الصبر والرضا في وجه الابتلاء

الصحة والستر من أعظم النعم التي منحها الله للإنسان. فهي تضمن له سعادة العيش وراحة البال. لكن، في حياة بعض الناس، تأتي لحظات صعبة يختبر فيها الله قوة إيمانهم وصبرهم. قد ينسى البعض تلك النعم وينساقون وراء الشهوات والطمع، ولكن القليلين فقط هم الذين يتذكرون أن الرضا بما قسمه الله هو مفتاح السعادة الحقيقية.


الفصل الثاني: بداية الرحلة

كان "إسماعيل" شابًا طموحًا نشأ في أسرة متراحمة. والده كان تاجرًا ميسور الحال، وكان إسماعيل يساعده في تجارته منذ صغره. رغم تعثره في الحصول على شهادة الثانوية العامة، أصر والده على أن يعود للدراسة، فامتثل لرغبته، واستطاع تحقيق النجاح بعد جهد ومثابرة.

تعرف إسماعيل على "سميحة"، ابنة أحد موظفي والده، ووقع في حبها. تزوجها بعد أن حصل على موافقة والده، وبدأ حياته الزوجية في شقة صغيرة بأحد الأحياء الشعبية. رغم بساطة حياتهم، كانوا سعداء ومرتاحين لأنهم كانوا يعملون معًا، ويكافحون لبناء مستقبلهم.


الفصل الثالث: بداية المعاناة

مضت الأيام وسميحة أنجبت طفلهما الأول، وكان إسماعيل يتطلع إلى مستقبل أفضل. لكنه استيقظ ذات يوم ليجد نفسه يعاني من آلام شديدة في بطنه. وبعد الفحوصات، تبين أنه مصاب بقرحة في القولون والأمعاء الغليظة، واحتاج إلى جراحة عاجلة. كانت الجراحة ناجحة في البداية، لكن بعد فترة قصيرة، حدث ثقب في الأمعاء، مما أدى إلى مضاعفات خطيرة.

في تلك اللحظات، أصبح الأمل في الشفاء ضعيفًا، لكنه لم يفقد إيمانه. كان يعلم أن الله يختبر صبره، وكان مستعدًا لقبول ما كتبه الله له.


الفصل الرابع: الأمل في لندن

بينما كانت حالته تتدهور، أخبره الأطباء أن العلاج الوحيد المتاح هو السفر إلى لندن لعرض حالته على طبيب متخصص. كان ذلك يتطلب نفقات كبيرة لا يملكها إسماعيل. لكنه فوجئ بوالده الذي أصر على تحمل تكاليف السفر والعلاج، قائلًا: "لا شيء أغلى من الضنا". كان موقف والده الرائع بمثابة دفعة قوية لإسماعيل.

سافر إسماعيل إلى لندن بمفرده، وقضى خمسين يومًا في المستشفى. بفضل الله ورعايته، شفي إسماعيل ونجا من الموت. عاد إلى وطنه وهو يمشي على قدميه، وسط فرحة عارمة من أسرته.


الفصل الخامس: التحدي المستمر

رغم عودته إلى الحياة الطبيعية، لم تنتهِ معاناة إسماعيل. كان عليه العودة إلى لندن مرة أخرى لإجراء جراحة ثانية. بعد هذه الجراحة، علم أن حياته لن تعود كما كانت، إذ سيظل يعيش بفتحة صناعية لبقية حياته.

ورغم هذه الصعوبات، لم يستسلم إسماعيل لليأس. عاد إلى عمله وحياته، وعاش راضيًا بما قسمه الله له. كان يعلم أن هذا الابتلاء من الله هو اختبار لصبره وإيمانه.


الفصل السادس: الصبر والرضا

مرت السنوات، وواصل إسماعيل حياته بين العمل والعلاج. عندما جاء شهر رمضان، أصر على الصيام رغم آلامه، وكان ذلك بمثابة شكر لله على النعم التي لا تعد ولا تحصى.

إسماعيل يمثل نموذجًا للصبر والإيمان في مواجهة الابتلاءات. كان يثق دائمًا بأن الله أرحم به من نفسه، وأنه لن يخذله. لم تكن المعاناة بالنسبة له سوى وسيلة للاقتراب من الله، وزيادة إيمانه ويقينه برحمة الله.


الخاتمة: النجاح في امتحان الابتلاء

نجح إسماعيل في امتحان الابتلاء بفضل صبره وإيمانه، وحب أسرته له. لم يكن موقف والده بإصراره على علاجه سوى تجسيد للحب الحقيقي الذي لا يعرف حدودًا. تعلم إسماعيل أن الرضا بقضاء الله هو السبيل الوحيد للنجاح في هذه الحياة.

قصته هي درس لنا جميعًا في الرضا والصبر، وتذكير بأن الله لا ينسى عباده الصابرين، وأنه دائمًا ما يجازيهم خيرًا عن صبرهم.



إعدادات القراءة


لون الخلفية