الجزء 18
الفصل الثالث عشــر ( الجزء الثاني ) :
في منزل أوس الجديد ،،،
تحرك أوس بخطوات بطيئة وحـــذرة في إتجـــاه غرفة النوم ، وكانت تقــى تسنده من ذراعه الأيمن ، أو هكذا ظنت ..
تنهد بعمق ، وأردف قائلاً بصوت شبه متحشرج :
-شوية وهاكلم عفاف وأرتب معاها تيجي هنا ، وهابعت لماريا عشان تقعد معاكي وأنا مش موجود
هزت رأسها لتردد بخفوت :
-أهــا ..
فتح أوس باب غرفة النوم .. فترددت تقــى في الدخـــول ، وشعر بإرتجافة أصابعها على مرفقه ، فنظر لها بطرف عينه ، فلمح نظرات الخوف في عينيها ، وفهم سريعاً سبب رهبتها تلك .. فعض على شفته السفلى بضيق ، وأخذ نفساً عميقاً ، وحبسه في صدره ليسيطر على هدوئه أمامها .. ثم سحب جسده بهدوء ، وهتف قائلاً بصوت خافت :
-أنا هادخل لوحدي !
ولم ينتظر منها أي رد حيث تحرك فـــوراً للأمـــام ، ودلف إلى داخل الغرفة بمفرده ..
أطرقت رأســـها خجلاً منه .. هو فهم مرادها دون الحاجة للتبرير ..
وضمت أصابع يديها معاً لتفركهما في حيرة ..
ثم ضغطت على شفتيها وغمغمت مع نفسها بتوبيخ :
-خشي يا تقى ، مافيش حاجة تخوف جوا !
جلس أوس على الفراش وهو يستند بكفيه عليه ، وتــأوه بصوت خافت وهو يحاول الإنتصاب بظهره ..
فتلك الوخزات لا تزال تسبب له الوجع ..
وضع يده على قميصه ليبدأ في حل أزراره .. وما إن انتهى حتى حـــاول إنتزاعه من عليه بحذر ، لكنه لم يتمكن بسبب الآلم الشديد ..
فاحنى رأسه للأمـــام .. وأغمض عينيه مجدداً
شعـــر بلمسة رقيقة على كتفه ، ففتح عينيه ببطء ليجدها واقفة أمـــامه ، وترمقه بنظرات عادية ..
تفاجيء من حضورها بالغرفة ، واعتلى وجهه نظرات مصدومة ..
أشــارت بإصبعها قائلة بهدوء :
-أنا هساعدك
نظر لها غير مصدق وجودها ، ورد عليها بصوت خافت :
-مش مشكلة ، الوقتي هاقلعه
تابعت قائلة بإصرار :
-انت مش هاتعرف
ابتسم لها ابتسامة باهتة ، واعترض بهدوء :
-متقلقيش ، هاتصرف !
عبست بوجهها ، وأردفت قائلة بجدية :
-خلاص بقى
استسلم أوس لإصرارها الذي فاجئه ، وراقبها في صمت .. بينما مدت تقى كفها ، وأمسكت بمرفقه الأيسر ، ورفعته للأعلى ، وقامت بحل زرار ساعده ، ثم قامت بثني ذراعه لتتمكن من إخــراج كم القميص منه ..
ركزت تقى كل تفكيرها فيما تفعله ، ولم تنتبه لنظراته الممعنة التي تنطق صراحة بحبه الشغوف لها ، وإشتياقه الرهيب للاستمتاع بملمس بشرتها ..
ود لو أخفضت رأسها قليلاً ، وأسندته على صدره ، لتستمع إلى دقــات قلبه التي تهتف بإسمها ، فتتأكد من استعداده التام ليفتاديها بروحه لأجلها ..
بحــذر شديد أزاحت قميصه عن كتفه الأيسر ليبدو أمامها صدره بجراحه المضمدة ، وتلمست دون قصد صدره وكتفه .. فزادت رغبته فيها .. وشوقه إليها .. وجاهد ليصرف عن تفكيره أي أفكـــار قد تفسد تلك الأجواء المميزة بينهما .. وظل يتنهد بحرارة وهو يتحاشى النظر نحوها حتى لا تكشفه نظراته المتلهفة إليها ......
.....................................
في منزل عبد الحق بالزقـــاق الشعبي ،،،،
شهقت إحســــان مصدومة ، واتسعت حدقتيها بذهـــول كبير ولطمت على صدرها بقوة بعد أن سردت لها القابلة أم نجــاح ما اتفقت عليه مع زوجة ابنها بطة ..
نهضت عن الأريكة ، ورمقتها بنظرات مميتة وهي توبخها بعنف :
-بقى انتي يا أم نجاح تسلمي دقنك لحتة بت زي دي
نهضت أم نجاح هي الأخرى من مكانها ، وهتفت مدافعة :
-يا ست أم عبده ، أنا ماليش دعوة هي قالتلي إنـ ..آآ....
قاطعتها بنبرة حـــادة وهي تلوح بذراعها :
-متكمليش ، اشحال مكوناش اكلين عيش وملح مع بعض
بررت لها أم نجــــاح بإصرار :
-هي كان غرضها آآ...
قاطعتها بصوت غاضب وهي توليها ظهرها :
-بس مش عاوزة اسمع حاجة ، كفاية اللي عرفته
وقفت خلفها ، وإستأنفت حديثها بقلق ، خاصة بعد أن أدركت المشكلة التي تسببت في إحداثها :
-اهدي بس يا ست أم عبده ، ماتخديش الأمور كده ، هي عيلة وغلطت ، وإنتي برضك حماتها ، وهتعرفي تربيها
ضاقت عيني إحسان بنظرات شيطانية مخيفة ، وغمغمت بنبرة عدائية :
-ده أنا هوريها على اللي عملته فيا !
ثم أمسكت بخصلة من خصلات شعرها ، وتابعت بتوعد وهي تهزها :
-وحياة مقاصيصي دول لأندمها
ابتلعت أم نجــــاح ريقها بتوتر ، وحركت ثغرها للجانبين بحركة منزعجة ، وهمست لنفسها:
-ربنا يستر من اللي جــاي !
.................................................
في منزل أوس الجديد ،،،،
انتهت تقــى من نزع الجانب الأول من قميصه ، وتحركت خطوتين للخلف لتتمكن من الإستدارة للجانب الأخــر لتكمل عملها معه ..
نظرت إلى أوس الذي تحاشى النظر إليها ، ورأته محدقاً بالأسفل .. فقطبت جبينها في إستغراب منه .. وشعرت بسخونة حارة تنبعث من جسده لتؤثر عليها ، فأصابها القلق ، وســألته بإهتمام وهي تتطلع إليه :
-انت .. انت كويس ؟
هـــز رأســـه بخفة ، ولم ينظر نحوها .. فشعرت بالغموض ..
عضت على شفتها السفلى بحيرة ، وســألته مجدداً بفضول وهي تتحسس جبهته :
-في حاجة تعباك ؟
دبت قشعريرة قوية هزت جســـد أوس بإحســـاس رهيب بعد حركتها المباغتة والعفوية تلك ..
رفع رأسه تلقائياً نحوها ليتأملها عن قرب ، فزادت نظراته العاشقة إليها بريقاً وإشراقاً .. وتأججت مشاعره نحوها بصورة جامحة ..
أكملت حديثها قائلة بنعومة :
-لو حاسس إنك عاوز دكتور قول !
تنهد بصوت مسموع وهو يهز رأسه نافياً ليقول بصعوبة موجزة محاولاً كبت مشاعره بأقصى ما يستطيع :
-لأ ..
أضافت قائلة بهدوء :
-موبايلك وحاجتك عند ماما ، أنا .. هبقى أرجعالك
نظر لها بإستغراب ، وسألها محاولاً فهم ما لفظته تواً :
-حاجتي ؟
هزت رأسها عدة مرات بصورة متتالية وهي تجيبه بلا تردد ومشيرة بيدها :
-ايوه ، يوم الحادثة ، كانوا معايا ، بس أنا سبتهم في البيت ، ومكونتش اعرف اننا هنشوف بعض تاني عشان أجيبهم وأديهوملك
التوى فمه بإبتسامة مغرية لعفويتها في الحديث ..
شعرت تقــى بدوار يصيبها نتيجة تلك الحركة الزائدة في رأسها ، فأغمضت عينيها للحظة ، ورفعت إصبعيها للأعلى لتمسك بجبينها .. فتبدلت نظرات أوس للخوف ، وتسائل بتلهف :
-تقى ، مالك ؟
لم تتناول تقى أي شيء منذ الصباح ، وتأثيرات هرمونات الحمل وتغيراتها انعكست بصورة قوية عليها .. فلم تتمكن من الحفاظ على اتزانها ، وبدت على وشك فقدان وعيها ..
نظر لها أوس بهلع ، وأسرع بمد ذراعه ليمسك بها قبل أن تسقط .. فهوت مغشية عليها في أحضـــانه ..
أحاطها أوس بذراعيه ، وكافح ليتغلب على آلمه حتى يتمكن من رفعها على الفراش ..
وبالفعل أسندها بحذر عليه ، وجلس إلى جوارها ، وأمسك بكفها براحته ، وبكفه الأخـــر ضرب وجنتها برفق محاولاً إفاقتها وهو يهمس لها بخوف بائن في نبرته :
-تقــى .. تقى ، سمعاني يا حبيبتي .. ردي عليا ، في ايه ؟
أدار رأســـه في أنحاء الغرفة محاولاً التفكير في حل سريع ..
وقعت عينيه على التسريحة ، ولمح زجاجات العطر المتراصة عليه ..
فهب واقفاً من على الفراش ، وضغط على شفتيه بقسوة نتيجة تلك الوخــزة القوية التي أصابته بسبب حركته المفاجئة ..
تحامل على نفسه ، وأســرع في خطواته ليمسك بالزجاجة ، وعــاد ليجلس على الفراش ، ثم نزع الغطاء عنها ، ورش العطر على أصابع يده ، ثم قرب كفه من أنفها ، وحاول دفعها لإستنشاقه وهو يرفع رأسها نحوه بيده الأخــرى ..
لحظات عصيبة مرت عليه وهو يُفيقها ..
استجابت له ، وتأوهت بخفوت ، وفتحت عينيها بتثاقل لتجد نفسها ممددة على الفراش ، وهو محني عليها برأسه ، فتسائلت بصوت ضعيف وهي تحاول إستيعاب الموقف :
-هو في ايه ؟
وجدته يتطلع إليها بأعين شبه دامعة ، فإستأنفت قائلة بتلقائية وهي تشير بإصبعها :
-مش انا كنت واقفة هناك ، وانت كنت أعد وآآ..
لم يصغْ إلى بقية حديثها ، بل مـــال أكثر على رأسها ، واحتضن وجهها بكفيه ، ثم طبع قبلة مطولة على جبينها ، وهمس لها بحرارة :
-يــــاه ، خضتيني عليكي ! متعمليش فيا ده تاني !
تعجبت مما فعله ومما يقوله ، وتسائلت بحيرة مع نفسها عما حدث ليردد تلك العبارات ..
أرجع رأســه للخلف ، وأوضح لها قائلاً بإبتسامة خفيفة :
-انتي اغمى عليكي ، وأنا كنت بأفَوَقك !
بدت كالبلهاء وهي تستمع إليه ، وفغرت شفتيها قليلاً ، فزادت إبتسامته إشراقاً ، وأخذ نفساً عميقاً ، وزفره مرة واحدة .. ثم مسح بإبهامه على شفتها السفلى ، وتابع قائلاً بمزاح :
-شكل حملك هيطلع عليا أنا ..!
...................................................
في مشفى الأمراض النفسية ،،،
ظل عــدي يهز ساقيه بعصبية واضحة وهو جالس على المقعد المقابل لمكتب الطبيب المعالج لزوجته ليـــان ..
تلفت حــوله ليدقق في اللوحات المعلقة على الحوائط ..
دلف الطبيب إلى الداخل ، وهو يرسم على ثغره ابتسامة مصطنعة ، وأردف قائلاً بهدوء وهو يشير بيده :
-اتفضل ، هاتقدر تقابلها الوقتي
انتفض من مقعده ، وتنفس بعمق وهو يسير في إتجاهه ..
تابع الطبيب محذراً :
-اهم حاجة حضرتك ماتنفعلش أو تبين تأثرك لو صدر منها حاجة عكس اللي انت متوقعه
رد عليه بتلهف واضح في نبرته ونظراته :
-مش مهم اي حاجة تعملها ، أنا عاوز أطمن عليها بس
أومـــأ برأســه مكملاً بجدية موجزة وهو يشير بكفه :
-تمام .. اتفضل معايا
...........................................
كانت ليــــان جالسة على المقعد الخشبي في الحديقة المزهــرة عاقدة لساعديها أمام صدرها ، ومحدقة أمامها بنظرات هائمة .. وتاركة لخصلات شعرها العنان ليعبث بها الهواء كيفما يشـــاء ..
رأهــا عدي من على بعد ، فخفق قلبه تلهفاً إليها .. لقد مرت فترة منذ رأهــا عن قرب .. وتلك هي المرة الأولى التي سيجلس فيها معها بعد فترة ليست بقليلة من العلاج النفسي المكثف ..
رفـــع يده ليمسح على فروة رأســـه بتوتر .. وأخــذ نفساً عميقاً حبسه لثوانٍ في صدره ، ثم أطلقه دفعة واحدة وهو يخطو نحوها ...
وقف خلفها .. وتأملها مطولاً دون أن يصدر أي جلبة ..
ثم تحرك بحذر للجانب ليجلس إلى جوارها ..
لم ينبس بكلمة واحدة ، وظل محدقاً بها ..
كم إشتاق إلى رؤية ابتسامتها ، وإشراقة عينيها ..
أدرك اليوم بحماس حقيقي لماذا شقيقها ورفيقه أوس متعلقاً بزوجته بجنون ..
انتبهت ليـــان لوجود شخص ما على مقربة منها ، فأدارت رأسها في اتجاهه لتجده مسلطاً أنظاره عليها ..
كانت نظراتها جافة وتعابير وجهها جامدة ..
ورغم هذا بدت مهتمة للحديث معه ..
سألته بقسوة أرهبته :
-جاي ليه ؟
ورغم كلماتها المقتضبة إليه ، إلا أنها تحمل اللوم والتوبيخ الشديدين له ..
ابتلع غصة مريرة في حلقه ، ورد عليها بحذر :
-عشان اطمن عليكي
إلتوى ثغرها بإبتسامة استخفاف ، وأشاحت بوجهها بعيداً عنه ، وتابع بفتور :
-اطمن ! أنا عايشة لسه ، ومش محتاجة لحد !
آلمته كلماتها ، وتشدق قائلاً بحرص :
-ليــان ! أنا عارف إني .. إني خدعتك وآآ.. وعملت عليكي ملعوب عشان تتجوزيني ، بس أنا .. أنا مكونتش أعرف إنك ضحية فعلاً لشوية الـ ...آآآ
قاطعته بصوت بــــارد وهي تنظر أمامها بنظرات خاوية :
-ششش .. مش عاوزة أسمع حاجة ، أنا رميت كل ده ورا ضهري !
أخـــذ نفساً عميقاً ليسيطر على هدوئه .. وتذكر كلمات طبيبها المحذرة من ردود فعلها الغير متوقعة إن تجاوز في حديثه معها وإنفعل بلا مبرر ..
أطرق رأسه للأسفل ، وفرك أصابع كفيه بعصبية وهو يكمل بخفوت :
-حقك تعملي أكتر من كده .. أنا عاذرك ! وحاسس باللي جواكي ناحيتي
نهضت من على المقعد ، وســارت إلى الأمـــام ، فسلط أنظاره عليها ، ونهض خلفها ليتبعها ..
توقفت أمـــام وردة حمراء تتوسط عدة شجيرات .. وظلت تتأملها بتمعن شديد ..
ثم مدت أصابعها لتلمسها بحذر ..
راقبها عدي بإستغراب .. وقطب جبينه محاولاً فهم ما تفعله ..
وفجـــأة إقتلعتها من مكانها ، وأطبقت عليها بكفها لتتمزق أوراقها المزهرة ، وإستدارت نحوه لتصيح بصوت شبه محتد وهي ترفعها أمامه :
-انا احساسي معاك بالظبط زي الوردة دي !
ثم ألقتها في وجهه ، ورمقته بنظرات قاسية قبل أن تتركه بمفرده وتركض مبتعدة ...
أغمض عدي عينيه نادماً ، واستشعر بقلب حقيقي إحساسها نحوه ..
أنبه ضميره على فعلته .. ومنع نفسه من الإنفعال ..
ثم انحنى بجذعه للأسفل ليلتقط الوردة من على الأرضية العشبية .. ونظر لها بأسف .. وتمتم مع نفسه بغصة مريرة :
-أنا أسـف يا ليان ! انا كنت السبب في اللي وصلتيله !
............................................
في منزل تقى عوض الله ،،،،
اتجهت فردوس إلى باب منزلها لتفتحه بعد أن استمعت إلى قرع الجرس ..
تأملت وجـــه المرأة الأنيقة التي تقف أمام عتبتها ، وسألتها بجمود :
-عاوزة مين ؟
أدارت هياتم عينيها متأملة المنزل من الداخل بإهتمام وهي تجيبها متسائلة بهدوء :
-ده بيت الست تهاني ؟
لوت فردوس فمها وهي تسألها بإمتعاض :
-اه هو ، انتي مين بقى ؟
ردت عليها بتساؤل أخـــر :
-هي موجودة ؟ ينفع أقابلها ؟
أردفت فردوس قائلة بتهكم وهي تنظر لها شزراً :
-هو كل اللي جاي البيت ده يسأل عليها بس ؟ مالكم في ايه ؟
تنحنحت هياتم بخفوت ، وأضافت قائلة بنبرة رقيقة :
-أنا عارفة إني جاية من غير ميعاد ، بس إذا سامحتي ممكن تناديلها اكلمها ضروري
سألتها فردوس بإمتعاض وهي ترمقها بنظرات متفحصة لهيئتها :
-ومين الهانم بقى ؟
ردت عليها بإبتسامة هادئة :
-قوليلها مدام هياتم ، هي هتعرفني !
تنحت فردوس للجانب لتفسح لها المجال لكي تمر ، وأشارت بيدها قائلة :
-اتفضلي
-ميرسي !
دلفت هياتم إلى الداخل ، وجابت بعينيها المكان متأملة الشكل العام له ..
بدت حذرة للغاية وهي تتحرك نحو أقرب أريكة لتجلس عليها ..
غابت فردوس في الداخل عدة دقائق لتخرج بعدها أختها تهاني وعلى ثغرها إبتسامة عريضة وهي تهتف قائلة :
-ازيك يا مدام هياتم ؟ عاش من شاف حضرتك
لمحت هياتم أختها وهي تتحرك خلفها لتراقبهما ، فنهضت من على الأريكة ، وبادلتها المصافحة والتحية ، وأكملت قائلة بجدية :
-ازيك انتي يا ست تهاني ، أنا مش هاعطلك كتير ، بس لو سمحتي محتاجة أتكلم معاكي على انفراد في موضوع مهم
سألتها تهاني متوجسة :
-موضوع ايه ده ؟
ردت عليها بإيجاز وهي تشير بعينيها :
-هاتعرفي ، بس لوحدنا !
تجهم وجــــه فردوس ، وعبست ملامحها ، وهتفت بضجر وهي تتحرك في إتجاه المطبخ :
-هاعملكم شــاي !
رسمت هياتم ابتسامة سخيفة على ثغرها لتقول بإقتضاب :
-ميرسي
هتفت تهاني بقلق :
-تعالي نتكلم جوا احسن
-أوكي
وبالفعل ولجت الاثنتين لداخل غرفة تقى ، وأوصدت تهاني الباب لتعود بعدها لتجلس إلى جوارها على الأريكة العريضة ، وتسائلت بإنزعاج :
-خير يا مدام هياتم ؟ في حاجة حصلت ؟
ضمت هياتم ساقيها معاً ، وجلست بطريقة رسمية وهي مسندة حقيبة يدها على حجرها ، وردت بجدية بالغة دون أن يهتز لها جفن :
-بصراحة كده وبدون مقدمات ، أنا جاية ابلغك رسالة مهمة !
عقدت تهاني ما بين حاجبيها ، وهتفت بإندهاش :
-رسالة !
أومـــأت هياتم برأسها ايجاباً ، وقالت :
-أيوه .. الموضوع خطير ، ومش محتاج التأجيل
سألتها تهاني بتلهف وهي ترمقها بنظرات قلقة :
-ايه هو ؟
أجابتها هياتم بصوت جـــاد وخطير :
-ناريمان هانم عاوزة تقابلك ضروري في السجن
اتسعت حدقتيها مشدوهة ، وصاحت بصدمة بادية عليها :
-بتقولي مين ......................................... ؟؟؟