الفصل السادس عشر والاخير

لحظات مريرة وحزينة ثم بعدها رائحة استنشقها بقوة .. رائحة هي أقل أن توصف بالعطر .. رائحة عبقة لا توجد في عالم البشر .. وهناك يداً رقيقة كخفة الهواء تلامس يدي .. و إذا بي اسمع همسا ناعما هادئا .. مرحباً بك يا من تعشقه القلوب وتبكى السماء لفقده لحظات .. يا من استنارة النجوم لحضوره !!

لقد كانت هي حبيبتي ابنة الملك .. إذاً لم أكن احلم و أتخيل .. بل حقيقة عايشت أوتارها وعزفتها ساعات !!

وما أن دخل صوتها الملائكي مسامع الآذن حتى كاد قلبي يقفز عن موضعه .. و انزاحت الأوهام و الآلام !!

ثم انبثقت هالة ضوئية جنبي تجسدت بجمال حبيبتي .. فامتدت يداها لتلامس براحتيها الناعمتين الجبين و الرأس وتمسح الدموع و الأحزان .. ارتعش جسدي وسرت في عروقي موجة غريبة يلاحقها تيار لذيذ وإحساس جميل .. ثم أقعدتني على بساط الأرض .. انظر إليها في ضوء القمر وقد زاد جمالها بهاءً وسحرا و زادت روحي هياما وغرما .. ونظرت إلي باستحياء احمرار وجنتيها مما زادها جمالاً ودلالا ثم قالت : هذا يوم سعدي وسعدك .. لكن هناك ما لم يتسنى لي أن أخبرك به .. وأخفيت بعضه عن أبي !!

هل تذكر طريقك إلى بلدة صديق جدك عندما كنت تحمل الخاتم ؟ .. لقد أرسلني أبي أن أحضر الخاتم منك بسلام وقد تعجبت عندما رأيتك !! .. وبينما أنت في الطريق استشعر أيضاً العدو وجود الخاتم بحوزتك فكانوا يترقبون ويتربصون بك وكان شئ من الحجاب يمنعهم ان يصلوا إليك .. ربما كان
" دعاء السفر "
 


فما ان تصاعد صوت الموسيقى في السيارة حتى أخذت الشياطين طريقها إليك لتسلب منك الخاتم وتستحوذ عليك .. وكنت أنا وبعض الجنود نحاربهم أن ينالوا منك !! .. وأن ما كنت تسمعه من طرقً بأجزاء السيارة لم يكن سوى محاولة إنقاذك من العدو !!

تنفست قليلاًً و عليل الرياح يداعب شعرها الناعم ثم قالت بصوت يحمل التأنيب بعض الشئ :
فكيف ترجو الحفظ من الله و أنت تصدح بالأغاني ؟؟؟

ثم تابعت حديثها براحة : الحمد لله انك أطفئت الموسيقى وذكرت الله وكان هذا عوناً لنا أن نردعهم ثم ابتعدوا عنك فِراراًً من ذكر الله ومنا .. ثم واصلنا تتبعك إلى أن وصلت تلك البلدة .. فما كنا نعلم كيف نسترد منك الخاتم بسلام !!

رأيناك تقصد منزل ذلك العابد الذي توفاه الله منذ فترة بسيطة .. وقد سبق أن رأيتك من قبل في تلك القرية .. وكان الانتباه يشدني بعض الشئ تجاهك في أحد زيارتك له من قبل !! .. كان ذلك العابد شخصاً ذا علاقة طويلة بالقرية الأخرى من عالمنا وكنا نعلمه جيدا .. ولا يتسنى الوقت الأن أن اشرح لك قصة صديق جدك رحمة الله عليه !!

لكن ما أن رأيتك تطرق الباب وكنا نعلم بوفاته إلا وقد أمرت أحد الجنود أن يتشكل بصديق جدك ونسترد منك الخاتم بسلام .. فحدث أن تشكل احد جنودي بصورته .. وما أن سلمته الخاتم وذهب به إلى تلك الغرفة التي كان يتعبد فيها صديق جدك حتى استأذنني أن يأخذ الخاتم بسرعة .. لما له من أهمية عظمى .. !!

لا ادري سر إعجابي بك أو عندما يكون التصرف من منطقة ال لا شعور !! .. كنت أجد نفسي مجذوبة تجاهك .. لذلك أمرت الجندي أن يعيد إليك الخاتم ويأمرك بدفنه .. وما كان من الجندي إلا أن أخذته الدهشة و الخوف أن يرجع الخاتم إليك ويحدث ما لا يحمد عقباه .. فأرجع الخاتم إليك وهو في حاله ولا يستطيع رفض أمري !!

ثم تتبعتُ طريق عودتك .. لعل خطة دفن الخاتم في الوادي الذي يقع بعد مشارف المدينة تكون أسهل عليك وعلينا لإرجاعه بسلام .. وأنت في طريقك للعودة أقلقني ودب الخوف أن تسمع الأغاني مرة أخرى و تستحوذك الشياطين وتهلك ونخسر الخاتم .. و الأخص أنهم يُحسوا مثلنا بقوى الخاتم و سوف تعبر به الجانب المقابل لواديهم .. فغيرت الخطة !!

فكان ظهوري لك خطة أخرى هي مزيجًا من تكريمك للحفاظ على الخاتم .. وبين أن اضمن الحصول عليه و أن لا يقع بيد الأعداء وما شدني من أعجاب بك .. وحدث ما حدث إلى أن تطورت الأحداث .. فها نحن في ليلة تآلف قلوبنا بعضها من بعض !!

تأملتها بكلتا حدقتي تاركا عيني تهيم في محراب جمالها .. فساحت روحي في فضاء عينيها .. وفتحت المجال للتصورات والخيال أن يحل على شريط طويل سريع .. يطبع في حجرات العين الحلم القريب !! فأحببتها حبا لا يعرفه إلا من هزت جدران قلبه أشعة الحب وسِحره الذي لا ينضب !!

وفجأة وبينما كنت أطلق لخيالي العنان .. قامت من مكانها حتى قالت أخر كلماتها بنغم انساب في أذني كتدفق الألحان والأوتار بين الورود : لا يوجد لدينا متسع من الوقت يجب أن نسرع إلى القرية .. إلى عالمنا.. عالم الجن .. فقد حان أن نتوج هذا الحب بزواج يجمعنا إلى الأبد !!!!!

ذرات من الأسئلة تتراقص لتداعب سور مخيلتي .. إن ما أعلمه عن زواجنا نحن البشر : عقد .. وشهود وحفل !!


لكن ما لم يسبح في فضاء مخيلتي مراسيم الزواج .. وجميعها مقرونة بما يحدث في عالم البشر !!

أما عند الجن فكيف لي أن اعرف ؟؟

لا وقت للتفكير !!!!!



ثم هناك قطرة حب هي خلاصة ما أعتصر من هيام القلب .. انسالت لتسقط تحت أرض قدميها راجية متأملة .. ليمر عليها نسيم الزمن فتنبت هناك أغصان .. أغصان هي اورقها عشق وغرام .. عشق وغرام يشابك أصابعي أنملها بحنان .. يحثها لتسبح في الحلم القريب .. حلم يجرها بسرعة إلى عالمها .. العالم الجميل !!

ثم انتقلنا !!!!!!!
 



إعدادات القراءة


لون الخلفية