الانتقام البارد: قصة حب وخيانة

الانتقام كلمة صعبة الوقع، خاصة إن كان انتقامًا مشبعًا بجرح للكرامة وللمشاعر. أحداث القصة قريبة، قد تكون منذ عدة شهور فقط، وقد يكون أصحابها حتى اللحظة التي تقرأ فيها القصة ما زالوا يفكرون فيما حدث ويسألون هل ما قاموا به كان صحيحًا أم أنه كان خرابًا على كل المستويات.

كان هناك شاب يعمل كمهندس تزوج من شابة كانت زميلته في الدراسة. كانت أسرتها مهاجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكان هو يعمل في الصحراء، لا تراه إلا مرة واحدة كل شهر. كانت صديقتها المقربة دائمًا هي الملجأ لها، وهي من تستمع لها وتساعدها على الدوام، كانت تثق فيها ثقة عمياء وكأنها فرد من أفراد أسرتها.

كان الحب يعم أجواء المنزل على الرغم من غياب الزوج، فقد حرص الزوج والزوجة على الحب والمودة بينهما. لم يكن هناك شيء ينغص هذه الحياة السعيدة إلا تأخر الإنجاب. أجمع الأطباء على أنها مسألة وقت وسوف يحدث الحمل، ولا داعي لأي تدخلات علاجية أو إجراء أي إجراء طبي. كانت الزوجة مثابرة تنتظر نصيبها، والزوج أيضًا.

في أحد الأيام، تحدث الزوج مع زوجته بأنه يريد حقه الشرعي في التعدد من أجل الإنجاب، أخبرها أنه يحلم بأن يكون أبًا. كانت هذه صاعقة على الزوجة، لكن ما زاد الأمر سوءًا هو أن الزوجة الجديدة التي اختارها الزوج هي صديقة زوجته الوحيدة، الملجأ الذي تهرب إليه الزوجة الوحيدة. صدمت الزوجة وفكرت قليلًا، طلبت منه مهلة لمدة شهر حتى يعود من عمله من جديد لتقرر.

حاولت الزوجة بشتى الطرق أن تتواصل مع صديقتها، لكنها لم تصل إليها أبدًا. اختفت تمامًا، حتى أنها ذهبت لزيارتها في المنزل ولم تفتح لها الباب. كانت الزوجة تشعر بإرهاق شديد، وكانت تعتقد أنه بسبب التوتر والحزن. حين تحدثت إلى والدتها، طلبت منها زيارة الطبيب.

اتصل الزوج ليخبرها أنه سيتأخر أسبوعين إضافيين، لم تخبره الزوجة أنها أثناء الفحص الطبي عرفت أنها حامل. أخفت عنه الخبر السعيد. سألته إن كان ما زال مصرًا على موقفه من الزواج من صديقتها، فأجاب نعم.

وافقت الزوجة، ولكن بشرط واحد أن تسافر خلال فترة الزواج الأولى إلى والديها في الولايات المتحدة الأمريكية. أرسلت الأوراق لزوجها بالبريد وطلبت منه التوقيع. لم يتردد ثانية واحدة ووافق ووقع على الأوراق.

قبل يومين من بداية إجازة الزوج، بدأ القلق يساوره. كانت الزوجة دائمًا هاتفها مغلق، ولم تتصل به ولا يعرف كيف يصل إليها. وصل الزوج إلى المنزل، فتح الباب ولم يجد زوجته بالداخل. الحقيقة أنه لم يجد أي شيء بالداخل، لا الزوجة ولا أجهزة المنزل ولا الأثاث.

فقط ورقة صغيرة معلقة خلف باب الشقة. فتحها الزوج ليجدها خطابًا من زوجته، تخبره أنها باعت الأثاث والأجهزة، وأيضًا سحبت أرصدة زوجها من البنوك، والتي بلغت قيمتها 50 ألف دولار. كذلك أخبرته أنها رفعت عليه قضية خلع وفازت بها من الجلسة الثانية، وأنها سافرت إلى أهلها في الولايات المتحدة حتى قبل أن تخرج أوراق المحكمة الرسمية.

آخر جملة في الرسالة كانت: "لقد هاتفتك لأتأكد أنك ما زلت عند موقفك، حتى لا أشعر بالذنب تجاه طفلك الذي أحمله بداخلي. أنت اخترت الخيانة وكان لابد من عقاب." أرفقت له صورة من تحليل الحمل وصورة لطفله في رحمها، وأخبرته بأنها لن تحرمه من طفله وباستطاعته زيارته في أي وقت يشاء، وأخيرًا باركت له الزواج السعيد.

مرت شهور على ما حدث. الزوجة الآن تعيش بين أسرتها في الولايات المتحدة، وتنتظر ولادة طفلها. أما الزوج فقد خسر اتفاقه مع صديقة زوجته لأنه لم يعد يمتلك شيء إلا وظيفته. وفي كل يوم يلعن قراره بالزواج ويندم على زوجته وطفله الذين ضاعوا من بين يديه بدون أي مقابل.

 

بعد عودتها إلى الولايات المتحدة، وجدت الزوجة دعمًا كبيرًا من عائلتها. كانت تشعر بالراحة والأمان في كنف والديها وأخواتها. بدأ الحمل يتقدم، وكانت تحرص على زيارة الطبيب بانتظام للتأكد من سلامة الجنين. بدأت تحضر دروسًا عن التربية والعناية بالطفل، وتشعر بالحماس لولادة طفلها الأول.

في هذا الوقت، كانت الزوجة تفكر كثيرًا في مستقبلها ومستقبل طفلها. بدأت تبحث عن عمل لتتمكن من إعالة نفسها وطفلها. وجدت فرصة عمل في شركة هندسية، وتم قبولها بفضل خبرتها السابقة وشهادتها الجامعية. شعرت بالفرح والفخر لأنها تمكنت من البدء من جديد.

بدأت الزوجة تقضي وقتها بين العمل والتحضير للولادة. كانت تشعر بأنها تحقق تقدمًا كبيرًا في حياتها، وأنها تستطيع بناء مستقبل جديد لنفسها ولطفلها. لم يكن من السهل عليها أن تتجاوز ألم الخيانة، لكن كانت تركز على المستقبل والأمل الذي يحمله طفلها القادم.

في هذه الأثناء، كان الزوج يعيش حالة من الفوضى والندم. لم يكن يعرف كيف يعيد ترتيب حياته بعد خسارته لكل شيء. كان يشعر بالذنب لأنه خان زوجته وأساء الاختيار. بدأ يحاول التواصل مع صديقته التي خطط للزواج منها، لكنه اكتشف أنها لا تهتم به بعد أن فقد كل أمواله.

كان الزوج يذهب إلى العمل يوميًا، لكنه كان يعيش حالة من الفراغ والضياع. لم يكن يستطيع التوقف عن التفكير في زوجته وطفله الذين خسرهم بسبب طمعه. بدأ يدرك تدريجيًا أن المال والمكانة لا يمكن أن يعوضوا الحب والاحترام.

بدأ الزوج يتلقى رسائل من محامي زوجته السابق، تتعلق بترتيبات زيارة الطفل بعد ولادته. كانت هذه الرسائل تزيد من شعوره بالذنب والندم. كان يعلم أنه لا يمكنه تعويض ما فقده، لكنه كان يريد على الأقل أن يكون جزءًا من حياة طفله.

مرت الأشهر، وجاء يوم الولادة. كانت الزوجة محاطة بأفراد عائلتها في المستشفى، وشعرت بالفرح الكبير عندما سمعت صوت طفلها لأول مرة. أسمته "أمل"، لأنه كان رمزًا للأمل والتجدد في حياتها. كانت تشعر بأنها تستطيع مواجهة أي تحدي بفضل هذا الطفل الصغير.

بعد الولادة، بدأت الزوجة تتلقى رسائل من زوجها السابق، يعبر فيها عن ندمه ورغبته في رؤية طفله. كانت تعرف أنه لا يمكنها منعه من رؤية طفله، لكنها كانت تريد التأكد من أن هذا لن يؤثر سلبًا على حياتها وحياة طفلها.

قررت الزوجة أن تضع شروطًا صارمة للزيارات، وأن تكون هذه الزيارات تحت إشرافها أو إشراف أحد أفراد عائلتها. كانت تريد حماية طفلها من أي تأثير سلبي. وافق الزوج على الشروط، وبدأت الزيارات بعد فترة قصيرة.

كان اللقاء الأول بين الأب وطفله مليئًا بالمشاعر. كان الزوج يشعر بالحب والحنان تجاه طفله، وكان يدرك أن هذا الطفل هو فرصته الوحيدة لتعويض جزء من أخطائه. بدأ يحاول بناء علاقة جيدة مع طفله، وكان يزور الولايات المتحدة بانتظام لرؤيته.

كانت الزوجة تشعر بأن حياتها بدأت تستقر. كانت تعمل بجد وتعتني بطفلها، وتشعر بأنها تحقق نجاحًا كبيرًا في كل جوانب حياتها. بدأت تفتح صفحة جديدة، وتركت الماضي خلفها.

أما الزوج، فقد تعلم درسًا قاسيًا. كان يدرك أن الانتقام لم يكن الحل، وأن الخيانة لم تجلب له سوى الألم والخسارة. بدأ يعيد ترتيب حياته، ويحاول أن يكون أبًا جيدًا لطفله. كان يأمل أن يتمكن يومًا من استعادة ثقة زوجته السابقة، لكن كان يعلم أن هذا يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين.

في النهاية، أدرك كل منهما أن الحياة مليئة بالتحديات والفرص. تعلمت الزوجة أن القوة تأتي من الداخل، وأنها قادرة على تجاوز أي صعاب بفضل عزيمتها وأملها. وتعلم الزوج أن الحب والاحترام هما الأساس لأي علاقة ناجحة، وأن الخيانة لا تجلب سوى الدمار.



إعدادات القراءة


لون الخلفية