الفصل الخامس عشر

مزق ذلك الاستنكار و التعجب عندما مالت الشمس نحو الغروب صوت أذان المغرب وهو يقطع شريط الحديث .. ثم قال ذلك الرجل : أمرك عجيب ولا وقت لدي لأكمل الكلام .. فقد حان وقت الصلاة !!

ذهبت للمسجد وأنا اقصد جمع صلاة المغرب و العشاء " صلاة سفر " وأنا في حيرة من أمري أو لأكشف حقيقة الحلم .. فخلصتُ إلى تحذير النفس : أحذر قبل أن يعرف أي مخلوق كان بقصتك أو حلمك هذا .. و إلا ستتهم بالجنون .. وستكون عرضة للسخرية ويهزأ منك الصغير قبل الكبير !!

فبعد الصلاة سألت بعض أهالي القرية عن صديق جدي وكأني لم أصدق ما قيل لي من قبل .. فما كان جوابهم غير الذي قاله ذلك الرجل الطيب .. فزاده شدة الصاعقة ووقعها على الحال و العقل !!


استرجع بذاكرتي مسار الأحداث فزاد شعور المنطق يرسم الإيقاع أنى كنت أحلم .. حلم طويل وعجيب يقارب الحقيقة في خفاياها .. وغصت في بحر مليء بالحيرة والأسئلة .. ربما لِلغز صديق جدي وحزن وفاته وتضارب الأحداث بين الخيال و الواقع !! .. والرأس يخالطه التعجب والقلب يعتصره الحزن ولألم !!



فشعرت وكأن أوراق الزهر في عز الربيع بذلت وتساقطت نفحاتها في نهر الحياة .. وراودني شعور أخر غريب مليء بالأسى والمرارة .. بل شعور أكثر من ذلك كمن فقد حياته كلها من فاجعة وفاته .. فترقرقت الدموع على مقلتي و اللسان تعجز التعبير إلا أن ادعوا له بالغفران و الرحمة .. فلم يبقى لي أحدٌ الجأ إليه من الأنس في هذا العالم .. عالم البشر !!

لكن لحظة !! .. الليلة تتعطش لها كل نفس أسيرة بالحب .. الليلة هو يوم زواجي ببنت الملك .. ولا يوجد متسع من الوقت .. والطريق طويل .. فيجب أن أسرع لأصل جانب الوادي و الفضول يصارع المنطق ليكشف حقيقة الوهم !!

نظرت إلى السماء وقد أرخى الليل سدوله وتعذرت الرؤيا .. وحجب الظلام المكان و الحال .. فمسحت الدموع والأحزان و الأوهام ورائي لمواجهة صفحات الزمن .. فاستقلت السيارة منطلقا بسرعة إلى الطريق الطويل !!

هناك من بعيد مع سرعة السيارة وقطع المسافات يتراء إلى ناظري من ضوء مصابيح السيارة الأمامي ذلك الجبل الصغير حيث كنت من قبل !! .. ازدادت لهفتي وأنا أتقدم بسرعة .. لكن على ما يبدوا أني تأخرت قليلاً .. فقد انتهت صلاة العشاء منذ لحظات !!

ركنت السيارة جانب الطريق بين ذلك الوادي أمام الجبل الصغير ثم تقدمت خطوات سريعة اشق فيها الطريق مستنيراً بضوء القمر الخافت .. وهاجس المنطق يعصفني من جهة والحلم الجميل الذي أتتوق إليه من جهة أخرى .. لكن هي لحظات عصيبة مؤرقة اكسر فيها حاجز الخيال وغشاوة المنطق .. تقدمت قليلاً ثم صرخ اللسان بكلمات الشيخ التي كانت أتذكرها ربما كانت حلم لكن ما زال رنينها عالقاً بذهني :
" سيدكم العظيم فاتح الطلاسم إقفال سمصمائيل " .. نطقتها 3 مرات و أنا كلى أمل لِلقاء حلمي الجميل !!



لحظات صعبة شديدة و العقل يتلفت يمنة ويسرة لعله يجد وبيص الحلم فيدمغ المنطق !!

انتظرت لحظات ولم يحدث شئ يذكر سوى ظلام الليل يزخرفه ضوء القمر الخافت .. وصوت تموج الرياح الباردة في ذلك المكان !!!

ترقرقت الكلمات : إذاً !! لقد كنت احلم .. يا حسرتي .. أين هي زهرة حياتي !!!!!

فسقط قلبي بين يدي و ذرفت عيوني دموع الحب و الشوق وبكى القلب بحيرة الأحزان واعتصر الفؤاد بين الدمعات !! يا إلهي هل أصبح الحلم سربا تناثر في السماء وتبعثر بين النجوم .. أريد أن أصغي إلى نداء العقل و إلى شروح العلم وفلسفة الخرافات والرؤى .. ولا أريد أن اخضع للمنطق الذي سيحرمني من روحي وحياتي .. ومن أجمل لحظات العمر و الحلم الجميل الذي أصبحت لا أريد تفسيراً له .. وكل الذي أريده وأتمناه هو حبيبتي .. وحياتي .. وروحي !!
 



إعدادات القراءة


لون الخلفية