الجزء 4

((مع الزواج تتخذ الأنثى عن والدها أمانا بديلا يتمثل فى كنف زوجها ، فهل يستحق هذه المكانة ام تجد نفسها هوت ببئر الأخطار؟!))

كان أشرف يجلس على الطاولة و هو يتصفح على هاتفه و يراسل هيدى على الجانب الآخر عن طريق أحد التطبيقات حيث كتبت له:
_ اى الأخبار عندك؟
_ خلاص الفرح بعد بكرة ، هسافر تانى يوم علطول
_ و اشمعنا تانى يوم؟ ، ما تيجى من يوم الفرح على القاهرة علطول
ضغطت بها و علامات التبرم و النزق بادية على وجهها بينما يكتب هو:
_ ماعرفش والله ، لسة هحاول اشوف الموضوع ده
و حينما كان ينتظر ردها فوجئ بدخول ناصر للغرفة و هو يلقى التحية بوقار ، ليغلق الهاتف ثم يرمق ناصر بابتسامة و هو يجيب السلام باختصار ، اقترب ناصر حتى جلس على الأريكة بجانبه ثم ربت على فخذه قائلا بود:
_ مبروك يا ولدى ، و الله و بجيت عريس!
بادله بابتسامة مجاملة و هو يقول:
_ الله يبارك فيك يا عمى
ثم حمحم مردفا بتهذيب:
_ كنت عايز استأذن يا عمى ، اخد زينة يوم الفرح ، لأن هناك فى شغل متلتل عايز اللى ينجزه
أدار ناصر رأسه نصف دورة نحو أشرف و قد سلط كل تركيزه عليه ، حيث يتحدث بتعجب:
_ و فرج إيه اول يوم من تانى يوم يا ولدى؟ ، أهو حتى تكون ارتاحت انت و عروستك من يوم الزفة ، و تانى يوم من النجمة تاخدها و تروحوا
اماء برأسه بهدوء يحمل الحنق بثناياه و قد استشعر الغباء الحقيقى بسؤاله ، بينما اكمل ناصر بحكمة:
_ جاسم ما هيكونش عنده مشكله ف مرواحكم يوم الزفة ، بس كلام الناس كتير يا ولدى
ضيق حدقتيه بعدم فهم و قد سلط بصره مطولا على ناصر الذى استرسل يقول:
_ لو سافرتوا جبل ما الدخلة تتم ، هيكتر الكلام العفش حولين زينة ، و هى بت مرباية و مافيهاش حاجة ، عشان أكده جاسم جال يتجى شر الشبهة
جحظت عيناه و انفغر فاهه بعدما استمع إلى كلمات ناصر و التى بات مغزاها واضح اجدا حيث قال فى نفسه بقلق و استنكار:
_ يبقى عشان كدة متمسكين بالزفة؟ ، يا نهار أزرق هقول اى انا لهيدى دلوقتى؟ ، يعنى كدة انا لابس لابس!
ثم أغمض عينيه بنفاذ صبر و قد عرف جيدا ما سيحصل بعد يومين من عادة ظنها مدفونة و ردمها مرور الزمن ، و لكن على العكس تماما ، سيضطر الآن إلى المساس بها بعدما ظن أنه سيتخلص منها قريبا دون ان يقرب شعرة بها!

انتهى كل شئ بمجرد نطقه لكلمة (قبلت زواجها) ، و التى ستعد بمثابة قبر الذى ستدفن فيه إلى أجل غير معلوم بعد تخطيطه مع المدعوة هيدى للإيقاع بها فى شرك الخداع ، بعد الحصول على المراد من ورائها
صدحت الزغاريد بالمكان بعد إعلان انتهاء كتب الكتاب لتضع زينة يدها على قلبها الذى بات وجيبه يعلو و يهبط بعنف و كأنه غير موافق على ما سيحدث مستقبلا ، و لكنها أرجعت ذلك إلى الخوف خاصة بعدما عرفت بما سيتم بعد بضع ساعات و هى التى لم تكن على علم بذلك مسبقا! ، و ما يزيد الطين بلة هو كون الرجال جميعا فى الانتظار بالأسفل! ، تقليد أحمق مهين ينتهك حق العروس فى الاحتفاظ بخصوصيتها و عرضها أمام الملأ!
دلفت نجاة إلى الغرفة لتجد زينة التى وصل توترها إلى منتهاه باديا بوضوح و هى تعض على شفتها السفلى بالإضافة إلى أناملها التى تفركهم ببعض باضطراب ، اقتربت منها نجاة و ابتسامة السعادة على ثغرها متسعة حتى لامست أذنيها ، أمسكت بساعدى زينة التى رمقتها بابتسامة خافتة ثم أخذتها بين ذراعيها فى حضن امومى قائلة بسعادة منتفخة الاوداج:
_ أشرف عجد عليكى خلاص ، مبروك يا حبيبتى
قالت زينة ممتنة برقة:
_ شكرا يا نجاة
ابعدتها نجاة و قد استشعرت نبرة الخوف بحبالها الصوتية حيث تقول متسائلة بنبرة ثاقبة:
_ ماله صوتك يا زينة؟ ، فى حاجة ولا اى؟
ازدردت زينة ريقها ببطء و هى تجهل ما تقول بموقف كهذا بينما تفهمها نجاة من مجرد قراءة التعبيرات على معالمها حيث تقرص وجنتها بخفة و هى تقول مطمئنة إياها بحب:
_ ما تجلجيش يا زينة ، الموضوع بسيط جوى ، بس انتى خليكى هادية و هتبجى تمام
_ ازاى ما خافش و فى عيارين نار هيبجوا مستنيين تحت ، و يا أما يتطلجوا فى الهوا يا إما عليى؟
ربتت على وجنتها بباطن كفها مكملة بهدوء:
_ مافيش حاجة هتحصل واصل ، و انتى خليكى هادية و الموضوع هيعدى بسرعة ، ماتخافيش
اماءت زينة برأسها ثم سرعان ما استطردت تغير مجرى الحديث و كأنها تذكرت توا:
_ نجاة
_ نعم يا جلب نجاة
تحركت زينة عن مكانها متجهة إلى السرير الذى أخرجت شطر صورة فارس من أسفل وسادته ، نظرت نحوها نجاة مطولا محاولة اكتشاف ما تود فعله حيث اقتربت منها ثم مدت بالصورة إليها هامسة:
_ كنت جلتلك جبل سابج انى هنسى فارس و أفكر فى أشرف جوزى ، بس زى ما بعدته عن راسى ما عرفتش أخلص من صورته
ثم أمسكت بيد نجاة و وضعت الصورة بها قائلة برجاء:
_ خبى الصورة معاكى يا نجاة ، و بلاش ترميها عشان دى آخر حاجة من ريحة المرحوم ، هتعملى اكده ولا لا؟!
أمسكت نجاة بالصورة ثم رمقت زينة بحنو و هى تقول موافقة:
_ هشيلها معايا ، ما تعوليش هم يا حبيبتى
عادت زينة تحتضنها و هى تتمتم بنبرة ممتنة:
_ تسلمى يا نجاة

و ها قد حان موعد الزفة حيث ينتظر أشرف عند نهاية السلم بينما يأتى قاسم و بيده ابنته المختبئة خلف وشاحها الأبيض كى لا تكون بمتناول الأنظار ، اقتربا منه حتى وصلا الدرجة الأخيرة من درجات السلم حيث يسلم قاسم ابنته لأشرف و هو يتمتم بابتهال:
_ ربنا يوفجكم و يكرمكم بالذرية الصالحة
بادله أشرف الابتسامة ثم تأبط بذراع زينة التى لم ير طرفا منها حتى الآن ، فقط كل ما يعلمه فتاة قصيرة نحيلة بعض الشئ ترتجف يدها الممسكة بذراعه بينما تخفض رأسها خجلا كعادة اقرانها من الصغيرات ، ظل يمشى بها متجها الى الغرفة التى ستشهد ليلتهما الأولى ، و هى تنصاع لاتجاهاته كالشاة المتجهة إلى المدبح مع الجزار!
دلفا إلى الغرفة لتقترب زينة من السرير و تجلس عليها و هى تضع يدها على قلبها الذى تضاعفت دقاته برعونة ، تشعر بأنه يكاد يختلج من مكانه من شدة الارتباك ، أغلق أشرف الباب و هو يزفر بضيق و قد بقيت مهمته الأصعب فى هذه الجولة ، حيث يستدير ببطء ليجدها على حالها دون ان ترفع وشاحها حتى! ، مسح وجهه و جبينه بنفاذ صبر ثم أخذ فى الاقتراب منها و قد بدأ يرسم تعبيرات الحب و الحنان بملامحه باحترافية شديدة ، ما أن وقف أمامها حتى أمسك بساعديها لتسرى رجفة بأطرافها استشعرها بلمساته ، و لكنه لم يرجع عما يجب القيام به حيث رفع الوشاح عن وجهها ببطء ليطالع وجهها الذى يراه للمرة الاولى ، عينين سوداوتين كعيون البقر بهيئتها ، شفتان مكتنزتان رغم صغر حجمهما ، وجنتان مخمليتان تزيدان وجهها الحنطية بشرته جمالا فوق جمال ، و بنظرة رجل طبيعى لا ينفى كونه افتتن بها منذ رآها حيث تصنم مكانه و هو يطالع هيئتها الهادئة مع نظراتها البريئة الخائفة ، لما وجدت نظراته الثاقبة باتت مسلطة عليها بالكامل اخفضت رأسها أرضا ليمسك بذقنها ثم يرفعه قليلا حتى تتلاقى عيناهما مجددا ، و هنا دار ببال زينة كونه سيهدئ من روعها قليلا خاصة و هو يعرف عمرها الحقيقى! ، و لكن على عكس التنبؤات تجاوز بضعة خطوات و قد وجد انه لا جدوى من الانتظار و رصاصات النار تنتظر على أحر من الجمر ، خطف شفتيها بقبلة عنيفة باغتتها على حين غرة كما امتدت يداه حول خصرها مقربا إياها منه حتى صارت ملاصقة له ، اتسعت عيناها ذهولا و قد ازداد ارتياعها اضعافا لتحاول التملص من براثنه الحديدية او حتى شفتيه الصارمتين التى تألمت على اثرهما شفتيها ، ثم تدريجيا تحولت محاولتها إلى مقاومة ليبدى رد فعله على الجانب الآخر و الذى كان على هيئة ان يوقعها على السرير ثم ينقض عليها كذئب جائع اصطاد فريسته و لا يستطيع الصبر قبل التهامها! ، فلقد نسى هيدى و نسى أمر خطته الدنيئة و انهدمت حصونه أمام لمحة منها ، حتى فقدت حواسه القدرة على العمل تماما مع لحظة اتحادهما و ختم صك ملكيته عليها شرعا و عرفا
و بعد انتظار دام لفترة ليست بالقصيرة حتى دب الذعر بأوصال قاسم و نجاة و بالطبع حسنى الذى اصبح يرتقب نظرات الرجال الملتهمة حوله ، أخذت نجاة تناجى ربها فى خفوت و قد صور لها التشاؤم بأن هذه الليلة لن تمر مرور الكرام
اجفلت ما ان سمعت صوت صرير نافذة الغرفة يفتح بواسطة أشرف الذى ألقى إليهم ما كانوا بانتظاره منذ زمن ، لتبادر طلقات النيران فى الصدوح مع التهليل و صرخات الفرح التى انتشرت بالأجواء ، غير مكترثة إلى العبرات المنهمرة على وجه هذه القاصرة التى لا تستطيع إطلاق أنين الألم حتى! ، فقط شعرت باسدال الغطاء عليها من قبل أشرف ، لتغمض عينيها بقوة و هى غير قادرة على الاستدارة و النظر بعينيه بعدما فعل! ، تشعر بجرم الإهانة التى تعرضت لها! ، حيث و لأجل تقليد قديم لم يكلف نفسه لتهدئتها او التحدث معها ، و إنما بادر بالتنفيذ قبل ان يجد اقتحاما لحرمته! ، تعلم أنه كان مجبورا و لكن ما ذنبها هى؟!
بينما استلقى أشرف على الجانب الاخر من الفراش و هو ينظر الى الجهة الأخرى و الحنق صار باديا على وجهه حيث وجد كونه اصبح مخدرا بالكامل أمامها ، فلم يقم بوظيفة املته عليه خطة ، و إنما قام بذلك متلذذا و قد شعر بكونه شخصا آخر!

اراح ظهره على الوسادة بتعب و قد مر بيوم حافل بالأعمال الشاقة اليوم فضلا عن الفزع الذى اعتراه حتى وصل عرقه إلى منتهاه ، بينما جلست نجاة بجانبه ترمقه بغضب و هى تقول محتجة:
_ ليه ما سمحتليش ادخل اطمن على زينة؟
زم شفتيه بسخط و هو يقول متهكما:
_ باين عليكى اتهفيتى ف مخك يا مرة ، يعنى عايزة الراجل بعد ما دخل تكتمى على نفسه و تشوفى زينة؟! ، ما هى لو جرالها حاجة هيجول يا حزينة ، ولا انتى بتفولى عالبت؟!
هتفت بسرعة:
_ الشر برة و بعيد ، بس كان جصدى اطمن عليها دى لسة صغيرة و يمكن ما تستحملش!
نظر نحوها قائلا باستنكار:
_ مانتى اتجوزتى أصغر منها ، ما جاتش واحدة ليه تدخلك؟!
همت لتجيبه و لكنها قاطعها بالتجاهل التام حيث استدار إلى الجهة الأخرى قائلا بلهجة آمرة:
_ جفلى سيرة عالموضوع

تململت فى فراشها ببطء و هى تسحب أنفاسها بصعوبة بعدما صار بليلة الرعب هذه ، بينما خرج أشرف من المرحاض و هو يجفف شعر رأسه الذى تتساقط قطرات المياه منه بعدما خرج من المرحاض مغتسلا! ، اقترب منها و هو يتأمل ملامحها الحزينة و التى تتأوه كل منها بألم مضنى ، ما أن فتحت عيناها و عادت مراكز الانتباه خاصتها إلى العمل حتى وجدته يطالعها بتركيز لتفتح عينيها عن اخرهما بفزع و هى تعتدل ببطء بينما يهدئها قائلا بلهفة:
_ اهدى اهدى يا زينة ، ماتخافيش ارجوكى
توقفت إثر كلماته الحانية و هى تزفر بتعب ليبتدئ الكلام قائلا بلهجة مترددة:
_ سامحينى يا زينة على اللى حصل امبارح
رفعت بصرها إليه قاطبة حاجبيها بتساؤل بينما يكمل هو مبررا:
_ و الله انا اتصرفت بالسرعه دى بعد ما شوفتك عشان الناس اللى كانوا مستنيين تحت ، لكن صدقينى لو كان الموضوع ده ف مصر كنت اتصرفت معاكى بالطريقة اللى تستحقيها ، سامحينى
الحلف بالله هو من أشد ما يكون حيث يهتز مع الحلف به كذبا السبع سماوات و هو ما جعل زينة تصدق مبرراته حينما تقدمها لفظ الجلالة العظيم!
رمقته بنظرة راضية و هى تقول بهدوء:
_ خلاص مش مشكلة
و لكى يؤكد صدق مشاعره و كونه رقيقا بالفعل عكس ما رأت بالأمس ، طبع على رأسها قبلة حانية مضيفا البهارات الأخيرة التى ستضفى إلى وصفته مذاقا لذيذا ، و هو ما ظهر أثره حينما رمقته بنظرة دافئة و قد استشعرت بمعاملته الأولى الحنان الذى وجدته مع والدها بل و سيكون أكثر أيضا!

بعد مرور ثلاث ساعات ، كانت زينة تقف أمام السيارة استعدادا للرحيل ، بينما يقف خلفها أفراد أسرتها الصغيرة ، حيث أخذت تعانق كلا منهم و الألم يعتصر قلبها حتى أدماه ، تحتضنهم و قد عاد قلبها إلى الانقباض مرة أخرى ، خاصة بعدما ابتعدت عن ظل والدها الذى ألقى إلى مسمعها كلمات دعائه كى تكون دائما فى أمان ، دقت نواقيس الخطر بقلبها مع ركوبها السيارة و لكنها أرجعت ذلك إلى ألمها على فراقهم لا شيئ آخر ، حيث سيكون ملجأها الآن بعد والدها الرحيم ، ركبت السيارة و انطلق بها أشرف باتجاه القاهرة كالريح بينما تشعر هى بالغم و الألم قد اعتليا صدرها مع الاتجاه إلى هذا المكان الغريب ، غفت على مقعدها لبضع ساعات بينما بقى أشرف الذى كان يسترق إليها النظرات كل حين و آخر ، و كأنه يقسم أنه ما رأى جمالا بريئا بهذا الشكل أبدا! ، فكيف كان سيقاومها ليلة أمس؟!
فتحت عينيها ما ان داعبت أشعة الشمس رموشها الطويلة و قد باتوا فى مرحلة الظهيرة لتعتدل فى جلستها ثم تفرك رأسها بألم بينما يقول أشرف مبتسما:
_ صباح الخير
اجابته و هى تعدل مفصل رقبتها يمينا و يسارا:
_ صباح النور
ثم اردفت متسائلة:
_ هو باجى كد ايه على ما نوصل؟
اجابها ببساطة:
_ أقل من ساعة و نبقى هناك
اومات برأسها ثم عادت تشرد بالطريق حتى تجاوزت السيارة الصحراء و باتت تتنقل بين شوارع القاهرة ، لينغغر فاه زينة و تحدق فى ما حولها بتركيز و قد بدت ابتسامة سرور على وجهها حيث ستقضى بقية حياتها بمكان رائع كهذا ، تصميمات رائعة للمطاعم و المحلات و السيارات ذات العلامات الجيدة تملأ المكان إلى جانب الملابس المختلفة التى يرتدونها ، و ما أبرز ذهولها أكثر هو أن النساء يخرجن فى هذا المكان بكل سهولة على خلاف الباب المغلق عليها بإحكام فى منزلها الصعيدى ، شعرت بأن بهجتها وصلت عنان السماء بعدما تيقنت من كونها ستعيش فى مكان كهذا ، بينما لحظ أشرف انغماسهما مع الأشكال و الألوان حولها فوجد أن من الأفضل عدم مقاطعتها و هى ترى هذه الأشياء كرؤية المعالم الأثرية لا كونها أشياء عادية توجد بكل مكان
ما ان وصلت السيارة أمام فيلا فهمى محمد حتى قال أشرف:
_ خلاص وصلنا
التفتت نحوه دون كلام ثم فتحت باب السيارة و خرجت و كل ضلع بها يؤلمها بعد هذه الجلسة الاعتيادية التى استمرت لساعات متواصلة ، و لكنها سرعان ما نسيت آلامها و ماهيتها ما ان لحظت المكان حولها من جنائن خضراء و حمام سباحة كبير رأته فقط فى الأفلام إلى جانب المنزل الشاهق الاتساع الذى ما ان دلفته حتى ارتسمت معالم الانبهار بوجهها بينما يقول أشرف بحبور:
_ عجبك البيت؟
_ جوى جوى
قالتها و هى تحدق بالمصابيح الصفراء المعلقة بسقف الصالون بينما يقول أشرف:
_ أهو ده بقى هيبقى بيتك من هنا و رايح
أدارت بصرها نحوه ثم اردفت اخيرا بأولى كلماتها قائلة بود:
_ جصدك بيتنا
بادلها الابتسامة بحب و هو يمسك بيدها قائلا:
_ يالا على أوضة النوم تلاقيكى تعبانة
امتثلت لأمره و اتجها معا نحو غرفة النوم الخاصة بأشرف ، ما ان دلفت حتى صعقت من صدمة المفاجأة حيث لم تر يوما جناحا كهذا أبدا! ، بتصميمه الراقى و الأثاث المتميز المنتقى بعناية مع وجود تلفاز كبير و فراش يتسع لخمسة أشخاص ، كل هذا جعلها تشعر حقا بأنها فى جنة على الأرض حيث لم تر يوما مثل هذا ، أخرجها أشرف عن شرودها قائلا ببعض التوتر:
_ بصى ، خدى شاور و نامى ، و انا هروح اعمل حاجات فى الشركة و جاى ، اى حاجة تطلبيها الخدم تحت
_ طب استريح شوية!
_ معلش بقى الشغل مايستناش ، يالا باى
قالها و هو يتجه نحو الباب حيث يخرج مغلقا إياه خلفه تاركا إياها و هى تنظر إلى ما حولها بإعجاب حتى استغرقت نصف ساعة لتزيح بصرها عن الأثاث حولها و هى تتجه نحو حقيبتها مخرجة ملابس منها ، ثم تتجه نحو المرحاض الملحق بالغرفة و الذى جعلها تتوقف أيضا لتحاول فهم ما ترى حولها من جديد ، و كأنها التحقت بكوكب غير الكوكب الذى عاشت فيه!

_ بتقول عملت ايه؟
قالتها بعصبية و الانفعال بات باديا على قسماتها بينما اكمل أشرف بوجوم:
_ اللى حصل بقى ، هما كانوا مصرين أفضل يوم الدخلة عشان كدة ، و لو مكانش حصل كان زمانى انا اللى خدت الرصاصتين
تحدثت بعتاب و العبوس قد اكتسى وجهها:
_ انت عمرك ما قربت لواحدة من ساعة ما ارتبطنا ، و دلوقتى جاى تلمس دى؟!
قالتها باستنكار يعلوه التقزز و هى تشير بسبابتها نحو الفراغ بكبرياء ليقف أشرف عن مجلسه ثم يقول بغضب:
_ اعمل اى يعنى؟ ، ابعدين دى اللى بتتكلمى عنها تبقى مراتى ، يعنى بلاش تزوديها يا هيدى و إلا مش هحكيلك اى حاجة بعد كدة
شعرت بأن الخطر بات منها قريبا ، لتزفر زفرة طويلة خافتة ثم تقترب منه و تحاوط عنقه بكلتا يديها ثم تخطف قبلة سريعة من فمه قائلة بهمس:
_ الحق عليا انى بغير عليك يعنى؟
تحدث أشرف بقتامة:
_ للصبر حدود يا هيدى
عادت تلاصق جبهته بجبهتها قائلة بحب:
_ خلاص يا قلبى ما تزعلش منى
_ خلاص
ثم أبعد يديها عنه و اتجه إلى السرير حيث يتسطح عليه و هو يقول:
_ انا هنام شوية لأن المشوار تاعبنى ، صحينى كمان ساعتين
ودت و بشدة لو تجد شيئا بيدها حتى تقذفه به حيث تقول فى نفسها بحنق:
_ يعنى انت جاى هنا تنام؟ ، صبرنى يارب


إعدادات القراءة


لون الخلفية