أسطورة الوردة الحمراء

في إحدى القرى البعيدة، عاش رجل طيب مع بناته السبع في منزلهم المتواضع. كانت الأم قد توفيت، لذا اعتنت الفتيات بوالدهن وبالمنزل بكل حب واهتمام. كان الرجل بسيطًا في حياته، لكنه كان قانعًا حامدًا لله على كل شيء، خاصةً لأنه رزق ببنات جميلات وماهرات اهتممن به ولم يشعر بالوحدة بعد رحيل زوجته.

كانت الفتيات يعملن بجد ويساعدن والدهن في كل شيء دون شكوى، وكان من عادة والدهن الذهاب إلى سوق القرية كل أسبوع لشراء حاجيات البيت. وكان يسأل بناته عن ما يردن من السوق، فيطلبن أشياء بسيطة.


ذات يوم، عندما كان الأب يهم بالذهاب إلى السوق كعادته، سأل ابنته الصغرى عما تود أن يحضر لها، فقالت ببراءة وبساطة: "أريد وردة حمراء لكي أغرسها يا أبي وأشم عبيرها." فقال الأب: "حسنًا، ليكن ما تريدين." ثم سأل بناته الأخريات، فطلبت الكبرى أيضًا وردة حمراء، فأجاب الأب: "لا، اختكم الصغيرة هي من طلبت وردة حمراء، اختاروا ألوانًا أخرى." فتعددت الألوان بين الأبيض والأزرق والأصفر والبنفسجي والوردي والبرتقالي، فوافق الأب على طلباتهن وانطلق إلى السوق.

عندما عاد الأب من السوق وهو يحمل الورود لكل واحدة من بناته، غرسنها واعتنين بها. لكن الوردة الحمراء كانت الأجمل، فقد كبرت وأينعت وكان شذى رائحتها يشم من بعيد. أصبح والدهن يلقب ابنته الصغرى بالوردة الحمراء، مما زاد من كره أخواتها لها.

تآمرت البنات على التخلص من الوردة الحمراء، فطلبن من والدهن السماح لها بمرافقتهن إلى الحقول للتنزه والتمتع بالطبيعة. رفض الأب خوفًا عليها من أن تؤذي نفسها أو تضيع في الغابة، لكن البنات أصررن عليه وهن يؤكدن على العناية بها لأنها أختهن الصغرى المدللة، فوافق الأب على مضض.

انطلقت البنات إلى الحقول وهن يغنين سعيدات، تاركات والدهن في البيت قلقًا. وعندما وصلن إلى الحقول، لعبن وغنين واستمتعن بوقتهن بين الأزهار والفراشات. وحين حان موعد العودة، كان البنت الصغرى قد نامت من التعب. اجتمعت البنات حولها وبدأت إحداهن تخطط للتخلص منها، فقالت: "لنتركها هنا لتتوه وتضل طريقها." فقالت أخرى: "لا، بل نتركها في أحد الكهوف." واقترحت أخرى: "نتركها في الغابة لتفترسها الحيوانات البرية." ثم قالت الكبرى: "لا، سنقتلها ونتخلص منها نهائيًا." اعترضت الأخريات في البداية، لكن الكبرى أخرجت سكينًا كبيرًا من حقيبتها وحزت عنق الوردة الحمراء بمساعدة الأخريات، ثم دفنوه في حفرة وغطوه بالتراب.


تأخر عودة البنات مما زاد من قلق الأب، وعندما رأهن، ركض إليهن ليطمئن على سلامتهن. تلقى الخبر كالصاعقة ولم يصدق أن ابنته اختطفها حيوان مفترس. صبر الأب على مصابه ووكل أمره إلى الله، واستمر في سقي الوردة الحمراء والاعتناء بها كذكرى من ابنته المحبوبة.

وفي الحقول، حيث دفنت الوردة الحمراء، كان أحد الرعاة يرعى غنمه. عندما تعب، جلس ليرتاح على ربوة صغيرة من التراب. فجأة سمع أنينًا حزينًا وصوتًا ضعيفًا يقول: "أيها الراعي، أيها الراعي، إياك أن تعطبني أنا الوردة الحمراء التي سالوا دمي." فزع الراعي مما سمع وركض بعيدًا مع غنمه خوفًا.


انتشر خبر الصوت المسموع من تحت التراب حتى وصل إلى والد الفتيات عندما كان في السوق. سأل عن المكان الذي سمع فيه الصوت وذهب مسرعًا. وعندما لمس التراب، سمع الصوت قائلاً: "يا أبي، يا أبي، إياك أن تعطبني أنا الوردة الحمراء التي سالوا دمي." تأكد الأب أن هذه ابنته، وسألها من فعل بها هذا. سكت الصوت، فعرف الأب أن بناته هن من فعلت ذلك. عاد إلى البيت وأحضر البنات جميعًا إلى القبر، وجلسن واحدة تلو الأخرى أمام القبر. كلما جلست واحدة، صرخ الصوت: "يا أختي، يا أختي، إياك أن تعطبيني أنا الوردة الحمراء التي أسلتم دمي." وعندما جلست البنت الكبرى، صرخ الصوت: "يا أختي، يا أختي، إياك أن تعطبيني أنا الوردة الحمراء التي أسلتي دمي."

عرف الأب أن ابنته الكبرى هي من قتلت ابنته المحبوبة، فغضب وكاد أن يقتلها لولا أن اهتز القبر وتحرك التراب وخرجت الوردة الحمراء مضرجة بدمائها وسط ذهول الجميع. قالت الوردة الحمراء: "لا يا أبي، لقد كشف الله الحقيقة، فلا تؤذي اختي، أنا سامحتها، ويكفي أنك وجدتني وعرفت طريقي."

بكت البنات واعترفن بما فعلن وطلبن السماح من أختهن الصغرى، التي سامحتهن وعاد بهن والدهن إلى البيت. عالجت الأخوات جراحها واعتنين بها حتى شفيت، وعادت المحبة بينهن. عاد والدهن مطمئن البال على بناته السبع، ومرت الأيام بسلام في قريتهم.



إعدادات القراءة


لون الخلفية