الجزء 12
الفصل الثاني عشر:-
" انتهي عمر قلبي ، بهجرك لي حبيبتي ، لا تطلبي مني ان اطلق روحي ،فانت بذلك تدفنين قلبي بيدك بين الحطام، فلتغفري لي"إيمان أحمد يوسف"
.......
فاق ريان علي صوت تلك الجلبة التي حدثت وما ان فتح ابواب عينيه، وتبينت له حقيقة تلك الكتلة السوداء الملقاه قرب الباب حتي انتفض مفزوعا:ملك.. ملك.
اقبل عليها يتلمس ذلك العرق النابض في رقبتها يتبين نبضات قلبها التي تئنو ضعفا .. كأنها تآبي الخروج.
حملها بين ذراعيه و شعور يجتاحه بالاشتياق اليها ولا يعلم لما يشتاق اليها وهي أمامه ليل نهار لم تفارقه..
وضعها علي الفراش علي مهل، ثم اتجه الي خزانة ثيابها واخرج منها عباءة سوداء و غطاء راس والبسها اياهم بسرعة البرق ، واتصل بمالك بتوتر بالغ.
******
مالك الذي كان يبحث عنها حتي وجدها تقف امام المرآة ترتدي ذاك الفستان الذي رآها به يوم كتب كتابهما ، كانت تصفف شعرها ، لم تشعر بحضوره بسبب تلك الجلبة التي احدثها جهاز التصفيف ذاك.
اقترب منها وكان يود ان يغعل ويفعل من شدة غضبه ولكنه تعقل وفضل الصمت.. يعلم ما ستفعله.
ما ان رأته مريم حتي احتضنته بقوة باكية؛ انا اسفه، سامحني، كان غصب عني فعلا كنت ممكن اتعب.
رفع وجهها عنه قليلا ليمسح دموعها التي بللت قميصه الابيض وقال: وانا مسامحك يا مريومه.. بس متكررهاش تاني.
ابتسمت وهي تنظر لعينيه الرماديتين التي تغدقانها بعشقه الابدي.
قال مشاكسا: مش ده نفسه الفستان اللي..
أومأت بخجل ليكمل: انتي حلالي دلوقتي اقدر اعمل اللي مقدرتش اعمله ساعتها صح.
عقدت ما بين حاجبيها وقالت ببلاهة: تعمل ايه؟
لم يمهلها بل أحاط خصرها بذراعيه ورفعها عن الارض الي قلبه ، يدور بها ، و هي تصرخ وسط ضحكاتها : يا مجنون. هنقع..
رد عليها مشاكسا،: قولي بحبك الاول.و انزلك..
مريم بتسرع: بحبك، وبموت فيك.
توقف فجأة لينزلها قائلا بتجهم: متقليش كده تاني انا روحي سابتني و عاشت جواكي ، وروحك ساكنه جوايا ، متخليش روحي تموت.
همت مريم بالرد ولكن قاطعها صوت هاتف مالك يصدع ..
التقطه ليري من المتصل، فوجده ريان.
انتفض قلبه هلعا علي توأمته.. فاسرع في الرد و اول ما قاله: ملك جري لها حاجه؟
أتاه صوت ريان المتقطع : الح.. تعالي بسرعة ، ملك مغمي عليها.
اغلق ريان بسرعة معه وعاود محاولا افاقتها: فتحت عيناها قدر خيط رفيع ثم اغلقتها ثانية كأنها تآبي العودة للحياة..
خرج مالك بسرعة من الغرفة، وقبل ان يغلق باب شقته كانت تقف امامه مرتدية ثياب خروجها ، نظر لها قائلا: مريم ارجوك انتي تعبانه من الحمل، هتتعبي اكتر، ادخلي وانا هبقي اطمنك.
قالت من اسفل نقابها : لا ، مش هسيبك..
وعلي الفور كانت تجلس في السيارة وتغلق بابها ليتجاهل مالك عنادها ويقود السيارة بسرعة ..
خمس دقائق وكانا امام بيت ريان..
طرقوا الباب ليسرع ريان بفتحه لهما ..
مالك بلهفة:في ايه يا ريان، ملك فين؟
بأعين زائغة وصوت خرج مخنوق من شعور الفقد: في الأوضة.
اندفع مالك اتجاه اخته ليجدها ممدة لا حول لها ولا قوة ، وجهها شاحب جدا..
أما مريم فامسكت بيد ريان الباردة تبثه بعض الطمأنينة: متقلقش يا حبيبي هتلاقيها داخت شوية.
أغمض عينيه قائلا بنبرة نادمة: انا السبب .. انا السبب.
عقدت مريم حاجبيها ثم قالت بدهشة: انت السبب ازي؟!
هم ريان بالرد ولكنهما وجدا مالك يخرج من الغرفة يحمل ملك بين يديه بعد ان البسها حجابها جيدا ليخفي شعرها و زرَّ لها عباءتها .. هدر بقوة في وجه ريان قائلا: حور فين، يا ريان؟
رد الأخير بشتات: مش عارف.
زاد اتساع حدقتيه وقال بغضب مفزع: ازاي مش عارف بنتك فين، ايه الاستهتار ده؟!
اكمل بنبرة هادئة قليلا عندما نظر لمريم: شوفيها لو سمحتي يا مريم في اوضتها.
امتثلت مريم لاوامره ، و ذهبت لتري حور فوجدتها نائمة فهدرت قائلة: حور نايمة.
مالك: خليك جنبها يا مريم من فضلك لحد ما نطمن علي ملك في المستشفي.
اومأت مريم له موافقة ودخلت تجلس بجوارها حتي لاتفزع عند استيقاظها..
اما مالك فاشار لريان الذي كان يشرد في وردته الذابلة لا يعلم متي ذبلت حتي..
فتح باب السيارة وجلس في الكرسي الخلفي ليتلقفها من مالك ويسند رأسها علي ذراعه و يكون محتضنا اياها.. اخذ يمطرها بقبل ودموع الاعتذار.. حتي وصل الي المشفي..
نزل مالك بسرعة ينتشلها من حصار ذراعي ريان، الذي احس حينها بانه ينتزع روحه معها .. يحملها دالفا بها الي المشفي : بسرعة ارجوكِ مغمي عليها بقالها ساعه تقريبا و مش بتفوق.
أشارت الممرضة الي غرفة الطوارئ لينطلق ريان مسرعا في اتجاهها داعيا الله ان تأتي العاقبة سليمة بقدرته..
وضعها علي السرير الطبي وطلب من الممرضة ان تأتي اليها بطبيبة لانها منتقبة.. فتفهمت الاخرة طلبه واسرعوا في عمل الازم لها..
أما ريان فكان يقف ضائعا أمام غرفة الطوارئ .. بجانبه مالك الذي ينهش القلق بنيانه وقلبه المتصل بوتين توأمته.: يارب نجيها.
وجد هاتفه يصدع باتصال اخرجه من جيبه ليجدها مريم: سلام عليكم.
مريم: وعليكم السلام.. طمني يا حبيبي ملك عامله ايه؟
مالك: مش عارفين لسه الدكتورة معاها جوا.. حور صحيت؟
مريم: آه صحيت مفزوعة فاخدتها في حضني لحد ما هديت ، ولما سالتني
عنكم قلت لها رحتوا تجيبوا حاجات للبيبي بتاعنا عشان تلعب معاه فهديت..
مالك: تسلمي لي يا جنتي من كل شر.. ويبارك لي في عمرك.
مريم: و يبارك لي فيك يا روحي، متنساش تطمني اول ما تطمنوا عليها؟
مالك: حاضر.. هقفل لان الدكتورة خرجت..في امان الله.
اغلق مع مريم واتجه نحو الطبيبة يسألها بلهفة : خير يا دكتورة؟
خلعت الدكتورة قفازتها الطبية وقالت: انت جوزها؟
في تلك اللحظة صدع صوت ريان قائلا: أنا جوزها.
أكد مالك علي كلامه قائلا: هو زوجها وانا اخوها... ارجوك طمنينا.
الطبيبة: أخت حضرتك تعرضت لصدمة، أدت لهبوط حاد في ضغط الدم.. و ده كان ممكن يؤثر علي الجنين.. لولا احنا لحقنا نسيطر علي الوضع.
نزل كلامها كدلو مياه بارد، سكب علىي ريان في فصل الشتاء القارس.. لترتعش اوصاله..
اندهش مالك: حامل!!
اومأت الطبيبة قائلة: ايوه حامل في اخر الشهر الأول.. انتم مش عارفين ازاي؟
نظر مالك لريان متسائلا: أنت كنت عارف؟
اومأ الأخير بالرفض ، فأكمل مالك قائلا: طب ممكن ندخل نشوفها.
الطبيبة: اه بس ياريت ما تتعبوش أعصابها بحاجه تضايقها.
دلف مالك اليها اولا ، فوجد خرطوم طرفه موصلا بيدها والطرف الآخر موصل بمحلول مغذي..
جلس بجوارها برفق قائلا بحنان : حمد لله علي سلامتك يا حبيبتي..
اكتفت بابتسامة حزينه.. فتنهد مالك قائلا: حبيبتي انتي عارفه انك حامل.
لم تقدر علي حب دموعها اكثر فتركت لها العنان لتعلو شهقاتها ليندفع مالك باحتواءها بين ذراعيه.. لتتشبث. فيه قائلة. بقهر: انا عاوزه.... اطلق.. منه.
قالت ذلك في نفس الوقت الذي دلف فيه لريان لتحرق روحه مما وصل لاذنه...
.........