كانت الأقدار تلعب لعبتها مع أحمد عندما أرسل، عن طريق الخطأ، طلب صداقة إلى نجوى. لم يكن يتوقع أن تصبح تلك الخطوة العفوية بداية لرحلة استثنائية. كانت نجوى، الفتاة التي تعيش في مدينة طنجة بالمغرب، تتابع حسابات عدة على فيسبوك، لكن أحمد كان واحدًا من هؤلاء الذين لا تلتفت إليهم في البداية. ومع ذلك، استمر طلب الصداقة في الانتظار.
ظل أحمد ونجوى صديقين على فيسبوك لمدة سنة دون أن يتبادلا حديثًا واحدًا. كانت كل منهما تمر بتجارب حياتية مختلفة، وكانت الحياة اليومية مليئة بالضغوط والتحديات. لكن في عالم الإنترنت، كان لكل منهما عالمه الخاص. كانت نجوى تدرس في سلك الماستر في الترجمة، بينما كان أحمد يقيم في كندا، حيث بدأ حياته الجديدة بعد أن غادر بلده سوريا.
جاءت اللحظة الحاسمة عندما نشر أحمد تدوينة حول طفل شامي يرعى الغزلان. أثارت التدوينة اهتمام نجوى، مما دفعها للتعليق عليها. بدأت الدردشة بينهما، وكان الأمر كما لو أن جسرًا قد وُضع بين ضفتين. يقول أحمد: "كانت هذه اللحظة نقطة التحول. لم أكن أعلم أن تعليقًا واحدًا سيؤدي إلى فتح أبواب كثيرة."
بدأت المحادثات تتدفق بينهما، وكأنهما قد تعارفا منذ زمن بعيد. كانت هناك سحر خاص في الكلمات التي يتبادلونها، فالأفكار والاهتمامات كانت تتلاقى بشكل مثير. يقول أحمد: "في كل محادثة، كنت أكتشف شيئًا جديدًا في نجوى. كانت تفكيرها عميقًا، وكان لديها القدرة على جذب انتباهي."
بحلول ديسمبر من عام 2014، اعترف كل منهما للآخر بوجود انجذاب تجاه بعضهما البعض. كان الانجذاب فكريًا في البداية، لكنه سرعان ما تحول إلى إعجاب ثم حب. تقول نجوى: "كان الأمر كما لو كنا نعيش في عالم مختلف، حيث كانت الكلمات تكفي لتقربنا أكثر."
ومع ذلك، كانت هناك تحديات كبيرة. كانت المسافة بين كندا والمغرب تشكل عائقًا حقيقيًا. لكنهما لم يستسلما، بل استخدما كل الوسائل المتاحة للتواصل. جربا جميع التطبيقات ووسائل التواصل، لكن الاستقرار كان على تطبيق المسانجر الذي جمعهما لمدة عشر ساعات يوميًا.
كانت المحادثات على المسانجر تشبه العيش معًا في بيت واحد. تقول نجوى: "كنا ننام ونترك خاصية الفيديو مفتوحة، وكأننا معًا في نفس الغرفة. كان الأمر مدهشًا. لقد بنينا نوعًا من الحياة اليومية، حتى وإن كانت عبر الشاشة."
مرت الأيام، وبدأت لحظات مميزة تتشكل بينهما. في يوم عيد الحب من فبراير 2015، اتخذ أحمد خطوة جريئة، حيث قام بخطبة نجوى من والديها عبر الهاتف. كانت تلك لحظة محملة بالمشاعر، حيث تعرّف على عائلتها وتعرفت على عائلته من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. تقول نجوى: "كان الأمر كما لو كنت أعيش في قصة حب من الأفلام."
بعد حصوله على الجنسية الكندية، قرر أحمد زيارة المغرب في فبراير 2016. كان يخطط لهذه الزيارة بفارغ الصبر، وكأنها ستكون النقطة الفاصلة في قصتهما. كانت نجوى في حالة من الحماس والقلق، تنتظر تلك اللحظة التي ستراها فيها وجهًا لوجه.
عندما التقى أحمد ونجوى لأول مرة، كانت المشاعر تتقافز بينهما. لم يكن هناك كلمات كافية لوصف تلك اللحظة. كانت عواطفهما متدافعة، وكأن كل شيء كان معدًا لهذه اللحظة. تقول نجوى: "شعرت كما لو أنني أعرفه منذ الأبد. كانت لحظة سحرية."
في مارس من نفس السنة، تُوج حب أحمد ونجوى بالزواج. كانت مراسم الزفاف بسيطة، لكن مليئة بالحب والسعادة. تجمع الأهل والأصدقاء للاحتفال بهذه اللحظة الجميلة. كان الجميع يشهد على قصة حبٍ بدأت من نافذة إلكترونية وتطورت إلى حياة مشتركة.
بدأت حياة نجوى وأحمد الزوجية بمرحلة جديدة من التحديات. كان على كل منهما التأقلم مع حياة جديدة، حيث عاشت نجوى في كندا بعد زواجها. تقول: "كانت هناك لحظات من الصعوبات، لكننا تعلمنا أن نتجاوز كل شيء معًا."
استمرت نجوى في دراستها، بينما كان أحمد يعمل بجد لتحقيق أهدافه. كانا يشجعان بعضهما البعض على النمو الشخصي والمهني. يقول أحمد: "لقد كان دعمها لي دافعًا كبيرًا. كنا نساعد بعضنا في تحقيق أحلامنا."
واجهت نجوى صعوبات في التأقلم مع الحياة في كندا، خاصةً في البداية. كانت تفتقد عائلتها وأصدقائها في المغرب. ولكنها سرعان ما بدأت في تكوين صداقات جديدة ووجدت طرقًا للتكيف. يقول أحمد: "كانت تلك مرحلة صعبة، لكنني كنت هناك لدعمها."
بدأ الزوجان في بناء ذكرياتهما الجديدة. قاما بجولات سياحية واستكشاف المعالم السياحية في كندا. تقول نجوى: "كل مكان زرناه كان له قصته. كنا نصنع ذكريات جديدة معًا، وكأننا نعيد كتابة قصتنا."
مع مرور الوقت، بدأ الزوجان في التفكير في المستقبل. كانت هناك أحلام كثيرة يحلمان بتحقيقها معًا، من بناء أسرة إلى تطوير مسيرتهما المهنية. يقول أحمد: "كنا دائمًا نخطط معًا. كل حلم كان يصبح جزءًا من قصتنا."
توطدت علاقتهما مع عائلتيهما بشكل أكبر. كانت عائلتهما على اتصال دائم، وتبادلوا الزيارات. كان ذلك يعزز الروابط العائلية ويعطيهم شعورًا بالانتماء. تقول نجوى: "كان من المهم بالنسبة لنا أن تبقى العائلتان متواصلتين. لقد كانوا جزءًا من رحلتنا."
مع مرور السنوات، استمر الحب بين أحمد ونجوى في النمو. كانا يواجهان التحديات معًا، ويتعلمون من بعضهم البعض. يقول أحمد: "لقد أصبحنا فريقًا. كلما واجهنا صعوبة، كنا نعمل معًا للتغلب عليها."
في إحدى الأمسيات، جلست نجوى وأحمد معًا في شرفتهما، يشاهدان الغروب. أدركا أن رحلتهما لم تنتهِ بعد، وأنهما على أعتاب مغامرة جديدة. كانت الحياة مليئة بالإمكانيات، وكلاهما كان متحمسًا لما ينتظرهم.
ختامًا، تقول نجوى: "الحب يمكن أن يأتي من أي مكان. علينا فقط أن نكون منفتحين وأن نؤمن بقصتنا. قد تكون الحياة غير متوقعة، لكن الحب هو الذي يجعل كل شيء يستحق العناء."
وبهذه الطريقة، استمرت قصة نجوى وأحمد في النمو، مليئة بالحب والتحديات والنجاحات، تأكيدًا على أن الحب الحقيقي يمكن أن يتجاوز الحدود والمسافات.