عندما يتلاشى الحب: قصة عشق مؤلمة ونهاية غير متوقعة

كانت تجلس على سريرها في الظلام، تفكر في عيونه البنية الدافئة التي طالما عشقتها، تلك العيون التي كانت تذوب فيها حُبًّا. كلما تذكرت نظراته، كان قلبها ينبض بقوة، وكأنها تشعر بحضوره حتى وإن كان بعيدًا. كانت تتمنى أن تسمع صوته، أن تلمس يده، أن تكون قريبة منه. لكنها كانت تعلم أن حلمها هذا كان بعيد المنال.

كلما تواصلت معه وسألته: "كيف حالك؟" كان يجيب ببرود: "بخير، وأنتِ؟" كانت تتمنى لو أنه اشتاق إليها كما اشتاقت هي إليه، لكنها لم تكن تشعر إلا بالبرود في ردوده. كان دائمًا ما يُحرجها بتصرفاته ويشعرها بأنها رخيصة في نظره، كأنها مجرد شخص عابر في حياته.


في كل مرة كانت تحبس دموعها أمامه، ثم تنسحب إلى غرفتها لتبكي بحرقة، تتذكر كيف كان ينظر إليها ببرود ويقول: "هل تحتاجين شيئًا؟ أخبريني، أنا أسمعك." كم كانت تتمنى أن تكسر قلبه كما كسر قلبها.

ومع ذلك، كانت تقول له دائمًا: "لا أريد شيئًا." وتنسحب بهدوء. لكنها كانت تسأل نفسها إلى متى ستتحمل هذا الحب من طرف واحد؟ إلى متى ستصبر على كلماته الجارحة وإهاناته المتكررة؟ وفي لحظة ضعف، قررت أن تتوقف عن الاتصال به. كان القرار صعبًا عليها، لكنها شعرت بأنها لا تستطيع أن تستمر في هذا الوضع أكثر.

مرت 10 أيام بدون أن تتصل به. كانت أيامًا طويلة ومؤلمة، لكنها شعرت ببعض الراحة في الابتعاد. ولكن فجأة، تلقت اتصالًا منه. رأت رقمه على شاشة هاتفها وترددت، لكن قلبها غلب عقلها، وردت عليه بلهفة، محاولة أن تنسى كل شيء. سألها: "أريد أن أراكِ، هناك شيء هام."

لم تستطع مقاومة رغبته في رؤيتها، فأجابته بسرعة: "لن أتأخر." ارتدت ملابسها بسرعة، وكانت تملؤها الأحلام الوردية، ربما سيخبرها أنه يحبها، ربما سيطلب الزواج منها. ذهبت إليه مسرعة، وكأنها تطير على أجنحة الأمل.

عندما وصلت إلى الكافيه، كان يجلس هناك، ينتظرها. جلست أمامه، ووجهها يحمر خجلاً، كانت تبتسم ابتسامة بسيطة وتقول له: "أنا هنا، أسمعك." لكنه فاجأها بكلماته الجارحة: "أنا أعرف أنك تهتمين بي وتحبينني كثيرًا، لكنني أحب فتاة أخرى وسأتزوج منها قريبًا. أرجو أن تتوقفي عن الاتصال بي، ولا تفكري فيَّ بعد الآن."

كانت كلماته كسكين يطعن قلبها. بدأت بالصراخ والبكاء قائلة: "من قال لك أنني أهتم بك؟ أنا لا أريدك ولا أهتم بك!" ثم ركضت بعيدًا، تجوب الشوارع وهي تبكي بحرقة، وكأن العالم كله انهار من حولها. ابتعدت عن الجميع، وانغلقت على نفسها. لم تكن تتحدث مع أحد، وامتنع عن الطعام والشراب. كان الألم يملأ قلبها وروحها.

مرت شهور، وكانت تتلقى العلاج النفسي بصمت. لم يكن أحد يعرف كم كانت معاناتها كبيرة. وفي أحد الأيام، تلقت اتصالًا منه مرة أخرى. هذه المرة، كان يخبرها بأن فرحه اقترب، ويريد منها أن تحضر. قال لها بصوت خافت: "أنتِ صديقتي فقط، وأريدك أن تكوني معي في هذا اليوم."


فكرت كثيرًا في هذا الطلب، وقررت في النهاية أن تذهب. أرادت أن تثبت لنفسها قبل الجميع أنها قوية، وأنها تستطيع مواجهة الموقف. ارتدت أجمل فستان في خزانتها، رغم أن قلبها كان يتحطم كلما اقتربت من ذلك اليوم.

عندما وصلت إلى الفرح، رأته سعيدًا كما لم تراه من قبل، لكن الصدمة كانت عندما اكتشفت أن العروس هي صديقة قديمة لها. كانت تلك الصديقة معروفة بغرورها وتكبرها، وكانت علاقتها بها قد انقطعت منذ فترة طويلة بسبب تصرفاتها. شعرت بالحقد والقهر في داخلها، كيف يمكن لهذا الرجل أن يختار امرأة مغرورة مثلها؟ كيف استبدل حبها الصادق بهذه الأنانية؟

في تلك اللحظة، قررت أن تترك الفرح، وخرجت مسرعة من القاعة. كانت الدموع تملأ عينيها، وذكرياتها معه تهاجم عقلها وقلبها. كانت تجري في الشوارع بلا هدف، حتى اصطدمت بسيارة مسرعة. لفظت أنفاسها الأخيرة في تلك اللحظة، ولم تعد للحياة.

مرّ وقت بعد الحادثة، وكان هو يعيش مع تلك المرأة التي اختارها. لكن سرعان ما اكتشف أن حياته معها كانت مستحيلة. لم تكن تهتم به كما كانت تفعل هي، لم تكن تعطيه أي نوع من الاهتمام، وكان يشعر بأنها تراه مجرد وسيلة للحصول على المال. كانت دائمًا غائبة عن المنزل، تقضي وقتها مع أهلها وأصدقائها، ولا تكترث بوجوده.

تذكر تلك اللحظات التي كانت تهتم بها هي، كيف كانت تنتظره ليلاً حتى تطمئن عليه، وكيف كانت تحبه بصدق. بدأ يشعر بالندم، لكن تماسك نفسه وقال: "هذا كله ماضي."

لم يمضِ وقت طويل حتى انهارت شركاته، وأصبح فقيرًا. تقدمت زوجته بطلب الطلاق، وقالت له ببرود: "لا أستطيع العيش معك في الفقر. لا أستطيع التأقلم مع هذا الوضع." وافق على الطلاق دون تردد، وعاد ليعيش وحيدًا.


بعد الطلاق، بدأ يحن إلى الماضي. حاول الاتصال بها، لكنه وجد رقمها مغلقًا. شعر بالضياع، وكان يتساءل: "هل ستسامحني؟ هل ستتقبلني؟" حاول الاتصال بها مجددًا، لكن لم يكن هناك رد.

في النهاية، قرر أن يذهب إلى منزلها، ليطلب يدها من والدتها. وقف أمام الباب، وطلب منها أن تعطيه فرصة ليعيد ترتيب الأمور. بكى وقال لها: "أريدها زوجة لي، أعشقها، وسنكون أسعد زوجين."

لكن الأم لم تستطع أن تتحمل ما سمعته، وبدأت بالبكاء. قالت له: "أرحل الآن." رفض الرحيل، وأصر على أنه يريدها. قال: "أنا متأكد أنها ما زالت تحبني. الحب لا يموت."

نظرت إليه الأم بألم وقالت: "نعم، الحب لا يموت، ولكن الجسد يموت. لقد ماتت يوم زفافك. كانت تنادي باسمك وهي تجري، وقتلتها أنت عندما أخبرتها أنك لا تريدها ولا تحبها. قتلتها يوم فرحك، عندما اخترت إنسانة ليست أفضل منها في شيء."


صُدم بما سمعه. لم يستطع تصديق أن كل هذا حدث حقًا. سألها مرارًا: "هل ماتت حقًا؟ أعلم أنها غاضبة مني، لكنني سأعوضها عن كل شيء. أرجوكِ، ناديها وأخبريها أنني اشتقت لها."

لكن الأم لم تستطع أن تتحمل المزيد، وبدأت بالصراخ: "اذهب بعيدًا، قبل أن أقتلك كما قتلتها!" خرج من البيت حزينًا، ودموعه تتساقط. في قلبه نار لا يستطيع إخمادها. يتذكر كلماتها وحبها له، ويدرك أخيرًا أنه فقد شيئًا ثمينًا لن يعود.

وفي النهاية، تعلم درسًا قاسيًا: "لا يعرف الإنسان قيمة من يحبه إلا عندما يرحل عنه."



إعدادات القراءة


لون الخلفية