الفصل الثاني عشر

كنت أقاوم تلك القوى الشيطانية و أشعر بنبضات القلب سوف تتوقف وأني هالك لا محال !!

لحظات صعبة شديدة مظلمة .. ثم أغمضت عينيّ وأنا أحاول أن اثبت القلب واستجمع القوى الكامنة في .. أو أن ما تراه العين ويدركه الجسد لن يضرني ولن يمسني بسوء .. ثم أنطلق من الباطن المدفون شعاع من المخ .. يشع ليخاطب النفس و الكيان بهمس يتردد في منطقة الإصغاء ويتسلل بتصاعد سريع .. لا تستسلم .. لا تستسلم .. فحرك القلب و العقل ذاكرة قول الشيخ لينطق اللسان بصوت مخنوق و أنفس تتقطع وكأنها تنبعث من نفق عميق :
" بعظمة رب العباد # يا من تسيحون في كهف الهلاك # عزافيرا # عزافيرا # عزافيرا # بحق العزيز الجبار # بحق سيدكم # فكوا قيد الاقياد # فكوا قيد الاقياد # حتى إذا أحضرتم # أحرقكم المولى "



أطلقت زفرة قوية شديدة بعد الكلمات و التعب و الإرهاق يرسم الوجه لون الصفار على الجلد .. وأخذت اتنفس بصعوبة .. والهث وأكل انفاسي بشراهة .. كأني غريق ظل تحت الماء ساعة لا يتنفس ويتحرك محاولاً الصعود لا يقدر .. ثم فجأة اندفع خارج الماء للهواء الطلق يستنشقه !!

لحظات و البصر ينظر إلى الأسير بعد الكلمات .. ثم حدث شئ عجيب .. لقد ذابت تلك القيود من حوله كأنه حديد يصهر منساب وتفكك اسره .. ثم وثب الأسير بقوة كمن ذاق مرارة العذاب ليدفنه .. ارتعد له الحارسان .. و صرخ الأسير بكلمات لم افهم جميعها كمن يستحضر الأموات من القبور :
" ******* الاهكم ********* القوي الجبار ******* سيدكم ********** العظيم "



تلك الكلمات جعلت الحارسان يحترقان ناراً ويلتويان عذبا .. ويصرخان صرخات شديدة عجيبة مظلمة وهما يحاولان الهرب .. حتى اختفيا بعيداً و النار تشتعل فيهما من كل جانب وقد أخذت كثيراً من أجسادهما .. كأن قوى الفارس لا يقوى عليها الحارسان !!

لحظات من الذهول والانبهار أسكنت كل حركة من الجسم كأني جثة هامدة .. ثم تحدث الأسير بنبرة سريعة تحت الأحداث فقال : بسرعة قبل أن يدركنا شيطانٌ أخر .. وأمسك بيدي يجرها بقوة وكأن قطار الموت قادم .. وأخذت الأقدام تتسارع وتنتقل من الكهف و تتقاحم بين صخور الجبل وتتلاطم على وعرة الوادي !!

و استقر بنا الحال بعيداً عن جبل الظلام حيث كنا بالقرب من موقع انتقالي السابق !! توقفنا و كنت لحظتها لا اسمع سوى صوت أنفاسي المتعاقبة و الساخنة من هول الأحداث .. وكلانا ينظر بعضنا الأخر بنظرات يغمرها الفرح و الانتصار وقد تشكل الأسير بالبشر مثل ما رأيته في تلك الليلة الممطرة ..

" الحمد لله الحمد لله " .. لقد نجانا الله من شرهما .. ثم نظر إلي وبصوت يلهث وبلهجة الاستغراب تحدث : من أنت ؟ .. أنت لست من الجن !! .. باختصار شديد .. رويت له أحداث الكيان الدخاني و الخاتم إلى أن قادني القدر هنا !!

نظر إلي بتعجب وتقدير وقال : الحمد لله أني رميتُ الخاتم قبل أن يجذبني الشيطان الأسود في أسفلت الطريق وكنت أنت من حمله وأحاط به عن الأعداء أن يلمسوه .. أنت بطل وفارس القرية وتستحق الزواج من ابنة الملك !!
أنا بفرح شديد :
" الحمد لله " .. لكن يشغل بالي سؤال : لماذا لم تستطيع أن تتحدث بتلك الكلمات عندما كنت أسيراً ؟ .. قال : لقد كنت محاط بقوى شيطانية تمنعني النطق و الحِراك و إستخدام قواي و الأخص أن الجبل محاط بقوى شيطانية .. وان الحارسان لم يكونا سوى جنديين من شياطينهم يقوما بالمناوبة .. وهذا من حسن حظنا !! .. ثم قال لا وقت نضيعه هنا يجب أن نرحل بسرعة .. وتحدث بكلمات غريبة وقال أغمض عينيك لننتقل إلى القرية !!

انتقلنا إلى القرية وكانت هناك روعة المفاجأة .. صوت يهز الزلازل في الأرض .. استقبلنا به أهالي القرية وهم يزدحمون بالترحيب و التصفيق و التهليل :
" الله أكبر الله أكبر الله أكبر " .. وكأن بعض فرسان القرية كانوا يترقبوننا من بعيد و انتشر خبر إنقاذ الأسير في القرية قبل انتقالنا إليها بلحظات .. ثم جاء والدا الأسير يحتضناه بقوة ودموع الفرح تنساب منهما بشغف لعودته سالما .. ثم اقترب الأسير وعائلته مني واحتضنني الأسير وشكرني كل الشكر على مساعدتي وكذلك جميع عائلته قاموا بالشكر الحار !!



وهناك تقدم الشيخ و أبنته إلي وهما يتحاوران بنظرة العز والفرح و النشوة !! .. ولم تفارق عيني ابنة الملك وهي تقترب كالفراشة وفي عينيها دمعة فرح وكأنها ماسة ثمينة يتلقفها صحن خدها الناعم فاستقرت عليه .. وأنا اسرح بخيالي بعيدا .. أعانق النجوم تارة و أهيم في ملكوت الله تارة .. متفكرا مقتنعا أن حال قلبي نمت في ثناياه وثنايا القلب حب و أشواق .. حب و شوق أخذ يتزايد ويتسع بنهم شديد !!

ثم اكتسى وجهها بنظرات من لؤلؤ و مرجان من أجمل ما رأت عينيّ ، يزخرفها احمرار خجل كأنه حجر كريم أحمر خلاب .. و بأبتسامة هي ألوان الطيف لتروي القلب وتبعث فيه الحياة .. ويبعثر كل ما مر بي من غمامة من صعاب .. إنها ابتسامة طال انتظرها !!

 



إعدادات القراءة


لون الخلفية