الفصل الثالث عشر

ثم تحدثت أسيرة قلبي ودواء روحي وشفاء صدري بصوت ينبعث ما بين أمواج الأنهار وتغريد العصافير ونسمة السماء فقالت : مرحبا بك سالما غانما .. تتوق العين لناظرك ويخفق القلب لحاضرك .. ثم أطرقت برأسها استحياءاً من وجود أبيها .. وكأن في أعماقها أنشودة عشق عذب أخفاه استحياؤها من أبيها أن ينساب من شفتيها !!



شعور جميل عذب يدغدغ روحي بالفخر ويحك في القلب فرح الانتصار ويهز كياني جمالها و زادني استحياؤها سروراً وبشاشة في القلب قبل الوجه لم استطع أن أخفيه عنهما .. والشيخ وابنته يقفان حولي !!

ثم نظر الشيخ إلي بهدوء والسعادة تغمر وجهه وهو يربت على كتفي وبنبرة يعتليها السرور : بارك الله فيك يا ولدي أنا فخور بك كل الفخر .. هيا بنا نذهب إلى الغرفة الخاصة لتأخذ بعض الراحة بعد رحلتك الشاقة !!

انطلقنا وأنا اتبعهما إلى الغرفة الخاصة حتى إذا وصلنا قرابة الغرفة نظر الشيخ إلى أبنته وكأنه يخاطبها بلغة العقل لا باللسان ثم استأذنت بانكسار .. سوف ستتركنا لوحدنا وهي تودعني بابتسامة ملائكية عذبة لم تفارقها إلى أن رحلت .. كالوردة يفتقدها الربيع وقلبي ينظر إليها باشتياق .. ثم نظر الشيخ إلي وكأنه يحد من لهفتي وغرامي فقال : سوف تأخذ منها وتأخذ منك يا ولدي في الأجل القريب بأذن الله تعالى .. هيا لندخل الغرفة !!

أزال الشيخ قطعة القماش الأبيض الناصع الذي كان هو الباب فدخلنا .. فكانت الغرفة ذات سرير ضخم ابيض يغمره لحاف ابيض كذلك .. وكان شكله ناعم .. حريري .. مريح .. لكن الغريب أن الغرفة خالية !!! لا تحمل .. لا طاولة .. لا نقوش ولا حتى أي أثاث سوى ذلك السرير و الجدران البيضاء تحيط به من كل جانب و كأنك تعيش في عالم بلا ألوان !! .. اندهشت قليلا ثم بقينا وحدنا نتبادل أركان الحديث !!

سألني الشيخ عن أحداث فك الأسير ؟ و باختصار حكيت له ما دار من أحداث مرعبة .. مظلمة .. صعبة !!

نظر الشيخ إلى وقد احزنه ما صادفني من أحداث عصيبة فقال : حمداً لله على سلامتك وعلى سلامة الأسير .. ثم صمت قليلاً وكانه يعد ويسطر الكلمات في خطوط أفكاره فقال :

لقد وعدتك يا ولدي أن أزوجك ابنتي إن وفيت المهر وقد فعلت .. فلما يبقى إلا أن أوفي بعهدي لك .. بأذن الله تعالى سوف يكون حفل زواجك في هذة الليلة بعد صلاة العشاء .. وسوف يحضرها عددٌ كم من شتى القبائل المجاورة .. لكن ما لا يعلموه أن ابنتي ستتزوج من احد البشر .. فمن عاداتنا التزاور قبل الزفاف بساعات و التواجد أوساط القرية .. ويصعب تواجدك بيننا إلى أن يكتمل وجودهم و أعلمهم وأشرح لهم وأطلب منهم التشكل بهيئة البشر .. وهذا ليس بالشئ اليسير أن يقبلوه .. فأخشى قبل أن يكتمل تجمعهم أن يعلموا بوجودك هذا من جهة .. ومن جهة أخرى نحن الجن نستشعر وجود بشراً في عالمنا بمسافة .. فأن شعِروا بك قبل اجتماعي بهم سوف تسيد الفوضى بين القبائل و القرية !!



ما اطلبه منك يا ولدي أن تعود إلى عالم البشر ليتسنى لنا ترتيب الزفاف وشرح الأحداث إلى ضيوفنا من القبائل المجاورة وسوف أطلب من سكان قريتي أن يتكتموا جميع الأحداث عنك إلى بعد انتهاء الاجتماع !!

أثناء حِواره انطلق بعقلي جرس الوقت يرج بإنذاره الذاكرة ليعلن تأخر أداء صلاة العصر فحرك الشفتين : استسمحك يا شيخ أريد أن أصلي صلاة العصر فقد تأخرت عن موعدها !! .. انطلق بصر الشيخ ببسمة تتراقص في شفتيه كالماء العذب وهو ينظر إلى زاوية الغرفة ويشير إليها بإصبعه ويقول : هناك دورة المياة وسوف اعود إليك بعد انتهاء صلاتك لنكمل الحديث .. ثم أختفى في لمح البصر !!

نظرت حيث نظر وأشار .. عجيب وغريب في السابق عند الدخول لم يكن هناك باب سوى باب الدخول .. و الأن يوجد مدخل دورة المياة بعد أن كانت الجدران بسمكها تحاصر الغرفة من كل جانب .. سبحان الله العلي القدير .. لكن هل سوف أفاجئ كثيراً في هذا العالم العجيب أم أن هناك أحداث أخرى غامضة غريبة تنتظرني



إعدادات القراءة


لون الخلفية