عقل الإنسان هو أرض خصبة لنمو الخيال وترعرعه ، والخيال بصفة عامة هو هاجس ينمي عقل ومخيلة البشر نحو أشياء غير موجودة ولا تقر حياتنا الواقعية بها ، وطالما سنذكر الخيال حتماً ستأتي الأسطورة ، وحديثنا اليوم عن كائن عاش في عالم الأساطير وألقى ظلاله على الواقع .. أنها دودة الأرض العملاقة ، أو دودة الموت المنغولية ، أو دودة لامبتون الأسطورية ، تعددت الأسماء بتعدد فلكلور وأساطير الشعوب ، وهي أسطورة مغمورة لم يتم تسليط الضوء عليها كثيراً ، لكن أكيد صادفك تصوير لها في مجلة أو كتاب ، أو ربما رأيتها في فيلم خيال علمي .. فنحن هنا نتكلم عن ذاك الكائن الضخم ذو الفكين المسطحين والجلد القشري الذي يتوارى تحت القشرة الأرضية ليخرج مباغتاً فريسته الغافلة ! والذي أثار شغف علماء الحيوان ، خصوصاً بوجود شعوب وأقوام لديها اعتقاد راسخ بوجود هذا الكائن ! .. لكن هل هذا معقول ؟ .. هل هذا الكائن الضخم موجود حقاً ؟؟ تعالوا لنرى وندقق ..
أولغوي خورخوي
المنغوليون بصفة عامة يؤمنون بشدة بوجود هذه الدودة الأسطورية العملاقة ، ويسمونها "أولغوي خورخوي" والتي تعني بلغتهم الدارجة "دودة المعي العملاقة" ، وسميت بدودة المعي لأنها تمتاز بجسم لولبي مشابه لمعي البقرة تماماً . وبحسب المصادر تعيش دودة "أولغوي خورخوي" تحت رمال صحراء غوبي ، وهي صحراء قاحلة تمتاز بكثبان رملية كثيفة وعاتية كأمواج البحر ، وطبعاً درجة الحرارة تتنوع كثيراً هناك .. مما يساعد في تكاثر الكثير من الكائنات الحية المختلفة بين طيات رمالها ، وعلى الأرجح تقطن هذه الدودة تحت طبقات هذه الرمال في أعماق كبيرة للغاية ، وقد شكلت رعباً وهلعاً كبيراً بين البعض هناك ، خصوصاً وأنها تعد من الكائنات المفترسة والغير مسالمة تجاه البشر ، يصل طولها في أغلب الأحيان إلى متر ونصف المتر ، ويقال أنها قادرة على نفث سم أصفر اللون كالأسيد يسبب تهرأ وتشويه الأعضاء ! وتستطيع أيضاً – بحسب البعض - إطلاق ذبذبات كهربائية .
المغول يؤمنون بوجود الدودة بشدة وبأنها قادرة على نفث السم - لديها فك لولبي مستدير به أسنان حادة ، ويقال بأن فكها قادراً على قتل جمل بالغ وصرعه تماماً !
وبحسب بعض المعلومات التي وردت على لسان عالم الحيوان ريتشارد فريمان الذي قاد بعثة إلى منغوليا سنة 2005.. فأن هناك عائلة منغولية كاملة نقلت خيمتها بعدما تم رصد دودة موت منغولية تحوم في المنطقة.
ولقد ظهرت هذه الدودة في فيلم king kong 2005 للمخرج بيتر جاكسون .. عندما علق فريق البحث في مستنقع ضحل وظهرت لهم ديدان وردية اللون .
وبحسب معلومات لم يتم تأكيدها فأن هذه الدودة موجودة بكثرة في الصحراء ، وقد تعرضت لبعض البشر هناك ، وهناك قصة تحكي أن ولداً تحرش بأحد هذه الديدان بواسطة قضيب حديدي كبير ، فاضطرت الدودة إلى الرد ونفثت سمها في جسد الولد ! ولكنها في النهاية تبقي قصة غير مؤكدة .
أسطورة فك الخنزير
يعني الاسم (Minhocao) دودة الأرض الكبيرة باللغة اللاتينية ، وهي مخلوق أسطوري يعيش ويستوطن غابات أمريكا الوسطي ، ولكن أتى وحش أمريكا الجنوبية بشكل مفزع أكثر منه في الفلكلور المنغولي .. فقد وصل طوله هنا إلى حوالي 20 - 50 متر كأقصى حد ! مما يعني أن طوله يتجاوز طول باص مدرسي كبير ! يشبه الأفعى في شكله الخارجي ، مع جلد أسود مغطى بقشور غليظة ، وفك متحرك مليء بالأسنان القاتلة ، ويمتلك أنف كأنف الخنزير البري الأسود , أيضاً أعلنت بعض المصادر المجهولة التي صورت هذا المخلوق أرشيفياً .. أن هذه الدودة تمتلك شعراً على ظهرها كالخنزير أيضاً ، ويقال أيضاً بأنها تمتلك لوامس وقرون استشعار فوق رأسها تشبه الرادارات تماماً ، وفي الأغلب تستخدم هذه القرون في رصد حركة الفريسة في محيط المكان من حولها ، وهنا قد نستنتج أن هذه المخلوقات عديمة الرؤية ، تتوارى وتختبئ في الأنفاق والكهوف الرطبة المنعزلة .. وتقطن تحديداً تحت طبقات الترب الطينية في الغابات ، يزيد نشاطها بشكل متباين في فترات الرطوبة والمطر ، فعلى الأغلب هي تنجذب للماء بشكل أو بآخر ، ويمكنها أيضاً أن تتعايش تحت ترب قيعان المائية ، وهي تقوم بمفاجأة فريستها بالانقضاض عليها فجأة من تحت سطح التربة مطبقة فكها الضخم عليها ، تفترس أي حيوان يقع تحت براثنها ، و وجباتها المفضلة لحم البقر والخراف .
وحش لامبتون ( شمال شرق انجلترا )
هي واحدة من أبرز قطع الفلكلور والأساطير الانكليزية ، أسطورة قديمة من أساطير شمال شرق انجلترا ، في مقاطعة دورهام تحديداً ترعرعت القصة ونبتت ووصلت لأوجها ، وتتمحور عند نهر قريب هناك يسمي نهر الملابس ، تدور القصة حول شخص يدعى جون لامبتون .. وريث مقاطعة لامبتون الانكليزية ، وصراعه مع دودة عملاقة محرشفة تشبه التنين ! وقد قامت الدودة بنشر الرعب في القرى المحلية القريبة . جون لامبتون كان شخص متنمر ، غاب عن الكنيسة من أجل رحلة صيد بجوار نهر الملابس ، استطاع جون صيد مخلوق غريب بجوار النهر يشبه الدودة وله رأس كثعبان البحر، كانت له أيضاً فتحات بجوار رأسه وجلد محرشف كالأسماك ، تلقي جون خبراً وتحذيرات كثيرة من رجل عجوز أحياناً وساحرة في أحياناً أخرى اعتماداً لتغيير بعض الأحداث من قبل بعض الحكاة حول طبيعة هذا الكائن وأنه كائن خطير ، وبعد فترة وجيزة تخلص جون بالفعل من صيده وألقاه في بئر قريب هناك ، وبعدها طوى النسيان المخلوق وغاب عن ذهن جون ، ولكن للأسف المخلوق لم يهلك كما اعتقد جون ! إذ كان ينمو يوماً بعد يوم أثناء انشغال جون ، وانضم جون بعدها للحروب الصليبية تعويضاً وتكفيراً عن تمرده عن حضور الكنيسة ، وفي نهاية المطاف نما الكائن المرعب وأصبح ضخماً للغاية ، وقد لاحظ القرويين اختفاء أعداداً كبيرة من الماشية الخاصة بهم ، واكتشف البعض هذا الكائن المرعب ووجدوه ملتفاً حول تله محلية كبيرة تدعى بينشاو هيل ، و كانت الدودة كبيرة بما فيه الكفاية لتلتف حول التل 7 مرات متتالية ! ويقول البعض أنهم لا يزالون يرون آثار الدودة حول التل حتى الآن !!
الجميع شعروا بالرعب من هذه الدودة العملاقة ، وهناك بعض الفرسان الشجعان والقرويين المحليين قرروا مواجهتها لكن كتب عليهم الهلاك في نهاية المطاف ، ووصل وحش لامبتون لأوج مجده كأسطورة لا تقهر . وبعد 7 سنوات عاد جون من الحروب الصليبية فوجد ممتلكات والده معدمة بسبب الدودة الضخمة ، فقرر جون أن يثأر للجميع بمواجهة هذا الكائن العملاق ، واستعان جون بساحرة أرشدته على كل شيء ، وأكدت له أن الدودة تستقر الآن حول صخرة كبيرة ، وأنه بعد أن يقتلها عليه أن يقتل أول كائن حي تقع عليه عيناه ! لأنه إن لم يفعل ذلك ستتعرض عائلته للعن لتسعة أجيال ولن يبقي أحداً فيهم ! وفي النهاية ساوم جون والده أن يفرج عن كلب من كلاب صيده لكي يقتله بعد المعركة مباشرة لتجنب اللعنة ، بحكم أنه سيكون أول كائن حي يراه ، وبعدها حدثت معركة دامية وعنيفة بين جون والدودة انتصر بها جون ، ومن شدة حماسة والده نسي أن يطلق الكلب ليراه جون ويقتله ! وارتكب خَطَأً جسيماً وذهب ليقابل جون بعد انتصاره على الدودة ، وللأسف الشديد سيكون أول مخلوق يراه جون بعد انتصاره هو والده المتحمس ، وبهذا يجب على جون هنا أن يقتل والده! ولكنه لم يقوى على فعل ذلك طبعاً ، وتم الإفراج بعدها عن كلب من كلاب الصيد وقتله جون ، ولكن للأسف بعد فوات الأوان .. فقد حلت اللعنة على الأجيال التسعة من عائلته .
تحليلات واستنتاجات ..
كالعادة لم يخلو الأمر من عدة استنتاجات وضعها علماء الكائنات الخفية في عن ماهية هذه الدودة وإمكانية وجودها من عدمه .. واقترح الباحث هيوفليمنز بيرنارد أن هذه الديدان العملاقة ربما يرجع نسلها إلى المخلوقات الثدية الأحفورية القديمة التي لم تنقرض ومازالت تتعايش معنا حتى الآن في حقبة الزمن الحديث ! لتشكل أعجوبة فريدة من نوعها لم يؤثر بها الزمن ، وربما شكلت التربة التي تتعايش فيها درعاً حامياً لها من التغيرات المناخية والأوضاع القاسية التي طالت الكوكب الأزرق والتي كانت سبباً في انقراض العديد من الكائنات الحية ، لهذا ظلت هذه الديدان الضخمة بيننا حتى الآن .
البعض ذهبوا إلى أن هذه المخلوقات تابعة لنسل أفعى التيتانوبوا ( Titanoboa ) .. ولمن لا يعرفها فهي نوع من أنواع الأفاعي العملاقة التي عاشت قديماً منذ أكثر من ستين مليون سنة مضت ، وتم اثبات أن هذه الأفاعي كانت تتعايش في نفس المناطق التي انطلقت منها أسطورة ديدان الأرض العملاقة .
حضارة المايا القديمة شيدت صوراً غريبة على أثارها ربما تعود لهذه الكائنات من نوع الـ minhocao، حيث صورت صوراً لكائن دودي أشبه بالثعبان وهو يبتلع البشر ، ومما تعني الفرضية أن الـ minhocao لايزال موجوداً في أمريكا الوسطي في بعض الغابات التي لم يكتشفها البشر حتى الآن .
أما عالم الكائنات الخفية "كارل شقير" فقد أكد أن لهذه المخلوقات صلة بالضفادع الثعبانية ، وهي كائنات برمائية شبيهة بالثعابين وتتعايش تحت طبقات التربة ، وعلى الأرجح يصل طولها إلى 20 سم بينما وصل طول دودتنا المزعومة من حوالي 20 - 50 متر !
ختاماً
لقد ذكرنا لحضراتكم أسطورة مطموسة ومغمورة لدي البعض ربما لا يعرفها الكثيرون وربما أيضاً يعرفها البعض ، وبغض النظر عن أي شيء فأن عالم الأساطير يزخر بالعديد من الكائنات الغريبة .. ابتداء من الميناتور وصولاً إلى الميدوسا الاغريقية ، ونحن هنا نكشف لكم المزيد من هذه الأساطير لزيادة معلوماتكم لا أكثر ، وأخيراً وليس آخراً .. أنا لا أجزم بصحة أسطورة دودة الأرض الكبيرة أو أحاول الجزم بصحتها ، كل ما كتبته عنها معلومات وأراء حول ماهيتها ومن أين جاءت ، في النهاية دمتم بود وفي رعاية الخالق .