مفترق الطرق: قصة فيروز وأكرم

تدور أحداث هذه القصة في بيت صغير تعيش فيه عائلة سورية، تحمل مرارة الغربة، تاركين وراءهم وطنهم وأحلامهم. لم يرَ أفراد هذه العائلة أرض الوطن ولو لمرة واحدة في حياتهم، وكان حلمهم أن يشموا تراب الوطن. كبرت في هذه الأجواء فتاة تدعى فيروز، بلغت السادسة عشرة من عمرها، وكانت تتمتع بسمات أخلاقية عالية ودين قوي، تحلم أن تصبح طبيبة لتساعد المجروحين.

 

كانت فيروز محبوبة من صديقاتها، تفضل الجلوس معهن والتحدث في أمور الدراسة والحياة، وتبتعد عن الحديث عن الحب والعلاقات. كانت صديقاتها يتحدثن عن تجاربهن في الحب، لكنها كانت ترفض تلك الأفكار، معتبرة أن الحب عائق أمام تحقيق أحلامها.

ومع ذلك، كانت فيروز تقضي الكثير من الوقت على الإنترنت، تبحث عن المعلومات المفيدة وتتعلم الكثير. في إحدى الأيام، تلقت دعوة صداقة من شاب يدعي أنه فتاة متدينة ومثقفة. كانت بداية التواصل بينهما، ومع مرور الوقت، بدأت فيروز تفتح قلبها لهذا الشخص، وتحدثت معه عن عائلتها، عن معاناتهم وما مروا به، وشاركت أفكارها حول الدين والسياسة.

 

بعد فترة، قرر الشاب، الذي كان يختبئ وراء اسم مستعار، أن يعترف بالحقيقة. قال لها: "أنا لست فتاة، بل شاب يُدعى أكرم، أدرس في كلية الطب. لقد انجذبت إليك كثيرًا، وقررت أن أكون صريحًا معك." كانت المفاجأة كبيرة، وبدأ الصراع الداخلي في قلب فيروز. هل يمكن أن تحب شخصًا لم تلتقِ به من قبل؟

مع مرور الأيام، شعرت فيروز بتعلقها بأكرم، لكنها كانت تخشى من فكرة الحب، وكانت تدرك أنها تخون ثقة أهلها. قررت أن تتحدث معه وتوضح له مشاعرها. لكن، رغم محاولاتها لحذفه من حياتها، كانت تشعر بأن هناك شيئًا يحترق بداخلها.

 

تحدثت فيروز مع أكرم وأخبرته بأنها تحبه مثل أخ لها، لكنه أصر على مشاعره. قال: "لن أتزوج غيرك، حتى لو لم تكوني لي." هذا جعل فيروز تشعر بالقلق، لكنها وعدته بأنها لن تتزوج غيره بعد أن تحقق حلمها.

تحققت أحلامها، ودخلت كلية الطب، وفي أحد الأيام، كانت هناك دعوة للطلاب لزيارة مستشفى، وكان المفاجأة أنها ستتعلم تحت إشراف الدكتور أكرم. عندما رأته، ارتبكت، لكنه كان ينظر إليها بشغف. تذكرت كم كانت تحبه في الماضي، وكم كانت تخشى فقدانه.

 

أثناء العمل في المستشفى، نسيت فيروز كشكول محاضراتها، وعندما قرأ أكرم اسمها، تذكرها سريعًا. انتظرها في المعمل ليعيد لها الكشكول، ولكن فيروز لم تكن تعي أنه ينتظرها. بعد عدة أيام، دق جرس الباب في منزلها، وكان أكرم مع عائلته ليطلب يدها للزواج.

لكن فيروز رفضت، حيث كانت تشعر بأنها لا تستطيع الزواج من شخص غير الذي وعدته. كانت مشاعرها تتناقض مع واقعها، ولم تعرف ماذا تفعل. طلب أكرم من والدها أن يتحدث معها، ووافق والدها.

 

عندما اجتمعوا، قال لها أكرم: "أنتِ التي رافقتني في كل لحظة، ولم تخنتي ثقتي بك. أتقبلين الزواج بي؟" كانت فيروز في حالة من الذهول، ومع برودة قلبها، شعرت بأن حبها لأكرم كان أقوى من أي شيء آخر. وبصوت خافت، أومأت برأسها تعبيرًا عن قبولها.

 

تزوجت فيروز من أكرم، وبدأت حياتهما الجديدة معًا، حيث كانت العائلة والأصدقاء يشهدون على قصة حبهم التي بدأت عبر الإنترنت، والتي انتصرت في النهاية على كل التحديات. في كل لحظة، كانوا يشعرون بأنهم في رحلة جديدة معًا، يحملون في قلوبهم آمال وأحلام وطنهم، وأحلامهم الشخصية.



إعدادات القراءة


لون الخلفية