الفصل السابع

بعد ممرً طويل انقطع التفكير و التعجب عند مجلس كبير امتلأ بالجن المتشكلين على هيئة بشر .. الغريب في مجلسهم لم يكن كمجالسنا نحن البشر!! .. فكان يحتوي على صخور متراصة بشكل دائري يتوسطها صخرة كبيرة .. لا شك أن الصخرة الكبيرة كرسي الملك !! .. وخلف المقاعد الصخرية جدران منقوشة بأحرف غريبة ملتوية كالتي نقشت على الخاتم .. وبين زواي المجلس الصخرية يشع ضوء أحمر ينبعث من مصدر لا أعلمه .. يمنحك الضوء شعور أن المجلس ملتهب .. ومن أمام الصخور المترابطة وعند الصخرة الكبيرة مائدة عظيمة تحمل أشهى الطعام ما حلِمت .. تزخرفها صحون وقوارير من فضة مرصعة بأجمل ما شهدت عيناي من جواهر .. تتخللها فواكة شتى مرتبة ترتيباً دقيقاً .. ومن بينها يتسلل إلى الأنف رائحة طيبة لذيذة تفتح كل مداخل الشهية كي تلتهم المائدة اجمعها .. شعورٌ لذيذٌ هوَ !!

دخلنا مجلس الجن و أجلسني الملك بجانب مقعده تكريماً لي .. ومن حوله جلس كبار القرية .. بعد أن أخذ كل واحد منا مجلسه . تحدث الشيخ بصوتٍ حميم فقال : تفضل يا ولدي فقد استقبلناك في عالمنا وضيفناك بيننا فخذ ما لذ و طاب لك من حاجة من طعام .. فنحن الجن لا نأكل ما تأكلون !!
 


تعجبت بعض الشئ عن حديث أكلهم .. لكن سحرتني المائدة و أنا انظر إلى الطعام الشهي .. ومعدة البطن يعتصرها الجوع مع صرير صوتها الخافت .. ومن جراء تلك الأحداث المتتالية .. فلم أتحمل سحر المائدة .. فشمرت على ساعدي :
" بسم الله الرحمن الرحيم " وبنفسٍ مفتوحة أمام مائدة عظيمة ورائحة طيبة تحركت يداي لتنقض على الطعام هنا وهناك وكأني لم أذق الطعام منذ أيام عديدة أو أن للطعام سر لذيذ عجيب يجعلك تلتهمه !!

بينما أنا كذلك غارقٌ في الطعام تحدثني نفسي !! يا ترى هل كل ما يتملكني من غموض سوف ينجلي في هذا المجلس الكبير .. مجلس الجن ؟ أم أن الغموض سوف يزداد لينهش كل ما تبقى من خلية العقل من تفكير ؟ .. لحظات صعبة وفضول وتعجب أنهك الخاطر واستولى عليه منذ ذلك المشهد في تلك الليلة الغامضة وما جرى بعدها من أحداث مرعبة يشيب لها شعر الرأس من أول وهلة !!!!!
 


بعد انتهاء الطعام و الحمد و الشكر و الدعاء .. نظر الشيخ إلي بنظرات مرتقبة .. ثم بادرني بسؤال مباغت أو كأنه ينتظرني بفارغ الصبر إلى أن انهي الطعام فقال : هل الخاتم بحوزتك ؟ .. أجبت بتردد وبصوتً خافت نعم هو في جيبي .. وبعض الرهبة تسري في العروق فانطلقت يداي لتخرج الخاتم ثم بيد مرتجفة سلمته إياه !!

نظر الشيخ إلي وقد ارتسمت صور النصر و الفرحة في تعبير وجهه .. ثم نظر إلى بفخر فقال : أتدري ما سر هذا الخاتم يا ولدي ؟ .. إنه احد كنوز وأسرار عالم الجن العظيمة !!
" إن من يمتلكه يكسب قوى وسيطرة تفوق قوى الطبيعة " .. وبطريقة ما سقط في يد أشد الجن كفراً على وجه الأرض .. فحارب به مسلمي الجن فقتل فيهم تقتيلا .. إلى أن ظهر جنيٌ مسلم بأسه شديد يدعى : " عمياث " هزمه واخبأ الخاتم في مكان ما .. مكان مجهول عن الجن .. خشية أن لا يقع مرة أخرى في يد الطواغيت .. فظل الخاتم مطموسً عن الجن منذ دهور عديدة .. فنحن في عالم الجن لا نتحارب بالسيف و المعدات مثلكم يا بنو البشر .. وإنما بالقوة والسيطرة !!



تنفس الشيخ قليلاً .. وقد أخذت الدهشة مداخل الأذن من حديثه عن سر الخاتم .. ثم تابع حديثه بسؤال فقال : لكن يا ولدي كيف حصلت على هذا الخاتم العظيم ؟

سرت بعض القشعريرة لذكرى الحادثة .. فسردت له ما حدث بين شبح الشاب و الكيان الأسود الشيطاني وعندما لمع شئ لم أتبين كنهه وكيف قبل أن انزل قرأت المعوذتين خوفاً .. ثم كان الخاتم بحوزتي وقرأت علية اية الكرسي تحسباً و.. !!



استوقف كلامي صوت الشيخ وهو يقوم من مقعده و يهلهل ويكبر بيديه فقال بسعادةً : حفظك الله يا ولدي كما حفظتنا .. لو لم تقرأ المعوذتين قبل نزولك للطريق .. وبعد أن حصلت على الخاتم آية الكرسي لما كان الخاتم بحوزتك وحوزتنا و لهلكت وهلكنا معك .. وبفرح !!.. الحمد لله .. الحمد لله !!
 



إعدادات القراءة


لون الخلفية