يجب أن أثق في الله واستعين به و أتوكل عليه واثََبت القلب .. فهز موقف الحال شجاعة سؤالي للشيخ : لكن أين يقع كهف الهلاك ؟ وكيف اصل إلى جبل الظلام ؟ .. نظر الشيخ إلي بثقة أو انه كان يثق أني لن ارفض مهرها ثم قال : لا تخف يا ولدي ما أن تغمض عينيك سوف أنقلك إلى قرابة جبل الظلام ومن ثم تسلك طريقك صاعداً إلى كهف الهلاك الذي بداخله الأسير .. ما أن تفك اسره وترجع به أطراف جبل الظلام ويستعيد قوته هناك حيث سوف تنتقل .. فلن يكون عسيراً أن ينقلك الفارس الأسير إلى قريتنا مرة أخرى بأذن الله تعالى !!
لكن أنصت واستمع .. و احفظ ما سوف أقوله لك جيداً وتذكره : كل ما ترى من أشكال وتسمع من أصوات مرعبة لا تجعل لها سبيلاً لدخول الخوف بقلبك .. واذكر الله يحفظك .. ولا تنسى قبل أن تدخل الكهف أن تتلوا آية الكرسي ولا تفتر عن ذكر الله إلى أن تصل إلى موضع الأسير .. فأن وجدت الأسير مسجوناً أو مقيدا !! .. فحفظ هذة الكلمات جيداً .. احفظها جيداً يا ولدي :
" بعظمة رب العباد يا من تسبحون في كهف الهلاك عزافيرا عزافيرا عزافيرا بحق العزيز الجبار بحق سيدكم فكوا قيد الاقياد فكوا قيد الاقياد حتى إذا أحضرتم أحرقكم المولى "
كنت اردد الكلمات مرات عدة خلف الشيخ وكأن الذاكرة امتسحت من المخ سوى من طنين تلك الكلمات .. بعد أن تأكد الشيخ أن الكلمات أخذت طابعها بقلبي وأن الزمن و الخوف لن يمحوها .. قال الشيخ بتأكيد وصرامة : تذكر يا ولدي ذكر الله وآية الكرسي وأن لا تخف طرفة ذرة ولا تنسى الكلمات !!
نظر الشيخ إلي بعد حديثه وكأنه ينتظر الجواب الأخير .. وكان يشوب قلبي نوعاً من المزج بين الشجاعة و الخوف و التضحية أو ربما كان سحر الفتاة المهيمن على التفكير هو الأقوى فهُزم صوت العقل والمنطق في أعماقي وبقيت أسير الزمن .. فبادرته بالموافقة وكأني أتمرد على شجاعتي !!
ثم تحدث الشيخ بعد أن شفى ردي بالموافقة والاستعداد صدره فقال : أغمض عينيك سوف أنقلك قرابة جبل الظلام !!
إذا قد بدأت رحلتي إلى عالم أخر من عالم الجن .. عالم شيطاني .. عالم مخيف مرعب .. لا اعلم ما يخفي في أرضه من صعاب !!
سرت قشعريرة باردة بجسدي و أنا أغمض العينين وقد انتقلت إلى بُعدً أخر .. بُعد مفزع .. مظلم .. مجهول !!.. ثم همسٌ يتخلل الأذن : توكل على الله يا بني فقد رأيت في القرية بعض أشكالنا الحقيقية فلا تخف!! .. فتحت عينيّ !! .. فإذا بمشهد غريب للغاية توسعت لهما بؤبؤ العينين .. حيث من المعروف أن لون الضباب ابيض !! لكن ما كان يخيم على المكان ليس ابيض .. ضباب اسود في وادي رماله حمراء تعكس في العين سيطرة الشياطين .. ومن بعيد وفوق أعلى قمة جبل الظلام تتوسط سحابة ملتفة شديدة الظلام كأنها إعصار ينبثق من قمة الجبل ليهيمن المكان شعور اسود مرعب يزيد في النفس فجوة عميقة هي الخوف .. وهذا هو الغريب !!
خطوات بطيئة ممزوجة بالحذر بين تلك الصخور الوعرة في ذلك الوادي الأحمر الغريب و أنا اذكر الله إلى أن وطئت القدم طريق جبل الظلام الذي كلما اقتربت منه زاد الظلام كثافةً وضبابا .. حتى بدأت الرؤيا تصعب علي مشاهدة الطريق إلا بضعة أمتار .. يا ترى هل سوف تكون مهمتي صعبة ؟
وكأن الضباب يترجم ظنوني .. إنها كذلك !! فبين المترين وأنا في الصعود .. هز صخور الجبل الحادة فرقعة كدوي الرعد رجت المكان وانبعث من بينها دخان ناري ثم بدأت الطريق بالانشقاق .. ويتوسط الشق خروج يدٍ طويلة ذات أصابع و مخالب مسننة .. حادة .. لتحمل ما يخفيه أسفلها .. ثم أكتمل خروج ذلك الكائن الشيطاني .. شكله مرعب جداً .. وجهه نصف جمجمة بشرية ضخمة والنصف الأخر مخلوق غريب .. وعيناه مكانهما تجويفان عظيمان .. أرى من مكانى أن الدود يأكل ما تبقى منهما بشراهة .. اغلب جسمه ممزق والباقي كأنة عظام بلا لحم .. شكله مفزع وبشع خرج من باطن الأرض .. و أنا أقف مكاني وأنظر بنظرة ينتابها الذهول من المشهد وهو يتقدم نحوي بخطوات مملؤة بالكره و العداوة .. وأنه سوف يمزقني و يقطعني إربا إربا بلا رحمة !