عندما قررت هبة فتح حساب على فيسبوك، لم تكن تعلم أن حياتها ستتغير للأبد. في البداية، كانت مترددة في قبول أي طلب صداقة من شباب، لكن بعد إلحاح صديقتها، بدأت تتفاعل مع الجروب المختلط الذي أضافتها إليه. مع مرور الوقت، بدأت تتجاوب مع الدردشات، وأصبح لديها فضول للتعرف على الأشخاص الذين يشاركونها الأفكار والمشاعر.
لم يكن هذا العالم الافتراضي مجرد مكان للدردشة؛ بل أصبح لها منفذًا للتعبير عن نفسها ومشاركة أفكارها. وفي خضم هذه الدردشات، كان هناك شاب يُدعى "علي" قد لفت انتباهها بأسلوبه المميز وكلماته الرقيقة. كانت كلماته تتسلل إلى قلبها كنسيم رقيق، وبدأت مشاعرها تجاهه تتطور ببطء.
أصبحت هبة تجد نفسها متشوقة للتحدث مع علي. كانت تراقب كل رسالة منه وكأنها تنتظر لحظة السعادة. مع مرور الأيام، أصبح التواصل بينهما لا غنى عنه، ولم يعد يوم يمر دون أن يتحدثا لساعات طويلة. لم تكن هبة تملك كلمات لتعبر عن سعادتها عندما اعترف علي بحبه لها. كانت تلك اللحظة بمثابة حلم تحقق، فحبي الأول أصبح يبادلها المشاعر.
لكن تلك السعادة لم تستمر طويلاً. عندما طلب منها علي إرسال صورتها ورقم هاتفها، شعرت بالقلق. كان هذا الأمر بالنسبة لها من المحرمات. رغم أنها كانت تحبه، إلا أن مخاوفها وقلقها دفعاها لرفض الطلب. وبعد ذلك، شعر علي بالخذلان وابتعد لفترة، مما زاد من ألم هبة وقلقها.
مرت الأيام، وعادت الأمور إلى مجراها، بل وتحسنت عندما ترك علي رسالة تعبر عن حبه المتزايد. طلب منها الزواج، وكان ذلك بمثابة ضوء في نهاية نفق مظلم. شعرت هبة بالسعادة تغمر قلبها، وأخبرته أنها سترتبط به بلا تردد. أعطته رقم هاتف أخيها ليتمكن من الحديث مع عائلتها.
لكن الأمور لم تكن سهلة كما تخيلت. اعترضت عائلتها على الارتباط بشاب من منطقة بعيدة، لكنها كانت مصممة على تحقيق حلمها، فحاربت من أجل حبها. وعندما تمت الخطوبة، بدأت تعيش أجمل لحظات حياتها.
بعد الزواج، انتقلت هبة للعيش مع علي وأسرته. في البداية، كانت سعيدة ومبتهجة بحياتها الجديدة، لكنها سرعان ما شعرت بالغربة والوحدة. كانت تشتاق لعائلتها وأصدقائها، وكأنها تعيش في مكان بعيد. كان علي يقضي معظم وقته في العمل، مما ترك هبة تواجه الوحدة بمفردها.
حاولت هبة كسر الملل، فاتجهت لطلب اشتراك في الإنترنت لتبقى على اتصال بعائلتها. لكنها وجدت أن علي لم يظهر اهتمامًا بطلبها، وبدأت مشاعر الإحباط تتسلل إلى قلبها. كان يبدو وكأنه لا يلاحظ كم كانت تعاني.
ازدادت الأمور سوءًا عندما طلبت منه مساعدتها في التواصل مع أهلها، لكن رده كان صادمًا. اتهمها بأنها قد تستغل وجوده في الخارج لتبدأ علاقة جديدة مع شاب آخر. شعرت هبة كما لو أن قلبها قد انكسر. كيف له أن يشك بها وهي التي تركت كل شيء من أجله؟
تدور في ذهنها مشاعر الشك والخيبة. كيف يمكن للحب الذي حاربته ضد الجميع أن يتحول إلى اتهامات واتهامات؟ في تلك اللحظة، قررت هبة أنها لم تعد تستطيع الاستمرار في هذه العلاقة. كان الحب قد تحول إلى جحيم.
بعد الكثير من الألم والدموع، طلبت هبة الطلاق. كانت تعرف أن قرارها قد يسبب لها الكثير من الألم، لكنه كان الحل الوحيد لإنقاذ نفسها. شعرت بأن كل شيء قد انتهى، وأن الحب الذي كانت تعيشه تحول إلى كابوس.
كان قرار الطلاق صعبًا، لكن هبة كانت مدركة أنه إذا لم تتخذ هذا القرار، فستظل عالقة في حلقة مفرغة من الألم. انتقلت بعيدًا عن المكان الذي شهد لحظاتها الجميلة، لكن أيضًا لحظاتها المؤلمة.
بعد الطلاق، بدأت هبة رحلة التعافي. كانت بحاجة إلى استعادة هويتها المفقودة، والعودة إلى حياتها القديمة. عادت للتواصل مع صديقاتها، واستعادت علاقتها بأهلها. كما بدأت تكتب عن تجربتها، وتشارك قصتها مع الآخرين كوسيلة للتعبير عن ألمها.
وجدت هبة في الكتابة وسيلة للشفاء، وعرفت أنها ليست وحدها في معاناتها. أصبحت مصدر إلهام للعديد من النساء اللاتي مررن بتجارب مماثلة.
تعلمت هبة أن الحب ليس دائمًا ما يبدو عليه. اكتشفت أن العلاقات تحتاج إلى الثقة والتواصل، وأن الحب يجب أن يكون مبنيًا على الاحترام المتبادل. لم يكن قرار الطلاق سهلاً، لكنه كان خطوة نحو الحرية والسعادة.
في النهاية، وجدت هبة أن الحياة ليست مجرد رحلة للبحث عن الحب، بل هي رحلة لاكتشاف الذات وإعادة بناء النفس. كانت عازمة على أن تعيش حياتها بكل قوتها، وأن تبحث عن السعادة في كل لحظة، بعيدًا عن الألم الذي عاشته.