حب يتجاوز الحدود: قصة عائلة تجمع بين الأديان

انتهت الأم من تجهيز أطفالها حتى يتمكنوا من أداء صلاة الجمعة مع والدهم. وأثناء ارتداء طفلتها ذات السبع سنوات لحجابها للصلاة، سألت والدتها قائلة: "يا أمي، نحن نذهب لنصلي صلاة الجمعة في المسجد، لماذا لا تأتين معنا إلى المسجد؟"

قالت الأم: "عندما تعودون من المسجد يا أطفالي، سوف أخبركم عن السبب." وبالفعل، ذهب الأطفال مع والدهم للصلاة، وعندما عادوا من المسجد، تناولوا طعام الغداء سويًا. وبعدها خرج الأب إلى العمل.

جلست الأم مع أطفالها، فقالت الطفلة الصغيرة: "أخبرينا يا أمي الآن عن سبب عدم ذهابك إلى صلاة الجمعة معنا."

فقالت الأم: "لأنني لست مسلمة، فأنا مسيحية." وهنا قال لها الطفل: "أمي، لقد قال لي بعض أصدقائي في المدرسة إنه يجب أن لا ألعب مع مايكل ومينا زملائي في الفصل."

ولكنني أخبرتهم أنني سوف ألعب معهم، وأخبرتهم بأن خالي اسمه مينا أيضًا، فتركوني وذهبوا ولم يعودوا يتحدثون معي أيضًا. وأخبرني بيتر صديقي بعدها ألا ألعب مع أحمد وخالد لأنهم مسلمين، فأخبرته بأنهم أصدقائي وجيراني وألعب معهم دائمًا، فتركني ولم يعد يتحدث معي هو الآخر. وهنا ارتسمت علامات التعجب على وجه الأم من كلام ابنها الصغير فلم يتجاوز العشر سنوات.

قالت الأم: "أنا لا أذهب إلى المسجد، لأنني لست مسلمة مثلكم يا أطفالي، بل مسيحية. أذهب إلى الكنيسة وأصوم صوم العذراء وعيد الميلاد، وأتعبد لربي بالإيمان المسيحي. أما أنتم فمسلمون تصلون الخمس صلوات، وتصومون رمضان، لأنكم مسلمون."

تساءلت الطفلة: "هل يمكن للمسلم أن يتزوج المسيحية؟"

أجابت الأم: "نعم يا أولادي، إنه الحب الذي جمع بيننا. إن الحب إذا وجد، فلا يقف أمامه شيء. لقد ولدت على يدي جدتكم فاطمة، والدة والدكم. فتحت عيني على وجهها البشوش، لقد أحبتني جدتكم أكثر من أبنائها. كنا نسكن في منزل واحد، جمعتنا الأفراح والأحزان، وربطنا رابط أقوى من رباط الأخوة. لم يكن بيننا فرق بين المسيحي والمسلم."

عندما بدأت عيناي ترى الحب، لم يكن أحد أمامي غير والدكم. كان فارس أحلامي وكنت فتاة أحلامه، ولم يكن يحب فتاة أخرى. كان يحبني ويحمي ويغار علي ويخاف على كل شيء حتى من نفسي وأقرب الناس. كنا نعلم بأننا سنواجه المصاعب الكثيرة، لكنه أخبرني بأنه سوف يتحدى العالم كله حتى أكون معه، ولم يتركنا شيء. كان الحب بيننا يكبر ويزيد كل يوم.

بعد أن أنهيت دراستي، كان والدكم قد أنهى دراسته والتحق بالعمل مع والده. في ذلك الوقت أخبرنا والديّ، فهما يحبان بعضهما أكثر من الإخوة. لم يمنع أحد من الجانبين، الجميع كانوا موافقين، ولكن من حولهم من الأقارب والجيران والأصدقاء، لم يوافقوا على هذا الزواج.

عرض علي وقتها شباب كثيرون الارتباط بأحد، لكنني رفضت. وعرض على والدكم فتيات كثيرات من هن أجمل وأغنى، لكنه لم يرضَ بأحد. تمت الموافقة بالفعل بعد فترة من الزواج، حتى لو لم يحضر أحد غير أقاربنا. لكن شعرنا بالسعادة الحقيقية مع من أحببناهم. قاطعنا الكثير من الناس لفترة من الزمن حتى عادت الأمور إلى ما كانت عليه من قبل.

البعض كانوا متخوفين من المشاكل التي يمكن أن تحدث بيننا، أو أن لا يقدرني ويجبرني على فعل ما لا أريد. لكن في كل يوم، كان الحب والاحترام يزداد بيننا. لم يجبرني على فعل شيء، بل كان يجعلني أذهب إلى الكنيسة لأداء الصلوات في أوقاتها.

لذلك أريد أن أعلمكم يا أولادي، أن تتعلموا شيئًا مهمًا، أن تعيشوا سويًا على هذه الأرض مسلم ومسيحي، كلنا مصريون، والحب هو ما يجمعنا.

وهنا دخل الزوج وهو يحمل باقة من الورود وكعكة إلى زوجته. سألته الزوجة عن السبب، فأخبرها الزوج بأنها ذكرى زواجهما، لكنها قد نسيت. لكنه لا ينسى أسعد أيام حياته، اليوم الذي ارتبط فيه بها. اغرقت عيناه بالدموع من فرحة الحب، وترنيمته التي لا تفرق بين مسلم ومسيحي.
قصة هذه العائلة تعبر عن الحب الذي يتجاوز الحدود والاختلافات الدينية، لتظهر لنا كيف يمكن للحب والاحترام المتبادل أن يبنيا عائلة سعيدة ومتماسكة، حيث يتعايش الجميع بسلام وسعادة.



إعدادات القراءة


لون الخلفية