الجزء 13
الفصل الثالث عشر:-
" كان يجب عليك ان تحبني.. كأبنتك اليتيمة .. و تنفذ علي قول الله" واما اليتيم فلا تقهر""(ايمان احمد يوسف)
*********
خرج ريان كما دخل لم يشعر احد به.. لا يصدق أيعقل ان يصل بهما المطاف الي الطلاق بعد كل ذلك الحب.. مستحيل رفض عقله وقلبه تصديق الحياة البائسة التي سيعيشها عندما ترحل عنه.. شعر بقيود تكبل جسده بالكامل و احدهم يلقي به في بئر سحيق مظلم , لا يقوي علي فك قيده.. ولا يقوي علي التنفس.. راي الضباب يحجب الرؤى عنه .. فرك عيناه بضعف عل الصورة تعود لنقائها ولكن هيهات فقد فات الاوان ووقع علي الارض في الممر الطبي ليسرع اليه الممرضين فورا...
اما مالك فقد اخذ يهدئها و يرقيها ببعض ايات القران حتي هدأت و غلبها النعاس علي كتفها .. اعادها للخلف بهدوء.. وعدل الوسائد تحت راسها لكي تسترح وخرج ليري ريان..
وما ان فتح الباب حتي وجد ريان ممدد علي سرير طبي يجره الممرضين وعلي انفه قناع تنفس , سأل بهلع: ماله ايه اللي حصل له؟
اجابه الطبيب الذي كان يسير مهرولا بجانب السرير الطبي: وقع فجأة.. واشتباه في أزمة قلبيه؟
انصعق مالك مما سمع و تصنم مكانها يتخبط به الممرضين حتي هوي علي احدي الكراسي مرددا بذهول: أزمة قلبيه!!!
فاق علي صوت رنين هاتفه ليجدها مريم, ادمعت عيناه لا يدري بماذا يرد عليها.. ماذا يقل لها.. فكر في عدم الرد ولكنها يعلم انها لربما تأتي الي المشفي من فرط قلقها , فأجلي حنجرة و رد بصوت متحشرج: سلام عليكم.
-وعليكم السلام.. ايوه يا مالك طمني عليكم؟
_متقلقيش.. متققيش ريان كويس.
لام نفسها علي ذكر ريان فهي اتصلت لاجل ملك وليس ريان , مؤكد الشك قد تسلل اليها الان.. وما الا لحظات حتي تأكد خبره , فقد سألته: ريان؟.. ريان جري له حاجه يا مالك؟
لم يصلها رد فقالت بصراخ: رد عليا ريان جري له ايه؟
ابتلع الاخر غصة مريرة في حلقة وقال: انا جاي لك واحكيلك علي كل حاجه بس ممتعبيش نفسك.. ومتقلقيش هو ضغطه وطي فجأة بس.
بدأت مريم في البكاء وقالت: لا انت بتكدب عليا.. صح.. بتكدب يا مالك...
وقع الهاتف من يدها .. ليفصل الاتصال ويرتعد الاخير ويجري بسرعة البرق ليطمئن عليها..
بضع دقائق وكان صوت مكابح سيارته يصدع علي الطريق.. فتح باب سيارته و هرع الي بيت ريان .. يقرع الباب بقوة وينادي عليها: مريم.. افتحي.. حور يا حور..
فتحت له مريم وعيناها محمرة كالدماء .. احتواها فورا بين ذراعيه .. يبثها الامان قائلا: صدقيني ريان هيبقي كويس.
اتاه صوتها الضعيف : انا عوزا اشوفه.
عندما هم مالك بالاعتراض قاطعته قائلة برجاء: بالله عليك خليني اروح الله اشوفه.
أومأ بالموافقة قائلا: بشرط ادخلي اغسلي وشك , لحد ما أجهز حور.
دخلت مريم بضعف تنفذ ما طلبه منها مالك, وفي دقائق كان مالك يقود السياره وبجانبه حور ومريم التي حاولت تكبيل دموعها بشتي الطرق ولكن لم تقوي علي التحمل فتركت العنان لها لتسألها حور: ميومه انت بتعيطي؟
مسحت مريم دموعها بكف يدها وثم داعبت شعراتها الحريرية بحنان قائلة : لا يا حبيبتي دي حاجة دخلت في عيني.
دلف مالك الي الجراش ورك سيارته ثم اخذهما الي المصعد لينتقلوا الي الطابق الذي فيه ملك.. وقبل ان يدلفا اليها همس لمريم قائلا: متقوليش لملك علي حاجه يا مريم لحد ما اروح اطمن عليه وارجع اخدك له. ماشي يا حبيبي؟
أومأت له بحزن فقال: لا حاولي ترجعي لطبيعتك كدا ملك هتحس بحاجة.
تنفست الصعداء ثم رسمت ابتسامة زائفة علي ثغرها ..
ما ان ان دلفوا حتي اندفعت حور الي مها تقبل يدها وتشب بقدماها لتصل اليها : ماما..
بكت ملك لبكاء صغيرتها وقالت: متخفيش يا حبيبة ماما انا كويسة.
زاد نحيب حور وقالت : لا انتي عاوزه تسيبيني.
مسحت ملك دموعها ودموع حور قائلة بحماس : عمري ما اسيبك ابدا.. انا هنا عشان هجبلك بيبي صغنن تلعبي بيه.
تهللت اسارير حور وقالت بفرح طفولي : هي هي ماما هتجيب بيبي..
بينما مريم نظرت لمالك بتساؤل عن مصدقية ما قالته ملك, اغمض عينيه مؤكدا ..
مالك: انا هروح اجيب حاجه حاجه نشربها وارجع ...
خرج مالك ما ان وصل الي اخر الممر ختي وجدها تخلل اصابعها الصغيرة بأصابعه قائلة برجاء: خدني معاك .. مش قدره استني.
اطبق اصابعه علي يدها ليتسرب لها شعو الطمائنينة رويدا ..
واخذها وذهبا الي الاستقبال ليسألوا عن ريان فعلموا انه في نهاية الممر الارضي .. ذهبا وظلا قليلا ختي خرج الطبيب..
اندفعت اتجاهه مريم قائلة: اخويا .. اخويا يا دكتور.
تدخل مالك يسأله بتوتر وخوف من ردها : ريان حالته ايه دلوقتي؟
الطبيب: الحمد لله طلع مجرد , ضيق تنفس و هبوط سببه قلة تغذيه.. ومطلعش أزمة قلبية الحمد لله..
زفر مالك انفاسه الحبيسة مرددا : الحمد لله يا رب... طيب نقدر ندخل له؟
أومأ الطبيب بالرف قائلا: مفيش داعي لأنه متوصل بالانبوبة اكسجين و محاليل ومش هيقدر يتكلم معاكم.
تفهم مالك الامر ..وبعد ان انصرف الطبيب قال لمريم بنبرة حنونه: شوفتي قلت لك ربنا لطيف بعباده.
تنهدت هي الاخر وقالت: الحمد لله يارب.. غصب عني يا مالك.. انا مليش غيره في الدنيا انا حسيت باليتم فعلا لما قلت لي انه وقع.. خفت ..
احتواها مالك قائلا: وانا رحت فين يا مريم.. عمرك ما تبقي يتيمة ابدا طول ا انا عايش... انا عايش لك انتي وملك.
ابتسمت براحة وقالت: الحمد لله ان ربنا رزقني بيك يا حبيبي.
مر اليوم سريعا و في منتصف الليل كان مالك يحمل ملك ويدلف بها الي غرفة حور استجابة لرغبتها في الابتعاد عن ريان..
وضعها ثم دثرها جيدا وعاد ليحمل حور النائمة يضعها جوار والدتها.. التي ضمتها الي صدرها ونامت..
ثم عاد الي السيارة وفتح الباب الخلفي ليساند ريان في الخروج منها.. ثم وضع ذراع الاخير علي كتفه يساعده في الدلوف للبيت ..
حتي اوصله الي غرفته و تركه لينم..
ثم أطفأ انوار الغرفة و اخذ مريم الي غرفتها .. التي ابتسم مالك عندما دخلها وقال مداعبا اياها: لا لا.. مكنتش اعرف ان ذوقك حلو اووي كده.
ابتسم الاخيرة بارهاق واحاطت حصره بيديها قائلة : اكيد ذوقي حلو لاني اخترتك.
رفع حاجبه قائلا: علي مفتكر انا اللي اخترتك.
ابتسمت : المهم انك بقيت الامير اللي خطف قلبي.. وعلمني ازاي احب ..
ضمها مالك الي صدره قائلا: انتي من تسللتي الي قلبي العاشق , فأوصد عقلي أبوابه عليك..
التمعت عينها وهمست بحب: ربنا يخليك لقلبي وتفضل طول العمر جنبي لحد ما نعجز وأسنانا تقع..
ضحك مالك ضحكة رجولية وقال: ياااه داه يبقي شكلي وحش اووي.
- برده هفضل احبك.
وضع مالك يده علي بطنها برفق قائلا: الله علي الكلام الحلو بقولك ايه تعالي ننام عشان انا طول اليوم مكلمتش اميرتي الصغبرة وشكلها زعلانه مني.
ابتسمت قائلة: انت لسه مصمم انها بنت؟!
- اه احساسي بيقول هتكون بنت زي القمر طالعه لمامتها.
قضت الليلة .. ومر يومين ومالك ومريم يقيمان مع ريان وملك في منزلهما.. منتظرين تعافي الاثنين ثم التحدث معهما عما حدث..
اما ملك ف تتحاشي ريان تماما كلما اقترب للتحدث معها انصرفت مبتعدة عنه.. تاركة اياه يعني لوعة التجاهل من الحبيب كما شعرت هي بها..