الحب والصبر: قصة ابن العم العاشق

كانت هناك فتاة جميلة، بيضاء اللون بعيون عسلية تعكس أشعة الشمس الساقطة عليها معبرة عن أجمل منظر سار للناظرين. كان لها ابن عم لطالما أحبها منذ صغرها وتودد إليها، وتكلم بشأن الزواج منها أمام والديها وإخوتها، فأصبح الكل يعلم مدى حبها الساكن بقلبه. أما الفتاة فكانت دائما تقابل حبه لها واهتمامه البالغ بالصدود والجفاء. لكنه لم ييأس ولم يكل، فهي ابنة عمه التي لطالما أحبها ولم ترَ عيناه غيرها.

مع بداية دخول الفتاة مرحلة الثانوية العامة، إذ كانت من المجتهدات دراسياً، بدأ ابن عمها يهتم بتوفير كل متطلباتها ويساعدها عبر إعطائها لأخواتها البنات الأكبر سناً منها. تغاضى عن التعبير عن حبه بالكلام، وأصبح دائماً يسألها عن مستواها الدراسي والأشياء السليمة التي يجب أن تتبعها أثناء دراستها. لقد تغير تدريجياً دون شعور منه، فنال إعجابها أخيراً. أخذت تتكلم عنه مع صديقاتها ولم تدرِ أن الحب يتدفق إلى قلبها الصغير شيئاً فشيئاً.

كان بإمكان الشاب الزواج من ابنة عمه بعد مرحلة الثانوية العامة، ولكنه آثر لها أن تتم مستقبلها الدراسي كما رسمت له. أصبح هو الوحيد من أهلها الذي يقف بجوارها لإتمام دراستها، إذ أن والدها لم يوافق على إتمام دراستها وكان يرى أن الأنسب لها الزواج بسن مبكرة. دخلت الفتاة الجامعة ولم تجد لها قلباً أحن عليها من قلب ابن عمها.

جاءت الأيام لتحمل خبر وفاة والدها الحنون. وجدت ابن عمها ينتظرها بباب الجامعة ليخفف عنها آلامها الناتجة من فقدان والدها. اصطحبها إلى المنزل لتستجمع قواها الفاترة بعد سماعها للخبر الذي أوجع قلبها ومزقه تمزيقاً. ظلت الفتاة حزينة ووحيدة، لم تستطع تجاوز محنتها. أحست بأن سبب إصرار والدها على الزواج من ابن عمها كان مرضه الشديد وشعوره بدنو الأجل، مما تسبب في شعورها بالذنب والندم الشديد لعدم استجابتها لطلب والدها.

شعر الشاب بها وواساها، ولطمأنة قلبها أخبرها بمدى فرحة أبيها التي غمرته عندما علم بمستواها العلمي الذي حققته في السنة الأولى، وعن أمنيته التي رغب بها قبل وفاته بأن تحافظ على مستواها لمدة الثلاث سنوات المتبقية. أيقنت الفتاة المسئولية الواقعة على كاهلها، وبمجرد إنهاء دراستها التي تفوقت فيها وأحرزت أعلى النتائج المتوقعة، تزوجت من ابن عمها.

أحبته وأحبها فعلياً بكل معاني الكلمة: حب وإخلاص ووفاء. وجدته معها في كل الأزمات، برهن على صدق حبه لها بالأفعال لا بالأقوال. إنه حقاً رجل بمعنى الكلمة، هيأ لفتاته كل أجواء السعادة بمجرد أن ملكت فؤاده.

في ختام هذه القصة، نتعلم أن الحب الحقيقي يحتاج إلى الصبر والتضحية. لقد أظهر ابن العم أن الحب ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو أفعال تُثبت. ومع مرور الزمن، تبقى الأفعال هي الدليل الأقوى على الحب الصادق.



إعدادات القراءة


لون الخلفية