الجزء 7

الفصل السابع:

((صدمة اودت بالعشق الذى كننته لك بقلبى ، صدمة اودت بمعالم الحياة بجسدى ، صدمة بمستنقع الوحل اغرقتنى!))

دلف بداخل غرفته ثم أغلق الباب خلفه ، ثم أسند يسراه بخصره بتعب مع توتر بدا و هو يفرك جبهته بيمناه محاولا تجاوز التفكير بالخطوة القادمة ، إلى أن باغتته رنات الهاتف المزعجة ليسرع نحو الكومود ثم يطالع الاسم المضى على الهاتف دون الإمساك به لترتسم ابتسامة جانبيه بثغره و عيناه تشعان مكرا ، التقط الهاتف ثم سحب زر الإجابة و وضعة على أذنه قائلا ببرود:
_ ألو
أتاه صوت الطرف الآخر هادرا بغضب:
_ اى اللى بعتهولى ده يا ولد المركوب؟
لم يتأثر او تبد أقل معالم الدهشة على وجهه و إنما كان يتوقع جيدا هذه الطريقة الفظة بعد ما أرسل إلى حسنى عبر الإنترنت ليتصل به الثانى ثائر الغضب ، تشدق أشرف بنبرة سمجة:
_ و الله اللى شفته يا أستاذ حسنى ، كنتوا فرحانين اوى ببنتكم و انها أشرف من الشرف! ، تعالوا شوفوا عملت اى و انا مسافر و خانتنى و طعنت ف شرفى ازاى؟
نظر حسنى نحو والده و هو يطحن أسنانه من الغضب بينما حثه والده على الإكمال و قلبه يكاد يخرج من مكانه بعد الصورة التى أرسلت الى حساب حسنى و التى بها ابنته بقميص للنوم بين احضان رجل آخر جعلته يشعر بأن كل ما شيده طوال عمره من السمعة و الاحترام داخل القبيلة و القرية كلها ينهدم بلحظة واحدة بسبب ابنته التى لا يعرف كيف يعطيها وصفا يليق بها حتى الآن!
قال حسنى بزجر:
_ أنى عارف اختى زين ، أكيد انت اللى مركب الصورة بالبرامج العفشة بتاعت النت دى
تحدث أشرف بخبث:
_ و الله انا ماليش فى حوارات التركيب دى ، و ليك تتأكد و تشوفها مع متخصص و لو تركيب يبقى ليك الكلام
ضم قبضته بعنف حتى ابيضت مفاصله و غلت الدماء بعروقه و قد شعر بأنه فى برزخ بين نارين ، لا يعرف كيف يتصرف؟! ، هل يظهر صورة أخته بهذا المنظر أمام خبير و تمرغ سمعتهم بالتراب؟ ، أم يضع العقدة بالمنشار و يقتلها دون الحاجة إلى أن يفتضح أمرها أكثر من ذلك؟ ، نفض الأفكار عن رأسه _مؤقتا_ و هو يقول متسائلا:
_ و فين هى دلوك؟
أجابه بصلابة و تهكم:
_ طلقتها و رميتها فى الشارع ، دى واحدة حقيرة ما تستاهلش تبقى ف بيتى ولا تحت عصمتى ، سلام
ثم أغلق الهاتف سريعا دون انتظار إجابة تاركا الرعب ينهش صدورهم ، لا يعرفون كيف هو السبيل إلى إيجاد حل سريع لهذه المشكلة التى قد تودى بحياتهم و ليس سمعتهم فقط!!
بينما على الطرف الآخر عادت الابتسامة الماكرة تعلو ثغره مجددا بعدما توالت إليه ذكرى ما حدث قبل ساعتين حينما دلف إلى الغرفة ليجد زينة تقف أمام المرآة و هى ترتدى فستانا أزرق بخامة الدانتيل فى أطرافه الأربعة و خامة الستان تغطى البقية ، إلى جانب لمسات المكياج التى وضعتها بقدر ما علمتها نجاة ، تحرك أسنان المشط على شعرها المنسدل على ظهرها بانسيابية ، اقترب منها و هو يحدجها بنظرات ملتهمة لا يستطيع إزاحة بصره عنها ، حتى صار خلفها تماما ليحاوط خصرها ثم يطبع قبلة صغيرة على عنقها قائلا بإعجاب:
_ هو كل مرة هتحلوى اكتر من الأول ولا اى؟
أغمضت عينيها بنشوة ما ان شعرت بأنفاسه الدافئة التى تلفح عنقها فاضحة أمر لهفته _الغير مرغوب فيها حاليا_ حيث هو حائر بين تنفيذ خطة عاتية و صغيرة _فاتنة رغم جسدها النحيل_ يضعف لمجرد رؤيتها دائما ، ظل على حاله مستمتعا باحتضانها و هو يراها عبر المرآة بينما هى تنظر إليه بابتسامة غنج حتى قطع شرودهما طرقات الباب الخافتة ليبتعد عنها سريعا و كأنه أفاق توا بينما ابتعدت زينة باتجاه الدولاب كى لا يلمح من بالباب طرفا منها و هى بهذا الشكل ، سار أشرف الى الباب و أدار المقبض ثم جذبه ناحيته ليجد الخادمة تقف و هى ممسكة بصينية على سطحها كوبين من العصير ، اشرأب أشرف بعنقه مقتربا منها برأسه و هو يهمس:
_ عملتى اللى قلت لك عليه؟
اماءت برأسها قائلة بخفوت:
_ أيوة يا بيه
ثم احنت رأسها نحو اليسار قليلا و هى تقول بحذر:
_ الكوباية اللى عالشمال
_ و كل الخدامين مشيوا؟
_ أيوة مابقاش غيرى انا
أمسك بالصينية من بين يديها ثم قال آمرا:
_ كويس امشى انتى كمان و مش عايز ألمح حد فى الفيلا ، و حسابك بكرة على داير المليم هتاخديه
قالت بطاعة:
_ حاضر يا بيه
ثم انصرفت من أمامه سريعا بينما يعود أشرف إلى الداخل مجددا ليجد زينة التى تقترب منه و هى تقول بحدة:
_ انت كنت واجف معاها كتير ليه؟
وضع الصينية على الكومود دون الرد عليها ليزداد حنقها أكثر حيث تزيد فى اقترابها منه ثم تقول بغضب:
_ انى مش بكلمك يا أستاذ؟ ، رد عليا
أمسك بالكوبين ثم مد أحدهما إليها قائلا ببرود:
_ اشربى العصير يا زينة
هتفت فى سخط:
_ مش هشرب حاجة
استدارت نصف دورة إلى الجهة الأخرى بينما يقرب أشرف شفتيه من أذنها قائلا بعبث:
_ للدرجة دى بتغيرى عليا؟ ، دانا بس كنت بقولها تخلى كل الخدامين يروحوا النهاردة عشان يبقى المكان فاضى و ناخد راحتنا بقى!
حركت عينيها إلى الأعلى بانتباه و قد تبين مراده من دقائق كلامه معها ، حيث التفت مجددا لتقابله بعينين عاشقتين بينما يقرب هو الكوب من فمها بطريقة شاعرية قائلا بخبث:
_ اشربى العصير يالا عشان اللى هيحصل بعد شوية محتاج مجهود
قال كلمته الأخيرة متبعا إياها بغمزة جعلت وجنتى زينة تكتسيان بحمرة الخجل ، لترتشف من الكوب و هو لايزال بين أنامله ، و لأن به مذاقا مميزا هذه المرة تجرعته كاملا بشربة واحدة ، حيث يعيد أشرف الكأس إلى الكومود بينما تقترب منه زينة ثم تحاوط عنقه بيديها ، تستند عليه قليلا و قد شعرت بأن جسدها قد ارتخى فجأة ، بينما ضمها إليه أكثر مساعدا إياها كى تقف ، و لم تأبه إلى ذلك الضعف الذى اعتراها فجأة و إنما قربت شفتيها من خاصتيه أكثر كى تنال قبلتها الأولى بهذه الليلة ، و لكن ما أن لامست شفتيه حتى انهارت تماما و غاب عقلها عن الوعى و التقت جفونها معا لتقع بين ذراعى أشرف الذى ابتسم و هو يقول منتصرا:
_ الحمد لله ، اول حاجة خلصت كدة
ثم وضع يمناه خلف ظهرها و يسراه أسفل ركبتيها يحملها و يمشى قليلا حتى يصل الى السرير ثم يضعها على سطحه ، اعتدل بجذعه العلوى ثم وضع أحد يديه على خصره بينما يمسك بهاتفه ثم يضغط على بعض ازراره و يضعه على أذنه منتظرا إجابة الطرف الآخر ، لمحها من طرف عينه ليتنهد بتعب ثم يقول و قد اعتلى الوجوم ملامحه:
_ عارف ان ده فيه أذى كبير ليكى يا زينة ، و عارف ان معاملتك ليا ماتستاهلش اللى هيحصل ده ، بس اعذرينى انا بحب هيدى و ف نفس الوقت مش قادر أخلص منك و ابوكى و اخوكى ممكن يقتلونى فيها ، اعمل اى طيب؟
قبل ان يترك لضميره فرصة الإجابة سبقته إجابة الطرف الآخر:
_ أيوة يا أشرف
أشاح وجهه الى الناحية الأخرى قبل ان يضعف أمامها و يعطل المراكب السائرة ، حيث يتحدث بصلابة:
_ كل حاجة جاهزة ، هاتى سيد و تعالى يا هيدى

بعد أقل من ساعة كان ثلاثتهم يقفون بالغرفة حيث تنام زينة ، بعدما سول الشيطان إلى أشرف ان يترك زوجته بهذه الملابس دون ساتر ينقذها من عينى هذا الحيوان المسير بغرائزه حيث يرمق زينة بنظراته الشهوانية ، يود لو يفتك بها كحيوان مفترس اصطاد غزاله جارا إياه إلى عرينه ، قال سيد فى قرارة نفسه بافتتان:
_ أشرف ده أغبى واحد شفته ف حياتى ، معقول الجمال ده كله يبقى بتاعك و تفرط فيه؟! ، يالا برضه محظوظ عالاقل دوقت ، انما بعد اللى هيحصل النهاردة ده هتبقى بتاعتى انا و بس
و بالفعل تحرك ما ان حصل على الأوامر ليأخذ جسدها النحيل بين براثنه القذرة حتى يلتقط الصورة شبيه الرجل الذى أوحت إليه ظنونه بأنه سيملك الدنيا بما فيها بمجرد التخلص من هذه العاجزة ، و لكنه نسى أن الله مطلع على أعمال العباد و ما من مظلمة إلا ترد لصاحبها ، إن لم يكن فى الأرض فحتما فوق السبع سماوات

قطع استرسال أفكاره دخول هيدى و هى تقول:
_ يالا يا أشرف عشان انقلها ، لأن البنج أثره قرب يروح
_ مشى سيد؟
_ آه مشى
وقف عن السرير ثم قال موافقا:
_ طب تمام يالا

أخرج سلاحه من جوف الدولاب الخاص بملابسه ثم وضعه داخل جيبه و اتجه بخطوات متسارعة الى الخارج حيث تعطله عن السير نجاة التى تقف عند الباب و دموعها مغرقة صفحة وجهها ، تطالعه بعين والدة مكلومة على صغيرتها ، ترجوه ان يتوقف دون كلام ، اشاح بصره عنها ثم هم ليتحرك و هو يقول بنبرة جافة:
_ اوعى من طريجى يا نجاة
جثت على ركبتيها ثم أمسكت بيده و أخذت تقبلها قائلة برجاء:
_ أحب على يدك ، ماتجتلهاش يا حسنى ، دى أختك اللى مالكش غيرها
شعر بالضيق الشديد من ركوعها ذليلة بهذه الطريقة لينفض يده عنها مزمجرا بغضب:
_ جلتلك حلى عن وشى الساعة دى يا نجاة ، عفاريت الدنيا بتتنطط جدامى دلوك
عادت تقف مجددا ثم وضعت كلتا يديها على صدره تحاول اثناءه عما يعزم فعله و هى تقول بتوتر:
_ طب شوفها عند مصوراتى الأول و بعدين أحكم ، و الله زينة أصفى من اللبن الحليب ، و باين أشرف ده هو اللى سافل و بيلفج لها التهمة ، و الله ما كنت مرتاحة للراجل ده من الأول
حدجها بنظرات نارية تكاد تحرقها ليهب فى وجهها كالعاصفة متحدثا بنبرة مستهجنة ساخطة:
_ إذا كنت انى بذاتى مكسوف اشوف الصورة جوم اكشف جسم اختى على الغريب و راسنا برضه تتمرغ فى العار؟!
تشدقت نجاة باستنكار:
_ لا يبجى تجتلها حتى لو ظلم احسن
دفعها عن طريقه بعنف قائلا بصرامة:
_ اوعى بجى
كادت أن تقع بسبب دفعته القوية و لكنها تماسكت سريعا عندما تلمست بالباب متخذة إياه دعامة ، ما ان استعادت توازنها حتى سارعت إليه قبل ان يخطو بداية الدرج ممسكة ساعده بكلتا يديها و هى تقول مصممة:
_ لا مش هتروح تجتل أختك يا حسنى
هنا وصل غضبه إلى ذروته حتى انفجر فيها بغضب حيث يعتصر ساعدها بقبضته بينما ينهال عليها بيده المنبسطة بسيل من الصفعات التى صمت الجدران من شدة صداها كما ادمت الدماء من فمها بغزارة ، يصرخ فيها بشراسة:
_ جلت لك ما تتدخليش ، جلت بعدى عنى
و حينما شعرت بضياع الوعى تدريجيا حتى لم تعد تستطيع قدماها ان تحملاها اكثر من ذلك و وقعت أرضا متكومة على نفسها ، لم يكتف هو بذلك و إنما ودعها قبل ذهابه بركلة من قدمه أصابت بطنها مباشرة لتطلق صرخة مدوية ارتجت لها أركان البيت بأكمله و لكن لم تبد تأثيرها على حسنى الذى أعمت نيران الانتقام قلبه ليكمل سيره عازما على حماية شرفه بأسرع ما يمكن بينما بقيت هى متكومة على نفسها تشد من احتضان بطنها و قد تفاقم الألم أضعافا حتى لحقها عمها الذى أمسك بساعديها جاذبا إياها إلى الأعلى قليلا و هو يقول بخوف:
_ نجاة! ، مالك يا بتى؟
لم تنطق سوى بكلمات مترددة تضج بالألم:
_ مش جادرة يا عمى ، و الله هموووووت الحجنيييييى

بين مرحلة الوعى و اللاوعي يسكن صراع كبير ، حيث يجادل العقل للاستيقاظ بينما يجهض محاولاته المخدر الذى سرى بالدم مجمدا الخلايا عن العمل ، تجاهد بقوة لفتح جفونها و محو الظلام ، و لكنها استيقظت لتجد ظلاما آخر جعل الشك يساورها بكونها لم تفتح عينيها بعد ، حركت كلتا يديها ببطء بسبب الأثر الطفيف الذى خلفه المخدر ثم فركت عينيها كى تعطى الرؤية مجالا للظهور ، فتحت عينيها مجددا لتجد الظلام الدامس لا يزال يرافقها ، الى جانب انتباهها أخيرا إلى كون جسدها يهتز مع السيارة التى _على ما يبدو_ مستلقية بها ، نهضت بجذعها العلوى و هى تضع يدها رأسها متأوهة ، ثم سرعان ما تلفتت حولها بفزع ثم نظرت إلى المقعدين الاماميين صارخة بذعر:
_ انتو ميييين؟
توقفت السيارة بغتة لترتد بجسدها إلى الأمام ثم تعود مجددا و علامات الارتياع باتت ظاهرة على وجهها ، حتى خرج أحدهم من مقعد السائق لم تتبين ملامحه إثر الظلام المخيم بهذا المكان الشاسع ، ما ان فتح باب السيارة لتدقق النظر بمعالمه حتى ارتاحت معالمها و هى تقول بنبرة مستنجدة:
_ أشرف اى اللى جايبنى اهنه؟ ، خدنى ف مكان تانى انى خايفة
لم يجبها سوى بجذبها من يدها بقوة جعلتها تخرج بجسدها من السيارة إلى أحضان الرمال القابعة بالأرض حيث توقفت السيارة بطريق صحراوى! ، رفعت رأسها عن الرمال حتى بقيت آثارها على صفحة وجنتها ، ثم التفت بوجهها إلى أشرف الذى كان يرمقها بنظرات شيطانية ، لتقول بأنفاس لاهثة إثر ذهولها من هول ما تم الآن ، فتشدقت ببهوت:
_ ليه عملت اكده يا أشرف؟ ، فى اى؟
لم يتحدث مجددا و إنما خرجت من المقعد المجاور للسيارة فتاة عشرينية ترتدى ملابس ملاصقة لجسدها حتى لا يعلم ما تستر بالضبط ، تحدق فى زينة بنظرات خبيثة اخافتها حيث تقول بتوتر:
_ م مين انتى؟
أطلقت هيدى ضحكة سمجة صاخبة ثم التفتت الى هيدى ما ان انتهت و هى تقول:
_ انا اللى هخلص على احلامك كلها يا سكر
ثم اقتربت من أشرف حتى استندت بمرفقها على كتفه قائلة بغرور:
_ أنا اللى هاخد منك كل حاجة كان نفسك فيها ، انا حبيبة أشرف
جحظت عينا زينة و قد شعرت بأنها حطت بعالم آخر و عقلها بات مغيبا تماما ، لم تعد تسمع ما قيل بعد ذلك من كلماتها الصلدة و إنما سمحت فقط لدموعها بالخروج من محابسهن ، إلى أن استعادت وعيها سريعا ما ان سمعت صوت اشرف بعد طول صمت منتظرة ان يريحها و يخبرها بأن كل ما يحدث مجرد كذبة أو مزحة
و لكن على العكس تماما ، اقترب منها قليلا ثم هتف بقسوة:
_ اه يا زينة كلامها صح ، هى اللى حبيبتى ، مستغربة كدة ليه؟
علت شهقاتها حتى وصلت إلى الآذان و قلبها بات ينزف دما ، و دموع القهر تنساب من مقلتيها بغزارة ، بينما يكمل أشرف معترفا بافعاله الشنيعة بكل وقاحة:
_ فى الحقيقة يا قمر ، أبويا كتب وصيته قبل ما يموت إنى هورث كل الفلوس لو حصل و اتجوزت صعيدية هوارية ماحدش لمسها قبل كدة ، يعنى لا متطلقة ولا أرملة
ثم لوح بسبابته نحوها قائلا بتهكم:
_ و طلعتى انتى الفقرية اللى هتتجوزينى ، بعد كدة خدت معاكة فترة جواز عشان الخطة تبقى ماشية تمام ، و جبت واحد صورتك معاه بقميص النوم اللى كنتى لابساهولى أنا ، عشان يبان انه ليه هو ، و بعد كدة بعت الصورة لاخوكى ، تحبى تشوفيها؟
صاحت بأقصى ما عندها من قوة بسخط:
_ آه يا واطى يا سافل يا حيوان ، بجى تعمل أكده ف مرتك يا شنب عالفاضى..
لم يعطها فرصة أخرى للإكمال حيث أمسك بشعرها بين قبضته لتتأوه ألما بينما يهتف بشيطانية:
_ اخرسى يا بت انتى ، و اعرفى دلوقتى ان اخوكى ف اى وقت هيوصل و هيدور عليكى ف كل حتة و لو عتر فيكى ، قولى على نفسك يا رحمن يا رحيم
ثم اعتدل بنصفه العلوى مجددا ثم بصق أمامها بتقزز قبل ان يقول و هو يحدق فيها بازدراء:
_ انتى طالق يا..... مدام
ثم ركب السيارة و تلته هيدى التى ارتسمت على شدقها ابتسامة ماكرة حيث تلتفت إلى أشرف قائلة بإعجاب:
_ برافو عليك
أدار المحرك ثم تحرك عائدا أدراجه إلى القاهرة ، تاركا زينة التى أخذت تجهش فى البكاء بغزارة حتى كادت تجف الدموع بين الجفون ، أخذت تطلق صرخات عالية تعبر عن قليل مما يجيش بصدرها ، تضم يديها أمام وجهها و هى تدمع بقهر ، تشعر بأن الصدمة شلت جوارحها كافة ، تتمنى و بشدة ان تنشق الارض و تبتلعها خيرا من وقوع هذه الكلمة على مسمعها حتى صمتها ، تتمنى لو كانت بكابوس ينتهى بعد قليل ، نيران الظلم و الخداع مضرمة بصدرها بينما يخرج دخانها مع زفراتها الساخنة ، لا تصدق ان هذا الذى سلمته روحها قبل جسدها يفعل بها ذلك ، أعطته مفاتحها بكل سرور ليسرق ما يشاء ثم يذهب تاركا إياها بالعراء ، دون حبة نخوة او ذرة حنان تركها دون ان يلتفت حتى إلى الوراء! ، دون لمسة رجولة التقط لها صورة مع أجنبى عنها دون ان تتحرك له شعرة او تردعه غيرة! ، نطق بالطلاق بكل ما للبرود من معنى حيث لم يتراجع أو يشعر بالندم او يتراجع للحظات! ، فكان بالضبط كذئب دون رحمة فتك بفريسته على حين غرة! ، توقفت عن ذرفها للدموع ما ان لاحت إلى ذاكرتها جملته الحمقاء مهددا:
_ اعرفى دلوقتى ان اخوكى ف اى وقت هيوصل و هيدور عليكى ف كل حتة و لو عتر فيكى ، قولى على نفسك يا رحمن يا رحيم
ثم تلفتت نحوها يمنة و يسرة و قد وجدت نفسها بأحراش الصحراء الصارمة حيث لا تسمع همسا او ترى انسيا ، فقط صمت مطبق يقطعه شهقاتها الصاخبة ، و التى وجدت مع استمراريتها إيقاظا لأعتى حيوانات الصحارى ، كما و فى نفس الوقت لديها اخاها الذى دوما كان الظهر و السند و مصدر الحماية و الأمان يود أن يقتلها ما أن يراها تخلصا من العار الذى سيقبع على أنفاس العائلة كلها ، شعرت بأنها مقيدة لا تعرف ما تفعل او كيف تفعل ، فقط كل ما أتى أمامها هو الهروب و التشبث بآخر قشة للأمل بهذه الحياة ، علها تستطيع النجاة!
أخذت فى السير بالطريق الذى غادرت السيارة باتجاهه ، أقدامها الحافية تنغرس بالرمال الباردة ، كما ينخر الهواء المجمد باوصالها حتى تخشبت أطرافها ، تمشى بإعياء لا تعرف سببه أهو المخدر أم البرد أم الصدمة؟ ، و لكنها تجاهد للبقاء على قيد الحياة حتى و ان كانت ستهرب من الحيوانات إلى سلاح أخيها!
و لأن السيارة لم تكن ابتعدت كثيرا عن الطريق السريع ، استطاعت زينة بعد مرور ساعة فقط ان تبلغ الأسفلت الساخن ملمسه بسبب احتكاك عجلات السيارات الذاهبة و العائدة به ، أمسكت برأسها و عينيها تجاهدان للبقاء مفتوحتان و لكن الأمر أصعب مما تتخيل ، و ما يزيد الطين بلة هو قدوم سيارة تهرع باقصى سرعتها بنفس الاتجاه و باللحظة الأخيرة يضغط صاحبها المكابح سريعا حتى تصدر صوت احتكاك قوى ، و لكن مخلفة صدمة كانت من نصيب جسدها الهذيل لتقع أرضا مكملة غشاوتها بسلام


إعدادات القراءة


لون الخلفية