جلست أفكر كثيراً قبل أن أكتب ما يدور في خاطري حول الصداقة. كنت أمتلك الرغبة في التعبير عن مشاعري، ولكن في كل مرة أقرر أن أتحلى بالشجاعة، أجد قلمي يهرب من يدي وتختفي مني الكلمات. لكن ما أشعر به من ألم وضيق في الآونة الأخيرة أجبرني على الكتابة. لا أعرف إذا كنت أفعل الصواب أو الخطأ، لكنني قررت التعبير عما يجول في داخلي.
لطالما أحببت فكرة الصداقة النقية، أن أكون محاطة بأشخاص يشعرونني بالأمان والانتماء، أصدقاء وأخوات بلا أي مصالح أو شوائب. كنت أحلم بتلك الصداقة التي تُشعرني بأن الحياة لا تزال تحمل في طياتها نبض الوفاء والإخلاص. كانت تلك الصداقة بالنسبة لي أحد أهم أحلامي، لكن كلما اقتربت من الناس أكثر، اكتشفت أن ما يبدو لي كصداقة صافية كان مجرد وهم وسراب.
أدركت أنني أبحث عن كنز، وإذا لم أجد ذلك الكنز الحقيقي في العلاقات، سأعرف حينها أن الصداقة ليست سوى حلم زائف. مللت من تكرار الخذلان، مللت أن أعيش في ظلال ذكريات الصداقة المفقودة. فإما أن تكون الصداقة حقيقية ومليئة بالوفاء والإخلاص، أو أن أتخلى عن هذا المفهوم تماماً.
حياة مليئة بالأسئلة
كنت أدرس بجد، منطوية على نفسي داخل الصف، بعيداً عن الأحاديث والتفاعلات الاجتماعية. كنت لغزاً لطالبات صفي، حيث كن يرينني غريبة الأطوار، لكني لم أكترث لنظراتهن أو تعليقاتهن. إذا ابتسمت، قالوا أنني سعيدة بحياتي. وإذا بكيت، اعتبروني كئيبة. وإذا كنت صامتة، وصفوني بالخجولة والانطوائية. وإذا تحدثت بثقة وتلقائية، اعتبروني جريئة.
كنت أسير بخطوات ثابتة على قناعاتي، متجاهلة قسوة الحكم السريع للآخرين. لقد قررت أنني لن أسمح لأي شخص بتجاوز حدودي الشخصية. كان كلام الناس بالنسبة لي قد أصبح مجرد ضجيج لا يعنيني.
بداية جديدة مع صديقة الروح
مرت الأيام، ووجدت نفسي أقابل صديقة جديدة. كانت كالتوأم الروحي، لا نفترق أبداً. لم أعد وحيدة كما كنت في السابق، وكنا نقضي ساعات طويلة في الحديث والضحك. كانت حياتي مليئة بالأحداث الدرامية، وكانت صديقتي تظن أن حياتي ممتعة ومليئة بالحيوية، رغم أنها لم تكن تعرف شيئاً عن مأساتي. لم أشأ أن أشاركها مشاكلي أو أظهر لها ضعفي.
في المدرسة، كنت أجلس في آخر مقعد في الصف، بينما كان الجميع يظنون أنني غير مهتمة بدراستي لأنني لم أشارك في الأنشطة الصفية أو النقاشات. لكن عندما حان موعد النتائج، كانت الصدمة كبيرة للطالبات. حصلت على المركز الأول، ولم يكن أحد يتوقع ذلك. بدأ الحقد والحسد يظهر في نظرات زميلاتي، لكنني لم أكترث. واصلت طريقي، متجاهلة كل ما حولي.
تأثير الحسد
بعد انتهاء الدراسة وبدء العطلة الصيفية، كنت أذهب إلى العديد من المناسبات الاجتماعية. كانت النساء والفتيات يمدحن جمالي، وأشعر بالفرح في تلك اللحظات. لكن مع مرور الوقت، بدأت أشعر بأن هذا الجمال كان سبباً لشقائي. في كل مرة أعود فيها إلى المنزل، كنت أشعر بإرهاق شديد وصداع يقتلني. لم أكن أعلم أن الحسد والغيرة كانا السبب وراء تلك الأعراض.
عندما انتهت العطلة وبدأت الدراسة من جديد، دخلت السنة الثانية من المرحلة الثانوية. كنت أدرس بجد، معزولة عن الجميع ما عدا صديقتي المقربة. وذات يوم، لاحظت أن شاباً في المدرسة يلاحقني بنظراته. لم أهتم في البداية، فقد كان أوسم شاب في الثانوية، بينما كنت أعتبر نفسي فتاة عادية. ظننت أنه ينظر لصديقتي، لكن مع مرور الوقت، أصبحت نظراته موجهة نحوي بشكل مباشر.
بداية جديدة أم تحدٍ جديد؟
كانت الأيام تمضي، والضغوط تزداد. كنت أركز على دراستي وأحاول تجاهل كل ما حولي. كنت أعلم أن الحسد والغيرة لن يتوقفا، لكنني كنت مصممة على المضي قدماً.