الفصل الاول: قسمة القدر

هي صديقتي، وهو صديق أخي، وأنا... جعلتني الظروف في نظر البعض خائنة، رغم أنني كنت مظلومة. سُلبت إرادتي، ولم يكن لي حيلة. تعالوا لتعرفوا قصتي. خيانتي لم تكن سوى انعكاس لأنانيتهم، بينما كنت أنا الضحية.


كأنما القدر جمعنا، أنا وصديقتي أحلام، على مقاعد الجامعة. كان تخصصنا من التخصصات التي لا يدخلها إلا المتفوقون، وهكذا بدأت صداقتنا. أنا، ابنة العائلة المحافظة، وهي ابنة العائلة المنفتحة، ولكنها رغم ذلك، كانت تتمسك بالأخلاق. مرت سنوات الدراسة سريعًا، حتى وصلنا إلى السنة قبل الأخيرة من كلية الطب.

admob

في تلك الأيام، لاحظت أن أحلام بدأت تتغير؛ كانت نظراتها تغفو، وسرحانها يزداد. ضحكت مازحة: "يا إلهي يا أحلام، هل أصبتِ بذلك الداء الذي لا دواء له؟ ذلك الذي يبدأ بحرف الحاء وينتهي بالباء؟"


ابتسمت أحلام، وجهها أضاء فجأة بطريقة لم أستطع أن أصفها. كانت وكأن كلماتي قد منحتها إشراقة غامضة. ضحكتُ وأنا أنغزها بلطف على كتفها: "ما الأمر؟"

تنهدت بحماس، ثم أخبرتني عن الشاب الذي ملك قلبها. كان يكبرها بعشر سنوات، طالب في كلية الهندسة، وجاء إلى بلدنا من إحدى الدول العربية لإكمال دراسته. ورغم انشغاله الكبير بأعماله، كان ينجح في ترتيب أموره مع الأساتذة ليكمل سنواته الدراسية بنجاح. والآن هو في سنته الأخيرة في كلية الهندسة المعمارية.

بعدما أنهت حديثها، لم أستطع إلا أن أسألها: "أحلام، أليس هو فيصل، صديق أخي حسام؟"

تغيرت ملامحها فجأة، وجذبتني من كتفي بقوة قائلة بغيرة واضحة: "إياكِ أن تقتربي منه!"

ضحكت وأخبرتها: "إنه أخي مادام سيصبح زوجك، لا تقلقي. صدقيني، لم ألتقِ به أبدًا. هو مجرد اسم عابر سمعته من أخي. أنتِ تعلمين أنني لا أؤمن بالعلاقات قبل الزواج، وعائلتي لن تسمح بذلك. هناك قواعد لا يمكن تجاوزها، ولا أرغب في تجاوزها. مبارك لكِ إذا كان حبكِ سيُتوَّج بالزواج."

أحلام شعرت بالراحة بعد كلامي، ثم أكملت بحماس: "لن أخبركِ أين التقينا، فهذا سر. عندما أرتدي الفستان الأبيض وتكونين بجانبي مهنئة، سأخبركِ بكل شيء."

فقلت لها بصدق: "إن شاء الله."

مرّت الأيام، وفي أحد الأيام وقع حادث سير لأخي حسام. نُقل إلى المستشفى الذي كنت أتدرب فيه، وكانت الصدفة التي جمعتني به قد شلت تفكيري تمامًا. عندما رأيته مغطى بدمائه وأصدقاؤه يتراكضون من حوله على حمالة الإسعاف، شعرت بأنني على وشك الانهيار. ركضت باتجاه المسعف وسألته بجنون: "ما به؟"


أجابني ببرود: "جروح بسيطة في وجهه، لكنه يعاني من كسر عميق في ساقه، وفقد وعيه من شدة الألم."

استعدت هدوئي بعد أن سمعت كلماته، وعرفت أن الوضع تحت السيطرة. رغم كل ذلك، لم أنتبه لأحدٍ حولي، ولم ألحظ تلك العينين اللتين أخبرتني لاحقًا أنهما عشقتا خوفي عليه.

ad

نجا أخي بأمان، وكنت أزوره بانتظام في المستشفى. كنت أحرص على أن تكون زياراتي له في أوقات لا يوجد فيها أحد حتى لا أحرجه أمام أصدقائه. ورغم حرصي الشديد، كنت ألتقي أحيانًا بفيصل، صديق أخي، وعندما كنت أراه، كنت أبتسم لذكرى أحلام وأتصل بها على الفور. كنت أحب سماع تنهيداتها وهي تتحدث عنه، كلماتها كانت تنبض بالحب، وكم كنت سعيدة من أجلها.

لكن انتظروا، لا تحكموا على الأمور بعد. نحن فقط في البداية. أنا لم أخن صديقتي، ولم أسرق حبيبها منها. لكن القدر وقسمة الحياة، هما من جعلاني في نظر البعض خائنة.



إعدادات القراءة


لون الخلفية