الجزء 14


الفصل (14)

"تغلغل حبك داخلي حتي استوطن كيانى، صدقيهم حين يخبرك باني عشقتك حد النخاع "
إيمان أحمد يوسف

****
زاد حزن ريان عندما هجرته ملك ، وتركته وحيدا بين حطام مملكة عشقه التي هدمها بلامبالته وبرود مشاعره..

عان الأمرين كما يقولون في بعدها عنه .. فقد اشتاق حقا اليها..

أخذ ينظر إلي أركان البيت نظرات خالية من الحياة كأنها أول مرة يرها ، ولكنه رآها بمنظور العتمة التي طغت علي ألوان الأثاث فجعلتها كاحلة رتيبة ، يملأه جو يدفعك الي اقصي درجات الاكتئاب.. حقا هن المؤنسات.. هن من كن يضفين بهجة للحياة ، يلونها بطريقتهم الخاصة ، تختار كل منهن لونها الخاص بحياتها الزوحية..

أما ملك فقد كانت تجلس تذاكر لصغيرتها ، محاولة شغل نفسها عن التفكير فيه.. حتي فتح مالك الباب و نظر بنصف جسده من وراءه قائلا: ممكن ادخل.

ابتسمت ملك وقالت برقة: تعال يا حبيبي.

دلف مالك اليها واغلق الباب خلفه..
مالك: حور حبيبتي عمتو مريم عملت لك كورنفلكس في المطبخ..
حور بفرح: هييهيي..

مالك بفرح وحماس وهو يثني ذراعه ليظهر عضلاته كرمز للقوة : يلا عشان نقوي زي. باباى.

انتقل حماسه لحور التي جرت تزف السرور الطفولي لمريم..

وما ان خرجت حتي اغلق مالك الباب خلفها ثم عاد لملك التي تعلم جيدا ان ذلك هو وقت الحساب او فلنقل وقت الشكوى..و الاستماع...

نظر لها قائلا: عارفه طبعا اللي عاوز اكلمك فيه صح؟

أومأت برأسها .. ف استطرد مالك قائلا: طيب انا سمعك اتفضلي.

زفرت أنفاسها بصعوبة، مكبلة تلك الدموع الحزينه التي تتلألأ في مقلتيها وقالت: ريان بقله اكتر من أسبوع متغير ، بيقعد معانا و دماغه في حته تانيه والله أعلم بحال قلبه.

عقد مالك حاجبيه وقال مهمهما: ازاي ،احكي مواقف يا ملك عشان افهم ، جايز تطلعي ظالماه..

لوت ثغرها بابتسامة ساخرة من كلمة الظلم تلك لكونها أكثر شخصا روبط الظلم في عاتقه ثم قالت: كان بيقعد معانا يفضل ماسك موبايله عنيه مبترمش.. وكنت بسيبه وبقول اكيد عنده شغل عليه ، لحد ما الموضوع زاد رحت اكلمه و يدوب بكلمه ..

لم تكمل فقد ضعفت إرادتها المتصلبة وبكت بطريقة هستيرية دفعت مالك الي معانقتها وتهدأتها: خلاص يا حبيبتي خلاص..اهدي.
ظل بجوارها حتي هدأت ثم خرج من الغرفة وعاد لها بكأس عصير ليمون مع بعض عيدان تحمل أوراق النعناع الاخضر..
زمت شفتيها بضعف حينما قرب الكأس منها قائلة: مش قادرة يا مالك هرجع.
ضحك مالك وقال : لا ترجعي ايه امسكى نفسك كدا.. دا مريومتي علي كدا بطله..

دلفت في تلك اللحظه مريم مبتسمة فقالت ملك بابتسامة هادئة: ابن الحلال عند ذكره بيبان.

زادت ابتسامة عيني مريم و اقبلت تجلس بجوار مالك تضع يدها علي كتفه بحنان والاخري علي بطنها قائلة: وياتري بتجيبوا في سيرتي بالخير؟؟

التفت مالك لها ليأسرها برماديته قائلا: اكيد طبعا لأنك انتي الخير كله اصلا.
التمعت عيني مريم بوميض عشق قلبها لهذا الرجل وقالت: بحبك يا مالك قلبي.

لف ذراعه الأيسر حول منتصف ظهرها ،هامسا لها بحنان: وانا متيم بقلبك.
قطع خلوتهم الرومانسية تلك صوت نحنحت ملك وحور التي قالت: احم. نحن هنا يا خلو..

ضحك مالك من أعماق قلبه و نهض يدغدغها حتي تعالت ضحكات الجميع..
ايمان احمد يوسف..
بينما ريان ، فكان يقف في المطبخ تائها لا يدري ماذا يأكل.. مريم لم تهمله بل تعد له الطعام معهم وترسله له مع مالك.. ولكن مالك تأخر اليوم..

ابتسم بقهر قائلا بصوت مختنق تنفطر له القلوب: اكيد نسيوني.. او جايز مشغولين في حاجه.

نظر بإحباط إلي الثلاجة ثم خرج من المطبخ كله و توجه الي الباب ليفتح للطارق ..

فتحه بأعين مكسورة من كثرة الحزن ووجه شاحب هزل ..

ليجده مالك، تسلل الي قلبه بصيص املا بأن شقيقته وصديقه مازلا معه ولم يفارقانه هم ايضا..

مالك: ايه مش هدخلني.؟
لف ذراعه حول مالك قائلا: البيت بيتك ، ادخل يا صاحبي.

دخل مالك وناوله الطعام ، الذي وضعه ريان بإهمال ع الرف الرخامى في المطبخ وعاد لمالك سائلا بلهفة: ملك اخبارها ايه، برده قرفانه في الحمل دا زي حمل حور، استني ..

دلف الي غرفة نومه وعاد وبيده علبة مقرمشات مملحه ناوله لمالك قائلا: كانت بترتاح عليهم ، ابقي اديهم لها (ثم اكمل بنحيب) وقولها انك اللي شاريهم مش انا.

لم يقدر مالك علي كبح نفسه اكثر واندفع يحتضنه باشفاق علي حالته يربت علي ظهره قائلا: ليه بعدتها عنك طالما بتحبها كدا؟؟

ردد الاخر من بين دموعه بصوت متقطع: مبعدتهاش هي فاهمه غلط والله العظيم..فهمه غلط.

قاده مالك الي الأريكة واجلسه عليها ثم اتي الي بكوب ماء وقال: اشرب واهدي واحكي لي ايه اللي حصل و ايه هو الصح اللي ملك مفهمتوش..
قص ريان علي مالك كا ما حدث منذ البداية ..
ايمان احمد يوسف..
في مؤتمر صحفي كبير عقد لدمج احدي الشركات الاوروبيه مع شركتين من الوطن العربي احداهما مصرية والاخري اماراتية..
كان مالك مندوبا عن الشركة المصرية ، لذلك اعتلي المنصة ليقل كلمته..كان يتحدث باللغة الإنجليزية ليفهمه الجميع قائلا: اهلا بكم جميعا .. ارحب بالجميع واختصارا للوقت و الجهد انا لن اشارك في تصميم الديجتالي لذلك المشروع..

هاج المرج في القاعة و تجهمت وجوه الجميع فاكمل قائلا: اعتذر لن اضع يدي في يد اولئك الذين يفسدون عقول الشباب اجمع..

اعلم ان جميعكم مندهش من كلامى ولكن انظروا الي شاشة العرض التي خلفي رجاءا.. وستضح لكم الرؤية..

أغلقت الأضواء و دار فيديو محادثة الكترونية بين مالك و آحد الأطباء الأجانب..
مالك: مرحبا دكتور ماركو.كيف حالك؟

ماركو: مرحبا سيد مالك،لست. بخير ابدا .. لقد أتيت لك بالنتائج.. تلك اللعبة المطروحة في الأسواق، مدمرة تسلب عقول البشر فهي مزودة بألوان من نوع غريب تبعث اشعارات للعقل تثبط من نشطه وتدفعه الي افراز هرمون يساعد علي تخدر الجسم بالكامل، فيصبح مستخدمها مغيبا تماما عن العالم من حوله..

مالك بتوتر: امتأكد دوك ماركو من تلك الفحوصات..؟

ماركو: مئة بالمئة جميع من خضعوا لاستخدامها في المختبر خضعوا لفحص للنشاط العقلي و متأكد من ما قلته.

مالك: شكرا لك دوك ماركو.

اضيئت الأضواء لينظر مالك الي وجوه المندوبين عن الشركة الأجنبية التي شحبت فجأة و تجلي القلق عليهم.. ثم قال:اتضح للجميع الان سبب رفضي.. فقد كنت سأشارك في تلك الجريمة، لولا تعرض صديق لي لهذه اللعبة التي هدمت حياته الزوجية حرفيا ،بسبب اهماله لزوجته و ابنته .. وعندما قص عليا بحثت عن اللعبة وعن الشركة التي قامت باصدارها وعلي االفور تواصلت مع د.ماركو الذي أوفاني بالنتائج الصحيحة..

انتفض احد المندوبين الأجانب قائلا بغضب: ماذا تعني.. انت مخطئ نحن لم نفعل شيئا خارجا عن القانون.. انتم مجتمع فاشل ، تسعون وراء التفاهت لذلك زدنا لكم منها.

لملم مالك اوراقه ثم نظر له بأعين تتقد غضبا: لو كان مجتمعي فاشل.. لما سعيت ورائى في جميع الشركات التي عملت بها لتحصل علي لانك تعلم انني اكثرهم كفاءة في التصميم.. كنت ساغفر لك واجعلك ترجع بكل هدوء الي بلدك ، ولكن اهانتك لشعبي تعني اهانتك لي.. لذا لن اغفر حتي تأتي سفارتك تاخذك من السجون المصرية..

انتفض اخر قائلا بزعر وغضب: لا هذه اهانة كبيرة لان نقف مكتفي الأيدي عنها.

لم يعيرهما مالك اهتمامه بل نزل عن المنصة وخرج من القاعة كلها..
كان يراقبه مديره فخورا به وبثقته لم يسئ الظن فيه يوما فهو صدق عندما قال بانه الاكفء في مجاله..

كان كل ذلك تحت أعين الصحافة المترصدة لتسجيل كل كبيرة وصغيرة في المؤتمر..
ايمان احمد يوسف.
كانت تجلس شاردة تفكر فيما قصه عليها مالك صباحا.. تذكر صورته التي التقطها مالك. لها و هو نائم علي الأريكة..
كم زبلت ملامح وجهه وشعره اشعثا.. فاقت من شرودها علي صوته يأتي من خلفها قائلا: والله العظيم بحبك ومش هحمل العاب تاني.
نظرت. له لتراه مهندم يرتدي بذلة أنيقة وبيده باقة ورد جوري.. نهضت واقبلت عليه ليبتسم بسعادة كبيرة : والله غصب عني.. انا مش قادر على بعدك ، بموت في الثانية مية مره في غيابك عني..
ادمعت عيناها من كلماتها التي كانت بمثابة طوق النجاة من الغرق..
عانقته قا،ئلة: روحي كانت رايحه مني..رجعت لي لما شفتك قدام عنيا دلوقتي.
قالت ذلك في نفس اللحظة التي دلف فيها مالك و مريم: والله.. مش دا اللي كنتى عاوزه تطلقي منه.
ابتسمت ملك قائلا: عفا الله عما سلف.. ميبقاش قلبك بلاك.
دوت ضحكاتهم في جميع الركان الحديقة الخلفيه للمنزل... ليقطعها طرقات عنيفة على الباب..
انزعجوا من طريقة الطرق .. فذهب مالك ليري من طلك يتبعه ريان ، وملك و مريم مختبئتان ...
فتح مالك فوجدهم ضابط و خلفه مجموعة عساكر، هدر الأول قائلا:حضرتك باشمهندس مالك؟
أومأ مالك سائلا: ايوه انا ، في حاجة؟

الضابط: مطلوب القبض عليك.

وقعت كلماته ع تلك المختبئة كصعقت كهربية دفعتها للصراخ ولكن لم تتمكن فقد امتصت الصعقة. قوتها و امطرت عليه بضباب حالك.. لتسقط أرضا..و...


إعدادات القراءة


لون الخلفية