الجزء 2
الفصل الثانى:
أخذت ترفع الأطباق عن المائدة القصيرة المستديرة بعد أن انتهوا من تناول فطورهم ، تنقل الأطباق مثنى مثنى إلى المطبخ ، ما ان همت لتأخذ الطبق الذى يوجد برأس المائدة استوقفتها يد قاسم الممسكة بيدها ، حيث يجذبها بخفة لتعتدل بجذعها العلوى و تقف و هى ترفع رأسها و هى تنظر إليه حيث يكبرها فى القامة بالطبع ، و علامات الاستفهام بادية على ملامحها ، بينما يمسد على وجنة ابنته قائلا بحنو:
_ لساكى زعلانة من اللى حصل امبارح يا زينة؟
أغمضت عينيها بتعب بعدما لاحت إلى عقلها ذكرى قرار أمس الحاسم ، لتزفر بهدوء ثم تلتفت إلى والدها قائلة بابتسامة خافتة _او بالأحرى مجاملة_:
_ ماجدرش ازعل من حاجة انت جلتها ف مصلحتى يابوى
اماء برأسه قائلا بتأييد:
_ هى فعلا ف مصلحتك يا بتى ، هتفهمى بعدين
اومات برأسها فى هدوء ليمسك برأسها ثم يلثم مقدمة جبهتها بقبلة حانية ، بينما تقف نجاة عند باب المطبخ تتابع هذا الموقف العاطفى و هى تكبح عبراتها بصعوبة عن الخروج ، و قد استشعرت الحنان الجارف بين الوالد و ابنته ، هذا الحنان الذى كانت تنعم به فى كنف المرحوم والدها الذى لم ينقصها شربة من كأسه ، حتى باغته شبح الموت متخذا من الثأر وسيلة لاختطافه ليزج بها فى سجن حسنى الذى يذيقها من العذاب ألوانا و كأنه يستمتع بهذه اللحظات التى يستمع فيها الى نواحها الصامت ، يكبلها بأصفاد المهانة دوما حتى باتت عنده عادة ، و ما زاد الطين بلة هو انها لم تنجب منذ تزوجها قبل سنوات ، فكأنه وجد وعاء جديدا يصب فيه سبابه اللاذع من لسانه السليط على الرغم من كونه لم يعرضها على طبيب من الأساس و إنما اتخذها كأرض بور لا تنبت صالح او طالح
تشعر بأن قلبها ينزف دما و هى ترى جرعات الحنان التى يغدق بها الأب على ابنته أمامها ، تقول فى نفسها بمرارة:
_ لما الأب اكده ، أمال الواد مش واخد منه لييه؟ و لا هما بيتعاملوا اكده مع بناتهم بس؟! ، ربنا يرحمك يابوى ، مت و سيبتنى مع راجل ما يعرفش لا رحمة ولا شفجة!!
_ أشرف ، أشرف ، يا أشرف
أخذت تضربه على وجهه بخفة بينما تنادى باسمه و هى ترفع مستوى نبرتها فى كل مرة عن سابقتها كى تصل إلى أذنه و يعود إلى مرحلة الوعى مجددا ، و لكنه على ما يبدو قد أغشى عليه تماما بعد كم الخمور الذى تناوله أمس ، و بعد عدد غير قليل من المحاولات بدأ يبعد جفنيه عن بعضهما بانزعاج و قد تنبهت حواسه أخيرا الى إشعارات زلزلت خلاياه العصبية ، أخذ ينفض جسده عن لمساتها قائلا بانزعاج:
_ سيبينى بقى يا هيدى
_ اسيبك ازاى بس؟
قالتها باستنكار ، ثم وقفت عن الأريكة و اتجهت الى إبريق الماء الموضوع على المائدة الكبيرة حيث تأخذه ثم تأتى به إليه لتسكبه كاملا على جسده ، هب واقفا و هو يحرك يديه فى الهواء بعشوائية و كأنه يطلب النجاة من الغرق ، مع صدر يعلو و يهبط باضطراب ، مسح على وجهه بسرعة ليفتح عينيه و قد وضحت الرؤية قليلا ، نظر نحو هيدى التى تستند على ظهر الكرسى بغضب ثم اقترب منها مزمجرا بحدة:
_ اى يا هيدى اللى عملتيه ده؟ ، كنتى هتموتينى
اعتدلت فى وقفتها و هى تقول بتبرم:
_ أمال عايزنى اعمل اى يعنى؟ ، مش راضى تصحى خالص قلقتنى عليك
ثم أشارت بسبابتها نحو كم الزجاجات الفارغة الموضوع على المنضدة و الأرض قائلة بدهشة:
_ و بعدين اى كل الشامبانيا اللى شربتها دى؟ ، أنت مجنون؟؟
ضم قبضته بقوة حتى ابيضت مفاصله ليصفع بها المزهرية التى لا حول لها و لا قوة لتقع أرضا متهشمة ، شهقت هيدى بفزع بينما صرخ أشرف يقول بألم:
_ اعمل اى يعنى؟ ، أبويا حط سكينة حادة على رقبتى بتدبحنى بالبطئ ، لازم اتجوز واحدة من الصعيد عشان اعرف اخد ميراثى و انا بحبك انتى يا هيدى ، ماقدرش ابعد عنك
ثم استرسل يقول بمرارة:
_ انا بموت ، بمووووت ، ليه بابا عمل فيا كدة؟!
احتوته بين أحضانها فى حنان و قد ركزت حدقتاها الحادتان الملتمعتان بفكرة خبيثة فى اتجاه واحد تهدئه قائلة بثبات:
_ ما تقلقش يا أشرف ، كل حاجة ليها حل ، كل حاجة ليها حل
بينما كانت نجاة تضع ارغفة الخبز النيئة داخل الموقد باغتتها زينة بسؤالها قائلة:
_ اى حكاية الطار اللى بيننا و بين عيلة الشهاوى دى يا نجاة؟
رفعت نجاة أحد حاجبيها متعحبة و هى تقول:
_ عايزة تعرفى ليه؟
تحدثت زينة بمشاغبة:
_ و ماعرفش ليه؟ ، بعدين ابوى علطول خايف عليا منهم ، يبجى أكيد فى حاجة كبيرة
أنهت نجاة رص الارغفة فى صفوف منتظمة باحترافية اكتسبتها من التعود ، لتقف عن الكرسى القصير المقابل للموقد ثم تذهب نحو زينة و هى تزفر بضيق قائلة:
_ دى كانت عيطة كبيرة جوى بيننا من زمان ، سببها أرض لينا و أرض ليهم لاصجين ف بعض ، جه واحد منهم خدها حلوانة ف سلوانة و حرت ف كام جيراط من أرضنا و ده خلى ولد عم ابوى _ربنا يرحمه_ يتخانج معاه و وصلت لدمه ، و بدأت حكاية الطار واحد منهم و واحد مننا
ثم نطقت بصوت مختنق و قد اغرورقت عبراتها:
_ لحد ما راح فيها ابوى كمان
ربتت زينة على ساعدها مؤاذرة لها و معالم الشفقة باتت بادية على وجهها بينما أطلقت نجاة تنهيدة طويلة قبل أن تكمل بشفقة:
_ لحد ما جه الدور على واحد منهم و جال يوجف الطار راح سلم كفنه و دبح عليه عجل كبير ، و وجف الدم وجتها من ييجى تمن (8) سنين ، لكن أهله ما سابوهوش و اتهموه انه جبان و ناجص رجولة خاف من الموت جام سلم كفنه و مرغ راسهم فى الطين ، و مرته ام عياله الصغار طلبت الطلاج و خدت حضانة العيال ، و اتطرد من البلد خالص و من ساعتها ماحدش يعرفله طريج ، بعد اكده عيلة الشهاوى أعلنت انه انتحر
_ و ليه ما يكونش هما اللى جتلوه بنفسهم؟
سألتها باستنكار ، لتكمل نجاة و هى ترفع منكبيها إلى الأعلى إشارة الى عدم الفهم:
_ و الله ممكن ، سهل جوى عنديهم يجضوا على شاب زى الورد و مرته تنساه بالجفا ده! ، يالا الله يرحمها
قالت الأخيرة بلامبالاة لتعود زينة فى سؤالها قائلة بدهشة:
_ واه! ، ماتت؟!
اومات نجاة برأسها إيجابا و هى تقول:
_ إيوة ، من سنتين جالها اللهم احفظنا سرطان نهش جتتها و ماتت و عيالها فضلوا مع جدهم _حلمى الشهاوى_
ثم تحركت نحو ألموقد و هى تهمس بحزن:
_ يمكن ده كان حج الراجل اللى مات بسببها بعد ما كان مخليها مش ناجصة حاجة
_ انتى تعرفيه؟
جلست على الكرسى القصير ثم هزت رأسها نفيا و هى تقول:
_ لا ماعرفهوش بس سمعت انه كان زين جوى ، ف حنيته مافيش اتنين
_ كان اسمه ايه؟
فركت نجاة رأسها محاولة البحث عن الإجابة فى الذاكرة:
_ اسمه... ، اسمه...
ثم لوحت بسبابتها سريعا و قد وجدت ضالتها هاتفة:
_ إيوة ، إيوة ، سليم الشهاوى
_ ازيك يا أشرف يا ولدى عامل اى؟
اجفل ما ان سمع هذا الصوت الذكورى التابع لطرقة خفيفة على باب المكتب ، ليقف عن جلسته قائلا بترحاب:
_ اهلا يا عم ناصر ، اتفضل
اقترب بخطوات ثابتة اكتسبت رزانتها من التقدم فى العمر ، حيث تبادل السلام مع أشرف بالأيدي ثم جلس و هو يقول بحزن مختلط بالألم:
_ البجية لله يا ولدى ، و الله لحد دلوك ما جادر اصدج ان فهمى مات
أجابه أشرف باقتضاب:
_ ربما يرحمه و يجعل جزاؤه الجنة يا رب
ثم أردف يقول بهدوء لا يخلو من اللهفة:
_ ها جبت الدليل؟
أخرج من جيب حلته الكحلية دفترا اسود اللون يستخدمه ناصر كدليل للهاتف ، أخذ يقلب بين طيات صفحاته و هو يقول:
_ ايوة و معايا فيه أرقام كل اصحاب المرحوم
_ و تعرف بناتهم بقى
حدجه ناصر بنظرة ريبة ليسرع أشرف فى الإيضاح قائلا:
_ اصلى بدور على عروسة و قلت اخد بنصيحة ابويا و اتجوز حلوة هوارية من بلدنا
سرعان ما انفرجت اساريره و قد اطمأنت دقات قلبه قليلا و هو يقول بحبور:
_ خير ما فعلت يا ولدى ، عموما معاى أرقام ناس كتير ، فى محمد الراوى راجل ملو هدومه معاه تلات بنات اتنين متجوزين و واحدة مطلجة ، لسة صغيرة بالعمر
لوى أشرف فمه استهزاء و هو يهمهم فى نفسه بسخرية:
_ شكلك هتطول على ما تجيب اللى انا عايزه
_ عتقول حاجة؟!
أفاق سريعا و هو يقول نافيا ببراءة:
_ لا لا ، بس يا عمى انت عارف ان لسة ماتجوزتش قبل كدة ، ياريت تشوف لى واحدة تانى
أماء ناصر برأسه قائلا:
_ معاك حج ، ثوانى اشوف لك واحد تانى
أخذ يقلب الصفحات تحت مرأى أشرف الذى تملكه الفضول و القلق فى آن واحد ، حيث يخاف ان تكون المختارة غير جميلة _كما هى فكرته عن الفتيات هناك_ ، خرج من شروده ما ان سمع صوت ناصر المرتفعة نبرته و هو يقول:
_ أيوة لجيتها اهه
حل المساء و انتهى أفراد منزل مشارى من تناول العشاء ، حيث فرغت نجاة و ابنتها المتبناة _زينة_ من غسل الأطباق و ترتيب الامور قبل ان تدلف زينة ثم تبدأ بحل خصلاتها عن بعضهن كى تسرى المشط عليهن لتسريحهن ، طرقت نجاة الباب المفتوح طرقة خفيفة و هى تقول:
_ عايزة حاجة يا زينة
اجابتها زينة دون أن تلتفت إليها بنبرة عادية:
_ لا شكرا يا نجاة
قبل ان تخرج نجاة انتبهت الى طريقة الجدائل التى تصنعها زينة ، لتتجاوز الباب متسائلة بتعجب:
_ مش ناوية تغيرى الضفاير دى بجى يا زينة؟ ، كبرتى و الله عليها!
حركت رأسها الى الجهتين نفيا و هى تقول بإصرار:
_ لا ، هعملها علطول ، كان فارس الله يرحمه بيحبهم جوى
ثم تمتمت فى نفسها بحسرة:
_ لو كان لسة عايش ، كان زمانه اتفرج على ضفايرى بعد ما طولوا دلوكت و عجبوه أكتر
تنهدت نجاة بخفوت لتقترب من زينة ثم تربت على منكبها ، و قبل لن تنبس ببنت شفة قاطعها صوت مناداة حسنى المرتفع مناديا بشكل أقرب إلى الهدر:
_ نجاة ، يا نجاااة
انتفضت فى وقفتها لتبتعد عن زينة سريعا و قد وجدت انه الوقت غير المناسب لمواساتها ، قالت قبل ان تتخطى الباب:
_ تصبحى على خير يا زينة
ثم خرجت مسرعة لتترك زينة التى وجدت طريقها إلى البكاء على الأطلال من جديد ، فكان الحبيب قديما يبكى أمام منزل حبيبته المهجور ، يواسي نفسه بالحديث مع هذا المنزل ، بعدما هجرتهما معا ، و هو ما يسمى ببكاء الأطلال ، كذلك الامر بالنسبة لزينة ، و لكن بدلا من النحيب امام منزل فارس ، فهى تتحدث دوما مع قلبها الخاوى ، و قد أصبح كلاهما يشكى إلى الآخر حجم بلائه بعد ذهاب فقيدهما العزيز
اقتربت منه بخطوات خليعة مترنحة و هى تحمل كأسين من النبيذ و ابتسامة انتصار تعلو شدقها قائلة بإعجاب:
_ برافو عليك يا حبيبى ، كدة خلاص فاضل على الفلوس تكة
أمسك الكأس من بين اناملها قائلا بتعب:
_ اه و الله ، تعبت اوى مع ناصر ده لحد ما جبت رقم الراجل
_ إلا هو اسم البنت اى صحيح؟
قالتها مستفهمة ليجيب بعدم اكتراث:
_ و الله مش فاكر ، اسم غريب بيبدأ بالزين تقريبا
تجرع كأسه بشربة واحدة ، ثم أعطاها إياه لتهم بالابتعاد و لكنه تشبث بخصرها قائلا:
_ تعالى بقى ، عشان هتوحشينى الفترة اللى هاخدها هناك
تركت الكأسين على المنضدة ثم استسلمت لجذبه حتى أجلسها على رجليه ، اراحت ظهرها على صدره بينما يقول هو بافتتان:
_ بحبك يا هيدى
رنات جرس متتالية يطلقها صاحبها باندفاع غاضب أوقفت لحظتهما الحميمية لتقف هيدى سريعا ثم تلتفت إلى أشرف الذى ينظر نحو الباب مندهشا ثم تقول بتساؤل:
_ إنت مستنى حد؟!
_ خالص
قالها بعدم فهم حتى فتحت الخادمة الباب لتجد يافعة عشرينية تقف متجهمة الوجه غاضبة ، لتسأل:
_ انتى مين؟
اجابتها بدفع الباب بقوة ارتدت على أثرها الخادمة الى الوراء ، ثم أخذت تتقدم نحو الصالون بخطوات مسرعة أقرب الى العدو بينما تهرع خلفها الخادمة منادية:
_ يا هانم استنى
لم تجبها و إنما أسرعت حتى وصلت إلى حيث يجلس أشرف و هيدى اللذان رمقاها بنظرات ساخطة ، بادرت هيدى بسؤالها بغضب:
_ إنتى بتعملى اى هنا؟
أجابت سؤالها بنظرة ازدراء قبل ان تنظر إلى أشرف قائلة بتساؤل:
_ الكلام اللى حصل مع اونكل ناصر ده صحيح يا أشرف؟ ، أنت ناوى تتجوز بنت صعيدية؟
_ و انتى مالك انتى؟
كان هذا صوت هيدى المتبرمة معالمها ، لتنظر نحوها الفتاة مزمجرة بحدة:
_ كلمة كمان ، و هتسمعى رد ما يعجبكيش ، ده حوار بينى و بين أخويا ، مالك بيه؟
وقف أشرف ثم قال بتهكم:
_ لا هتتكلم براحتها ، و اللى مالهاش حق تتدخل فى الموضوع ده انتى
مطت شفتيها مستهجنة و هى تزجره بانفعال:
_ طبعا عادى عندك تنصر واحدة _استغفر الله العظيم_ على أختك اللى عايزة تعقلك
تحدث مستهجنا بصرامة:
_ يا سلاااام! ، و أختى دى اللى ما بتفتكرنيش من السنة للسنة ، عايزة تعقلنى دلوقتى؟! ، العبى غيرها ، انتى اصلا من الأم بس ، يعنى ما تعتبريش نفسك أختى أصلا
تجاهلت كلماته اللاذعة بقولها بجدية:
_ بلاش تعمل حاجة فى البنت المسكينة دى يا أشرف ، أرجوك خليك كريم معاها ، دى بنت ناس و متربية
عادت هيدى تهتف بقتامة:
_ مالكيش دعوة يا ماما إنتى باللى هيحصل معاها ، كانت اختك؟!
حدجتها بنظرات نارية قبل ان تصيح بشراسة:
_ والله كنت عايزة اقول انها واحدة زيك ، لكن انتى للأسف مش واحدة ، انتى حثالة المجتمع يا دبانة بتلف على كل زبالة شوية
لم تحرك ساكنا و إنما اعتلت ابتسامة خبيثة إلى ثغرها حيث وصلت إلى مبتغاها و هو أن يسرع أشرف إلى أخته قابضا على ساعدها بقوة آلمتها ثم يجرها نحو الباب كالبهيمة بينما تصرخ و هى تثنيه قائلة:
_ يا أشرف ماتعملش كدة أرجوك ، يا أشرف أنا عايزة مصلحتك ، ترضى حد يعمل ف أختك كدة؟!
و كأنه بات أصما بالكامل ، لم يحرك صوتها به ساكنا ليلقيها خارج البوابة لتقع أرضا فتتأوه و قد اصطدمت مفاصلها بألم بينما يقول أشرف من بين أسنانه ناهرا:
_ آه أرضاها ، و ياريت تنسى أن ليكى أخ بالشغل الرخيص اللى انتى فيه ده لأنك مش هتطولى منى لا حق ولا باطل
ثم أغلق الباب بعنف تاركا إياها تكفكف دموعها بألم بعد نهره لها كالعادة و نصر هذه العاهرة عليها ، أخذت تهمس بالدعاء إلى الله كى ينجى هذه الفتاة من مكر هذا الفاسد الضال
أخذ قاسم يرتشف من كوب الشاى الخاص به و برأسه سيل من الأفكار المسترسلة و المشكلات المتناهية التى لم يجد لها حلا حتى الآن! ، إلى أن انقطع خط أفكاره بواسطة رنة منبعثة من هاتفه ذا الأزرار ، ليخرجه من جيب جلبابه ثظ يطالع الرقم فيه فيجده رقما غريبا غير محفوظ بجهازه ، لذا ضغط على زر الاجابة قائلا:
_ سلام عليكم....
تهللت أساريره سريعا و هو يقول بحبور:
_ اهلا اهلا يا ناصر كيفك يا واد عمى ، عامل ايه؟....انى الحمد لله بخير....كيفك و كيف العيال....
عقد حاجبيه للحظات ثم سرعان ما عادت اساريره إلى التهلل مجددا و قد وصل جزء كبير من مبتغاه و هو جالس محله دون التحرك قيد أنملة ، قال مرحبا بتهذيب:
_ يا مرحب ، جوله ياجى ف اى وجت....ماعنديش مشكلة ان زينة تروح البندر يا ناصر....
تنهد و قد فتحت أسئلة ناصر طريقا إلى العديد من الإجابات المنشودة التى اختصرها بقوله بهدوء:
_ لما تاجى بالسلامة هجولك ليه....فى حفظ الله