معاذ بغضب: ماتت من حزنها عليكِ.
نظرت إليه بصدمة، واتسعت عيناها، وقلبها خفق بقوة. بدأت الدموع تنهمر من عينيها كالسيل.
ساندي ببكاء: ماتت... ماتت بسببي... أنا من قتلتها... أنا السبب... آه... آه...
بدأت ترتجف وهي تبكي، وجون كان ينظر إليها بصمت، ضامًا ذراعيه إلى صدره وهو يستند إلى العمود. صُدم جون عندما رأى معاذ يجلس بجانب ساندي على الأريكة ويحتضنها بقوة، ليزيد من غضب جون الذي أغلق قبضته بصمت.
معاذ وهو يطوقها: الله يرحمها، ما حدث قد حدث. الآن، دعينا نفكر في مصيبتكِ أنتِ. كيف لا زلتِ على قيد الحياة؟ وكيف جئتِ إلى هنا؟
ساندي وهي تبكي: جدتي... أنا السبب.
معاذ بغضب مكبوت: جدتك؟ كيف جئتِ إلى هنا؟
ساندي بعصبية وهي تقف مبتعدة عنه: ما بك؟ لا تحسّ؟ كيف جئتُ لا يهمك، هذا شأني!
معاذ وهو يقف: شأنك؟ هل كنتِ في رحلة؟ ألا تفهمين؟ أنتِ هربتِ، صحيح؟ كيف هربتِ؟ الملكة لن تصمت، بسبَبكِ سنموت جميعًا.
ساندي وهي تبكي بغضب: ليتكم تموتون جميعًا! أليس هذا ما تريدونه؟ تريدونني أن أموت من أجلكم؟ وجدتي ماتت بسببكم!
رفع يده ليصفعها، ولكنه فوجئ بجون يقف بينهما، وساندي خلفه. ظهر جون فجأة، مما أفزع معاذ.
جون ببرود: لقد تجاوزتَ كل الحدود الآن.
معاذ بدهشة: من أنت؟
جون ببرود: لا يخصك، اخرج من هنا.
معاذ وهو ينظر إلى ساندي خلف جون: من هذا الشخص؟
جون بغضب أكبر: اخرج.
ساندي كانت تنظر للأسفل وهي تبكي. حاول جون أن يذهب، ولكن شعر بيدَي ساندي الصغيرتين تمسكان بقميصه من الخلف. استدار لينظر إليها، وصُدم عندما وجدها تعانقه وتلف ذراعيها حول خصره بقوة، ورأسها على صدره، تبكي بقوة. قلبه خفق بشدة، فرفع يديه بحنان ووضعهما على كتفيها، واحتضنها بحب.
جون بهدوء وحنان: هششش.
شعر بجسدها يضعف بين ذراعيه، فسقطت مغشيًا عليها. أمسكها جون بسرعة وحملها على ذراعيه، صعد بها إلى غرفتها، ووضعها بلطف على السرير. غطاها بلحاف، ثم وقف يتأمل وجهها بحب، ودموعها قد لطخت خدها. أطفأ الضوء وخرج.
علم جميع أهل القرية بعودتها مع رجل غريب، وشعروا بالفزع. كيف عادت؟ وماذا سيحل بهم بعد ذلك؟ هل ستصمت الملكة على ما حدث؟
الشيخ الكبير: يجب أن نذهب ونتحدث معها. علينا أن نعرف كيف عادت، ونقنعها بالقوة بالعودة إلى الملكة.
معاذ: لم ترد أن تقول لي شيئًا.
الشيخ الكبير: لا يهم إن أرادت أو لا. هي جعلت حياتنا جميعًا في خطر.
معاذ: قلتُ لها ذلك.
رجل آخر: لنذهب إليها الآن، لا يمكن أن نترك الأمر هكذا. يجب أن نعيدها، حتى لو كان بالقوة.
وقف الجميع واتجهوا نحو بيتها.
استيقظت ساندي بتعب، وجدت نفسها في سريرها، أبعدت اللحاف، وقامت من السرير. خرجت من غرفتها وسمعت صوتًا قادمًا من الأسفل. نزلت لترى جون يقف في المطبخ، يطهو الطعام ويقطع الجزر والخيار بمهارة. جلست على الكرسي أمام طاولة الطعام وتابعت تأمله بصمت.
ساندي: ماذا تفعل؟
جون: ستعرفين الآن.
أتى ووضع أمامها أطباقًا متعددة من الطعام.
ساندي: لمن كل هذا؟ لقد أكلت كل ما كان موجودًا في المنزل.
جون بإحراج وهو يضع يديه خلف رأسه: سنشتري المزيد.
بدأت تأكل بصمت وبشراسة، كأنها تخرج حزنها وغضبها من خلال الطعام. سمعت صوت جرس الباب، فنظرت إليه.
جون: أكملي طعامك، سأفتح الباب.
ذهب ليفتح الباب الخارجي، ليرى معاذ ومعه خمسة رجال آخرين. فتح لهم الباب.
جون: نعم؟
معاذ: نريد التحدث مع ساندي.
الشيخ الكبير: من أنت؟
جون متجاهلًا سؤاله: تفضلوا.
دخلوا إلى المنزل. جلست ساندي تأكل، ثم أنهت طعامها ووقفت لتتقدم نحوهم.
الشيخ الكبير: كيف حالكِ يا ابنتي؟
ساندي: الحمد لله، تفضلوا.
جلسوا في الصالون، وجون وقف خلف كرسيها.
الشيخ الكبير: أخبرينا بما حدث معكِ منذ أن أخذوكِ من هنا.
ساندي: هل هو فضول أم استجواب؟
معاذ: ما الفرق؟
ساندي: إذا كان فضولًا، فلا مشكلة. إذا كان استجوابًا، فستكون هناك مشاكل.
الشيخ الكبير: ساندي، أنتِ فتاة عاقلة، وتعرفين جيدًا عواقب ما فعلتِ، وعودتكِ.
ساندي: وما ذنبي أن أموت بلا سبب، من غير أن أفعل شيئًا؟
رجل آخر: هذا عهد واتفاق، ليس عليكِ وحدك.
ساندي: ولماذا نموت نحن وتعيشون أنتم؟
معاذ: الملكة تريد ذلك.
ساندي بتحدي: وأنا لا أريد أن أموت.
الشيخ الكبير: ومن هذا الذي معكِ؟ أين التقيتِ به؟ هو ليس من القرية.
ساندي: لا شأن لأحد بهذا. من هو وما يفعل هنا لا يعنيكم.
رجل آخر: إن لم تعودي إلى الملكة، ستقتلنا جميعًا.
ساندي: ما أعلمه أن الملكة لا يمكنها دخول أرضكم ما دمتم قدّمتم لها العروس ووفيتم بالعهد.
الشيخ الكبير: أنتِ فتاة تعيشين مع رجل غريب في بيت واحد، ما الذي سيقوله الناس عنكِ؟
ساندي بتذمر وهي تقف وتضع يديها في يده: لا علاقة للناس بي، اعتبروه خطيبي.
ابتسمت بتحدٍ. نظر إليها جون بحب، وابتسامة مرسومة على شفتيه.
معاذ بغضب: لنذهب يا شيخ.
وقف الجميع واتجهوا نحو الباب.
الشيخ الكبير: لكن اعلمي شيئًا، يا ساندي. إذا تأذى أحد من أهل القرية، سأكون أنا من يأتي لأخذكِ بنفسي لأعيدكِ إلى الملكة.
خرجوا. نظرت ساندي بتنهيدة وضيق وهي لا تزال تمسك بيده، بينما هو ينظر إليها بحب وقلبه يدق بقوة. عندما لاحظت ذلك، أبعدت يديها عنه وذهبت لجمع الأطباق. وقفت عند الحوض لتغسلها. رن هاتفها.
جون وهو يعطيها الهاتف: ما هذا؟
ساندي وهي تجفف يديها: ألا تعرف ما هذا؟
جون: لا، لا يوجد مثل هذا عندنا.
ساندي وهي تجيب على الهاتف: مرحبًا... نعم... لا، شكرًا... حاضر... مع السلامة.
أغلقت الهاتف، لتجد جون يقترب برأسه منها محاولًا معرفة مع من كانت تتحدث في هذا الشيء الصغير. نظرت إليه لتجد وجهه قريبًا جدًا، فتسارعت دقات قلبها. نظرت إلى عينيه، وبدأ هو يبادلها النظرات. ابتعدت عنه بخجل، واحمرّ وجهها.
ساندي: احم، احم... هذا يُدعى هاتفًا، يمكنك التحدث مع الناس من خلاله.
جون بانبهار: أريد واحدًا.
ساندي: حاضر.
صعدت إلى غرفتها وأغلقت الباب. وضعت يدها على قلبها الذي ينبض بقوة، ثم ذهبت إلى الحمام، أخذت حمامًا وغيرت ملابسها. ارتدت بنطال جينز وقميصًا قصير الأكمام، وارتدت فوقه جاكيت قطني جينز، وجمعت شعرها على شكل ذيل حصان. نزلت إلى الطابق السفلي.
جون: هل ستخرجين؟
وهي تدخل غرفة جدتها: نعم.
جون وهو يتبعها: سأرافقكِ.
ساندي وهي تفتح أحد الأدراج: لا.
أخذت ساندي الأموال ووجدت أن ما تبقى لديها قليل ولا يكفي لفترة طويلة، فقررت أنها بحاجة للعمل لتجني المزيد من المال. خرجت وهو يتبعها.
ساندي: قلت لك لا.
جون: سأذهب معك.
نظرت إليه بتنهيدة وخرجت، وهو لا يزال يتبعها. كانت تمشي بهدوء، واضعة يديها في جيوب جاكيتها، بينما كان جون يسير بجانبها، وكان الناس يحدقون بهما بنظرات ضيق. توجهت إلى مكتب الوفيات لتدفع تكاليف دفن جدتها، كما اتصلوا بها، ثم ذهبت معه إلى السوق.
جون: لديكم أماكن غريبة.
ساندي: لأنكم لا تأكلون.
وقفت أمام سيدة.
ساندي: أريد كيلو طماطم، نصف كيلو خيار، ونصف كيلو جزر.
أعطتها السيدة ما طلبت، وعلقت الأكياس على معصمها، ثم وضعت يديها في جيب جاكيتها.
ساندي: هل تعرف كيف تطهو السمك؟
جون: أستطيع أن أفعل أي شيء أراه.
ساندي: للرجل: أريد ربع كيلو جمبري، كيلو سمك بوري، نصف كيلو سمك فيليه، وكيلو كابوريا.
أعطاها الرجل الطلبات، فأخذها جون ليحملها.
ساندي: انتظر هنا.
أعطته باقي الأكياس، فوقف وهو ينظر حوله إلى المكان. عادت بعد دقائق وهي تحمل الخس والبصل الأخضر وأكياسًا أخرى.
جون وهو يمشي بجانبها: هل ستأكلين كل هذا؟
ساندي: لا أحب الذهاب إلى السوق كثيرًا، فأشتري كل ما أحتاجه وأخزنه في الثلاجة.
وقفت أمام محل صغير.
ساندي: أريد عرضين من الإندومي.
رأى جون الرجل يضع لها أكثر من كيس.
جون هامسًا: هذان اثنان فقط.
ساندي: العرضان يعنيان ثمانية أكياس. الورقة هنا، هو لا يعرف القراءة... شكرًا.
أخذت الأكياس ودفعت الحساب، وذهبت وهو معها.
جون: أنا حقًا لا أجيد قراءة لغتكم.
نظرت إليه بدهشة وأكملت المشي.
ساندي: تعبت من الحمل، هل أساعدك؟
جون وهو يحمل جميع الأكياس: لا.
أكملت شراء الأغراض الأخرى وعادت إلى البيت. دخلت إلى غرفة جدتها وأغلقت الباب، وفتحت الدفتر البريدي لتجد مبلغًا صغيرًا لا يكفي لأسبوع. أغلقت الدفتر وخرجت، فتحت التلفاز على قناة الطبخ الخاصة بإعداد الأكلات البحرية.
ساندي وهي تدخل المطبخ: شاهد هذا البرنامج لتتعلم طهي السمك.
وضعت الأغراض في الثلاجة والخزانة، وجون كان بجانبها يغسل الأسماك جيدًا.
ساندي وهي تصعد للأعلى: اغسل السمك وضعه في الثلاجة، لن أتناوله الآن.
صعدت إلى الأعلى، وجون فعل ما طلبته وصعد إليها.
كانت تقف أمام المرآة في غرفتها تصفف شعرها، عندما فتح جون الباب ودخل، مما أفزعها.
ساندي بفزع: آه! ألم تتعلم أن تطرق الباب قبل أن تدخل؟
وقف بدهشة وهو ينظر إليها، حيث كانت ترتدي قميص نوم قطني طويل وواسع، مما جعلها تبدو فاتنة وجذابة. بلع ريقه بصعوبة.
جون بارتباك: أين أنام؟
ساندي: لا أعرف، نم في أي مكان في الأسفل.
استدار ليخرج، لكنها اقتربت وأغلقت الباب خلفه. توقفت فجأة عندما رأت بشرته تشحب، فاستدار نحوها.
ساندي بخوف: ماذا يحدث؟
جون بهدوء: أنا جائع.
ساندي وهي تبلع ريقها بصعوبة وخوف: الطعام في الأسفل.
جون وهو يقترب منها، وجسده بدأ يتحول: أنا آكل الدم.
نظرت إليه وهو يقترب، فتراجعت إلى الخلف بخوف، وهي تبلع ريقها بصعوبة...