حب العمر: قصة الزوجين اللذان لم يفترقا

في زماننا، كان هناك زوجان يعيشان في سعادة وهناء. منذ صغرهما، تواعد أهليهما على زواج الشاب من الفتاة. كانت الفتاة جميلة ومؤدبة، أُعدت من صغرها وهُيأت لتكون الزوجة المستقبلية للشاب، الذي تفانى في تعليمه وحصل على أعلى الشهادات لينال وظيفة سامية، ليتمم حلم حياته ويتزوج من حبيبة قلبه الوحيدة التي لطالما رآها نجمة متلألئة في سماء عالية. وأخيرًا، سينالها ويحافظ عليها مكنونة داخل قلبه.

وجاء يوم الحلم الجميل، اليوم الذي ارتدت فيه الحبيبة لحبيبها فستانًا أبيضًا زاهيًا، يبشر بحياة صافية متجلية بلون الصفاء والنقاء. اجتمع الأهل والأحبة يهنئون الزوجين ويتمنون لهما حياة زوجية سعيدة. وكأنها لحظة استجابة، أنعم الله عليهما برغد العيش والاطمئنان في الحياة.

عندما تتحدث الزوجة عن زوجها، تنتقي دون قصد أجمل عبارات الحب والهيام. إنها حقًا تعشقه؛ دائمًا ما تفاجئه بكل ما يحب، لا تغادره إلا للضرورات، وترفض دائمًا أن تمكث عند أهلها أكثر من المطلوب. دائمًا ما تضعه في مقدمة قائمة أولوياتها الحياتية. تُرضي والديها وأهلها، لكنها لا ترغب في ترك زوجها وحبيب قلبها بمفرده وحيدًا. أما الزوج، فيتذكرها حتى أثناء عمله، يتصل بها ليطمئن عليها، وإن لم يستطع يبعث لها برسالة تُفرح قلبها. دائمًا ما يلبي لها كل احتياجاتها ومتطلباتها. لقد انصرفت حياتهما عن كل ما في الكون من لذات ومتاع، وأصبح بقاءهما معًا يعادل الأرض بما حوت. كيف لأحدهما أن يعيش بنصف قلب والنصف الآخر مع حبيبه؟

لقد اطمئنا للدنيا وأمنا غدرات الزمن. في أحد الأيام، كان الزوج عائدًا من عمله، فاتصل بزوجته ليسألها عن احتياجاتها ليحضرها معه كعادته. أخبرته بأنها لا تحتاج شيئًا، كل ما عليه فعله هو القدوم مسرعًا إذ أنها أعدت له كل الأطباق الشهية المحببة لديه، وأن عليه الإسراع لكي لا يبرد الطعام. وبالفعل، قدم الزوج بسيارته في لا وقت. عندما رأته، أسرعت تجاهه فرحة وعيونها تمتلئ بالفرحة الغامرة. احتضنته بحنان دافئ وطلبت منه الجلوس على طاولة الطعام وعدم إجهاد نفسه لأنها ستطعمه بيديها. بعدما انتهيا من تناول الطعام، شاهدا فيلمًا رومانسيًا جميلاً، وبعدها ذهبا في نوم عميق.

استيقظ الزوج وحبيبته نائمة على ذراعه. بكل هدوء وبطء، استخرج ذراعه من تحت رأسها، ولكن على غير عادتها لم تشعر به. انتابه شعور بالقلق، فاقترب منها ووضع يده على خدها الناعم فوجده مجمدًا كالجليد. رفع يدها فانسابت منه؛ اغرورقت عيناه بالدموع، واتصل بأهلهما. وأصعب ما مر عليه كان لحظة الدخول بها إلى قبرها، حيث وقع إثرها على الأرض في المقابر. رحلوا به مسرعين إلى أقرب مستشفى، ولكنه كان قد دخل في غيبوبة نتيجة رفضه للواقع المرير. شفاه الله وعافاه، ولكنه لم يرد أبدًا الزواج من غيرها حتى يومنا هذا، بالرغم من كل محاولات أهلها قبل أهله.



إعدادات القراءة


لون الخلفية