الفصل الثاني عشر

ليس الأمر أنني أعيش بعالمٍ وردي..أنا أعلم بأن العالم قذرٌ وليس مكاناً يمكنني الثقة بمن يعيش به..ولكن أنا لم أفكر للحظة بأنه لايمكنني الثقة بك،ولم أفكر للحظة بأن الخيبة قد تأتي منكَ أنت دون العالم~

ترتجف؟! بل ترتعد خوفاً شوقاً غضباً وحزناً..مشاعر مختلطة داهمتها وهي تجلس بغرفتها تنتظر أغلى شخصين على قلبها ،شخصين لم تكلمهم أو تراهم لمدة عامٍ كامل
قاطع تفكيرها المشوش صوت قرع الجرس وعلى أثر الصوت المفاجئ ارتجفت بخفة لتستقيم وتتجه الى السلالم..تشعر بالوقت يمضي ببطئ وهي تخطو على درجات السلالم الى الأسفل

اقتربت من باب المنزل لترتفع يدها باهتزاز نحو قبضة الباب لتديرها ببطئ وأخيراً تركتها ليفتح الباب على مصراعيه وتتضح هيئة المرأة والرجل اللذان كانا يقفان هناك..و..هيئتين لم تكن تنتظرهما اتضحا عندما نقلت نظرها لهما وسرعان ماتعرفت على الرجل والمرأة الغير مرحب بهما عندما رأت يد والدها تشابك يد امرأة غير والدتها ويد والدتها التي تشابك يد رجل غير والدها
حقاً!أيسخران منها الآن؟!


ارتجفت شفتيها قبل أن تصدر منها ضحكة قهر وسخرية والدموع تجمعت بعينيها لتهمس
-ما..ما اللعنة؟!

اقتربت والدة جولييت منها بنية ضمها ولكن جولييت انتفضت وتراجعت للخلف لتتحدث بنبرة صوتها المرتجفة المختنقة
-من هذان؟

تنهد والدها ليقترب منها ولكن هي تراجعت مجدداً
-جولييت هذه زوجتي وهذا زوج والدتك..هما لم يسمحا لنا بالسفر معاً لوحدنا..تعلمين نحن كنا متزوجين لذا بالطبع سيشعران بالغيرة


حاولت جولييت الضحك بسخرية من الوضع ولكن حتى تلك الضحكة لم تستطع إخراجها،إختناق هذا ما شعرت به
بدأت الدموع بالإنهمار على وجنتيها لتهمس
-يشعران!!
نظرت لوالدها بنظرةٍ آلمت قلبه
-أيفعلان!!..

شخرت بسخرية وقهر لتكمل بنبرةٍ أعلى
-إذاً ماذا عني واللعنة!!

دفعت صدر والدها بغضب والدموع انهمرت من عينيها أكثر
-ماذا عني عندما تركتني خلفك أنا و والدتي!! ألم تفكر بنا!! ألم تفكر بي واللعنة!!

استدارت لوالدتها بغضب لتصرخ
-وأنتِ!! لم تفكري بمشاعري ولو للحظة عندما تركتني وعدتي لفرنسا

بكت جولييت أكثر وكم كرهت نفسها بسبب ذلك رفعت يدها لتمسح دموعها بقهر ولكن لافائدة فالدموع تستمر بالإنهمار
لتكمل بقهر
-واللعنة! أنا أخبرتُ نفسي بأنني لن أعاتبكما وسأنسى كل شيء وفقط أردتُ أن أعيش آخر أيامي معكما كما السابق ..ولكن

هزت راسها بيأس وخيبة أمل منهما
-ولكن أنتما لم تفكرا سوى بمشاعر من تزوجتما..واللعنة أنتما بلا أي حياء..
لتصرخ بوجههما بضعف شديد
-لماذا أتيتما برفقتهما الى منزلنا!!!


وحقاً تلك الحقيقة هي التي قهرتها،أن والدها و والدتها أتيا برفقة أشخاصٍ آخرين الى المنزل،المنزل المؤلف من ثلاثة أفراد فقط ولا يقبل بأي شخص دخيل آخر،منزل ذكرياتهم معاً.. لماذا كان عليهم تلويثه بذكرى لعينة كهذه
اقتربت الإمرأة الغريبة من جولييت المنهارة على نفسها بالبكاء بنية تهدئتها ولكن جولييت حالما لمحتها قامت بدفعها بعيداً عنها ليصرخ والدها ويهرع لزوجته ويمسك بها
-اللعنة لاتدفعيها هي حامل!!

الإمرأة همست لزوجها بأنه لابأس ولكن والد جولييت بقي يتفحصها إذا ماكانت بخير ويسألها إن كان هنالك ما يؤلمها وذلك المنظر بطريقةٍ ما جعل قلب جولييت ينكمش،والدها الذي كان يراها أميرته الوحيدة ينتظر الآن مولوداً جديداً..بالنظر لوالديها الآن ،هما بالفعل قاما بإنشاء عائلة جديدة وقاما بالبدء من جديد..بدونها،كل واحد منهما لديه عائلته الآن،بينما هي لم تستطع فعل ذلك مثلهم،هي لاتستطيع جلب والدين جديدين لنفسها..ويبدو بأن والديها لايهتمان بذلك أبداً،لايهتمان كيف أنها كانت وحيدة لسنة لعينة بدونهما،

بالطبع لن يفعلا وهما بالفعل قاما باستبدالها،ولا يهتمان بحقيقة أنها من الممكن أن تموت بعد عمليتها،لايهتمان لدرجة أنهما حضرا مع أزواجهما غير آبهين بنفسيتها التي من الممكن أن تؤثر على قلبها وهذا جعل جولييت تفكر..هل هي كانت دوماً بهذا الصغر ،لهذه الدرجة لم يكن لها أي قيمة لديهما
حاولت منع نفسها من الكلام ولكنها لم تستطع،لتخرج جملتها مخنوقة
-أبي..أنا أيضاً أتأذى هنا،لماذا لا أرى لهفتك علي كما تفعل لطفلك الجديد؟


و والدها كان أعمى بما فيه الكفاية حتى لايلاحظ طلب ابنته الغير مباشر بالإهتمام بها،هو ظن بأنها تشعر بالغيرة من طفله وتحاول قتله بالرغم من أنها لم تكن تعلم حتى أن زوجته حامل ..ليصرخ بها
-إذا كانت حياتك ستنتهي فلا تصبحي لئيمة وتنهي حياة الجميع معكِ


انهارت يدي جولييت على جانبيها وعينيها توسعت بخفة على ماقاله والدها،ولمعة عينيها انطفأت وكلا ليس هذا الجواب اللعين الذي كانت تنتظره،وهي فجأة شعرت بروحها تغادر جسدها..لقد كان ذلك قاسياً،بل أكثر من ذلك،كان مدمراً لها أن تسمع ذلك من والدها
لتصرخ والدة جولييت به
-ما الذي تهذي به والجحيم أيها اللعين..جولييت هذه ابنتنا كيف واللعنة يمكنك التحدث معها هكذا ،هي لم تكن تنوي قتل طفلك،..والذي بالمناسبة هو ليس طفلك الوحيد هنا،جولييت أيضاً طفلتك

وأخيراً استوعب والد جولييت مانطق به ليقترب من ابنته ولم يلمسها لعلمه بأنها ستدفعه،أو لأنه لم يعد لديه الجرأة ليقوم بلمسها
-أنا..أعتذر ابنتي،أنا حقاً لم أكن أقـ..


-غادرا!
همست جولييت بهذا وهي مطئطئة لرأسها ليغطي شعرها عينيها،شعور خانق تشعر به بيسار صدرها ،وذلك الخفقان اللعين يجعلها تشعر بأنه سيغمى عليها بأي لحظة
اقتربت والدتها منها ورفعت يدها بنية وضعها على شعر جولييت ولكن جولييت صفعت يدها بعيداً لترفع وجهها وتصرخ بجنون وهي تدفع والدتها و والدها الى الخارج وسرعان مالحق بهما أزواجهما
-لقد قلت..غادرا!! واللعنة غادرا ولاتعودا مجدداً أبداً،وحتى جنازتي لاتحضراها أيها اللعينين ..

لتصفع الباب بقوة وتنزلق بظهرها عليه واضعةً يديها على صدغيها وكتفيها يهتزان بقوة نتيجة بكائها ومازاد بكائها هو سماع خطوات والديها وهما يغادران..إذاً بالنهاية هما حقاً لايهتمان
تنفسها أصبح سريعاً والألم بيسار صدرها إزداد أضعاف ماكان عليه لتمسك بهاتفها مقررةً الإتصال بوالد روميو ،تشعر بالتشويش بعينيها ولكن حالما لمحت الإسم الذي تريد الاتصال به ضغطت بسرعة على زر الاتصال لترفع الهاتف لأذنها بيدٍ مرتجفة
- عمي..أرجوك تعال،يبدو بأنني أصبت بنوبة مرة اخرى

-جولييت!!نوبة ماذا!!..جولييت!!..جـولييت!!!

هو صرخ بفزع عندما سمع صوت ارتطام الهاتف بالأرض ليخرج بسرعة من منزله غير آبه بنداء والدته له ،اتصل بالاسعاف على الفور أثناء جريه لمنزل الفتاة التي أحبها..هو لايعلم لماذا الدموع اللعينة تجمعت بعينيه ولكن مايعلمه بأنه يشعر بالخوف..خوف لم يشعر به بحياته كلها،وعقله لايفكر سوى بصوت جولييت المرتجف والباكي

وصل الى منزلها تزامناً مع وصول سيارة الإسعاف التي يبدو بأنهم حطموا زجاج النافذة ليستطيعوا الدخول
رأى جولييت على الحمالة التي يحملها رجلا الإسعاف ،أسرع بخطواته أكثر ليركب سيارة الإسعاف معها

أغلق المسعفان بوابة العربة ليهرعا الى جولييت ويفحصانها بعدة أدوات وأجهزة لاعلم لروميو عنها ولكن كلام المسعف الذي التقطته اذنه جعلت هرمون الأدرينالين يزيد بجسده بشكل جنوني
-يبدو بأنها نوبة قلبية ..أخبر السائق أن يسرع وأنا سأحاول إنعاش قلبها

-ماذا؟مـ ..ما الذي يحصل هنا؟

وسؤال روميو تبخر بالهواء ولم يلقى جواباً لأن المسعفين مشغولان جداً ليقوما بالرد عليه
 


لايمكنك المغادرة هكذا..كلا ليس بهذه السهولة تستطيعُ فعل ذلك..
بيننا وعودٌ قطعناها ولم نقم بالوفاء بها....بيننا أغنية غير مكتملة لم نقم بغنائها
لدينا أيامٌ كثيرة لعيشها..لذا لاتملك الحق بالمغادرة هكذا
جعلتني أؤمن بشيءٍ لم أظنه موجوداً يوماً، والآن تعود لكسر إيماني بذلك
هناك إعترافٌ ناقص لم يلقى جواباً له..هناك صوتٌ يناديك يتمنى رداً
هناك أنا!!خائفٌ للغاية من غدٍ بدونك ،لذا كلا أنت لا تملك الحق بالمغادرة هكذا وتركي خلفكٍ خائفاً..
إنني وحيد..وحيد لدرجة مزعجة بدونك~




إعدادات القراءة


لون الخلفية