارة اعطى لها عاصم الدواء واشار للجميع بالخروج بعد ان اذن الطبيب لها بوجوب الراحة
وبالخارج
وضع زين الدين يده على كتف عاصم :انا متشكر اووى يبنى من غيرك بنتى كات زمانها غرقانة
ربت عاصم على يده :مفيش داعى تشكرنى ي زين بيه دا واجب ...ثم انا لياا حديث طويل معاك بعدين
زين الدين :تمام وانا مستنى
رحل هو الأخر متجها لغرفته يناجى بعض الراحة
اما عاصم اتجه الى يامن الذى يقف بصحبة أروى التى بالرغم من انها لم تعرف ريحانة سوى من بضع ساعات الا انه ظاهر للعيان القلق البادى على وجهها
أروى بقلق :طمننى ريحانة عاملة ايه
عاصم :الدكتور قال كويسة وكتبلها خافض للحرارة
يامن :بس انا مفهمتش ايه اللى وصلها لكدة وازاى كنت بتقول انها بتمثل
عاصم :يامن انا مش عايز افتكر اللى حصل هى اللى هددتنى لو مبعدتش عنها هترمى نفسها فالبسين
يامن :انا هسيبك عشان الى حصل النهاردة كفاية بس انا بقولك ونظرتى متخيبش ابدا ..دا مكنش منظر واحدة رمت نفسها عشان تعاندك ...كان منظر واحدة بتغرف بجد و مفيش انسان عاقل يعرض نفسه للخطر دا
يلا ي أروى انت تعبتى النهاردة ودا مش كويس على البيبي ....
بقي عاصم يتطلع لباب غرفتها بتعابير مبهمة ...ودخل الى غرفته المقابلة لتبديل ثيابه المبلولة
........
مضت بضع ساعات
اخذ يتقلب هو فى الفراش بعدم راحة لا يستطيع النوم وهو يعلم انها ليست على ما يرام ماذا اذا كانت مريضة
اتجه الى محفظته وسحب منها مفتاح غرفة ريحانة
اذ كان يحتفظ بنسخة اخذها من موظفة الاستقبال لطوارئ كهذه
خرج من غرفته وتلفت يمين ويسارا حتى يتأكد ان لا أحد يراه
دخل غرفتها واوصد الباب خلفه لتقع عينيه عليها بالكاد استطاع تميز وجهها من ضوء القمر الساقط عليه والذى ينفذ من النافذة سمع همهمات غير مفهومة فاضاء الأنوار ليجدها تتصبب عرقا وتهذى بكلمات متقطعة
:ب..بابا ....متسبنيش...ماما رحتى ليه ي ماما ...ب..باسل ..عاصم لا متقولش لبابا ..
خفق قلبه من حالتها فعلى ما يبدو انها تعانى من حمى شديدة
وضع يده على جبهتتها ليبتعد كحركة تلقائية بعدما وجد حرارة جسدها التى تغلى
دار فى مكانه بقلة حيلة لا يستطيع طلب الطبيب
كيف سيخبر والدها ..ما مبرره لدخول غرفتها
سيوضع نفسه محلا للشبهات بذلك الفعل
لمح طبق الفاكهة على الطاولة فقام بافراغه من ما فيه واتجه للحمام الملحق بالغرفة وملئه بالماء البارد
وجذب احدى المناشف
بقي طوال الليل بجانبها يقوم بعمل الكمادات لها حتى نزلت حرارتها الى حد ما
بقي جالسا على كرسى بجانبها يحدق بها بمشاعر مختلطة بين حزنا على حالها وغضبه من تفريطها فى حياتها بذاك الشكل
ارتسمت على وجهه تلك الابتسامة الخبيثة
"حسنا ي صغيرتى لم اكن اريد ان نلتقي بهذا الشكل ولكن انت من اضطررتنى "
..............
سطع قرص الشمس الذهبي ليعلن عن بداية يوم جديد
تسللت اشعة الشمس الى غرفة ريحانة لترمش بعينيها بضيق
فتحت عيونها لتجد نفسها بغرفتها بالفندق وشعور كبير بالتعب يجتاح جسدها
قامت تعدل وضعها من السرير لتفلت منها شهقة كبيرة عندما وقعت عينها على عاصم الذى يجلس امامها على احد الكراسى يرتشف كوبا من العصير ويحدق فيها بغموض
ريحانة بحدة قليلة اذ لك تتعافي كليا من مرضها بالامس :انت...انت دخلت هنا ازاى وبتعمل ايه
عاصم :من الباب ...وبعمل ايه ..جاى عشان اشوف القطة الى بقت تعرف تخطط وتنفذ وتخربش
بقي انا بتحرش بيكى ها !!
دا اللى هتقوليه لباباكى لما يسألك رميتى نفسك فالمية ليه
هزت ريحانة رأسها بنفي بالفعل قالت له هذا ولكنه كان من باب التهديد ليس الا هى حقا مظلومة
:لا...لا والله انا مرمتش نفسى فى حد زقنى
اتجه عاصم اليها وامسك بذراعها بغضب :اخرسى ...!!انا كريه قلبي الكدب حد مين اللى هيزقك فحفلة محدش يعرفك فيها وكمان انا سايبك لوحدك ..
عايزة تموتى نفسك عشان الكلب اللى انت مرافقاه .. وعايزة تتهمينى انى بتحرش بيكى ...تمام انتى اللى اخترتى وحكمك نطقتيه بنفسك
دب الرعب فى اوصالها من كلامه :يعنى ..يعنى ايه
يعنى زى ما اتحرشت بيكى هصلح غلطتى واتجوزك ي قطة ..شفتى انا شهم ازاى
ريحانة بحدة :انت مجنون ولا ايه !!!
انا مش ممكن اتجوز حد غير باسل
عاصم :طب وحياتك انت وباسل بتاعك لتتجوزينى ورجلك فوق رقبتك. ...فوقي بقي واعرفى ان اللى بتحاربى علشانو دا ببتسلى بيكى
استجمعت قوتها ودفعته وقامت من على الفراش
:انت كداب وغيران منو عشان قلبي اختارو... اظهر على حقيقتك بقي انى عجباك وعايز تتجوزنى وبتعمل الافلام دى من ساعة ما قابلتك
بس بتحلم دا نجوم السما اقربلك
عاصم :ميهمنيش برضو هتجوزك حتى لو غصب عنك وابقي ورينى هترفضي ازاى لما اطلبك من باباكى ..
اتجه الى الباب وقبل ان يخرج منحها ابتسامة مستفزة وهو يقول :ابقي اقفلى الشباك لحسن تستهوى ي ...ي قطة
........
فى مكان آخر يقف باسل يعنف نيرمين بشدة :انت عارفة اللى عملتيه دا كان ممكن يبقي نتيجته ايه
نيرمين مدافعة عن نفسها :نتيجتو ايه كنا هنحرق قلبو عليها
باسل :ملكيش دعوة انا هعرف احرق قلبو عليها زى ما حرق قلبي على ابو يا بميت طريقة وطريقة لكن انى اموتها دا حاجة انا مأمرتش بيها
اخر مرة آخر مرة ي نيرمين تتصرفي من دماغك والا هيبقي لينا حساب تانى
..........
خلال ذاك اليوم
حاولت ريحانة عدة مرات طلب باسل عدة مرات وهى تحبس نفسها بغرفتها بالفندق ولكن الخط كان مغلق
اتصلت بصديقتها المقربة يارا تقص عليها ما حدث
يارا :انتى غلطى ي ريحانة غلطى لما هددتى عاصم تهديد زى دا وكمان تنفذيه من غير ما يجى جنبك وكل دا عشان ايه وعشان مين ..
ريحانة :احلفلك بايه ي يارا انى مرمتش نفسى انا كنت بخوفه عشان يبعد عنى مش اكتر انا فجأة لقيت نفسي فالمية
يارا :طب هنعتبر انى مصدقاكى ..مش شايفة انك لازم تفكرى بعقل
يعنى بعيد عن ان عاصم دا تصرفه همجى و مينفعش يدخل اوضتك كدا بس لو هو كلامه غلط وباسل مش بيتسلى اظن مفيش وقت مناسب عن كدا يتقدم فيه انتى وضعك عالمحك خالص
ريحانة بحنق :يوووه بقي ي يارا باسل باسل قلتلكو باسل بيحبنى واستحالة يتخلى عنى وكلكو هتشوفو ....كح كح كح
شرقت اثناء انفعالها بالحديث مع يارا فتناولت احد المناديل الورقية ووضعتها على فمها
تركزت عيناها على نقطة ما حمراء بالمنديل ما هذا تلك ليست اول مرة تحدث معها ...
يارا :ريحانة ..ريحانة انت رحتى فين
انتبهت ريحانة ان يارا لا تزال على الخط
:مرحتش ان كويسة اهو معلش ي يارا واى جديد هبلغك بيه
يارا :ماشى ي حببتى وخلى بالك من نفسك وفكرى بعقلك شوية ماشى
اغلقت الخط مع يارا واخذت تفكر فيما يحدث لا بد من مراجعة احد الاطباء لترى ما سبب ذلك
قلبت فى ارقام هاتفها حتى وجدت رقم طبيب العائلة
وسريعا طلبت الرقم
ريحانة :دكتور جمال انا ريحانة الهاشمى عارفنى
-اه طبعا ي هانم عارفك خير ان شاء الله يكون مفيش حد تعبان
-مش عارفة ي دكتور بقالى فترة حاسة انى مرهقة اووى وكذا مرة اكح الاقي نقط دم فالمنديل
-تلاقى نقط دم فالمنديل !!!!
اسمعى ي هانم انتى لازم تجيلى المركز فاقرب وقت نعمل الفحوصات والتحاليل عشان نطمن
ريحانة :حاضر هاجى لحضرتك المركز بكرة بس اذا سمحت مش عايزة بابا يعرف مش حابة اقلقوا بدون داعى
-متقلقيش ي هانم اهم حاجة تيجى فاسرع وقت
اغلقت الهاتف معه وهى تنوى اصطحاب نيرمين معها حتى لا يشك السائق بالأمر
...........
انقضى اليوم سريعا
تخلله حديث والدها معها
لم تشئ ان تخبره ان احد ما دفعها فباتأكيد لن يصدق كما لم يصدق عاصم ويارا
اخبرته انها فقدت وعيها من قلة الطعام وبالصدفة كانت بجوار حمام السباحة
لم يخبرها والدها اى شئ عن عاصم
وايضا لم تره طوال اليوم غير عند صعود الطائرة ...وهذه المرة كانت معاملته معها جافة للغاية لم يساعدها فى الصعود او يطمئنها عند اقلاع الطائرة
شعرت ببعض الضيق ولكنها عنفت نفسها
"اليس هذا ما كنتى ترغبين به ان يبتعد عن طريقك ..لماذا انت مستاءة الآن "
تذكرت ايضا باسل الذى بعث لها برسالة يخبرها فيها انه عاد الى بيته سريعا بسبب مرض والدته
..........
صباح اليوم التالى
التقت ريحانة نيرمين بالجامعة وطلبت منها مرافقتها الى الطبيب
استرعى انتباه نيرمين تلك الأعراض اللى تشعر بها ريحانة ودفعها الفضول لمعرفة ما فى الأمر
بعد الجامعة اخبرت السائق انها ستذهب بصحبة صديقتها وتحججت بان نيرمين هى من ستجرى تلك الفحوصات
وصلت الى المركز فرحب بها الطبيب واستمع لشكواها مرة آخرى
استطاعت نيرمين من خلال تعابير وجه الطبيب ان تستشعر ان الخطب كبير
قام الطبيب بالفحوصات والتحاليل والأشعة التى يحتاجها واخبرها ان النتائج ستظهر غدا
اثناء الخروج من المركز
استأذنت نيرمين ريحانة فى الذهاب الى الحمام وحينها سمعت نيرمين الطبيب وهو يقول
"تحاليل ريحانة الهاشمى تطلع فاسرع وقت وقبل اى حاجة ويرب يكون اللى بفكر فيه مش صحيح
"
عادت نيرمين لمنزلها ولم تخبر ريحانة قط بما سمعته و عزمت على ان تذهب فى الصباح الباكر لأخذ النتائج نيابة عن ريحانة لمعرفة ما بها
..........
صباح يوم جديد ستتغير فيه حياة البعض ربما الى الأبد
عادت ريحانة من الجامعة بعد ان تلقت اتصال من باسل يطلب مقابلتها فى المساء
وافقت واخبرته ان بعد موعد نوم والدها ستتسلل وتخرج كما فى السابق
دخلت ريحانة الفيلا لتجد حركة غير معتادة فى الفيلا
اخبرتها الدادة سعاد بان والدها يريدها بغرفة الضيوف
دخلت لتقع عيناها على عاصم الذى تناسته عن عمد حينما لم يتعرض لها الايام السابقة
خفق قلبها بفزع عندما وجدته يضع قدم فوق الآخرى جالسا بكل اريحيه يرتشف كوبا من القهوة وعلى وجهه ابتسامة عابثة
اشار لها والدها بالتقدم قائلا :تعالى ي ريحانة سلمى على عريسك
عاصم طلبك للجواز وانا وفقت
اخترقت تلك الجملة اذنها وسقط كل ما فى يدها من كتب و
يتبع ........


إعدادات القراءة


لون الخلفية