الجزء 10
الفصل العاشر.
باغتتهم المكالمة الهاتفية بشكل لم يكن متوقع، لم يحسب لها أحدًا،
أغلقت(عفاف) الهاتف بعد أن أنهت الاتصال بدهشة عارمة.
تطلعت صوبهم فرأت معالم التساؤل على وجههم مرتسمة بعناية.
ابتسمت بعدم تصديق قائلة :
دكتور مراد معجب بقمر وعاوز يخطبها لإبنه.
اتسعت حدقة قمر وقالت باستنكار :
إيه الجنان دا حد بيتجوز بالطريقة دي دلوقتى!! لا طبعًا مش موافقة.
التزم نبيل الصمت التام . لم يبدى موافقة ولا رفض انتظر ليراقب ردود أفعالهم
ردت عفاف قائلة بحزم :
ايه المانع يعني؟ مش فاهمة واحد هيدخل البيت من بابه ليه لا؟
زفرت قمر بضيق، ضاق صدرها ولا تعي سبب، حبست دمعة بمقلتيها كادت تفر منها وقالت :
ايه ياماما هو أول عريس هترميني ليه خلاص زهقتى منى؟
احتدم الأمر وارتفع صوت عفاف قائلة :
انتِ بتفكرى كدا ازاى
قبل ان تكمل حديثها رفع نبيل يده في الهواء فسكتت وصبرت لترى رأيه.
ربت على يد قمر بحنان وقال :
انتِ في حد في حياتك؟ بسببه رافضه.
صمتت قمر قليلا تفكر فقلبها مغلق لم تدع فرصة لأحد بالاقتراب منه ولا يوجد من يشعله حقًا ولو كان هناك أحد فهو من وحى خيالها لا تعرفه، لا تتذكر ملامحه، فقط تعرف بداخلها أنها ملك لأحد، من وأين ومتى ستقابله لا تعرف أبدًا.
بعد وقت من التفكير ردت :
مفيش حد يابابا بس يعنى!
رد بحزم قائلا :
مفيش حاجة إسمها بس هتقابليه وتديله فرصة لو عجبك ماشى لو مرتاحتيش خلاص،محدش هيرميكى يعنى.
ردت بغضب قائلة :
دا حتى مش هو اللى شافنى، هو فى كدا.
اقتربت عفاف منها وجلست مقابلها قائلة براحة كبيرة:
لو دي مشكلتك اطمنى هو شايفك قبل أبوه ومكلم أبوه عليكِ قبل ميجى هنا أبوه بس وصل إعجابه.
ابتسم نبيل قائلا:
واضح أنه فاهم فى الأصول حتى مع بعده عن مصر.
ردت عفاف بثقة قائلة :
بالظبط ودا اللي عاجبني فيه بصراحة كنت خايفة عيشتنا فى باريس تخلى فكرة زوج محافظ على عاداتنا الشرقية يكون صعب.
ارتفع صدر قمر مخرجًا تنهيدة حرقت داخلها؛ الحيرة تؤلمها وخوف من مجهول تسلل لداخلها.
اعتذرت قمر وقالت بصوت خفيض :
أنا هفكر وأرد عليكم.
سحب نبيل يدها وقبلها بحب قائلا :
القرار اللي تاخديه انا معاكِ فيه.
تطلعت لهم عفاف بغضب ففي داخلها تتمنى تتمة الأمر فهو بنظرها زوج مناسب لا يجب رفضه..
Marwa Elgendy
مكان آخر في مصر
انتهى موعد العمل بعيادة (كريم) الطبية شرع بجمع أدواته فانتبه لطرقة مرحة على باب مكتبه.
وقبل أن يجيب انفرج الباب وطلت ملك برأسها فقط مخفية جسدها خلف الباب، تبتسم بخفة قائلة :
حضرة المدير العظيم اللى هيشغلنى عنده وينقذنى من الهلاك.
رفع كريم حاجبه واستند بظهره على مقعده وقال باستفسار :
تقصدى إيه يعنى؟ شغلك ايه دا ان شاء الله
زمت شفتيها بضيق ودفعت الباب بقوة، دخلت تدب الأرض بطفوليتها المعهودة وقالت :
انت نسيت؟ مش قلتلي تعالى اشتغلى معايا في العيادة، دا انا اتذليت لماما لحد موافقت وانت ناسي.
قهقه بشدة والتف بمقعده حول نفسه وعاد مرة أخرى قائلا :
والله بحب أشوفك متضايقة أوي كدا.
أمسكت عدة أقلام من أمامه تقذفه بها والغضب مسيطر عليها.
ارتفعت ضحكاته عليها فأغاظها أكثر،
لاحظ غضبها العارم فقال :
معنديش شغل ينفعك حاليًا لما ألاقى مكان تشتغلى فيه هكلمك.
تحركت من مكانها حتى اقتربت منه وعيناها تطلق شرر أمسكته من رقبته وقالت :
ايه دا يعني كنت بتضحك عليا وافضل أتحايل على ماما كل دا وانت أصلا مش عاوزنى أشتغل معاك.
رفع يديها عن رقبته وأحكم أمساكها، وقبل أن ينطق
وصل لأذنه صوت رخيم يقول بحرج :
احم. أنا آسف جيت من غير معاد
تطلع الإثنان جهة الصوت بدهشة،
ابتعدت ملك عن كريم
استقام كريم ووقف من مجلسه وعلي وجهه ابتسامة فرحة وقال :
ايه دا معقول!! ومعاد ايه اللي بتقوله دا تعالى ياهانى هو انت غريب!
فرد ذراعيه واقترب منه، سلم عليه بحرارة واستدار مشيرا لملك قائلا :
ملك أختي أكيد فاكرها.
تطلع لها بحرج وتلاقت عيناهم لثوان قليلة ولكنها كافية لتلقى قبس يشعل نيران قوية بقلبها.
اشتعل وجهها بالحرج فأضجره بحمرة أضافت على وجهها جمال فوق جمالها الشرقى الأخاذ.
ابتسم هانى بحرج وأخفض عينيه بالأرض وقال بصوت خفيض :
أهلا وسهلا إزيك يا آنسة ملك.
استطرد كريم قائلا :
حضرة الظابط هانى مشرفنا النهاردة خير يعنى؟ دا انا كنت نسيت شكلك ياندل.
تطلع هاني لملك مرة أخري وقال موجهًا حديثه لكريم :
حظك ان أختك واقفة.
ابتسمت ملك وقالت بصوت انبح من الخجل :
انا هروح أعملكم حاجة تشربوها بعد إذنكم.
رد كريم مسرعًا وقال :
ياريت اتنين قهوة مظبوط، مش كدا بردو ياحضرة الظابط.
حرك هانى رأسه بخفة مستطردا :
ايوا انت لسه فاكر أهو.
جلس كريم على المقعد وأشار لهاني ليجلس أمامه وهو يقول :
هو انا هنساك يابني دا احنا اصحاب عمر ولولا انكم نقلتوا كان زمان حالنا غير كدا بس نصيب بقا.
تنهد هانى قائلا :
فعلا أنا ملقيتش حد أصاحبه أحسن منك وعمري منسيتك بس جايلك بمفجأة حلوة.
دلفت ملك ببطئ ويدها ترتعش بما تحمله توترت لرؤيته بشدة مهلكة.
لا نكران لوسامته فطلته ساحرة بعينيه الواسعة ونهر العسل يلونها وأنفه المدبب ووجهه المستطيل وجسد رياضى أضاف له هيبة وجاذبية
، على الرغم من هذا لم يكن سببًا قويا لارتباكها فهي لا تنتبه ولا تنظر لوجه أحد لما تعتمل المشاعر داخلها بهذه القوة؟
مدت يدها لأخيها بالقهوة أمسكها منها وشكرها بلطف واستطرد حديثه مع هانى قائلا :
مفاجأة ايه بقا اللي هتقولهالي.
ابتسم هاني قائلا :
نويت استقر فى القاهرة هتجوز هنا
قبل أن ينهي كلماته صرخ بقوة وقفز من مكانه يبعد القهوة الساخنه عن قدميه.
تطلع لملك بغضب فأربكه نظرة الشجن بعينيها ولمعة الدمع المحتبس داخل مقلتيها، جسدها ينتفض بقوة،
تسارعت دقات قلبه وتلاحقت بشدة، تأثر بقوة من هذا الحزن بداخل عينيها.
صرخ كريم بملك قائلا :
مش تاخدي بالك ياملك.
هدأ هانى وتوقف عن القفز وأشار لكريم بيده مطمئنا وقال بصوت منخفض :
محصلش حاجة أنا كويس.
قالت بصوت مختنق بالدموع :
آسفة مقصدتش.
أنهت كلماتها وهربت من أمامه تبكي
فهمت الآن لم توترت لرؤيته فلم تكن جاذبيته ولا هالته هي فقط تذكرت؛ والآن أمامها من حلمت دومًا برؤيته،
تغير مظهره فشعر به قلبها قبل ان يعرفه عقلها.
وحين تأكدت أنه هو حلم طفولتها الذى نما بداخلها، فقدته قبل أن تملكه.
استترت ملك حتى انتهي اللقاء وبدأت تستعيد أنفاسها بعد أن تأكدت من خروجه.
خرجت مسرعة متجهة لكريم وتخلل عينيها خيوط حمراء متشابكة أثرًا لبكاءها.
تطلع لها كريم بدهشة وتساءل :
مالك ياملك فى ايه؟ كل دا عشان وقعتي القهوة.
عادت كرة البكاء مرة أخرى وارتمت بين ذراعي كريم لا تقوى على الحديث ..
كيف تخبره أنها أغلقت نوافذ قلبها لإنتظاره وحين عاد أخبرهم بأمر زيجته؟
ربت كريم عليها ورفع رأسها ليواجه عينيها وقال بلهجة حانية :
هتحكيلي مالك؟
أومأت برأسها موافقة فهي لاتملك من تحادثه سواه،
منذ صغرهم وهو الصديق الأقرب لها خاصة بعد حادثتها تقربت له واتبعت خطاه بعد أن أوضح لها الخطأ من الصواب.
صمت قليلا يسمتع لحديثها وهي تستطرده بخجل، لا تعرف كيف تنمق كلماتها وكيف ترسل له جملها أنهت حديثها وتطلعت له بترقب لتعرف رأيه، لم يصل لها سوى صمته فوضعت عينيها بالأرض خجلا وندما على فيضها بمكنون صدرها له دون تفكير في العواقب.
ابتسم قليلا ورفع وجهها من الأرض قائلا بلهجة حاسمة :
ارفعى راسك وانتِ قدامي انتِ مغلطتيش فى حاجة وبعدين انا زمان خدت بالي بس متوقتعش انك لحد دلوقتى بتفكرى فيه.
تنهدت براحة وسحبت نفس طويل يبرد داخلها قليلا وقالت :
مش مهم ياكريم اهو جه يتجوز خلاص أهو معدش له داعى كل دا.
زفر ببطيء واحتضن كتفها قائلا :
طب بقولك إيه متيجي أعزمك عالعشا أحسن من كل الكلام دا وهكلم بابا أعرفه انك معايا ونسهر برة سهرة حلوة شبهك كدا.
ابتسمت لحنانه وقالت بتساؤل :
طب انت مش عندك شغل بكرة بدري؟
جذبها من يدها وقال باستنكار :
انتِ مالك ومال شغلى يلا بس عشان أنا واقع من الجوع.
انتهت سهرتهم، رجعوا لمنزلهم وعلى وجههم ابتسامة
رسمتها ملك بعناية لتخبرة زيفًا بتماسكها،
ابتسم هو برضا لنجاحه برسم البسمة على وجه أخته.
قبل أن يلجوا لشقتهم عاتبتهم أمهم بقوة وعنفتهم بغضب قائلة :
كل دا تأخير برا البيت؟
خرج سعيد من غرفته وقال بحزم قبل أن يردوا :
كلمونى يستأذنوا ووافقت.
تطلعت له ملك بسعادة واقتربت منه تقبله من وجنتيه بحب تحت نظرات أمها المشتعلة بالغضب..
ودخل كريم لغرفته يتأفف من تصرفات والدته الغير مبررة.
عند قمر..
خرجت من غرفتها وعقدت نيتها علي الرفض وبقوة، توقفت أمام والديها لتلقى ما بجوفها ولكن باغتها ما سمعته بقوة صدمتها...